مدينة بن قردان الحدودية التونسية تزهو بسوق غير رسمي لصرف العملات
March 21, 2014
بن قردان (تونس) -’الأناضول: في الشارع′الرئيسي لمدينة بن قردان التونسية الحدودية المكتظ بالبنوك’تمتد سوق’مالية عشوائية لها قوانينها وآليات عملها الخاصة، ويتأثر فيها سعر الجنيه الليبي،’والدولار الأمريكي،’واليورو الأوروبي،’والدينار التونسي بالأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية في البلاد مثل أي سوق مالية في العالم.
مئات من العائلات في بن قردان، الواقعة’جنوب شرقي تونس،’تعيش على ريع هذه’السوق الذي يطلق عليه اسم ‘وول ستريت بن قردان’ وتقلباته في إنتظار عمل منتظم’قد يأتي وقد لا يأتي.
وتقع سوق بن قردان’في الشارع الرئيسي للمدينة التي تعد بوابة تونس في إتجاه ليبيا (تبعد عن الحدود الليبية حوالي 25 كم) وبوابة المغاربة عموما في إتجاه الشرق. وتعتبر هذه السوق، القائمة منذ أكثر من ثلاثة عقود،’بأنها إحدى الأسواق السوداء المهمة في العالم لصرف العملات.
وحول السوق السوداء للعملة في بن قردان، قال’الشاذلي العياري،’محافظ البنك المركزي، في مقابلة ‘ليست لدينا أرقاما محددة حول حجم التعاملات في هذه السوق، ونعتقد أنها ليست كبيرة وليس لها تأثير على الإقتصاد’، مشيراً إلى أن’اسعار الصرف في هذه السوق هي نفسها السائدة في البنوك التونسية الرسمية.
وتوفر الدخول التي يحققها العاملون في هذه السوق لقمة العيش لهم ولعائلاتهم. وتوفر فرص عمل لمئات من خريجي الجامعات في المددن التونسية، وخاصة أبناء بن قردان، وكذلك القادمين من مدن غرب ليبيا، والذين يعيشون منذ أكثر من’ربع قرن على ريع هذه’السوق وتقلباتها حسبما يقول أحمد (26 عاماً) صاحب أحد المحلات في السوق.
وفي الشارع الرئيسي للمدينة، والذي يسميه ساكنيها ‘شارع الصرف’، يوجد’أكثر من 300 محل’لصرف العملات والمضاربة عليها، فضلاً عن فروع لخمسة’بنوك رسمية، تكابد للبقاء في جوار ‘دورة مالية موازية”فرضت نفسها على كل المؤسسات المالية العمومية والخاصّة في هذه المدينة.’
وتتميز متاجر الصرافة الموجودة في ‘شارع الصرف’، الذي يبلغ طوله 2 كيلومتر،’بصغر حجمها.’وهي تعمل على مدار 24 ساعة يوميا، وتستقبل آلاف الراغبين في تغيير العملات، وخاصّة من التجار الذي يعملون بين تونس وليبيا..’
رضوان (30 عاماً) هو أحد الشبان العاملين في هذه السوق، دفعت به البطالة بعد تخرّجه من إحدى الجامعات إلى العمل في محلّ صرافة يملكه أحد أقاربه.
ويعتبر رضوان العمل فيه هذه السوق ‘الملجأ الوحيد الذي وجدته بعد رحلة بحث طويلة عن ‘فرصة عمل في القطاع الحكومي أو الخاصّ رغم المؤهلات العلمية التي أحملها’.
وفي محيط ‘شارع الصرف”توجد ‘الرحبة’ (سوق بالجملة) التي تمثل’المنطلق الأول ‘لعمليات السوق حيث’يجتمع كبار التجار’البالغ ‘عددهم قرابة العشرة أشخاص.
وبحسب”أسعار تداول سعر العملات’الأجنبية في البنوك التونسية أولاً، وبحسب العرض والطلب ثانياً، وحركة المعبر الحدودي ‘رأس جدير’ (بين تونس وليبيا)’،’يتحكّم كبار التجّار في الأسعار التي عادة ما تكون مختلفة بقدر أو آخر عن أسعار الصرف في المؤسسات البنكية الرسمية أو مركز البريد الرسمي المحاط بدوره بعشرات محلاّت الصرافة.
وسبب هذا الإختلاف عدم تقاضي محلات الصرافة غير الرسمية نفس القدر من الرسوم التي تتقاضاها البنوك والمؤسسات الرسمية لتبادل العملات.
ويرى الخبير الإقتصادي التونسي، رفيق جراي،’أن المعاملات التي تقع في الأسواق المالية الموازية المشابهة لسوق بن قردان تتأثر بالتطورات السياسية رغم ان الأساس في عمليات التسعير التي تجري فيها هي الأسعار التي تحددها السوق العالمية والمؤسسات الرسمية.
وذكر خبير آخر، هو عبد الحميد بوسعيد، أن’حجم التداولات المالية العامّة في سوق بن قردانلا يقلّ عن 400 مليون دينار تونسي يوميا (252 مليون دولار).
ورغم إقراره بان هذه الحركة المالية الموازية قد تؤثر سلبا على الإقتصاد التونسي، اعتبر’عبد الحميد أن هذا النشاط ‘يمثّل مورد الرزق الرئيسي’لمئات العائلات،’ولا يمكن منعه أو الاستغناء عنه فجأة.’
وحول التأثير السلبي لحجم المبادلات في هذه السوق على الدولة، قال رفيق جراي ان ‘لهذه السوق تأثير سلبي من حيث أن الدولة تكون محرومة’من الأداءات التي قد تدخل إلي حساب الميزانية التونسية من وراء هذه المعاملات ‘الغير مكشوفة،’والتي تكون التجارة الخارجية أهم العوامل المتحكمة فيها’.
وأضاف أن ”أغلب التجار عندما يستوردون بضاعة من الخارج ‘مثل الصين أو تركيا، يكونوا مجبرين’على’كشف حساباتهم عند الهياكل الديوانية في البلاد،’ولكن أغلبهم لا يقومون بعملية الكشف إلا عن نسبة 20 ‘بالمئة من الأموال ، ويقومون’بتصريف’الـ80 بالمئة من العملة ‘المتبقية في الأسواق الموازية و منها ‘سوق بن قردان’.’