اليمن: المناطق السنية تنتفض ضد التمدد الحوثي المسلح والجنوبيون يقتنصون الفرصة للمطالبة بالانفصالOctober 25, 2014
صنعاء – «القدس العربي»: ذكرت مصادر سياسية في اليمن أمس ان «أوراق اللعبة» انكشفت بشكل واضح في ما يتعلق بالحرب الحوثية ضد المناطق اليمنية وكذا السر وراء سقوط العاصمة صنعاء بيد المسلحين الحوثيين بسهولة وبدون مقاومة بالإضافة إلى سقوط العديد من المحافظات الأخرى الواحدة تلو الأخرى.
وأضافت المصادر لـ «القدس العربي»: «ان اللعبة انكشفت جليا مساء الجمعة عندما تدخلت قوات الجيش اليمني وكذا الطائرات الأمريكية بدون طيار إلى جانب المقاتلين الحوثيين ضد رجال القبائل السنية في المناطق القبلية التابعة لمدينة رداع في محافظة البيضاء».
وأكدت ان «القضية أصبحت واضحة وهي خلط الأوراق، وإشعال فتنة طائفية في اليمن، كما فعلتها القوات الأمريكية في العراق وغيرها، وان عملية انهيار الدولة في اليمن في 21 من الشهر الماضي في أيدي المسلحين الحوثيين كانت وفق مخطط دولي، تديره إيران وينفذه المسلحون الحوثيون الشيعة المدعومون منها.
وأشارت إلى ان الهدف البارز حتى الآن في كل العمليات العسكرية التي نفذتها حركة الحوثي المسلحة في جميع المناطق والمدن التي اجتاحتها مؤخرا كان القضاء على مقومات القوة لدى التيار الاسلامي السني من مختلف مشاربهم الفكرية والتي كان المسلحون الحوثيون يتخذون من تواجدهم في أي منطقة ذريعة لاجتياحها والسيطرة عليها، والتي بدأت في منطقة دمّاج السلفية في محافظة صعده العام الماضي، ثم انتقلت إلى محافظة عمران، حيث تتواجد قبائل موالية للتيار الاسلامي السني، والتي توّجت باقتحام العاصمة صنعاء في 21 من الشهر الماضي وأجهزت على الدولة، وسيطرت على كل مرافقها العسكرية والأمنية والاعلامية ووضعت الرئيس عبدربه منصور هادي وبقية قوى الدولة تحت الإقامة الجبرية وفرضت عليهم ضغوط الأمر الواقع.
وذكرت مصادر محلية في محافظة البيضاء ان القبائل السنية في مدينة رداع بمحافظة البيضاء شعرت ان الحرب الحوثية ضدها تعد حربا طائفية بامتياز، وان التدخل العسكري اليمني والأمريكي ضد مسلحي القبائل السنية في رداع يكشف خفايا اللعبة التي تقف وراءها عمليات جماعة الحوثي، والتي تتخذ هذه المرة ذريعة القصف على عناصر القاعدة مبررا لتصفية القبائل السنية في رداع وفي محافظة البيضاء بشكل عام.
وأوضحت ان العديد من المناطق القبلية التابعة لقبائل قيفة شديدة البأس، في ريف مدينة رداع، تعرضت الجمعة لقصف صاروخي ومدفعي من قبل القوات الحكومية المرابطة في معسكر سامة بمحافظة ذمار الزيدية الموالية لجماعة الحوثي والتي سيطر عليها المسلحون الحوثيون بالكامل الأسبوع الماضي، بالاضافة إلى تعرضها لقصف عنيف عبر الطائرات الأمريكية بدون طيار، والتي أدت جميعها إلى سقوط الكثير من الضحايا من رجال القبائل ومن العناصر المسلحة المحسوبة على جماعة أنصار الشريعة، وهو الاسم المحلي لجماعة القاعدة في جزيرة العرب.
واشارت إلى ان المناطق القبلية في محافظة البيضاء تتداخل فيها القبيلة بالجماعات الإسلامية وتتماهى فيها الاختلافات، ولذا تجد من أبناء هذه القبائل، من ينتمون إلى جماعة أنصار الشريعة، كجماعة جهادية، في حين ينتمي آخرون إلى جماعات سلفية سلمية وغيرهم ينتمون إلى جماعات سياسية وأخرى حزبية، وبالتالي عندما يعلن داعي القبيلة للقتال ضد أي طرف يهاجمها، يتحرك الجميع لتلبية الداعي القبلي بغض النظر عن الخلفية الفكرية أو السياسية.
