محاولة انقلاب فاشلة في السودان … اعتقال 21 ضابطا وحمدوك اتهم “النظام القديم”
منذ 4 ساعات
عمار عوض
0
حجم الخط
الخرطوم ـ «القدس العربي»: أعلن الجيش السوداني، الثلاثاء، عن إحباط محاولة انقلابية قادها عدد من الضباط. وفيما نفى رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، أي خلفية سياسية للمنفذين، اتهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك «النظام القديم» بالوقوف خلف ما حصل، داعيا لإصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية ومراجعة عمل الحكومة الانتقالية والشراكة والحاضنة السياسية، في حين أدانت قوى سياسية مثل حزب الأمة والمؤتمر السوداني والتجمع الاتحادي الانقلاب الفاشل، فيما لم يصدر بيان من قوى سلام جوبا، بينما أرجع مصدر عسكري التحرك لتداعيات داخل القوات المسلحة ترفض الإساءة للجيش، وقضايا داخلية أخرى.
- اقتباس :
- البرهان زار سلاح المدّرعات ونفى أي خلفية سياسية للمنفّذين … و”البعث” رفض إقحامه
وقال مستشار البرهان، العميد الطاهر أبو هاجة، في وقت مبكر من صباح أمس، إن القوات المسلحة أحبطت انقلابا عسكريا في السودان، وكشف أن عدد المعتقلين 21ضابطا وأنه جار ملاحقة المتورطين الأخرين في المحاولة الانقلابية.
«الجيش سيحمي الوطن»
وزار البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي» قيادة سلاح المدرعات الذي شهد وقائع التحرك الانقلابي، وقال إن «الجيش سيحمي البلاد والوطن، والعملية الانتقالية حتى منتهاها بالانتخابات وتسليم السلطة للشعب».
وتابع « كل المعلومات المتوفرة إلى الآن عن الانقلابين لا تشير إلى وجود جهة سياسية تقف خلفهم، ولا توجد أي خسائر في الأرواح والممتلكات».
وزاد «ندعو القوى السياسية إلى التعاون لمواجهة المخاطر المحبطة بالبلاد، والانتقال السياسي» مؤكدا أن «الجيش وقوات الدعم السريع يعملان معا، وبتنسيق تام».
وأضاف «القوة العسكرية هذه هناك من لا يحبها وينظر لها بعين الشك والريبة مع أنها صمام أمان هذا البلد، رضي من رضي أو أبى من أبى».
«تستهدف الثورة»
حمدوك اتهم «النظام البائد» بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية، وقال في كلمة متلفزة نهار أمس، «هذه المحاولة كانت تستهدف الثورة وكل ما حققه شعبنا العظيم من إنجازات، لتقويض الانتقال المدني الديمقراطي، وإغلاق الطريق أمام حركة التاريخ» مبيناً أن «عزيمة شعبنا كانت أقوى، والردة مستحيلة».
وأكد أن «ما حدث يُعتبر انقلابا مُدبّرا من جهات داخل وخارج القوات المسلحة ويمثل امتدادا لمحاولات الفلول منذ سقوط النظام البائد لإجهاض الانتقال المدني الديمقراطي» منوهاً إلى أن «المحاولة سبقتها تحضيرات واسعة تمثلت في الانفلات الأمني في المدن واستغلال الأوضاع في الشرق ومحاولات قطع الطرق القومية وإغلاق الموانئ وتعطيل انتاج النفط والتحريض المستمر ضد الحكومة المدنية».
وبين أن «الانقلاب يستدعي مراجعة كاملة لتجربة الانتقال بكل الشفافية والوضوح، والوصول إلى شراكة مبنية على شعارات ومبادئ الثورة، وطريق يؤدي إلى الانتقال المدني الديمقراطي لا غيره».
وقال إن «الانقلاب يُعدّ مظهرا من مظاهر الأزمة الوطنية التي أشرت إليها في مبادرة رئيس الوزراء (الطريق إلى الأمام) الأمر الذي يؤشر بوضوح إلى ضرورة إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية».
