تنظيم 'الدولة الاسلامية' يطلق رصاصه على السياحة في اربيل
تراجع عدد السياح في كردستان العراق وسط استمرار الحرب ضد التنظيمات المتطرفة، وتوقف تنفيذ خطط ومشاريع طموحة.
ميدل ايست أونلاين
السياح فارون من بطش الارهابيين
بغداد - لاتزال اللافتات تقول "مرحبا بكم في اربيل عاصمة السياحة العربية لعام 2014" لكن غالبية الزوار الذين استقبلهم اقليم كردستان شمال العراق، العام الماضي كانوا فارين من هجمات الاسلاميين المتطرفين.
كان من المفترض ان يشكل عام 2014 انطلاقة للسياحة في هذا الاقليم المستقر امنيا لكن تبددت هذه الامال بين عشية وضحاها اثر غرق العراق في الفوضى بعد هجوم تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي استولى خلاله على مساحات شاسعة في شمال وغرب البلاد.
وقال هيرش احمد مدير جمعية المطاعم والفنادق في الاقليم "لا استطيع حتى التحدث عن حجم التراجع في الاعداد".
وكان نمو قطاع السياحة قد بلغ مليار دولار في عام 2013 ، لكن ذلك توقف عندما تمكن مقاتلوا التنظيم المتطرف من احتلال اجزاء كبيرة في غرب العراق وشماله ووصولهم الى مشارف محافظة اربيل.
وادى ذلك الى توقف تنفيذ خطط ومشاريع مثل انشاء حديقة حيوان واعادة تاهيل قلعة اربيل المدرجة على قائمة منظمة التراث العالمي (اليونسكو) بالاضافة الى مشاريع طموحة اخرى.
وقال احمد "بدلا من حصولنا على السياح، استقبلنا نازحين" في اشارة الى 900 نازح فروا من مناطق النزاع وتوجهوا الى اربيل.
ودفع تقدم المتطرفين الى حشد قوات البشمركة الكردية على خطوط المواجهة مع داعش، كما انقطعت المواصلات مع باقي مناطق العراق عن اقليم كردستان الذي يضم ثلاث محافظات، وتضررت صورته السياحية بعد ان كان بعيدا عن اعمال العنف التي مزقت البلاد.
وقال احمد "بعد العاشر من حزيران/يونيو،لا يمكن ان تقول كنا عاصمة السياحة العربية لعام 2014، السياحة قد ابيدت".
ولم يمثل العراق وجهة واضحة للسياحة في العقود الاخيرة، ولكن اقليم كردستان كان المكان الذي يقصده العراقيون وعرب اخرون لقضاء عطلة طويلة، كما يعد نقطة انطلاق للسياح الاجانب الباحثين عن المغامرة.
كما يعد الاقليم الذي يسعى لبناء دولة مميزة، الموقع الذي يحظى باكبر اهتمام من المستثمرين في وقت كان باقي العراق يغرق في مشاكل سياسية وطائفية ويعاني من الفساد المالي .
وتمتاز كردستان بشلالاتها الرائعة وجبالها المغطاة بالثلج والمواقع الاثرية والجولات الثقافية فضلا عن سياسية عدم الحاجة لطلب تاشيرة دخول لمعظم الغربيين، ما جعله عامل جذب واسع للزوار.
وقال رئيس مجلس السياحة نادر روستي "كل شي كان جاهزا، لقد صرفنا الكثير من اجل الترحيب بهم" مشيرا بانه "ليس هناك ارقام موثقة لاعداد الزوار" في العام الماضي.
ووصل عدد السياح الذين دخلوا كردستان خلال عام 2013 الى ثلاثة ملايين زائر وكان من المتوقع ان يصل العدد الى اربعة ملايين خلال عام 2014.
وكان هذا الاقليم المنتج للنفط يامل ان يجعل السياحة الركن الثاني الذي يعتمد عليه اقتصاده خصوصا بعد انخفاض اسعار النفط بشكل كبير، مع ارتفاع كلفة الانفاق العسكري.
من جانبه، قال احمد ان ما لا يقل عن 72 فندقا اغلقت ابوابها خلال الستة اشهر الماضية، فيما ابقت فنادق اخرى على مطاعمها فقط.
واثر غياب السياح على اقتصاد الاف الناس الذين يعملون في الفنادق، والمظاعم وحتى سائقي سيارات الاجرة.
بدوره، يقول محمد عزيز وهو يجلس امام متجره لبيع الهدايا التذكارية عند سفح قلعة اربيل انه سوف يضطر الى الاغلاق اذا لم يتحسن الوضع قريبا.
وقال هذا الشاب البالغ 22 عاما من العمر "كنت اجني نحو اربعة ملايين دينار شهريا (3 آلاف دولار)، لكن الان لم اتمكن من جني سوى مليونين خلال الاشهر الاربعة الاخيرة" مشيرا الى ان ايجار متجره الشهري يبلغ 500 الف دينار.
وقال عزيز وهو يهز براسه ويمسك بزوج من "الكلاش" وهو حذاء تقليدي كردي مصنوع يدويا، من القطن الابيض والذي اصبح رائجا بين السياح الاجانب ، "كانوا ياتون لاقتناء هذه الاشياء، وزبائني من الغربين القليلين الذين يسكنون اربيل، تعلموا طريقة التعامل قبل الشراء".
بدوره، قال بختيار صادق احمد الذي يدير شركة سياحة خاصة في اربيل، ومتخصص في جولات تركز على تاريخ المنطقة "كل شي كان يسير بشكل جيد، الاعمال كانت مزدهرة، وكنت اتوقع ان تصل ثمانية مجاميع خلال عام 2014، بعد ان كان لدي الوقت، قبل الازمة، لايغطي سوى مجموعتين فقط ".
وتتضمن الجولات التي تقوم بها شركة احمد، مواقع ما وراء حدود كردستان الرسمية، وكانت تحظى بشعبية لدى المتقاعدين في سن مبكرة القادمين من دول اوربا، الساعين للهروب من السياحة الجماعية واكتشاف ثقافات جديدة.
واضاف "كنت قد اعددت جولات تبحث عن وجود الارمن في المنطقة والتراث اليهودي، والتاريخ الاشوري ومدينة لاليش التي تضم مرقد الازيدية على سبيل المثال".
واكد بان "هناك الكثير يمكن القيام به، لانه يوجد 700 موقعا اثريا في محافظة اربيل فقط".
وعلى الرغم من ان زيارة كردستان بقيت امنة طوال فترة الازمة، الان ان وكلاء السفر وشركات التامين الخاصة تشعر بقلق متواصل حول سير العمل.
واضاف احمد "الان احتاج الذهاب الى اوربا من اجل التسويق لعملي بشكل صحيح وطمانتهم، وانا مستعد لدفع تكاليف رحلتهم من اجل القدوم الى هنا".