لا تتعلم العربية كي لا تعرف عدوك!
صحف عبرية
February 4, 2014
التقيت في نهاية الاسبوع، بالصدفة تماما، بامرأتين من العالم العربي ‘تفعلان هذا’ واصرتا ان تجربا عليّ كنز كلماتهما بالعبرية. الاولى، فلسطينية من الاكاديمية، تشارك في مجموعات حوارية مع الاسرائيليين وفي مشاريع مشتركة في مجالات التعليم. الثانية، من مكان ابعد بكثير، ناشدتني أن اعطيها بعض الوقت الى أن نكشفها ونكشف اهتمامها الخاص. فهي من الجيل الجديد، ولدت بعد حرب يوم الغفران، قبل وقت قليل من اتفاقات السلام، في ظل موجات المقاطعة والمحظورات على العلاقات الطبيعية مع ‘العدو الصهيوني’. ومع ذلك، اصرت على الذهاب الى كلية اللغة والادب العبري في بلادها.
كلتاهما امرأتان مثيرتان للانطباع، قادرتان على قراءة صحيفة بالعبرية، مشاهدة قنوات التلفزيون، الجلوس في صحبة اسرائيليين والانخراط في الحديث.
ثمة سببان لتعلم لغة الاخر: إما أنك تقرر ‘العيش في المجال’ مع العلم بان 20 في المئة من سكان الدولة هم جيرانك المقربون، وانت تحلم بان ذات يوم سنصل الى علاقات طبيعية. او انك تتبنى اتجاه ‘إعرف عدوك’ عن دينه وزعمائه، ثقافته وثراء لغته. المطبخ العربي والشتائم نحن نعرفها بشكل لا بأس به.
اذا ما إخترت المسار المتفائل، يمكنك أن تربط مصيرك بالاعلام، بالجامعات، بالخدمة الدبلوماسية، وكذا في اسرة الاعمال التي تسعى الى اقتحام اسواق العالم العربي.
من تجربتي الشخصية يمكنني أن اشهد بان’ حقيقة أنك قادر على الحديث الى الاخر بلغته تحطم الحواجز. عندما يستجوبك عن السبب الذي جعلك تتعلم العربية، فهذا دليل على انك حظيت لديه بالنقاط. بالمقابل، اذا ما شككت بفرص السلام، فسيختطفونك الى أسرة الاستخبارات الجائعة عندما للناطقين بالعربية الى الموساد والى الشاباك.
لم أذكر مصدر عمل آخر في المجال: تعليم العربية في جهاز التعليم عندنا. هنا يسير الناس نحو الافلاس. المجانين وحدهم هم من يبقون في المهنة. قسم من المعلمين يبدون مستوى مترد وعدد متعلمي العربية ينخفض. ليس هناك تشجيع ولا حوافز. الرسالة التي تأتي من القيادة تتحدث بحد ذاتها: تعلموا سنتين (الزامي) للغة إذ لا مفر، وانتقلوا الى المهنة المفضلة.
القرار بالتقزيم (فما الذي يمكن تعلمه في سنتين؟) لقدرة الوصول الى عالم الجيران، حتى لو اخذ بالحسبان ان كنز الكلمات سيكون محدودا، يؤدي الى العجز. ليس مهما اذا كنت تنتمي الى معسكر التعايش او الى متبني خط ‘اعرف عدوك’، ففي نهاية المطاف ان تتعلم ما يحصل في محيطك فقط مما تمضغه وسائل الاعلام المحلية من اجلك.
في الجهة الاخرى، فان الشهية للتعلم عن اسرائيل هائلة. ففي الصحف الخمسة الرائدة في العالم العربي تنشر منذ سنين صفحة يومية لـ ‘الاسرائيليات’، ترجمة مقالات وبحوث عن المجتمع، الادب، الاقتصاد، الشخصيات التي يجدر معرفتها ومواضيع سياسية. اما عندنا، بالمقابل، فتدور منافسة منفلتة العقال بين ثلاث جهات تؤشر وتترجم بنشاط كل ظاهرة سلبية في الجانب الاخر.
صدمت جدا من قرار وزير التعليم بيرون تقييد تعليم اللغة العربية. في هذه التوصية تنطوي رسالة مكشوفة، فما الذي يجدر حقا بالتلميذ والمعلم وما الذي يعتبر أقل. في لحظة من الفضول قررت ان اراجع ما كتبه ويكيبيديا عن بيرون، وهذا ما قفز لي امام العينين. امه، استر، أدارت المشروع الرائع لمعهد ‘عكيفا’ الذي علم الاف الاسرائيليين ممن تعلموا هناك العربية على التقرب من الجيران. مئات العرب، من الاماكن الابعد ايضا، تعلموا هناك العبرية، وتعلموا التعرف الينا. والد وزير التعليم، كما كتب في ويكيبيديا، من مواليد مصر. هذا مكان لا ينسى، خيرا كان أم شرا. فهل الآباء يأكلون الحصرم؟ قرروا وحدكم.
‘
سمدار بيري
يديعوت 4/2/2014