ترمب : من يتعامل مع إيران لن يتعامل مع الولايات المتحدة
بولتون يتوقع استمرار شركات أوروبية وصينية في العمل مع طهران
الشرق الأوسط/واشنطن: معاذ العمري:لم تمض ساعات على بدء أول مرحلة من عودة العقوبات الأميركية، حتى غرّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب عبر حسابه في «تويتر» بأن العقوبات المفروضة على النظام الإيراني «تعد الأقوى على الإطلاق»، مهدداً الدول والشركات العالمية المتعاملة مع إيران بأن تطالهم العقوبات الأميركية، مخيرا إياها بين التعامل مع طهران أو مع واشنطن.
وقال ترمب في تغريدته: «سرت العقوبات رسميا على إيران. إنها العقوبات الأكثر إضراراً على الإطلاق، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) ستزيد إلى مستوى آخر، وأي شخص يتعامل مع إيران لن يتمكن من القيام بأعمال تجارية مع الولايات المتحدة. أنا أطلب السلام العالمي، لا شيء أقل».
وكان ترمب وقع أول من أمس على قانون فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، فاتحا الباب أمام عودتها أمس بعد عامين من التوقف إثر تنفيذ الاتفاق النووي. وكما هو معلن منذ 3 أشهر؛ يشمل وقف التعاملات مع طهران، قطاع المعادن والسيارات والتبادلات التجارية، قبل أن تواجه طهران حزمة العقوبات الأقوى في 4 نوفمبر المقبل حيث تستهدف صادرات النفط، والتعاملات البترولية، والتعاملات المالية مع البنك المركزي الإيراني.
كما جدد ترمب استعداده لاتفاق جديد مع طهران، يشمل - إضافة إلى البرنامج النووي - البرنامج الصاروخي، والدعم الإيراني للإرهاب. وتوعدت إدارته بمواصلة أكبر قدر من الضغط الاقتصادي على النظام في طهران. وقال مسؤولون أميركيون إن «تطبيق العقوبات لا يهدف إلى إسقاط النظام الإيراني، إنما تعديل سلوكه الخبيث في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما دعم الميليشيات المسلحة، ووقف البرنامج الصاروخي».
بدوره، عبّر مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي، في «تويتر» عن «التعاطف الأميركي مع المتظاهرين الإيرانيين الذين يعانون من الظلم والفساد»، على حد قوله، مبدياً دعمه فرض العقوبات الأميركية على طهران الذي بدأ السريان أمس.
وقال بنس إن «العنف من قبل النظام الإيراني ضد شعبه أمر غير مقبول»، وإن «للإيرانيين الحق في معارضة نظام يصرف المليارات لدعم الديكتاتوريين، والوحشيين والإرهابيين في الخارج»، متعجباً من «التناقض الإيراني في الدعم الخارجي ومحاربة الإصلاح الداخلي، ومعاناة الشعب الإيراني من أجل الوظائف والفرص والحرية... نحن نقف مع الشعب الإيراني».
وأضاف: «سيبدأ مسؤولونا بإعادة فرض عقوبات قاسية ضد إيران، وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الكارثي هو للتفاوض على صفقة جديدة تجعل العالم أكثر أمنا، ونحن مصممون على تغيير سلوك إيران المهدد ومنعها من أن تصبح دولة تمتلك قنبلة نووية».
من جهته، قال جون بولتون، المستشار الرئاسي للأمن القومي الأميركي، في لقاء على قناة «فوكس نيوز» أمس، إن «هناك بعض الشركات الأوروبية أو الصينية والروسية قد تستمر في التعامل مع إيران، إلا إنهم ليسوا ذوي أهمية»، مشدداً على أنه على الحكومات الأوروبية التحرك نحو القبول بالوضع الجديد الذي ستكون عليه إيران؛ «إذ إن بعض الدول قبل بذلك والبعض الآخر سيقبل على مضض أكثر من غيره». وأضاف: «قد تكون هناك بعض الشركات الأوروبية الصغيرة التي تستمر في القيام بأعمال تجارية مع إيران، لكنها ستكون غير ذات أهمية، وقد تواصل روسيا أو الصين القيام بأعمال تجارية، لكنني لا أعتقد أنهما متحمسان لهذا، نعتقد أن العواقب الاقتصادية قد أصبحت موجودة بالفعل في إيران. إن العملة الإيرانية تهبط لأدنى مستوياتها».
ويتوقع الخبراء أن عودة العقوبات الأميركية سوف تزيد من الاضطرابات العامة. وفي تقرير لمجلة «فورين بوليسي» الأميركية، أكد ماثيو ريد، المستشار الاقتصادي لإحدى الشركات المختصة في الطاقة وأسواق النفط العالمية، أن النظام الإيراني «يشهد أزمة اقتصادية ضخمة، ولا يملك التصرف معها بوضوح، وهذا يجعله أمام أزمة شرعية داخل البلاد».
وعدّ ريد أن الضيق الاقتصادي الحالي الذي تعاني منه إيران مزيج من نقاط الضعف الداخلية طويلة الأمد و«ضربة» العقوبات الأميركية، «وجميع ذلك يهدد بجعل البلاد خارج النظام المالي العالمي وخنق معظم صادراتها النفطية»، مشيراً إلى أنه منذ الثورة الخمينية عام 1979 خسرت العملة الإيرانية أكثر من 99 في المائة من قيمتها.
وأضاف: «يتم تشغيل معظم الاقتصاد من قبل الحكومة أو الهيئات ذات الصلة، مثل (فيلق الحرس الثوري)، وهذا جعل الفساد مستوطنا في إيران، مما أوقد الغضب الشعبي على الاقتصاد وعلى الرئيس الإيراني حسن روحاني لعدم التزامه بالوعود الانتخابية في 2013 و2017، والآن، بينما كانت الاتفاقية النووية سارية المفعول، يزداد الضغط الخارجي على إيران مرة أخرى. ومع الانسحاب الأميركي من الاتفاقية النووية الربيع الماضي، وعدت إدارة ترمب بفرض العقوبات الاقتصادية بشكل أقسى على إيران».
وقال علي رضا نادر، المحلل المستقل في إيران، إنه «حتى مع تراجع العقوبات فستزداد المظاهرات؛ إذ إن الأمر لا يتعلق فقط بالاقتصاد، بل الأغلبية الساحقة من الإيرانيين يكرهون النظام الإيراني»، مشيراً إلى أن ثورة 1979 قد اندلعت بالاحتجاجات والإضرابات الجماهيرية، ويرى اليوم ديناميكية مماثلة لتلك الاضطرابات.
وأضاف: «لقد صرف روحاني كثيرا من رأس المال السياسي للقيام بصفقة (النووي) مرة واحدة، وبالعودة إلى وضع الضعف الحالي فلن يكون مجرد مقامرة سياسية كبرى، بل أكثر من ذلك بكثير؛ إذ إن الاحتجاجات يمكن أن تدفع بالنظام إلى معالجة المشكلات الاقتصادية التي عانت منها البلاد منذ فترة طويلة، مثل الفساد والبطالة أو القطاع المصرفي المحتضر».