وأوضحت المصادر سقوط نحو 10 قتلى من رجال القبائل المسلحين المسنودين بعناصر من أنصار الشريعة في مناطق قبيلة قيفة، القريبة من مدينة رداع، بواسطة الطائرات الأمريكية بدون طيار بالاضافة إلى القصف الصاروخي والمدفعي من قبل معسكرات الجيش المرابطة في سامة الواقعة في مناطق قبائل عنس في محافظة ذمار الزيدية.
واشارت إلى ان «طائرة أمريكية بدون طيار يعتقد انها أقلعت من القاعدة البحرية في المحيط الهندي شنت عدة غارات جوية على مواقع مقاتلي القبائل المسنودين من عناصر أنصار الشريعة في جبهة أسبيل، في الوقت الذي تدخل الجيش لأول مرة في القتال إلى جانب المسلحين الحوثيين الشيعة ضد خصومهم في المناطق القبلية السنة»، مؤكدة ان القصف العسكري من قبل الجيش اليمني والطائرات الأمريكية بدون طيار «يهدف إلى تمهيد الطريق أمام المسلحين الحوثيين لتمكينهم من التوغل في المناطق القبلية السنية المناوئة في البيضاء، بعد ان تمكن رجال القبائل من التصدي للمسلحين الحوثيين وإلحاق خسائر بشرية كبيرة في صفوفهم خلال الأيام الماضية».
وجاءت هذه المستجدات بعد اشتداد المواجهات بين المسلحين الحوثيين الذين يحاولون اجتياج المناطق القبلية السنية في محافظة البيضاء، والذين تعرضوا لمقاومة عنيفة من قبل رجال القبائل خسروا بسببها عشرات القتلى والجرحى.
وأكدت العديد من المصادر ان المسلحين الحوثيين فوجئوا بالمقاومة الشرسة والانتفاضة القوية التي تعرضوا لها في المناطق السنية، وفي مقدمتها المناطق القبلية في محافظة البيضاء، بالاضافة إلى محافظة إب القريبة منها، كما هو الحال في محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، غربي اليمن، التي انتفضت جميعها لتضع حدا للتوسع الحوثي المسلح، الذي انهارت أمامه كل قوى الدولة كما انهارت القوى التقليدية.
وتمكنت هذه المناطق السنّية من وضع حد للتمدد الحوثي الزيدي الشيعي المسلح الذي تمكن من السيطرة على نحو 8 محافظات يمنية أكثرها ذات أغلبية زيدية في غضون أشهر قليلة، نظرا لوجود حاضنة اجتماعية في بعضها، وتخلي السلطة عن دورها في حماية هذه المحافظات، والتي تعرضت لاتهامات بالتواطؤ والتخاذل وربما تنفيذ مؤامرة دولية للانقضاض على الدولة في اليمن، عبر تأجيج الصراع الطائفي واستخدام المسلحين الحوثيين المدعومين من إيران أدوات لضرب الإسلاميين السنة في العديد من المناطق اليمنية.
وفي الوقت الذي يتوسع فيه المد الحوثي المسلح في العديد من المناطق والمحافظات الشمالية، أغلق الجنوبيون أبوابهم أمام هذا التوسع الحوثي، ورفضوا قطعيا أي دخول أو أي عرض حوثي لاستمالتهم وكسب ودّهم، واعتبروه (غزوا زيديا) جديدا على مناطقهم المدنية التي تحظى بالخصوصية.
ورفض معتصمون جنوبيون في عدن العرض الذي أعلنه زعيم جماعة الحوثي عبدالملك الحوثي، مساء الجمعة، بمنح الحقائب الوزارية التي جاءت من حصة جماعة الحوثي للحراك الجنوبي.
وقالوا لـ»القدس العربي»، «لا نريد المشاركة في أي حكومة تأتي من صنعاء.. نحن قررنا اقتناص الفرصة الراهنة التي ابتلع فيها المسلحون الحوثيون الدولة وأغلب المناطق الشمالية للمطالبة الجادة بفك الارتباط عن الشمال».
وشددوا على انهم لن يبرحوا ساحة الاعتصام في ساحة العروض بخور مكسر في مدينة عدن حتى يتحق هدفهم الكبير وهو الانفصال الكامل عن الشمال الذي توحدوا معه في عام 1990.
خالد الحمادي