من لم يفكر يوما باقتناء جهاز تكييف , قادته موجة الحر التي اجتاحت العالم الى شرائه للتخفيف من اثار ارتفاع درجات الحرارة , التي وصلت في حدودها العليا بعمان في آب الجاري الى 43 درجة مئوية وفقا لمدير عام دائرة الارصاد الجوية المهندس عبد الحليم ابو هزيم .
غير ان مقتنيها لم يتنبهوا الى الاضرار الصحية السلبية الناجمة عن التعرض لاجهزة التكييف وفقا لعدد من الاطباء الذين يشيرون الى ان التعرض المباشر لها ولساعات طويلة يسبب امراضا مختلفة في العيون والمفاصل والجهاز التنفسي .
ولان المكيفات تنتج هواء باردا يحمل معه الرطوبة فان ذلك يؤدي الى التسبب بالتحسس الذي يفضي بدوره الى حدوث التهابات رئوية وخصوصا لمن يعانون من امراض رئوية سابقة وفقا لاختصاصي الامراض الباطنية والصدرية في مستشفى البشير الدكتور يوسف العبادي .
ويقول انه كلما زادت فترة التعرض لاجهزة التكييف كلما كانت المضاعفات السلبية الصحية الناجمة عنه اكثر ولا سيما لمن لديهم استعدادات مرضية تتعلق بالجهاز التنفسي مضيفا ان التعرض لها يؤدي بالمصابين بامراض الربو الى زيادة اعراضه لديهم , حيث نصحهم بالابتعاد عنه وعدم التعرض المباشر له وعدم خفض درجة حرارته بشكل كبير قياسا الى درجة الحرارة الخارجية .
ويبين ان البرودة الناجمة عن اجهزة التكييف تؤدي الى تضيق في القصبات الهوائية سواء اكان المتعرض لها نائما او مستيقظا لافتا الى ان النوم لساعات طويلة في غرف مكيفة يفضي الى تعب وارهاق واعياء وشد عضلي وخاصة في اجزاء الجسم التي كانت عرضة اكثر من غيرها لبرودة المكيف المباشرة .
ويتابع ان استخدام اجهزة التكييف قد يكون ضروري جدا خاصة في ظل موجة الحر التي اجتاحت العالم , لكن ليس الى الدرجة التي يبقى فيها الانسان عرضة لها طيلة الليل والنهار ناصحا مقتنيها الى التعرض لها اقل فترة ممكنة وبدرجات حرارة مقبولة .
ويلفت الدكتور العبادي الى ان التغير في درجات الحرارة واختلافها من غرفة الى اخرى في ذات البيت الواحد , أي الانتقال من جو بارد الى حار وبالعكس له انعكاسات سلبية على الجهاز التنفسي , ما يعرض الاشخاص للاصابة بما يسمى بالعامية ( لفحة هوا ) .
ويقول ان بعض انواع الجراثيم المسببة لامراض الجهاز التنفسي تنشط في درجات الحرارة المنخفضة الامر الذي توفر معه اجهزة التكييف فرصا لتنشيطها داعيا الى التأقلم وفق درجات حرارة اعتيادية واذا كان بالامكان الاستغناء عن التكييف والاستعاضة عنه بمراوح قد يكون ضررها اقل اذا لم تسلط بشكل مباشر على الانسان .
وفي سياق قريب ينوه الى ان درجات الحرارة العالية التي ترافق موجات الحر قد تؤدي بالذين يعانون اصلا من هبوط في الضغط الى توسع في الاوعية الدموية الجلدية من اجل الحصول على كميات اكبر من البرودة , وازدياد كميات التعرق وحدوث حالات من جفاف الجسم بسبب نقص السوائل ناصحا بالتركيز على السوائل خاصة في فترة ما بعد الافطار لتعويض ذلك النقص .
استشاري طب وجراحة العيون الدكتور ابراهيم سعيدات يقول ان التعرض المباشر لهواء اجهزة التكييف قد يؤدي الى تبخر الدموع , وهذه المشكلة تزداد اصلا في فصل الصيف حتى دون استخدام اجهزة تكييف , فكيف الحال مع استخدامها ؟ كما يتساءل .
ويلفت الى ان اضرار اجهزة التكييف على العين تتلخص في تسببها باحداث حكة وشعور بوجود جسم غريب بها , والى ان من يعانون من التهيج التحسسي في العين يكونون عرضة لامراض حساسية العين واحمرارها وزيادة في افراز الدموع .
ويشاطر الدكتور العبادي في نصيحته حول ضرورة الابتعاد عن التعرض المباشر ولساعات طويلة امام اجهزة التكييف وانه في حال وجود اعراض مزعجة تسبب الاذى للعين المتعرضة لها ينصح الدكتور سعيدات باستخدام مرطبات للعين , اما اذا استمرت الاعراض السلبية فلا بد من مراجعة الطبيب المختص .
ويقول ان التأثير السلبي لاستخدام جهاز التكييف يقتصر على سطح العين , اما الامراض الداخلية المتعلقة بها مثل ارتفاع ضغط العين والماء الابيض وامراض الشبكية فلا تتاثر به .
استشاري جراحة العظام والمفاصل في مستشفى البشير الدكتور عماد القريوتي يشبه عضلات الانسان بالطفل الصغير الذي يحتاج الى عناية ورعاية مكثفة , اذ انها تتأثر من ابسط نسمة هواء الامر الذي يعرضها الى الشد العضلي الناجم عن تقلصات عضلات الظهر والرقبة التي تتسم بانها طولية .
ويوضح ان اكثر الاجزاء عرضة للتأثر بهواء اجهزة التكييف الباردة او حتى الساخنة هي الرقبة والظهر وذلك لغياب الطبقة الدهنية السميكة التي تحمي العضلة مشيرا الى ان الاختلاف المفاجىء والمباشر في درجات الحرارة يحدث تقلصا في الالياف العضلية ما يؤدي الى اختلاف طول العضلة لتصبح مشدودة والحالة هذه .
ويبين ان التقلص العضلي في الظهر على سبيل المثال يحدث شدا في الفقرات يعمل بدوره على ازاحتها عن بعضها بعضا ما يؤدي الى اختلاف في زاوية فقرات العمود الفقري .
وفيما يتعلق بالمفاصل يشير الدكتور القريوتي الى ان لاجهزة التكييف اضرارا كبيرة على المفاصل بسبب تأثر المنطقة الغضروفية الهلامية اللزجة التي تتأثر بالاختلاف في درجات الحرارة ما يتسبب باحداث (تيبس) في المفاصل , ناصحا من يعانون من حالات التيبس بعدم الجلوس امام اجهزة التكييف .
يشار الى ان أجهزة التكييف والتبريد المنزلي والمراوح نفدت من العديد من مصادر بيعها جراء موجة الحر الأخيرة التي أنعشت مبيعاتها وزادت اسعارها