احداث تأريخية في الذاكرة العراقية .. زيارة الوصي الى امريكا
الوصي على العرش الامير عبدالاله..يطلع اثناء زيارته الى امريكا عام 1945م على نسخة من القران الكريم منسوخة في القرن السادس عشر ومحفوظة في جامعة برنستون الامريكية..وتعتبر من الكنوز الاسلامية
احداث تأريخية في الذاكرة العراقية .. زيارة الوصي الى امريكا
تلقَى وزيرُ الخارجية العراقية ارشد العمري، من وزير امريكا المفوض في بغداد (لوي هندرسن) رسالة يوم 6 اذار 1945 جاء فيها:
لي الشرف ان اخبر معاليكم باني تسلمت اليوم رسالة من حكومتي في امريكا مفادها.. ان الرئيس الامريكي مستر روزفلت يسره ان صاحب السمو الملكي الامير عبد الاله ينوي زيارة الولايات المتحدة الامريكية في ربيع هذا العام، وان الرئيس يسره ايضاً ان يستقبل الوصي في واشنطن يوم 19 نيسان 1945 ليكون ضيفه الشخصي في البيت الابيض، بعدها يستمر الوصي ضيفاً لدى حكومة الولايات المتحدة الامريكية في بليرهاوس وستعد حكومة واشنطن للوصي رحلة في انحاء الولايات المتحدة للاطلاع وجاء في اخر الرسالة عن هندرسين (اكون مقدراً لمعاليكم لو امكن اخباري هل ان صاحب السمو سيقبل الدعوة ام لا؟).
وبعد اعلام الوصي بمضمون الرسالة رحب بالدعوة كثيراً فقرر مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 18 آذار 1945 للموافقة على قبولها على ان يقوم الامير زيد بواجبات الملكية طوال غياب الوصي عن العراق.
وبينما كانت الاستعدادات تجري لسفر الوصي يوم السبت 14 نيسان وافت الانباء معلنة وفاة صاحب الدعوة الامريكي مستر روزفلت، في يوم 13 نيسان فامر الوصي عبد الاله تأجيل السفر كما قررت الحكومة العراقية تنكيس الاعلام العراقية في جميع انحاء العراق مدة عشرة ايام وقد ابرق الوصي الى الرئيس الامريكي الجديد (هاري اليس ترومان) يواسيه ويواسي الشعب الامريكي كافة بالتعازي الحارة بوفاة الرئيس روزفلت وقد رد الرئيس الامريكي الجديد الى صاحب السمو الملكي الامير عبد الاله، ولجلالة ملك العراق فيصل الثاني بالشكر العميق للعواطف الكريمة التي عبر عنها الوصي.. وجلالة الملك فيصل الثاني.
جددت الدعوة من قبل الرئيس الامريكي الجديد المستر ترومان الى صاحب السمو الامير عبد الاله، ويسره ان يقوم سموه بزيارة الولايات المتحدة في اواخر الشهر الحالي. ومن المقترح ان يجعل وصوله الى مدينة نيويورك في السادس والعشرين من شهر مايس 1945.
ويرغب الرئيس ان يقضي سموه الملكي ليلة 28 من مايس في البيت الابيض وستقام لسموه مأدبة عشاء لسموه العظيم.
غادر سمو الامير عبد الاله العراق جواً صباح يوم الثلاثاء المصادف 22 ايار 1945 يصحبه السادة نوري السعيد وعلي جودت وداود الحيدري والدكتور سندرسن والمرافق عبيد عبد الله المضايفي وفي يوم 26 من الشهر هبطت طائرة الوصي في مطار نيويورك فأستقبل فيها استقبالاً فخماً، وفي يوم 28 ايار انتقل الى واشنطن ووضع اكليلاً من الزهور على ضريح الرئيس روزفلت، وقال سموه (لم تكن خسارة روزفلت خسارة للامريكيين وحدهم فحسب. بل شملت جميع الشعوب المحبة للسلام والحرية في ارجاء العالم).
الرئيس الامريكي ترومان يقلد الامير عبدالاله بن الملك علي مدالية في البيت الابيض.
وفي واشنطن استقبل الوصي استقبالا رسمياً وقابل في اليوم الآتي الرئيس الجديد ترومان ثم في الايام الآتي صار يتفقد معالم الولايات المتحدة ومناظرها ومشاريعها، كمشاريع الري، وتوليد القوة الكهربائية وفق منهاج اعدته الحكومة الامريكية استغرق تنفيذه شهراً كاملاً طار خلالها الى مدينة (اوتاوه) عاصمة كندا في يوم 27 حزيران 1945 لمشاهدة معالمها وحضارتها.
كانت الحكومة البريطانية قد رتبت زيارة رسمية لسمو الامير عبد الاله تبدأ بعد انتهاء زيارته الولايات المتحدة الامريكية فوصل سموه لندن في اليوم السابع من تموز 1945 (مع الوفد المرافق له) واستقبل فيها استقبالا رسمياً اشتركت فيه جميع الهيئات في لندن، وقد تحدث الوصي انه سيبحث اجراء بعض التعديلات في المعاهدة العراقيةـ البريطانية مع المسؤولين في لندن في اثناء اقامته فيها، هذا واستغرقت زيارة الوصي لبريطانيا 47 يوما اقيمت خلالها مآدب تكريمية وحفلات متنوعة، وفي يوم 25 آب 1945 غادر سموه لندن قاصداً فرنسا في طريقه الى تركيا.
رتبت زيارة الوصي الى تركيا تستغرق خمسة ايام، فبلغ سموه (اوستانه) على ظهر الطائرة الامريكية (اجاكسن) في 15 ايلول ومكث فيها يومين ثم انتقل الى انقرة، ومكث فيها ثلاثة ايام بضيافة الحكومة التركية حيث اقيمت له والوفد المرافق له الحفلات والمآدب التقليدية الفخمة والقيت بعض الخطب الودية المناسبة بين المسؤولين الاتراك.
قفل الوصي راجعاً الى بغداد فبلغها في يوم الخميس 20 ايلول عصرا حيث استقبل استقبالاً رسمياً، واقامت امانة بغداد في اليوم الآتي حفلة فخمة لسموه في بهو الامانة حضرها جمهور كبير من مختلف الطبقات والقى سموه كلمة شكر على ما لقيه من حفاوة وتكريم.
لاشك فيه ولا ريب اذ قلنا:ان العراق قد استفاد من هذه الرحلة فوائد جليلة لاسيما ما كان منها للولايات المتحدة الامريكية فقدعرّفت الامريكيين بلاد العراق الناشئة، ومتنت علاقات الود بين العرب والامريكان وخلقت سوقاً جديداً للمنتجات العراقية ولا سيما (التمر) على ان زيارة الوصي الى أنقرة لم تخل فائدة للعراق ولتركيا معاً وقد عبرت الحكومة التركية في اثناء زيارة الوصي اليها بانها تجلت في اثناء الزيارة وحدة المصلحة والراي في الشؤون الاقتصادية والسياسية.
ومما يذكر في هذه المناسبة ان السيد نوري السعيد تخلف في تركيا بعد مغادرة الوصي عنها وقد دخل السعيد في مفاوضات مع الحكومة التركية لعقد معاهدة واتفاقيات خطيرة ظهر اثرها بعد استقالة الوزارة الباجة جية الثانية..
المدى / شهاب احمد القيسي