العراق: إصلاحات واسعة لاحتواء الانتفاضة وشكوك في إمكانية محاسبة «كبار الفاسدين»
ترحيب بإقالة نواب الرئاسات وخفض المخصصات... وعلاوي يحذر من ديكتاتورية جديدة
August 9, 2015
بغداد ـ «القدس العربي»: سعى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس، إلى احتواء الانتفاضة الشعبية التي تعرفها أغلب المدن في جنوب العراق ووسطه، عبر اتخاذ إجراءات أصلاحية واسعة، سرعان ما حظيت بالإجماع في مجلس الوزراء، بانتظار أن يقرها البرلمان في جلسة غد الثلاثاء. وتتضمن إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان، والغاء اعتماد المحاصصة الطائفية في المناصب، على أن يتم تشكيل لجنة يختارها رئيس الوزراء لاختيار المسؤولين حسب كفاءاتهم، وكذلك خفض الحراسات الشخصية لكافة المسؤولين، والغاء المخصصات الاستثنائية لكبار المسؤولين. وفتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت أشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد تتشكل من المختصين (…) ودعوة القضاء إلى اعتماد عدد من القضاة المختصين المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين.
ولم تتضح ماهية «المخصصات الاستثنائية» إلا أن الموظفين الحكوميين يتمتعون برواتب مرتفعة فضلا عن سيارات توفرها الحكومة، بالإضافة إلى مخصصات تقاعد مرتفعة. وكان السيستاني دعا العبادي، الجمعة، إلى أن «يكون أكثر جرأة وشجاعة في خطواته الإصلاحية». وأثارت القرارات تساؤلات إن كانت الحكومة ستتمكن من محاسبة «أكبر الفاسدين»، خاصة أن بعضهم يتولى مناصب رفيعة في الحكم.
وجاء إعلان الإصلاحات بعدما دعا المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني الحكومة إلى اتخاذ خطوات إصلاحية تبرهن عن «جرأة وشجاعة».
ووافق مجلس الوزراء العراقي بالإجماع على تلك الحزمة الأولى من الإصلاحات قبل إحالتها على مجلس النواب للمصادقة عليها، إذ أن بعضها قد يتطلب تعديلا دستوريا وبالتالي من المرجح أن يستغرق تطبيقها بعض الوقت.
وبالرغم من الضغط الشعبي ودعم السيستاني لرئيس الوزراء حيدر العبادي، تبقى جهود الإصلاح في العراق صعبة جدا نتيجة الفساد المنتشر في المؤسسات واستفادة كافة الأطراف السياسية منه فعليا.
ويشغل مناصب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة، وهي فخرية اكثر منها تنفيذية، زعماء الأحزاب السياسية التي تحكم البلاد، اي المالكي (دولة القانون) ورئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي (متحدون) ورئيس الوزراء الاسبق إياد علاوي (الوطنية).
وتشغل ثلاث شخصيات سياسية مناصب نواب رئيس مجلس الوزراء، هم بهاء الأعرجي عن التيار الصدري، وصالح المطلك زعيم الكتلة العربية (أحد التيارات السنية)، وروش نوري ساويش القيادي في التحالف الكردستاني.
وفي بيانين منفصلين الأحد، أكد المالكي وأسامة النجيفي دعمهما للإصلاحات، في إشارة إلى أنها قد تكون جزءا من اتفاق.
وقال وكيل السيستاني احمد الصافي، في خطبة الجمعة في كربلاء، إن على العبادي أن «لا يكتفي ببعض الخطوات الثانوية التي أعلن عنها مؤخرا، بل أن يسعى إلى أن تتخذ الحكومة قرارات مهمة وإجراءات صارمة في مجال مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية».
من جهته حذر ائتلاف الوطنية في البرلمان العراقي بزعامة إياد علاوي، أمس الأحد، من نشوء «ديكتاتورية جديدة» تعيد البلاد إلى حقب سوداء طواها الزمن. ورحب ائتلاف الوطنية، في بيان صحافي وزع أمس، بأي قرار يؤدي إلى تلبية مطالب شعب العراق الذي انتفض في المحافظات المختلفة مطالباً بإنهاء الفساد وإعادة الثروات المنهوبة وتوفير الخدمات وتطوير الأداء الحكومي وإنهاء المحاصصة والجهوية وتحرير المناطق التي احتلتها «العصابات الإرهابية»، وإعادة النازحين إلى ديارهم وتحقيق المصالحة الوطنية وإعادة اللحمة بين مكونات الشعب.
وأعرب منظمو التظاهرات عن تفاؤلهم بأن الاصلاحات تستهدف رأس هرم السلطة لكن القلق لا يزال يساورهم حول صدقية التنفيذ.
وقال نبيل جاسم وهو أحد منظمي التظاهرات في بغداد «اعتبرها بداية للإصلاح، لكن علينا أن نراقبها ونرى مدى صدقيتها وجدية إجراءاتها».
وأضاف جاسم، وهو إعلامي ومقدم برامج حوارية سياسية تثير قضية الفساد الحكومي «إذا نجحت هذه الخطوة في ضرب مكامن الفساد والاعوجاج من رأس الهرم (…) فاعتقد أنها الخطوة الأولى في عملية الاصلاح في البلاد». وتابع «علينا أن نراقب جدية التنفيذ وعلى أساسها نقيم».
وفي هذا الصدد يقول زيد العلي مؤلف كتاب «الصراع من أجل مستقبل العراق» لوكالة فرانس برس إن «نظام الحكومة فاسد بالكامل والنظام الدستوري بال والإطار القانوني غير ملائم، كما أن الطبقة السياسية فاسدة بالكامل وغير مؤهلة».
ويضيف هذا الخبير الدستوري أن «كل الأحزاب السياسية التي تشارك في الحكومة تستفيد مباشرة من النظام الحالي، ولذلك فهو لم يتغير منذ عام 2005». (تفاصيل ص2)