«داعرائيل» تحتل أرض الميعاد بجنسية إيرانية . . . والإعلام يخبئ «داعش» في «جزيرة الكنز»
لينا أبو بكر
July 29, 2015
« لو أن موسى نفسه جاء يدعونا لغير فلسطين لما تبعناه، لأن القبول بأي بديل عنها هو كفر»!.
حين يرتبط الوطن بالدين تصبح القناعة به أقوى، حسب ما ورد في حديث حاييم وايزمان لبلفور، الذي كان يحاول إقناعه بأوغندا، كأنهما احتارا بين صنفي نبيذ أو زوجي أحذية !
ورغم أن هذه القناعة تضيق الأفق الإنساني في مسألة الانتماء إلى الوطن، لما فيها من عنصرية وإلغاء وتطرف نعيشه نحن العرب بشقيه: الداعشي والصهيوني، إلا أن المتطرفين يجيدون استخدامه لاستقطاب من يسهل تنويمهم عقائديا وتخدير مشاعرهم الوطنية بأمصال طائفية، وهو ما حدث مع المستوطنة الاسرائيلية «آفيا موريس»، التي اقتحمت المسجد الأقصى بلافتة تسيء إلى النبي الكريم بأقذر الأوصاف، وحدث أيضا مع الشابة السورية التي انشقت عن «داعش»، لأنها اكتشفت لصوصيتها، وبين هذه وتلك عروة وثقى هي «جزيرة الكنز» أو المصطلح العبري لها: أرض الميعاد .
بين أرض الميعاد وأرض «داعش»
الفضيحة التاريخية والدينية في عبارة (وايزمان) هي مناقضته لنفسه في مذكراته، إذ اعترف أنه لم يحب القدس حين زارها بسبب طابعها الكئيب، وفضل عليها أية عاصمة غيرها لدولتهم، فنفى صفة القداسة أو تهمة الكفر لمن يتخير عنها بديلا، ليبرهن الخطأ العقائدي باعتبارها إرثا يهوديا، معتمدا على ذائقته ومزاجه بالتعاطي مع المكان منحازا للبعد الجمالي للمدن وليس للبعد التاريخي أوالشرعي !
الأمر لا يختلف كثيرا مع عامة الإسرائليين، لأن التناقض الذي يكشف بطلان الأحقية، ويفضح زيف الادعاء، يقابله الجهل بالعقيدة، والتحيز العنصري لتصورات ذهنية خاطئة ترثها الأجيال كسلاح وهمي وكذريعة باطلة لادعاء حق غير موجود، كما حدث مع الاسرائيلية «آفيا موريس»، في مقابلة بن كسبيت حسب ما ترجمته «القدس العربي» أول أمس عن صحيفة «معاريف»، حين بررت اعتداءها على الحرم في سبيل الهيكل، فلما أخبرها الصحافي أن المسجد لم يحل محله، غيرت مطالبها وناشدت دولتها الديمقراطية بمنع المسلمين من الصلاة إلا في حالة واحدة: أن يتبعوا إله اسرائيل ويصلوا إليه !
فإن كانت موريس لا تدري أصلا أين الهيكل بالضبط، فكيف تقتحم مكانا مقدسا بحجة قدسية المكان في عقيدتها؟ لقد أضاعت البوصلة الجغرافية للمكان الديني فبطل حقها بالاثنين معا.. ثم إن كانت تطالب دولتها الديمقراطية بحقها بعبادة ربها فكيف تحظر هذا الحق الديمقراطي على المسلمين وتفرض عليهم آلهتها؟ إنه الانصياع الأعمى للتطرف دون تفكير أو وعي معرفي .
الأمر ذاته يقال بالنسبة للداعشيين الذي يلعبون على ذات الوتر، يستغلون جهلنا بديننا ومعرفتهم التامة به، فيشيدون دولة إسلامية وهمية، ينصبون أنفسهم أمراء عليها، ينحون الله جانبا ويتحدثون باسمه، فيتبعهم من يقع في فخاخ الوهم ويكون شريكا لهم بجريمة التنحية دون وعي، ليغيب الله عن حروبهم التي لم يخوضوها لأجله.
نشرت قناة «العالم» تقريرا عن فتاة سورية منقبة باسم مستعار، أعلنت انشقاقهاعن «داعش» بعدما رأت وحشيتهم وتناقضاتهم التي تخالف كل تعاليم الدين الذي يسيئون إليه باسمه، واعترفت بأن رسالتهم الجهادية ليست أكثر من شعار ترويجي وغطاء على لصوصيتهم ومتاجرتهم بالأعضاء البشرية، واختطافهم للنساء لاغتصابهن وتعذيبهن جنسيا.. وتحدثت عن جزر من الذهب والعبيد والجواري أشبه بجزيرة كنز أو دولة قراصنة… إنها الوجه الآخر لأرض الميعاد الاسرائيلية التي لا تعترف سوى بمن يتبعون ملتها وتمارس إبادة عرقية بطيئة ومنظمة ضد الشعب الفلسطيني وتعذبه بنفس الآليات الداعشية.
حسنا إذن هناك امبراطوريتان دينيتان تجتاحان العالم وتدمران القيم الأخلاقية وتشوهان الأديان وتجوبان في الأرض خرابا، وتمارسان الدعر السياسي تذرعا بالشرف الإلهي.. إنهما وجهان لعملة واحدة هي مملكة الجحيم : «داعرائيل»، فمن ينقذ الله !
جعجع إماما بالوكالة بلا حرج
لا أعرف لم بدا الشيخ رائد صلاح ناعما في إدانته للصمت العربي والإسلامي على انتهاك المستوطنين الاسرائيليين وبعض الشخصيات الرسمية وعدد من المتطرفين اليهود بحماية الجيش والشرطة لحرمة المسجد الأقصى المبارك، في لقاء «الجزيرة مباشر»؟
أين ذهبت إثارة الحمية واستنهاض الهمم وشحذ الحماس يا شيخنا؟
ما الذي حصل تحديدا كي يبرد الحق إلى هذه الدرجة؟ ثم هل يمكنك فعلا أن تتحدث بأخوة للعرب، كما قلت وأنت ترى بيت الله يدنس وتصادر صلواته وتعتقل ملائكته، ولا من مغيث!؟
حين تكون الصورة أشد إيلاما من اللغة، ويصبح الكلام عبئا على الحرج، والأخبار الواردة من غرفة نوم هيفاء وهبي أكثر أهمية ورواجا وتتبعا من خبر عاجل عن إراقة دم الحرم.. هل نظل إخوة في الدم أم يصير الدم ماء عادما !
هل استنفذت طاقة الشارع العربي ورخص دمه بعد تفشي النبت الشيطاني الذي سمي خطأ: الربيع العربي، لتصب دماؤه في المستنقعات الآسنة ومجاري الصرف الصحي؟
هل سيهم العربي أن يدافع عن بيت ربه وقد دمر بيته فوق رأسه ورأس عياله وذبح أطفاله وشردت نساؤه وضاع وطنه واغتصبت ثورته وحين دعا رب البيت ليمد له يد المساعدة أتاه صوت من حارس الغيب: جنت على نفسها براقش، روح دبر حالك !
لا تسأل العربية عن الضحية، لأنك لو حسبت قيمة التكلفة وحجم التغطية الإعلامية خلال زيارة مجرم الحرب سمير جعجع للمملكة العربية السعودية لتنصيبه إماما بالوكالة وخليفة للحريري لأدركت أن اعتبارات الإعلام لا تراعي الشرط الإنساني والأخلاقي والروحي في التغطية الإخبارية، فالإمكانات المادية التي يتم تسخيرها للصفقات السياسية والترويج لفكرها الإيديولوجي تفوق تكلفة إعادة بعث مدينة إرم التي لم يخلق مثلها في البلاد…أما المسجد الأقصى أيتها «العربية» لا يتناسب ومعايير «الفوتوجينيك» إلا بما لا يتجاوز قائمة أخبار رفع العتب !
ربما علينا أن نتذكر ليليان داود في حلقة خاصة عن ذكرى مذبحة «صبرا وشاتيلا»، حين أدانت قرار الدولة اللبنانية بتبرئة مجرمي الحرب، واستنكرت بيان المجلس النيابي اللبناني في سابقة غير قانونية بالإعفاء من المساءلة أو المحاكمة، واعتبرتهم شركاء بالمذبحة.. فعلى من تقرأ مزاميرك يا داود !
جنسية إيرانية لأرض الميعاد
بين دعوة السيد حسن نصر الله للعرب – في خطابه الأخير- للتقدم نحو فلسطين مع ضمان تراجع إيران عن القيام بمهامهم، وبين خطاب الرئيس بشار الأسد الذي يلغي حق المواطنة لكل سوري معارض ويهب الجنسية لحلفائه الأجانب، نقطة تقاطع أساسها تسليم المنطقة بأكلمها لإيران، التي يرى فيها الطرفان أنها الأجدر بحماية المقدسات والحدود والأراضي وتولي الشؤون الأمنية والمهام العسكرية، فهل أنت هنا أيها العربي؟!
أولا: لا يمكن لدولة محتلة لأراض عربية أن تحرر فلسطين .
ثانيا: الذراع الطائفي لإيران لا يقل خطورة عن تطرف وعنصرية دولة الاحتلال الصهيوني ولا يفوقه، فكيف يمكن لنا أن نحارب احتلالا عنصريا باحتلال طائفي ولنا في الخلايا الحوثية في اليمن عبرة !
ثالثا: إيران لم تتدخل في سوريا لحماية الشعب السوري، بل لحماية مصالحها في سوريا وهناك فرق عظيم قوامه التدمير بما يخالف مضمون التعمير الذي يفي الحماية شرطها الأساسي .
الآن وبعد الاتفاق النووي بين الروم والفرس ينقسم العرب إلى غساسنة ومناذرة، بل قد يأتي يوم على أمتنا لا نستطيع فيه شد الرحال إلى المسجد الأقصى سوى بالحصول على الجنسية الإيرانية.. وهذا قاب قوسين من أرض الميعاد الفارسية، أو أدنى!
كاتبة فلسطينية تقيم في لندن
لينا أبو بكر