أشجار تُقتلع ومواطنون مطرودون.. التوغل التركي يهدد شمال العراق
الحرة:تعرض، إدوارد يوحنا، وهو مسيحي عراقي شاب يسكن في قرى الآشوريين شمال العراق إلى التهجير قبل عامين، ليس بسبب سيطرة جماعات متطرفة على المنطقة مثل أقاربه في سهل نينوى أيام داعش، ولكن بسبب ما يصفه بـ"الاجتياح التركي" للشريط الحدودي بين تركيا والعراق.
وتقول أنقرة إنها تلاحق مقاتلي حزب العمال الكردستاني، الذين انتشروا من جبال قنديل في أقصى حدود العراق إلى مناطق أعمق مثل سنجار في نينوى وحتى محافظة كركوك خلال فترة القتال ضد داعش.
"هم قاتلوا داعش" يقول يوحنا لموقع "الحرة" وهو يتكلم عن مقاتلي الحزب، لكنه يستدرك أن "قتال داعش لا يمكن أن يكون مبررا لتوغل مقاتلين مطلوبين من بلدانهم في بلدنا، لقد أعطوا أردوغان (الرئيس التركي) مبررا للاجتياح".
ويبدو أن تركيا لم تكتف بالتوغل في المنطقة، وإنما أيضا قامت بإجراء تغييرات على بيئتها، كما يقول بيان مشترك لوزارتي الزراعة في إقليم كردستان والحكومة المركزية العراقية الذين اتهما تركيا بـ"قطع أشجار المنطقة الجبلية"، بحسب خبر نشرته وكالة ناس الإخبارية العراقية.
مبررات تاريخية
ويقول ناشطون مسيحيون أن تركيا قد تكون تريد ما هو أبعد من مطاردة مقاتلي الحزب، كما يؤكد الناشط الآشوري خلابئيل بنيامين لموقع "الحرة".
ويقول بنياميل أن "كل ما يجري الآن من قصف تركي مستمر واحتلال علني داخل الأراضي العراقية من قبل الجيش التركي بذريعة محاربة الإرهاب هو لتغطية عن نوايا وأطماع تركيا بولاية الموصل التي انسلخت منها بشكل نهائي 1926".
ويضيف بنيامين إن "الميثاق الملي هو الخريطة التي يتكل عليها الرئيس إردوغان في طموحاته التوسعية سواء في العراق أو سوريا، حيث جاء في بنود الميثاق الملي "المناطق التي تسكنها غالبية تركية مسلمة في الموصل وحلب هي مناطق تركية الأم".
وتنص اتفاقية لوزان لترسيم الحدود بين تركيا ودول من بينها العراق على أنها تنتهي بعد 100 عام، وهذا الموعد سيكون في عام 2023.
وخسرت تركيا نزاعا قانونيا مع بريطانيا بشأن مناطق "ولاية الموصل السابقة التي ضمت كل نينوى الحالية ودهوك وأجزاء من أربيل"، لكن تركيا لم تتنازل أبدا عن طموحاتها التاريخية في هذه المناطق.
ويقول آزاد شيروان، وهو أستاذ تاريخ في إقليم كردستان لموقع "الحرة" إن "التفاسير التاريخية تفرض بالقوة، ويبدو أن هذا ما تحاول تركيا فعله".
الواقع على الأرض
لكن السكان لا يبدو أنهم مهتمون بالتاريخ بقدر اهتمامهم بما يجري ميدانيا، إذ أن القرى الكلدو آشورية السريانية مثل "جلك وموسكا وهرور" ما تزال تتعرض إلى القصف من الطيران التركي بحسب عضو البرلمان العراقي السابق جوزيف صليوا.
ويقول صليوا لموقع "الحرة" إن أكثر من 600 شخص هجروا من تلك القرى نتيجة القصف، كما أن "هناك جرحى".
وفي تغريدة.. أكد صليوا وجود عمليات قطع للأشجار في المنطقة، مشيرا إلى أن "الأتراك ينقلون الأشجار إلى تركيا".
ويقول ناشط آشوري من تلك المناطق إن "القصف مستمر ويطال المناطق القريبة من التجمعات السكنية وهناك حرائق واسعة"، مضيفا أن "قرية شرانش المسيحية دخلتها قوات من الجانب التركي وهناك انتهاكات من قبل عناصر الچته الموجودين من الجيش التركي وقبل أيام قصف كهف قريب من شرانش ملا وأصيب اثنان من الرعاة وهما من سنجار ".
