وعود أميركية بدعم إخوان ليبيا مقابل ضمان تدفق النفط تساؤلات حول التناقض الأميركي في التعامل مع الوضع الليبي وسط دعمها للميليشيات المتشددة ورفضها لعملية الكرامة. العرب
[نُشر في 19/12/2014، العدد: 9773، ص(1)]
الجيش الليبي يحارب المتطرفين
طرابلس - قالت مصادر مقربة من ميليشيا “فجر ليبيا” المرتبطة بالإخوان المسلمين إن قياديين تابعين لها تلقوا وعودا أميركية بالدعم الدولي واللوجستي في المعركة مع قوات الجيش الليبي مقابل التزام الميليشيات الإسلامية بالسيطرة على آبار النفط والحفاظ على المصالح الأميركية.
وأضافت المصادر أن جهات أميركية طلبت أن تغيّر الميليشيات اسمها من “فجر ليبيا” إلى الشروق حتى تنزع الصورة الدموية التي علقت بها في وسائل الإعلام الدولية وفي أذهان الليبيين بعد السيطرة على طرابلس ولتبدو وكأنها تنظيم جديد.
وأشارت إلى أن الوعود الأميركية هي التي دفعت “فجر ليبيا” إلى شن هجومها الأخير على الهلال النفطي في الشرق في محاولة للسيطرة عليه وإقناع المسؤولين في البيت الأبيض بقدرتها العسكرية على تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.
وبلغت الجرأة بالميليشيات الإسلامية التي تستمدها من دعم الولايات المتحدة وبعض حلفائها في المنطقة حد تنفيذ هجوم جوي على مرفأ السدرة النفطي بشرق البلاد في نقلة نوعية لعملياتها.
وفي مقابل الانفتاح على الجماعات المتشددة، لا تخفي الإدارة الأميركية رفضها للواء خليفة حفتر الذي يقود المواجهة مع الميليشيات في بنغازي وطرابلس، وتلوّح بوضعه على قائمة العقوبات المنتظرة ومصادرة أمواله والحجز عليه رغم الدعم الذي أسبغه عليه البرلمان الشرعيص. ولا تقف الولايات المتحدة وحدها في رهانها على الميليشيات المسلحة لإخوان ليبيا، إذ تدعم بريطانيا تمشي الرهان على الجماعة، وهو ما يفسر دعوات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى التفاوض بين الفرقاء في الأزمة الليبية دون مراعاة أن هناك برلمانا منتخبا وحكومة معترفا بها دوليا، وأن الشق المقابل يريد فرض شرعيته بقوة السلاح.
سامي عاشور: ليبيا رقعة شطرنج تتحكم فيها دوائر غربية همها النفط
واعترف المُحلل والناشط السياسي الليبي سامي عاشور أن معلومات التقارب الإخواني الأميركي ترددت في الفترة الأخيرة لدى بعض الأوساط السياسية الليبية، معتبرا أن الأمر ليس غريبا عن الطرفين.
وقال عاشور في اتصال هاتفي مع “العرب” إن ما يحدث في ليبيا الآن تحول إلى ما يشبه رقعة شطرنج تتحكم فيها دوائر غربية همها الوحيد الحفاظ على مصالحها، وبالتالي فإن كل الاحتمالات واردة بالنظر إلى التطورات الميدانية التي تعيشها ليبيا هذه الأيام.
وتساءل محللون عن سر التناقض الأميركي في التعاطي مع الوضع الليبي، ففيما تفتح واشنطن قنوات التواصل مع ميليشيات الإخوان، فإنها ترسل التحذير تلو التحذير من الخطر الذي تمثله ليبيا على أمنها القومي في ظل الحرية التي يجدها تنظيم “داعش” في الشرق الليبي.
وأشار المحللون إلى أن ميليشيا فجر ليبيا حليف موضوعي لأنصار الشريعة الذي أعلن مبايعته لتنظيم “الدولة الإسلامية”، وأن الطرفين يقاتلان الجيش الليبي.
ونقلت صحيفة “لوس أنجلس تايمز” الأميركية عن مسؤولين أميركيين في وقت سابق أنه تم رصد مخيمات تدريب لعدة مئات من مقاتلي التنظيم الإرهابي في عدد من المناطق في شرق ليبيا، وأن تواجدهم أصبح مكثفا وخطرا بالقرب من طرابلس التي تسيطر عليها ميليشيا فجر ليبيا الإخوانية.
ويثير التعاطي الأميركي مع الوضع في ليبيا مخاوف دول الجوار التي أصبح أمنها مستهدفا بتسلل الإرهابيين وتهريب الأسلحة، كما أن عددا من الدول الأوروبية وخاصة إيطاليا وفرنسا وعلى خلاف للولايات المتحدة، لا يمكنها الانتظار للتصرف حيال ما يحدث في ليبيا.
وكان تقرير أميركي عنون بـ”سري للغاية” كشف في وقت سابق أن إدارة الرئيس باراك أوباما سعت إلى تطوير العلاقات مع تنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا. وفي شهر أبريل 2012 استضاف مسؤولون أميركيون مسؤول العلاقات العامة في التنظيم محمد جعير، الذي كان يزور واشنطن في ذلك الوقت لإلقاء محاضرة في معهد كارنغي عن صعود الإسلاميين إلى الحكم. وفي تقرير آخر من وزارة الخارجية الأميركية وصف بـ”الحساس”، تم الكشف عن زيارة مساعد وزير الخارجية وليام بيرنز إلى طرابلس التقى خلالها محمد صوان المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين.