“أوبزيرفر”: هذا ما يحدث داخل القرية العالمية لعرائس تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان
منذ 53 دقيقة
عناصر من طالبان في كابول اليوم
إبراهيم درويش
0
حجم الخط
لندن – “القدس العربي”:
في تقرير أعدته إيما غراهام هاريسون لصحيفة “أوبزيرفر” بعنوان “في داخل “القرى العالمية” لجهاديي تنظيم الدولة في أفغانستان” قالت إن نساء جندن للعب دور عرائس الجهاديين قدمن رؤية نادرة حول الشبكة الدولية التي نفذت هجوم مطار كابول أثناء الانسحاب الأمريكي من أفغانستان. وجاء فيه: “سافرت عام 2017 مجموعة من المقاتلين العرب من سوريا إلى أفغانستان لتوثيق العلاقة بين خلايا تنظيم الدولة في البلدين”.
وأضافت أنهم “وصلوا إلى قرية دولية حيث ضمت عائلات الجهاديين زوجا ألمانيا أشقر وزوجته وفرنسيا وروسيا وإيغوريا من الصين وعائلات من وسط آسيا، بحسب شهادة نادرة قدمتها امرأة أوزبكية كانت عضوا في الجماعة”. وقضت المرأة حوالي ثمانية أعوام كزوجة مقاتل في ولاية نانغرهار، وتحت ظل شبكتين دوليتين من الجماعات الجهادية التي أقامت لها جذورا في شرق وشمال أفغانستان وغيرت أماكن وأسماء، لكن الاسم الحالي هو تنظيم الدولة الإسلامية- ولاية خراسان في إشارة إلى الاسم التاريخي للمنطقة بشكل عام. وكانت هذه الجماعة هي المسؤولة عن تفجير مطار كابول خلال الأيام الأخيرة من مهمة الإجلاء التي قامت بها القوات الغربية وقتل فيه 182 شخصا من بينهم 13 جنديا أمريكيا، مما يجعله أكثر الهجمات دموية خلال 20 عاما من الوجود الأمريكي في البلد.
وكانت تتحدث من أوزبكستان بعدما عادت لوطنها في 2019 ضمن برنامج مكافحة التطرف، وطلبت عدم الكشف عن هويتها لعدم السماح لها بالتحدث مع الإعلام. لكنها وعددا آخر ممن قابلتهن الصحيفة بمن فيهن امرأة تقوم بالبحث عن عرائس للجهاديين ولا تزال ناشطة في هذا المجال تقدم رؤية نادرة حول الجماعة السرية وكيف استطاعت جذب آلاف من المجندات من الخارج. كما ووثق التنظيم صلاته مع جماعات إرهابية في الخارج ومع المقاتلين الأشداء الذين سافروا في الاتجاهين، مما يعلم خطورة الجماعات الإرهابية الدولية وقدرتها على إلهام وتدريب وتشكيل بقية الحركات التي تبعد عنها مئات بل آلاف الأميال.
وتضيف الصحيفة أن بعض المحاربين القدماء أقاموا في أفغانستان لعقود ولديهم خبرة في الجماعات الجهادية، حيث عاد “طفل” من طاجيكستان بعدما ولد وتربى بين المجاهدين في أفغانستان وعمره 19 عاما. وتقول المخابرات في وسط آسيا إن المقاتلين الطاجيك والأوزبك ممن لديهم خبرة في أفغانستان لعبوا في السنوات الأولى من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا دورا في تدريب المقاتلين.
وقال عضو من دولة في وسط آسيا يعيش مختفيا الآن “هناك الكثير من الأشخاص المسؤولين عن السيارات الانتحارية بنوا تجربتهم في أفغانستان”. وفي شريط فيديو دعائي مدته نصف ساعة بث في 2015 أظهر رجلا أوزبكيا يتباهى بخبراته الطويلة في أفغانستان قبل سفره إلى سوريا عبر إيران. وكان هجومهم على مطار كابول تذكيرا بوحشية التنظيم وما يمكن أن يقوم به من استهداف المدنيين وما يملكه من قدرات فنية.
وبعد سيطرة طالبان على كامل أفغانستان تقريبا، فقد بات تنظيم الدولة- ولاية خراسان يمثل التهديد الأكبر من داخل الحدود.
وتقول الصحيفة إن المقابلات مع زوجات مقاتلي التنظيم في أفغانستان تؤكد الأهداف الدولية والشبكة العابرة للحدود التي تربطه بالجماعات الجهادية الأخرى وأهدافها وما تمنحه من تجنيد والدعم الفني. وتضيف أن الغارات الجوية التي قام بها الأمريكيون أثناء قتالهم حركة طالبان وشنوها على التنظيم بناء على قاعدة “عدو عدوي صديقي” أدت إلى تقليص أعداد المقاتلين إلى أقل من 2.000 عنصر، وذلك بحسب مصادر في باكستان التي ترصد حركة الشبكة عبر الحدود.