وقوات الجتة التركية هي قوات مشكلة في غالبيتها من الكرد الموالين لأردوغان، وهي تمثل نسبة مهمة من القوات التي دخلت الأراضي العراقية بحسب الناشط الآشوري الذي طلب عدم كشف اسمه.
ويضيف الناشط لموقع "الحرة" قبل أيام قصفت قرية موسكا المسيحية وكان القصف قريب جدا من كنيسة مار يوسف مما ألحق بها أضرارا كبيرة، وهناك خبر متداول بأن هناك مصابا في قرية هرور نتيجة القصف الذي طال أطراف القرية".
تقع كل هذه القرى قريبا من الحدود العراقية التركية، وقد نزح الكثير من أهلها إلى إقليم كردستان بسبب القصف.
قطع الأشجار
و في وقت تتمركز القوات التركية داخل قاعدة عسكرية لها بمحافظة دهوك في إقليم كردستان العراق، وردت أنباء عن قيام عناصر من الجيش التركي بعملية تجريف للمناطق الجبلية في المحافظة، والإقدام على قطع الأشجار وبيعها من قبل شركات تركية خاصة.
وقال النائب الكردي المعارض في برلمان تركيا، حسين كاتشماز، في تغريدة عبر موقع "تويتر"، إنه "يتم قطع 400 طن من الأشجار على جبل كودي في كل يوم".
وأرفق النائب عن حزب الشعوب المعارض صورة أظهرت أكوام من الأشجار المقطعة، وقال إنها في منطقة جبل كودي. وهو الأمر الذي لم تؤكده مصادر تركية أخرى.
وأكّد الناطق الرسمي باسم وزارة الزراعة في حكومة إقليم كردستان، كاك حسين، لموقع "الحرة"، الأنباء حول تجريف تركيا لمناطق جبلية في محافظة دهوك، وقطعها للأشجار تمهيدا لبيعها فيما بعد.
وكشف حسين أن "وفدا من الحكومة المركزية وصل إلى الإقليم، الأحد، وتجرى مباحثات معه لاتخاذ موقف مناسب من التصرفات التركية الأخيرة".
وأصدر الوفدان مذكرة احتجاج مشتركة وقع عليها وزيرا الزراعة في الإقليم والحكومة المركزية يطالبان فيها السلطات باتخاذ موقف.
وردا على سؤال حول المناطق التي تعرضت للتجريف وحجم الضرر البيئي الحاصل في دهوك، قال حسين إنه ليس لديه معلومات دقيقة بهذا الخصوص، لكنه أكد عمليات قطع الأشجار من قبل "شركات وجهات مدعومة من الجيش التركي في مناطق شمال إقليم كردستان"، لافتا إلى أن "أعمال فتح طرقات جرت أيضا في المنطقة نفسها، ما تسبب بأضرار بالغة".
ونفى مصدر إعلامي مقرب من الحكومة التركية التقارير المتعلقة بممارسات الجيش التركي في المناطق التي ينتشر فيها بشمالي العراق.
وأضاف المصدر أن المعلومات المنتشرة "لا أساس لها من الصحة".
وحتى الآن، لم تتطرق وسائل الإعلام التركية للاتهامات الموجهة للجيش التركي بشأن تجريف المناطق الجبلية وقطع الأشجار من قبل شركات تركية خاصة، كما لم يصدر أي تعليق رسمي من جانب الحكومة التركية.
في المقابل نقلت شبكة "روداو" الإعلامية الاثنين عن النائب كاتشماز قوله: "خلال العمليات التي نفذتها القوات المسلحة التركية (TSK) تم حرق الأشجار لأسباب أمنية".
وأضاف أنه وفي السنوات الأربعة الماضية تم "حرق مناطق الغابات عمدا. يذكرون بوضوح أن هذا يتم لأسباب أمنية، وإلى جانب ذلك يتم قطع الأشجار".
وأشار نائب "حزب الشعوب الديمقراطي" إلى أن القوات المسلحة التركية أقامت قاعدة دائمة على التلال التي سيطرت عليها خلال العمليات التي نفذتها داخل إقليم كردستان العراق.
وتابع "أقيمت قواعد عسكرية على تلال دهوك وزاخو، هذه ليست قواعد مؤقتة والجميع يعرف هذا".