عمادية .. مدينة الملوك والأمراء والسلاطين تضاريس يعجز عن وصفها الحرف والقلم بين جبال وأودية وتلال ومروج خضراء وينابيع صافية نقية مناظر خلابة ترتاح لها النفس والروح والقلب والبصر.
الأربعاء 2018/08/01
مهما تحدثنا عنها لا نعطي الوصف الدقيق لها من جمالها وسحرها
على يسار البوابة لوحة حجرية مكتوب عليها عمر البوابة وصفاتها وتجديدها لكنها لم تكن واضحة
ماذا سيقولون عن عصرنا المتجدد والمتطور وماذا يقولون عن مدينة العمادية؟
بقلم: عصمت شاهين دوسكي
في طريق خروجنا من دهوك في سيارة الأديب أنيس محمد صالح متجهين إلى مدينة العمادية عبرنا جبلين متقابلين مطلين على دهوك وناحية (ايتيتي) لتطل بعدها بعض المطاعم والمحلات وعلى الجهة اليسرى ناحية (بيسري) الواقعة على ظهر الجبل المطل على مدينة دهوك وخلال تجاوزها يأتي مرتفع لمسير السيارة وعلى جانبيه وديان وتلال وجبال تمتد خضرتها بلا حدود.
ونعبر منطقة ايمينكي وبابلو التي تعتبر مناطق سياحية جميلة لنصل بعدهما إلى زاويتة المشهورة كلي زاويتة المحصور بين جبلين عاليين. وفي هذا الوادي تمر السيارة وعلى جانبيه مطاعم وكافتريات وكازينوهات، وتبدو المساحة ضيقة حيث ترى على سفحي الجبلين بعض العمران الحديث.
وبعد اجتيازنا لهذا الكلي الضيق الذي تشم رائحة السمك والدجاج والكباب يهب مع نسيم الكلي العليل الذي يعتبر وجهة السياح من كافة المناطق خاصة أيام العطل والصيف الحار. وبعدها تطل علينا قرية (رشانكي وباني) على امتداد مساحات واسعة خضراء مختلف الأشجار والبساتين والجنان التي لا توصف بكلمات وتتجلى في مسيرنا ناحية (باكيرا) التي يقطعها الشارع إلى نصفين يمين ويسار بيوت قديمة وحديثة تحيطها البساتين ومختلف الأشجار من الصفصاف والصنوبر والجوز والعنب والخوخ والمشمش والتفاح والرمان.
وهكذا تطل منطقة (لومانا وسوارتوكا) تضاريس يعجز عن وصفها الحرف والقلم بين جبال وأودية وتلال ومروج خضراء وينابيع صافية نقية مناظر خلابة ترتاح لها النفس والروح والقلب والبصر.
حينما وصلنا إلى مصيف (سرسنك) الذي وجناه صامتا، وهي مدينة صغيرة وجاء اسمها من موقعها الارتفاع الأعلى أو على الصدر منحدر شمالي من جبال كاره الذي يعتبر جوها بديعا معتدلا في الصيف وباردا في الشتاء وربيعه وخريفه قصير، لكن لطيف. وفي الشتاء أحيانا يتراكم الثلج وربما يتجاوز المتر.
تذكرنا أنا وصديقي الأديب أنيس أياما ماضية خاصة في الثمانينيات والتسعينيات، ذكريات جميلة مفعمة بالوجود والحركة والحياة وقفنا قليلا في سوقها الراكد وأخذنا بعض العصائر الباردة لنخفف شدة الحر ثم انطلقنا تاركين خلفنا جبال سرسنك وجمالها الذي يعتب علينا وعلى ذكرياتنا القديمة الجميلة فيها وعلى مد البصر جنان وأطياب ومروج لكن يداهمها السكون في هذا الصيف اللهيب وكأنها في منفى جميل.
