[size=36]مرض عباس يؤكد انعدام اليقين بشأن اليوم التالي له[/size]
[size=30]من المتوقع حدوث معارك داخلية حول التركة التي رفض تقسيمها قبل مغادرته / عاموس هرئيل
هآرتس 22/5/2018[/size]
إدخال محمود عباس إلى المستشفى يجر تقارير متناقضة حول وضعه الصحي. شخصيات كبيرة في السلطة تقلل من خطورة مرضه، لكن في رام الله انتشرت شائعة في نهاية الاسبوع تقول إن المعلومات الحقيقية يتم اخفاؤها عن الجمهور. ما هو معروف بالتأكيد هو أن أبو مازن دخل وخرج من المستشفى خلال الاسبوع، في البداية كان ذلك بسبب عملية وبعد ذلك من اجل إجراء الفحوصات. طوال هذه الفترة كان يتواصل مع المحيطين به وتحدث هاتفيا مع عدد من الأشخاص. أمس أبلغ عدداً من مقربيه عن تحسن واضح في صحته. قالوا إن حرارته انخفضت وهو يتعافى. لقد سبق ذلك في يوم السبت ادعاءات بأنه يعاني من التهاب رئوي وحتى أنه تم وصله بأجهزة التنفس. طاقم أطباء عباس الذين جزء منهم أجانب يتابع بتأهب وضعه الصحي. مقربوه عزوا مرضه إلى العبء الكبير الملقى عليه في الاسابيع الاخيرة ورحلاته الكثيرة إلى الخارج في هذه الفترة.
عباس هو إبن 82 سنة ويعاني من مشكلات صحية مختلفة في السنوات الاخيرة وما زال يدخن بشراهة.
في السنة الأخيرة وصلت لإسرائيل معلومات عن تدهور وضعه الصحي، إلى جانب ذلك، رغم أن الرئيس الفلسطيني يكثر حاليا من السفر إلى الخارج، فإنهم في رام الله يدعون أنه في الفترات التي يمكث فيها في الضفة الغربية فإن برنامجه اليومي تم تقليصه، وهو على الاغلب يظهر نفاد صبر وسلوكه يوصف بأنه متقلب وغاضب. ربما أن عمره ووضعه الصحي أثرا أيضاً على جزء من خطواته الاخيرة.
في الشهر الأخير أثيرت عاصفة بعد خطابه، الذي أشار إلى أنه توجد لليهود مسؤولية جزئية عما حدث لهم في الكارثة (الذي في أعقابه نشر اعتذاراً جزئياً). وقبل ذلك برز تصميمه على تقليص المساعدات لقطاع غزة كجزء من المواجهة المستمرة مع حماس.
في جهاز الأمن الإسرائيلي ينظرون إلى هذه الأيام كبداية نهاية سلطة عباس. رغم أنه ليس من الواضح كم ستطول هذه الفترة. في الرياح المحمومة التي تهب الآن على اليمين الإسرائيلي ازاء سلسلة النجاحات السياسية والأمنية لحكومة نتنياهو، المتوقع سماع دعوات لاستغلال الوضع لإجراء تغييرات أحادية الجانب في العلاقات مع السلطة في الضفة الغربية. ولكن رؤساء الأذرع الأمنية يعتقدون أن العكس هو الصحيح. التنسيق الأمني مع عباس ورجاله اعتبر بالنسبة لهم ذخراً استراتيجياً، ومن المهم الحفاظ عليه في فترة الورثة أو الوريث.
في غياب حل سياسي دائم في الأفق وفي الوقت الذي يقترب مستوى استعداد الطرفين لتنازلات متبادلة من الصفر، فإن العلاقات الأمنية مع أجهزة السلطة تساعد على منع التدهور. تشهد على ذلك عشرات الحالات التي أخرج فيها رجالات الاجهزة مواطنين إسرائيليين دخلوا بالخطأ إلى مناطق السلطة بدون أن يمسهم شيء وذلك طبقا لسياسة عباس. السلطة ايضا تواصل لاعتباراتها اعتقال نشطاء حماس، الذين تورط عدد منهم في التخطيط لعمليات ضد إسرائيل.
