الانسحاب ... تكتيك عسكري !
بدري نوئيل يوسف ـ السويد
[size=32]كثيرا ما نسمع أن الفرقة او اللواء أو الفوج (.....) انسحب من المعركة تكتيكيا ، هذه الاخبار التي نسمعها كل يوم زادني فضول لمعرفة ما معنى التكتيك العسكري ، للعلم انني لست عسكريا ولا سياسيا ..[/size]
بحثت في قواميس اللغات والمواقع الالكترونية فوجدت أن التَّكْتِيكُ كلمة انكليزية بمعنى فن التنظيم الحربي ،وتقول المعاجم العربية (فن وضْعِ الخِطط الحربيّة للجيش في الميدان ) .
وقد تكتكت القبائل القديمة تكتيكا عسكريا في ترتيب افرادها وإدارة معاركها ، رغم امتلاكها اسلحة بدائية قديمة ، وكانت كل قبيلة او عشيرة تتبع تكتيكا عسكريا خاص بها اثناء الغزوات والمناوشات او الحروب التي تنشأ بينها ، ويتبع كل فريق خططت مرسومة تودي الى النجاح والفوز في المعارك لدحر العدو نتيجة التكتيك الناجح .
واستعمل العرب في زمن الجاهلية تكيتك الكر والفر وهذا نوع من التكتيك البسيط والبدائي ، تبدأ المعركة بكَرْ كل فريق على الاخر ويتراشقوا بالسهام ثم يلتحمون بمعركة السيوف الى ان يضعف احد الفريقين فيفر لاستجماع قواه ثم يكر من جديد ، واستعملت جيوش الامبراطوريات الاشورية والبابلية عنصر المباغتة والمفاجئة والسرعة وتجهيز جيوشهم بسلاح جديد مع الكر والفر ويعتبرهذا التكتيك ناجحا .
وتطور التكتيك في مقدونيا واهتمت الادارة السياسية بالأمور العسكرية وأنشأت جيشا نظاميا قادرا على الحروب الخارجية واتبعوا نظام الفيالق المتميز بكثافة عدد جنوده من المشاة ومرونة حركتهم مع الأسلحة الثقيلة بالإضافة الى فرق الخيالة التي كانت منظمة ومسلحة واعتبر تكتيكا ناجحا .
وقديما كان الجيش البريطانيي متميزا عن الجيوش الاخرى بتنظيمه وأساليبه القتالية وأكثر تقدما تكتيكيا في التاريخ القديم معتمدا على قتال الزحف بنظام الصف والمناورة بدلا من الاسلوب الذي استعملته أمم الشرق الكر والفر وفرضوا سيطرتهم على الجيوش البدائية في قتالها ، وكان تكتيكهم ناجحا .
واعتبرت الحروب التي خاضها المغول بالمميزة والسريعة والإطباق على الخصم وسرعة الرماية فقد استعملوا تكتيك الكر والفر بالإضافة الى مبادئ في تعبئة الجيش منها الطاعة التامة وعدم الهروب من الجيش المغولي وإنقاذ الاسير أو الذي اصبح عاجز اثناء المعركة ومساعدة الجندي الذي سقط سلاحه من يده من قبل زميله القريب منه ، والجيش يزود الجنود بالطعام والسلاح ويعاقب بالقتل من لم يلتزم بهذا المبادئ ، ونجح التكتيك عندهم .
وأثناء الفتوحات العربية تمكن القادة العرب من اتقان الفن العسكري واستعملوا في حروبهم تكتيك الكر والفر ويمنع الجنود من الفرار مع قتال الزحف والصف والتقدم نحو العدو بصوف متراصة مع المناورة والمباغتة والالتفاف على العدو والصمود في ساحة المعركة واستعملوا تكتيك التجسس وترصد العدو ، وبواسطة هذا التكتيك فتحوا بلدان كثيرة .
أما العثمانيون تميز جيشهم بالنظامي وكان السلاطين يهيئونه بشريا وماديا ونفسيا وكان من احسن الجيوش تدريبا في زمن حكم الدولة العثمانية انذاك وهذه المبادئ من أهم عوامل النصر في الحرب وتستعمل في العلم العسكري الحديث وكان بفضل هذا التكتيك توسعت الامبراطورية العثمانية .
يخوض العراق حربا مع فصائل مسلحة سيطرت على مناطق واسعة من البلاد ، واجتمع المستشارون العسكريون من كل بقاع الارض مع العسكريين المحلين لغرض وضع تكتيكا ناجحا يعني خطة مرسومة تؤدي الى النجاح والفوز ، مع تجهيز الجيش بأحدث انواع السلاح ، وما زلنا نسمع كل يوم انه جرى انسحابا تكتيكيا في مكان معين .