الشبح السكاني في الدولة اليهودية!
موشيه آرنس
February 4, 2014
‘التناسب هناك من يحبونه وهناك من يبغضونه. ويبحث عنه الفيزيائيون الذين يبحثون في الجزيئات بحثا متقصيا ويملؤهم الفرح حينما يجدونه، أما الساسة فبعضهم ينتمي الى المجموعة الاولى وبعضهم الى الثانية.
وماذا عن شيء من التناسب السكاني بين اليهود والفلسطينيين؟ إن مجرد اثارة اقتراح أن من المناسب في اطار اتفاق دائم بين اسرائيل والفلسطينيين أن يوجد تناسب أقلية فلسطينية في الدولة اليهودية وأقلية يهودية في الدولة الفلسطينية أثار غضبا كبيرا جدا في حلقات ما كاد يفضي الى سقوط الائتلاف الحكومي. وفيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، أحدث اريئيل شارون حالة عدم تناسب حينما اقتلع اليهود وسكان غوش قطيف من بيوتهم بالقوة، وتخطط حماس لابقاء هذا الوضع كما هو. ومن المنطق أن نفرض أنه لن يوجد هناك أي تناسب.
هناك أناس عن جانبي جدار الفصل الذي يُجرح مناظر البلاد الطبيعية غير مستعدين ألبتة لأن يخطروا ببالهم هذا التناسب. وهناك يهود يعارضون بكل قوة فكرة أن يعيش اليهود أقلية في دولة فلسطينية، وهناك فلسطينيون غير مستعدين لأن يروا أقلية يهودية كهذه في دولتهم المستقبلية اذا قامت وحينما تقوم. وتثير الاهتمام حقيقة أن امكانا يبدو الآن افتراضيا تماما، وأن ظروفا ربما لن تتحقق أبدا تثير النفوس بهذا القدر. فما الذي يقوم وراء كل ذلك؟.
إن هذا الامكان من وجهة نظر صهاينة كثيرين وإن يكن افتراضيا الآن يُحدث معضلة مضاعفة. فهم أولا يطمحون الى اجراء السيادة الاسرائيلية على يهودا والسامرة وإن مجرد امكان أن تنشأ هناك دولة فلسطين مخيف في رأيهم. ويرى عدد منهم أن المستوطنين في يهودا والسامرة لا يحققون فقط حق اليهود في السكن والعيش في ارض اسرائيل كلها، بل يفترض أن يكونوا ايضا الأساس الذي تقوم عليه السيادة الاسرائيلية في المستقبل. ويعتقد أكثرهم أن تطبيق سيادة اسرائيلية على يهودا والسامرة يعني منح السكان الفلسطينيين هناك جنسية اسرائيلية كاملة، أي زيادة كبيرة في عدد العرب الذين يعيشون في اسرائيل ويشاركون في المسارات والقرارات السياسية التي تقع فيها.
إن من يخشون الشبح السكاني يحجمون عن هذا الامكان ويفضلون التخلي عن مطالب الشعب اليهودي في يهودا والسامرة. فهم يقولون في واقع الامر لا نريد عربا آخرين في اسرائيل. بل يفضل بعضهم انتهاز فرصة اتفاق مع محمود عباس ليسلبوا عربا اسرائيليين كثيرين جنسيتهم الاسرائيلية ولينقلوهم مع بلداتهم الى الدولة الفلسطينية.
والمعضلة الثانية التي تشغل اسرائيليين يأخذون في الحسبان امكان اتفاق يفضي الى سيادة فلسطينية على يهودا والسامرة، تتعلق بمستقبل المستوطنين الذين يسكنون اليوم في هذه المناطق. هل يستطيعون أو هل يجب عليهم البقاء في اماكنهم حتى بعد أن تنشأ دولة فلسطينية؟ وهل صلتهم بالسيادة الاسرائيلية أقوى من صلتهم بالارض التي سكنوها؟.
يبدو للوهلة الاولى أنه يوجد القليل جدا من احتمالات التوصل الى اتفاق مع عباس. واذا كانت التقارير عن أن اتفاق الاطار الذي يقترحه جون كيري يتطلب منه أن يعلن باسم الفلسطينيين انتهاء الصراع، اذا كانت صحيحة فمن الواضح أنه وهو الذي يمثل في الاكثر أقل من نصف الفلسطينيين، لا يستطيع أن يفي بهذا الالتزام. ولهذا لا يبدو أي اتفاق الآن ممكنا. ومع ذلك فان امكان الاتفاق الافتراضي الذي يُطلب فيه انسحاب اسرائيلي الى خطوط وقف اطلاق النار في 1949، يضطرنا جميعا الى مواجهة معضلتين وهما: ما مبلغ إخافة الشبح السكاني؟ وما مبلغ قوة صلتنا بارض آبائنا؟.
هآرتس 4/2/2014