حتى عندما يقرر رئيس السلطة الاستقالة بنفسه أو أن صحته تلزمه بالاستقالة، فإن هوية الوريث غير واضحة. عباس يتولى في الوقت نفسه ثلاث وظائف مختلفة: رئيس السلطة، رئيس «م.ت.ف» ورئيس فتح. الوضع القانوني المعقد للمؤسسات الفلسطينية، العداء بين فتح وحماس وامتناع عباس عن إظهار دعم واضح للوريث، ستعقد كما يبدو المواجهة على التركة. هناك كما هو مفهوم امكانية أن يتم حسم هذا الامر خلال عملية ديمقراطية، لكن فعليا الانتخابات الاخيرة التي أُجريت في المناطق كانت للبرلمان الفلسطيني في 2006.
التوقعات الأكثر معقولية، في نظر أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، هي أنه على الأقل بصورة مؤقتة ستملأ مكان عباس مجموعة من شأنها أن تضم شخصيات كبيرة في فتح، شخصيات ذات تجربة دبلوماسية وممثلون عن أجهزة الأمن، وبعد ذلك سيتضح من سيكون الزعيم الجديد للسلطة. من بين آخرين يذكر في هذا السياق اسم جبريل الرجوب الذي كان في السابق رئيس جهاز الامن الوقائي، والذي عمل في السنوات الاخيرة في ادارة اتحاد كرة القدم الفلسطيني. الرجوب عاد إلى النشاط السياسي الكثيف ومن شأنه أن يتولى مكاناً أساسياً بعد مغادرة عباس. اسم آخر يذكر هو محمود العالول، حاكم نابلس السابق واليوم هو نائب عباس في حركة فتح. ماجد فرج، رئيس جهاز الاستخبارات العامة في الضفة الذي يعتبر الشخص القوي المقرب من عباس، ولكن ليس له احتمال كبير لوراثته.
المعارك الدعائية
في هذه الاثناء سجلت في قطاع غزة نهاية الاسبوع الأكثر هدوءاً منذ بداية المظاهرات على طول الجدار في 30 آذار/مارس. هذه ربما تكون من تأثير صدامات بداية الاسبوع الماضي التي قتل فيها 62 شخصاً بنار جيش الإحتلال الصهيوني. جهاز الصحة في القطاع وقع تحت ضغط كبير أيضاً بسبب إصابة آلاف المتظاهرين في الاحداث.
ربما يرتبط الهدوء النسبي ايضاً بالتغيير الاساسي الذي حدث في أعقاب القتل ـ الإعلان المصري عن فتح معبر رفح. من القاهرة جاءت روايتان لهذه الخطوة. حسب إحداهما، المعبر سيكون مفتوحا طوال شهر رمضان، وحسب الأخرى المعبر سيفتح من الآن لمدة عشرة أيام في كل شهر بدل بضعة ايام.
مهما كان الامر فإن هذا يعتبر انجازاً حقيقياً. أولا لحماس كنتيجة للمظاهرات، إلى جانب طرح ضائقة القطاع للنقاش مجدداً في وسائل الاعلام العالمية. على خلفية النجاح النسبي هذا من المعقول أن مظاهرات يوم الجمعة ستستمر. حماس سبق وأعلنت أنها تخطط لمظاهرة كبيرة في 6 حزيران/يونيو في الذكرى الـ 51 لحرب الايام الستة.
المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، العميد رونين منلس، واصل أمس الحروب الدعائية بين جيش الإحتلال الصهيوني وحماس في مقال نشره في المجلة الأمريكية «وول ستريت جورنال»، اتهم فيه المنظمة بأنها تكذب على المجتمع الدولي. منلس ادعى أن حماس دفعت لسكان القطاع مقابل وصولهم إلى المظاهرات. حسب أقواله، 14 دولاراً دفع لكل شخص شارك في المظاهرة، و100 دولار لكل عائلة و500 دولار تم التعهد بها لكل من يصاب في المظاهرات.
عاموس هرئيل
هآرتس 22/5/2018