** منذ عشرين سنة تقريبًا (2-6-1995) نشرت صحيفة "كل العرب" هذا الحوار الذي لم أقرأه منشورًا إلا أمس، حيث تكرم عليَّ بإرساله الصديق أحمد عبد الله مع الشكر الجزيل.
------------------------------
في حوار مع الشاعر طارق عون الله
الشاعر العراقي بلند الحيدري:
"هذه قصيدتي وانشرها عند سميح"
-------
من ضيوفنا الوافدين إلى "كل العرب" هذا الأسبوع، الشاعران الكبيران بلند الحيدري وطارق عون الله، ابن الناصرة المقيم في لندن والذي أرسل إلينا هذا الحوار الشعري الجميل الذي دار بينهما في لندن ووصل إلينا بعد أن ترنمت به موجات الهاتف والفاكس. وها نحن نقدمه لقراء صحيفة "كل العرب" الكرام.
يقول صديقي طارق في رسالته:
"أخي سميح،
في اتصال هاتفي عُدْتُ شاعرنا بلند الحيدري.. الذي جاء صوته مرحبا كعادته، وضاحكا كعادته، ولكن فيه رنة من حزن. جاء صوته كشمس أيار في بلادنا.. دافئة، ولكن بين الفينة والأخرى تعكر ذلك الدفء غيمة عابرة.
سألته عن صحته، فرد عليّ بمطلع قصيدة، رجوته أن يكملها وأن يرسلها إليّ في أقرب فرصة ممكنة.
وبرَّ بلند بوعده، وتسلمتها خلال أيام عبر "الفاكس"... وحين سألته أن يختار مكانًا في بلادنا لنشرها، اختار "كل العرب" وقال:انشرها عند سميح القاسم.
ولما سألته لماذا سميح بالذات؟ قال: لأن له معزّة خاصة.
وها أنذا أبعث إليك بالقصيدة مع مقدمتها....
أخوك طارق".
---------
أخي الأعز طارق عون الله المحترم،
تحية طيبة وبعد،
تسألني كيف أنا؟.. فأقول:
"شريانانِ
معطوبانِ
الأولُ في القلبِ
وأما الثاني
فَبِساقي
والعمرُ الباقي ما عادَ لهُ باقي..
فاعتِقْني يا ربّي
اعتِقْني من حقدِ وثاقي
من سوء زماني
من وقع خطىً تحملُني
من منفىً وإلى منفىً في غير مكانِ
اعتقني يا ربي.. يا ربَّ الأكوانِ
من وجهي القابعِ
في عتمةِ تاريخِ عراقي".
* أخوك بلند*
--------------
ورد عليه شاعرنا طارق عون الله بالقصيدة التالية:
أخي بلند الحيدري:
"قد أكذبُ لو أنّي قلتُ لكَ الساعةَ:
خُذْ شرياني..
قد أكذب لو قلتُ الساعةَ:
خذ نصفَ العمرِ الباقي
واتركْ لي النصفَ الثاني
قد أكذبُ لو قلتُ بأنَّ الحبَّ الماضي
أصغر من هذا الحبِّ الآني
أوْ أنّا إنسانان يعيشان بإنسانِ.
وأخيرًا قد أكذبُ لو قلتُ
بأنّا قلبانِ يعيشانِ بشريانِ.
لكنّي أصدُقُ لو قلتُ
بأنّا روحانِ بأرضِ اللهِ تهيمانِ
وبأنّا جسمانِ
بحبِّ الأرضِ نحيلانِ
وبأنّا من شدةِ عشقينا
قلبانِ يذوبانِ.
يا شاعرَ بغدادَ أطالَ اللهُ بعمركَ
لكنْ لا تحزنْ
فغدًا سيصابُ القلبُ الثاني".
*أخوك طارق عون الله*
----------
*** (رحم الله شاعرينا الكبيرين بلند الحيدري وسميح القاسم)