سلام على عهد الشبيبة والصبا ورونقه الفينان في واحة الربى
وأغصانه الخضر الموائس إن شدا عليها هزار الحب أشجى وأطربا
تداعب من أفيائها كل وراف ومن ينعها نجني الشهي المحببا
ونختال في برد كأن نسيجه خمائل أزهار ترنحها الصبا
فنمرح فيها لا الزمان بصادف منانا وإن شح الزمان وأجدبا
نناغي الليالي كلما لاح بارق سعدنا بمرآه وإن كان خلبا
زمان تقضى والأماني مقيمة تذكرنا لهوا بريئا وملعبا
وعيشا تقبلناه بؤسا ونعمة وحبا تقاسمناه وردا ومشربا
وإخوان صدق ما أحيلى حديثهم وأشهاه في سمع الندي وأعذبا
رعى الله ذياك الزمان وأهله وإن لم نجد فيه ثراء ومنصبا
ففيه الولاء الحق للدين والتقى وفيه الوداد المحض والصدق والإبا
مجالس آداب يتوجها البها حياء؛ فلا تلقى السفيه المذبذبا
ولا باخلا بالمستطاع وإنما بها الجود مقرونا بأهلا ومرحبا
إذا مربيت الشعر يحمل حكمة تبناه ذو فهم فثنى وعقبا
وشاد بذكر الشعر والشاعر الذي تخيره لفظا ومعنى ومأربا
فإما تعالى الذكر لبى جميعهم نداه وأدوا ما عليهم توجبا
شفاههم لم تبرح الشكر لحظة وتسبيحهم فيض القلوب تأوبا
سرائرهم من كل غل نقية وغاياتهم ما كان للحق أقربا
صفات كنبت الروض رصعه الندى فضوع آكاما وسوحا وسبسبا
على فطرة الله السنية نهجهم وما اتخذوا من دون ذلك مذهبا
لهم شيم يشدو بها كل زائر وكانوا على الأرحام أحنى وأحدبا
يراعون للجيران حق جوارهم وما انفك فيهم منبع الخير صيبا
تعاونهم لهم تنكر العين فضله وكانت صدور القوم بالعطف أرحبا
سعوا في سبيل العيش جدّا وهمة فشقوا عباب اليم شرقا ومغربا
يصدون منه موجة إثر موجة ويستخرجون الدر قسرا وإن أبى
وما بسطوا كف السؤال لأنهم يرون حلال الرزق بالكسب يجتبى
ملاحم من نور ونار تجاوزت حدود الأماني همة وتوثبا
إذا ذكروا لم يملك الدمع مدمعي وإن غالبته النفس زجرا تغلبا
مضى من مضى والذكريات خوالد يواكبن عمرا؛ موكب جر موكبا
نحتن بقلبي منظراً غاب في المدى ولكنه عن ناظري ما تغيبا