اليمن: عيد بأية حال…؟ Posted: 16 Jul 2015 02:08 PM PDT
يحل عيد الفطر المبارك على اليمنيين، وهم يعانون وضعاً إنسانياً صعباً، نتيجة الصراع المرير بين قوات المقاومة الشعبية والجيش الموالي للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي مدعوماً بضربات «التحالف العربي» من جهة، وقوات تحالف الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح، من جهة أخرى.
المنظمات الدولية تحدثت عن سقوط ما يقارب أربعة آلاف قتيل، وجرح عشرات الآلاف وتشريد قرابة المليون يمني جراء الصراع في البلاد.
وعلى الرغم من دخول بعض المساعدات الإنسانية إلى البلاد خلال هدنة إنسانية كانت قبل أسابيع، إلا أنها لم تكن بالحجم المطلوب، وسط اتهامات للحوثيين بالاستيلاء على معظمها، وتحويلها لدعم «المجهود الجهادي»، على الرغم من ذلك، إلا أن المواطن اليمني لم يلمس أثراً لهذه المساعدات التي أصبح عليه أن يشتريها من السوق السوداء، بعد أن ذهبت إلى أيدي آخرين باعوها في هذه السوق بأثمان مضاعفة، هذا إذا كان المواطن محظوظاً بقليل من المال الذي لم ينفد بعد على وقع الأزمة الإنسانية في اليمن.
وفوق ذلك، فشلت جهود الأمم المتحدة في تثبيت هدنة إنسانية جديدة دخلت حيز التنفيذ يوم الجمعة الماضي، ولم تدم أكثر من نصف ساعة، انهالت بعدها الاتهامات والاتهامات المضادة من الأطراف المختلفة حول مسؤولية خرقها.
تفيد تقارير متزامنة أنه على الرغم من وجود بعض السلع الغذائية فإن آلافاً من موظفي القطاعين العام والخاص لا يستطيعون شراءها، بسبب انقطاع مرتباتهم، لشهور طويلة، الأمر الذي ترك آلاف الأسر بلا مصدر دخل لمواجهة التزامات الحياة اليومية.
الوضع المتدهور في البلاد دعا الأمم المتحدة إلى رفع مستوى الخطر الغذائي والإنساني على اليمنيين إلى الدرجة الثالثة، التي تعد «خطيرة جداً»، مع وجود 80% من اليمنيين في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، الأمر الذي يعني أن 21 مليوناً من اليمنيين أصبحوا بلا أمن غذائي.
وإذا تجاوزنا الحالة المعيشية لليمنيين إلى الحالة الصحية، فإن المستشفيات تعج بالمصابين إثر الصراع، وتمتلئ كذلك بمن أصيبوا بأمراض أخرى جراء انتشار بعض الأوبئة نتيجة تكدس أكوام القمامة في بعض المدن اليمنية، وخاصة مدينتي عدن وتعز اللتين انتشر فيهما وباء حمى الضنك وغيره من الأوبئة.
ومع كل ذلك الوضع المأساوي في البلاد، لا يبدو أن هناك أملاً في هدنة إنسانية قد تخفف من معاناة اليمنيين مع حلول العيد الذي جاء هذه المرة بطعم الدم والتشرد والجوع.
العاصمة صنعاء كما تظهر من خلال بعض اللقطات التلفزيونية أشبه بمدينة أشباح، وهي المدينة التي كان يقطنها قرابة 3 ملايين نسمة، وتعز ليست أفضل حالاً من العاصمة، بل وتزيد معاناة اليمنيين في تعز مع تمركز الحوثيين في عدد من جبالها، الأمر الذي أدى إلى استهداف المساكن بشكل عشوائي في المدينة حسب تقارير منظمات حقوقية وطنية ودولية، وعدن قصة أخرى، بالإضافة إلى عشرات القصص المختلفة في مدن وقرى يمنية مختلفة، كل قصة بنكهة مأساتها الخاصة.
وبعيداً عن معاناة ضحايا الحرب الدائرة، هناك مئات الآلاف في مخيمات النزوح من ضحايا الحروب الست السابقة بين الحوثيين ونظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، والتي استمرت من 2004 وإلى العام 2010، وخلفت عشرات آلاف المصابين ومئات آلاف المشردين.
لا يعرف المرء كيف يمكن أن يمر العيد على شعب بكل هذه الكوارث الإنسانية، حيث يحلم الأطفال بليلة واحدة فقط من الهدوء، بعد أن أصبحت حلويات، وملابس العيد وهداياه ترفاً ليس من حق أطفال اليمنيين أن يجترحوه، في هذه الحقبة التاريخية المظلمة من تاريخ بلادهم المعاصر.
يحفظ الكثير من اليمنيين منذ سنوات طويلة البيت الشهير للمتنبي:
عيد باية حال عدت يا عيدُ
بما مضى أم لأمر فيك تجديدُ
في تذمر واضح من أوضاع بلادهم بشكل عام، لكنهم لم يكونوا يتصورون أن يمر عليهم عيد بمرارة عيد الفطر المبارك للعام 1436 هجرية.
رأي القدس