وفي رسائل اطلعت عليها “أوبزيرفر” اعترفت امرأة تعمل على إقناع الغربيات بالزواج من مقاتلين بأن التنظيم خسر معظم قواعده في الأشهر القليلة الماضية. وكتبت قائلة “الوضع الآن هو أنه لم يعد لدينا مكان في خراسان تقام فيه الشريعة ولهذا فنحن نعيش في دار الكفر ومختبئين من الكفار”.
ومع ذلك تستمر عمليات التجنيد والدول الغربية أقل ثقة من باكستان بشأن خسارة التنظيم عناصره. وفي وقت يثور القلق حول تحول أفغانستان في ظل طالبان إلى حاضنة للإرهاب فإن تنظيم الدولة هو على رأس القائمة. وفي تموز/يوليو استعادت طاجيكستان 200 من عناصر تنظيم الدولة، بينهم 80 امرأة وكانوا في السجون الأفغانية واستسلموا لقوات الحكومة، لكن هناك تقارير عن وجود 1.300 مقاتل طاجيكي يقاتلون مع عناصر في شمال أفغانستان ضد طالبان. وفي حالة انشغال هذه بالحكم فإن التنظيم قد يعيد تجميع صفوفه ويقوم بهجمات خارجية تؤدي إلى زيادة الدعم له والتجنيد، وقد أصدر بيانات هدد فيها طالبان وكذا القوى الغربية. ولدى التنظيم تاريخ في النظر خارج الحدود التي يعمل فيها. ففي 2016 أنشأ محطة إذاعية قرب حدود طاجيكستان لنشر الدعاية قبل أن تدمرها غارة جوية روسية. وخطط الجهاديون العام الماضي لتفجير شجرة عيد الميلاد في العاصمة الطاجيكية، دوشانبي.
ويرى رستم عزيزي، نائب مدير مركز الدراسات الإسلامية التابع لرئيس طاجيكستان أن المخابرات في بلاده تخشى من صفقة بين طالبان وتنظيم الدولة تمنح الأخير حرية الحركة على الحدود الشمالية لأفغانستان مع طاجيكستان. ولاحظت المخابرات عددا من الخلايا النائمة في البلد برسائل “جهزوا أنفسكم، نحن قادمون” حسب مصدر أمني طاجيكي.
ووصفت النساء تنظيما سريا يعاني من ضائقة مالية لكنه يجهز نفسه لرحلة طويلة من إعادة تنظيم نفسه. ويحاول في الوقت نفسه أن يعتمد على تيار من المتعاطفين معه حوله العالم. وترى الصحيفة أن الخلايا الدولية لا تنحصر في شرق أفغانستان الذي يعتبر معقله الرئيسي. ومن بين العائدات لبلادهن امرأة أخرى عادت إلى أوزبكستان في عام 2019 وعاشت في ولاية جوزجان، شمال أفغانستان مع عدد من المقاتلين ونساء من فرنسا والسعودية وإندونيسيا وإيغور من الصين قبل أن تقضي ستة أشهر في سجون طالبان. ومن بين العناصر فرنسية كانت معروفة أدت إلى حملة عسكرية لاعتقالها. ولم يكن أطفالها من ضمن الخطة، وكانت تصرخ عندما اعتقلت “هؤلاء أطفالي”. وتجاهل الجنود الأفغان صرخاتها وتركوهم خلفها. وتحظى الأوروبيات بمعاملة خاصة وضمن ترتيب معروف. وقالت “طرحت الكثيرات منا أسئلة حول سبب تلقينا رواتب مختلفة، فنحن نعمل نفس الشيء. وعادة ما يتم إسكاتهن”. والعلاقة مع سوريا مستمرة. ففي مخيم الهول الذي يسجن فيه نساء تنظيم الدولة، تباهى بعضهن على منصات التواصل الاجتماعي بوصول أضحية لهن من “نساء خراسان”.
وتحصل النساء على راتب أساسي وهو 40 دولارا في الشهر مع زيادة 20 دولارا عن كل مولود، مع أنه لا يوجد مكان لإنفاق المبلغ، فلا توجد محلات في القرية الصغيرة. وأدى وجود المقاتلين لهروب السكان المحليين، وبالنسبة للنساء فالحياة ليست مريحة. وبعض النساء المتحدثات بالروسية مثقفات، واحدة منهن مغنية وأخرى طبيبة ممن عانين من الأوضاع غير المريحة في القرية. والترفيه الوحيد هو الزيارات المتبادلة إلى بيوت بعضهن البعض والمشاركة في الطبخ.
وكان من السهل عليهن دخول أفغانستان لأن الكثير من سكان القرى الأفغانية بدون وثائق ولوجود خط تهريب من إيران. وقالت “تذهبي إلى هناك وتقولي إنك أفغانية ويسجلون اسمك ثم تخرجي”. والدخول ليس مثل الخروج، فقد فكرت هي وزوجها مرة بالهروب، لكن تم التنصت عليهما، وحذرا أن العقوبة ستكون قاسية. وأضافت أنه تم قتل امرأتين من الطاجيك عندما تحدثتا عن الهروب، ويتم القتل في وسط القرية” و”أطلقت النار عليهما قرب النهر ودفع بجثتيهما إلى الماء وأجبرت كل النساء على مراقبة هذا”.