اختطاف الناشطين يرعب العراقيين.. والفاعل "مجهول"
الحرة / خاص - واشنطن:تريد أم "سجاد العراقي" أحد أشهر المغيبين في البلاد معرفة مصير ابنها إن كان "حيا أم ميتا"، كما كانت تقول قبل أن تخنقها الدموع وهي تتحدث لنحو 600 شخص على تطبيق كلب هاوس، الأحد.
سجاد ابنها هو ناشط من محافظة ذي قار جنوبي العراق، واشتهر بعد أن ظهر في فيديو يطالب مدير صحة المحافظة آنذاك بالاستقالة بسبب التقصير في العمل.
بعدها أصبح سجاد من وجوه الاحتجاج المميزة في المدينة، قبل أن يختفي وجهه هو من المشهد.
ويقول أحد أصدقاء سجاد لموقع "الحرة" إن "الخاطفين معروفون، وقد شخصهم الشهود بالأسماء، وتوجد بحقهم مذكرات قبض لكنهم يتجولون بحرية في المدينة بدون أن يعتقلهم أحد".
وبحسب المحامي العراقي، مؤيد ستار، الذي استمع إلى شهادات أصدقاء كانوا مع سجاد لحظة اختطافه فإن "القضية محسومة نظريا من الجانب الشكلي القانوني".
ويستدرك ستار لموقع "الحرة" إن "النظرية شيء لكن التطبيق شيء آخر"، مؤكدا "الشهود كانوا موجودين لحظة حدوث الواقعة، وكل يوم تأخير هو يوم تقصير قد يكون السبب في وفاة سجاد، إن كان لا يزال حيا".
ويضيف ستار أن "القوات الأمنية تتحرك بفعالية في العمليات الجنائية، وتحرر المختطفين وتلقي القبض على العصابات كل يوم، لكن أداءها يختلف بشكل هائل حينما يمس الموضوع ناشطين أو تكون هناك ميليشيات متعلقة، لم يحرروا أبدا أي مغيب حتى الآن".
ويقول صديق سجاد لموقع "الحرة" إن "مسلحين يستقلون سيارتين من نوع بيك آب ويحمل أحدهم مسدسا كاتما للصوت أوقفوا سيارة كانت تقل سجاد وأصدقاءه في مدينة الناصرية، وقاموا باختطاف سجاد والاصطدام مع أصدقائه الذين كان أحدهم يحمل مسدسا.
وبحسب الصديق الذي يصف نفسه بالمقرب من سجاد فإن "أصدقاء سجاد تعرفوا على الخاطفين وأبلغوا عائلة سجاد والجهات الأمنية بأسمائهم"، مضيفا أن أحد الخاطفين يعمل في إحدى تشكيلات ميليشيا بدر في المحافظة
وقال الناشط في تظاهرات الناصرية، سدير العبودي، إن "قائد شرطة ذي قار السابق كان يؤكد لنا أنه يجري مفاوضات مع الخاطفين لإطلاق سراح سجاد"
وأضاف لموقع "الحرة" إن "الشرطة تفاوضت مع الخاطفين وجهاز مكافحة الإرهاب تفاوض معهم ولا أحد استطاع إخراج سجاد أو اعتقال خاطفيه".
وأطلق ناشطون عراقيون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، الاثنين، لمطالبة قوى الأمن بالبحث عن سجاد العراقي ومعرفة مصيره
وتفاعل وسم "سجاد العراقي وين (أين)؟" الحملات العراقية على تويتر، مشفوعا بوسم "سجاد وين يابو رغيف" في إشارة لوكيل وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات أحمد أبو رغيف، الذي يطالبه الناشطون بالبحث عن سجاد.
ويقول تقرير حديث لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" إن عدد المغيبين" مثل سجاد يصل إلى "عشرين شخصا"، كلهم في الفترة من بداية نوفمبر 2019 إلى 15 مايو 2021.
ومثل أمهات الباقين بدت أم سجاد حائرة، لا تزال تعاني من الصدمة حتى بعد تسعة أشهر من اختطاف ابنها.
التغييب في العراق
ويقول الناشط، سرمد العبيدي، إن "محاميا من من محافظة ميسان (العمارة) المجاورة للناصرية غيب هو أيضا، ولم يعرف أحد مصيره حتى اليوم".
العبيدي كان يقصد المحامي الشاب علي جاسب، الذي بقي مختطفا لأكثر من سنة كاملة في ملف يعتقد أنه على علاقة بالميليشيات في المحافظة أيضا.
وقتل والد علي جاسب في مارس الماضي، بعد أن أمضى أشهرا طويلة يبحث عن ابنه ويطالب بمعرفة مصيره.
واعتقلت الشرطة متهما بقتل والد علي، لكنها قالت إن المسألة "عشائرية" ولا علاقة لها بكون المتهم ينتمي فعلا إلى إحدى الميليشيات الناشطة في المحافظة.
ترك علي جاسب طفلين رضيعين، وترك والده عائلة كاملة، بينما ترك سجاد العراقي شقيقا ووالدة لايزالون يبحثون عنه.
يرعب أكثر من الموت
وتقول الناشطة سجى الرماحي (اسم مستعار) من محافظة ديالى إنها "كادت تتعرض للاختطاف في إحدى المرات" مضيفة "أنا لم أخرج من بيتي منذ حادثة محاولة الاختطاف، قبل ثلاثة أشهر".
وتخاف الرماحي التي كانت تتحدث لموقع "الحرة" من "تكرار مسلسل التغييب" الذي تقول إنه "يرعب الناشطين أكثر من الموت"، وأنه "المصير المتوقع لكل من يتكلم".
الرماحي كانت تذهب كعادتها لمدرسة تعمل فيها كمتطوعة تقويم سلوك للأطفال المصابين بالتوحد في المحافظة حينما لاحظت وجود "سيارة من نوع فان" متوقفة في مكان غريب وسط الشارع أمامها.
تقول الرماحي إن شخصين من السيارة سحبا فتاة من الشارع وأدخلاها في السيارة التي تحركت بسرعة، قبل أن ينزلاها على بعد 20 أو 30 مترا.
المفاجأة كانت، بحسب الرماحي، هي أن الفتاة قالت لها فيما بعد "كانوا يظنون أنني أنت"، مضيفة "دقائق فقط فصلتني عن التغييب القسري".
ورغم نجاتها، لا تعتبر الرماحي سعيدة حظ لأن "ما جرى سيلاحقها إلى الأبد".