في ذكرى النكبة / للشاعرة اللبنانية د. فلورا نبوءة المطر
----------------------------------------------
أجل يا أمي
عجاف من الأعوام مضت
دون ان تخبرنا السماء شيئا
عن حكايا جدي
ومسبحة جدتي
أجل يا أمي
تاريخنا العظيم
يشهد للكون ملامحم البطولات
والطين الأسود في عين الحسرات
وتاريخهم الصامد بالكذب والنفاق
يقصف أحلامنا المنفية في كل الأرجاء
منذ وعد بلفور وهمجية ذئاب
تستعمر الظلم والإستبداد
أخبريني يا أمي
كيف أنسى مآسي شعبنا منذ النكبة النكراء
تهجير الأرض الطاهرة في دهاليز الدماء
صفعات الذلِ
وجع الكرامات
حق اللجوء
وخذلان الشهداء
من حكام عربِ
يعربون لغة المجد والكرامات
دون استغراب لغة الحوارات
على طاولة مستديرة بالمؤامرات
في أتون الصراعات الطائفية دون استنكار
باتصالاتهم المكثفة المعيبة
مع أطراف مكسورة السلام تعبث بعقولهم الفارغة
تهديهم حناجر الإستنكارات المبحوحة
لتموت القضية المحقة
ويلات الجحيم والحصار
وبؤس المعاناة في المخيمات
أيها الفجر تقافز بالنور
فوق حدائق الشمس
كالنحل "
اعقص ضمائرهم الغافية
فوق ذاكرة النوافذ المحطمة
والوسائد الباردة المهترئة
بفراغ الأمكنة
والغبار الذي يكسو الذاكرة
وصهيل الشمس
التي لا تشرق
وحنين الزهر لأشجار اللوز
والجرح في جسد الموت
متى , و كيف , وأينما شئت
وأعدّ ترميم وجه اليقظة
باستراتيجية حق العودة
من حلاوة الزهر
وعنفوان المجد
ونشوة الأرض
متألقة بحزني هذا المساء
لا ترمقني أيها الليل البارد
بعين المجزرة
مرهقة أذوب كالشمعة
أعتمر ستين عاماً ونيف
مذ زمن النحيب
أرتدي حنجرة الريح
وعويل الموت الخرافي
وها هم أيتام القدس
قد شرعوا لك
أبواب المحنة في ذكرى النكبة
وتعانقت أجراس الكنائسِ
مع تكبير المآذن
تصرخ الأرض لنا والبحر لنا والبر والطير والسماء لنا
والجوع والدموع والنضال والموت والشهادة و العودة لنا
أيتها القضية المحقة "
في دهاليز الحوارت الديمغرافية
المغلوب على أمرك
تحت وطأة الإستعمارات العتيقة
ودوي الصواريخ اليهودية العنيفة
برعاية ضحكات غبية
ورصاصة غدر عربية
سافري مطمئنة في المجهول
أيتها العروس الجميلة اليتيمة
على أجنحة الشهادة الأبدية
لقد حُرِقت دماءكِ من الفجيعة
في أتونِ أحلامكِ المؤجلة
بعدما هجروا أفكاركِ القومية
وعقيدتكِ العربية الموحدة
و أساطير بطولاتك الفدائية
إلى منافيٍ تستعمرها الرذيلة
في الشتات بالتحريم والتنكيل العنصري
وتكميم الأفواه المدافعة عن التهجير القصري
وبيارق الأعداء ترفرف بحرية التدمير
استخفافاً باللاجئين المعذبين وقضية التحرير
فوق حائط عنصري تحتفل بمأساة النكبة
مع هرطقة التبرير
من عديمي الضمير
وعدم حسن التدبير
أيتها الأرض الجريحة
انتفضي بكبريائك
قومي من تحت الردم
وانفضي عنك غبار الهزيمة
قاومي
بأحلام الأطفال
ِ وتضحيات الامهات
ودموع الشيوخ
وبسالة الرجال
ودماء الشهداء
فالرب من ملكوت عرشه قد شاء ورفع بيمينه راية النضال
تنشطر الذكرى بدفتي صدري حنينا دفاقا لقبلة تواسي خدّ التراب
عمياء عن الوُجود لا أبصر سوى يد جدي الملوحة من خلف الأبواب
في ذكرى النكبة
اتذكر كل قرانا
والمدن المسكونة بالقمع
اشتاق الى حيفا
يافا
عكا
سخنين
ومعلول
اشتاق الى البروة
قرية شاعرنا محمود درويش
اشتاق الى حرفيش
الى صفد للشيخ دنون
والمجيدل
ويافة الناصرة
والمجدل
اشتاق الى القسطل
دير ياسين
الى لفتا
والمالحة
ودير العسل
جنين
وحلحول
اشتاق بني نعيم
كروم الجد
ومجد كروم
اشتاق الى يطا
والخليل
دورا القرع
مزارع نوباني
اشتاق الى عبوين
وعيون قارة
ام العمد
وكفرتا
قانا الجليل
اشتاق الى جبل القفزة
ناصرة العذراء
وعين العذراء
الى شربة ماء من حطين
اشتاق الى حي الشيخ عجلين
لسلمان الفارسي
وكنيسة مهد
برك السلطان
اريحا
نابلس
وبورين
قالونيا
محسير
وباب الواد
وقرية عنب
رافا
والقسطل
حبي لبيلادي
جدول ماء
لن يتحول
من رأس الناقورة
حتى المجدل
باقي في وطني
لن ارحل
لن ارحل
لن ارحل
لن اتنازل عن شبر من ارضي
عن حبة خردل
فانا موجود في وطني
قبل قدوم المستوطن
والنذل كهانا
والنتن الارذل