وقبل أن نصل إلى قرية (قدش) مر علينا (كهف اينشكي) السياحي وهناك كهوف ومناطق كثيرة لم تستغل سياحيا بالصورة العصرية الراقية وحينما وصلنا إلى مصيف (سولاف) - يبعد هذا المصيف مسافة 4 كم عن بلدة العمادية - أصبحنا قريبين من العمادية ضمن واد مليء بالأشجار وتجري فيه مياه عذبة أطلق عليها تسمية "سولاف"، تنبع من سفح الجبل وتنحدر باتجاه رياض العمادية مكونة ما يشبه الشلال. فقد تم بناء العديد من الفنادق، والموتيلات، لحسن ضيافة وخدمة لراحة الزائرين والسياح ورغم هذا مساحة المصيف بين جبلين ضيقة جدا حيث تكثر فيها المحلات التجارية وممر ضيق للمارة وهم يصعدون إلى أعلى منبع المياه وشارعها لا يتحمل هذا الكم من السيارات والسياح الهاربين من انقطاع الكهرباء وحر الصيف من جميع أنحاء العراق.
الكاتب في مدخل البوابةمرت لحظات طويلة لكي نعبر هذه المسافة القصيرة بين دخول المصيف والخروج منه حيث تصطف السيارات بين جانب الجبل لتكون سلسلة بلا نهاية رغم وجود كراج مليء بالسيارات، وبعد عبورنا المصيف بصبر جميل اتجهنا إلى ناحية العمادية بالكوردي ئاميدي وهي مدينة "قضاء" تابعة لمحافظة دهوك تقع على بعد 70 كيلومترا شمال مدينة دهوك وتعلو 1400 متر عن مستوى سطح البحر حيث إن المدينة مبنية على قمة جبل وتضم عدداً من البوابات القديمة، إقليم كردستان - العراق. تبعد مسافة ما يقارب الـ 10 كيلومترات عن الحدود التركية.
غالبية سكان المدينة حالياً هم من الأكراد. كانت المدينة عاصمة لإمارة بهدينان الكوردية التي كانت تتبع بالولاء للدولة العثمانية وكانت تدفع الضرائب لها. كانت تحكمها عائلة لا تزال قبور بعض أفرادها في المدينة ومنهم السلطان حسين، الذي يوجد مرقده المبني مع قبته جنوب شرق المدينة إلى الجنوب من مدخل السيارات لها.
لا يزال أحفاد هذه العائلة موجودين في المنطقة ولكن أغلبهم انتقل إلى مناطق أخرى. من مميزات إمارة بهدينان التي كان مقرها في العمادية هو إنها كانت تحمي وتضم مختلف الأديان. وكان يسكنها أمير اليزيدية وكذلك اليهود والمسيحيون والمسلمون.
تضم المدينة عدداً من الآثار التي تعود للحقبة الآشورية إضافة إلى آثار من الحقبة العربية الإسلامية حيث توجد نقوش بالخط العربي الكوفي وآيات قرآنية على بعض من أبواب المدينة كما تضم البلدة كنيسة أثرية. إضافة إلى ذلك توجد قلعة العمادية والتي تقع شمال غرب المدينة. كما توجد في المدينة بقايا وآثار جامع قباد التي هي مدرسة قباد وتقع في الوادي شمال المدينة، وكانت مدرسة لتدريس الفقه الإسلامي.
وكانت تضم غرفاً لمبيت الطلبة أيضاً وسميت باسم الأمير قباد الذي أنشأها وهو أحد أحفاد السلطان حسين. وكانت المدرسة على صلة مع الجامع الأزهر في أوائل القرن المنصرم. هذه المدينة التاريخية العريقة في وجودها والتي جسدت تاريخ أجيال وأجيال سرنا في شوارعها التي أخذت طابع السكينة والصمت ما عدا بعض المارة، هذه ليست المرة الأولى أزور فيها العمادية ولكن لأول مرة أرى أبوابها الأثرية المدينة المجسدة كشكل صحن مدور على أطرافها ومنحدراتها أودية عميقة بمروج خضراء بجمالها الرباني إلى أن وصلنا إلى الباب التاريخي باب الموصل الذي يعتبر أثرا تاريخيا مهما.
رأيت على يسار البوابة لوحة حجرية مكتوب عليها عمر البوابة وصفاتها وتجديدها ولم تكن واضحة، جداران مسودة كأن هناك حريقا قد حدث سابقا وسألني صديقي هل هذه بوابة أثرية كان يمر منها الناس منذ القدم؟ باحتها غرف وأماكن صغيرة يبدو كانت للحراس الذي كانوا يحرسون المدينة. نوافذها تطل على الخارج، مع الأسف أحجارها آيلة للسقوط فبعد زمن سينتهي أثر البوابة وعند الخروج من البوابة ترى درجا للأسفل من أحجار غير منظمة تطل على وادي وبساتين حيث يمتد منها طريق البغال وإذا نظرت مستقيما ترى الجبال الشامخة التي تعلن عن نفسها بعنفوان، ولكن الإنسان أمامها في عالم الفوضى العصرية والنسيان.
أصابنا الحزن، فموروث الأجداد والملوك والأمراء والسلاطين متروك للزمن يفعل به ما يشاء. هذه البوابة مشهورة في صورها لكن هل هي مشهورة في التطور الزمني والمكاني والعمراني؟ تركنا المكان أنا وصديقي أنيس متجهين إلى بوابه أخرى وهو باب الباشا الذي يعلوه شعار إمارة بهدينان عن أثريته عام 1952 يتكون من طائر العنقاء وثعبانين الذي يجسد قوة ورصانة إمارة بهدينان يعود تاريخه إلى القرن 19 ويشكل البوابة الرئيسية للدخول إلى سراي إمارة بهدينان.
تركنا المكان فحاله كحال البوابات الأخرى إن لم يكن هذا أفضل قليلا كونه يطل على الشارع مباشرة، وهب الله لنا هذه النعم العظيمة وهذا التاريخ والأثر النفيس أليس نحن خلفاء على الأرض أيكون نظامنا الإنساني الإهمال بدلا من الاهتمام والتخريب واللا مبالاة بدلا من التعمير والتجديد.
هذه المساحات الممتدة من ناحية بيسري إلى أن تصل إلى العمادية وكلي بالندا مناطق سياحية مهما تحدثنا عنها لا نعطي الوصف الدقيق لها من جمالها وسحرها لو استثمرت بصورتها السليمة لما اعتمدنا على النفط فقط كوارد اقتصادي بل السياحة والزراعة من ذهب، فهذه الجبال الشامخة والوديان والروابي والمروج والشلالات والكهوف والأنهار والعيون النقية من نعم الله متى نلجأ إليها ويستفاد منها؟
كل إناء ينضح بما فيه، يا ترى لو كان الملوك والأمراء والسلاطين موجودين ماذا سيقولون عن عصرنا المتجدد والمتطور وماذا يقولون عن مدينة العمادية؟
12:04
عملت في هذه المدينة العراقية لفترة قصيرة في عام 1970 وحينما اذيع بيان 11 اذار عام 1970 كنت هناك وحدثت فيها بعض اعمال الشغب قام بها السلحون الاكراد الذين كانوا مع الحكومة العراقية ,, فرسان صلاح الدين ,, وقبل التحاقي بوظيفتي قصفت مستشفى العمادية وقتل ممرض فيها من قبل المسلحين الاكراد ’’ البيش مركة ,, . وهي مدينة جميلة جدا واهلها في غاية الطيبة وكانت بعض العئلات المسيحية تسكن فيها انذاك ولا اعرف عنها اي شئ الان وهنالك قرى مسيحية بالقرب منها وقد زرت بعضها سيرا على الاقدام وهي - ديري وكوماني لمعالجة المرضى وكان طريقها الى الموصل يمر بدهوك وكان تبليطه قديم جدا ويستغرق السفر بين العمادية والموصل وقتا طويلا , وكذلك زرت بلدة كاني ماسي المشهورة بزراعة التفاح اااا حقا ان مناطق شمالنا الحبيب جنات على الارض لكنها لم تستغل اسغلالا صحيحا وكان من المفروض ان تستثمر خيراتها وجعلها مناطق سياحية يقصدها العالم كله وربما عدم الاستقرار في العراق والفساد الذي استشرى في جميع مفاصل الدولة العراقية من زاخو وحتى الفاو كانا سببان رئيسيان لذلك واملنا كبير بالاجيال القادمة ان تطور هذه المناطق وتجعلها قبلة للسياح والمستثمرين في العالم كله اااا