ولفت إلى أن» هنالك أشخاصا تم القبض عليهم أثناء تنفيذهم للانقلاب الذي قطع خطوات عملية، مما يستدعي كشف الحقائق كاملة للشعب السوداني والعالم، ومحاسبة كل الضالعين، عسكريين ومدنيين، وبشفافية ووفق القانون».
وختتم رئيس مجلس الوزراء كلمته قائلاً «إن ما حدث هو درس مستفاد ومدعاة لوقفة حقيقية وجادة لوضع الأمور في نصابها الصحيح».
في السياق، قال مصدر عسكري مطلع لـ«القدس العربي» إن «جميع الذين جرى اعتقالهم يخضعون للتحقيق، وليس هناك دليل على وجود جهة سياسية خلفهم، وإنما الظاهر أنها ردة فعل انفعالية لأمور داخلية، وإلا كيف للانقلابيين أن يذهبوا للتلفزيون لإذاعة بيان، وعندما يرفض مهندس البث إذاعة بيانهم، يغادر الضباط مبنى الإذاعة، لكن التحقيق سيوضح الكثير». وتابع، دون كشف هويته، «يجب على الجميع التوقف عن توجيه إساءات أو تخوين للجيش السوداني أو التقليل من دوره لأن هذه الاتهامات لها انعكاسات داخلية كبيرة ».
وكشف المصدر عن «خطاب أوضح سيقدمه القائد العام الفريق عبد الفتاح البرهان خلال حضوره غدا (اليوم) لتخريج عناصر من القوات الخاصة في معسكر الأخيرة في أم درمان».
وكانت وسائل إعلام محلية أشارت إلى أن المحاولة الانقلابية قادها اللواء عبد الباقي بكراوي إلى جانب عدد من الضباط.
وخرجت تظاهرات في عدد من المدن السودانية احتجاجا على الانقلاب.
وروى محمد حسن، وهو من سكان مدينة بورتسودان في شرق البلاد لـ«فرانس برس» أن عشرات الشبان والشابات خرجوا في وسط مدينة بورتسودان يرفعون أعلام السودان ويهتفون: لا لحكم العسكر، مدنية مدنية، لا للانقلاب».
كذلك، أفادت أمال حسين من القضارف، في شرق البلاد عن «تجمع تلاميذ مدارس ومواطنين حملوا أوراقا كُتب عليها لا لحكم العسكر».
وتظاهر العشرات في مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، ضد الانقلاب.
«الترويكا» تدعم الانتقال
وسارعت دول «الترويكا» (بريطانيا والولايات المتحدة والنرويج) إلى إصدار بيان أكدت من خلاله «دعمها لعملية الانتقال في السودان» ودعت المدنيين والعسكريين لـ«العمل معا لدعم هذا الانتقال».
وقالت «تعرب دول الترويكا عن دعمها القوي لعملية الانتقال الديمقراطي للسودان، وترفض أي محاولات لعرقلة أو تعطيل جهود الشعب السوداني لأنشاء مستقبل ديمقراطي وسلمي ومزدهر».
وتابعت « يجب أن يعمل المكونان المدني والعسكري ـ وجميع الفاعلين السياسيين – معاً لمنع التهديدات التي تواجه الانتقال الديمقراطي، وإنشاء مؤسسات انتقالية، ومعالجة التوترات في الشرق والمناطق الأخرى».
وزادت «يجب على أولئك الذين يسعون لتقويض عملية الانتقال التي يقودها المدنيون أن يفهموا أن شركاء السودان الدوليين يقفون بحزم خلف شعب السودان وحكومته الانتقالية».
قطر تدين
كذلك أدانت قطر بـ«بأشد العبارات» محاولة الانقلاب الفاشلة.
واعتبر بيان للخارجية القطرية تلك المحاولة «استهدافاً لتطلعات وآمال الشعب السوداني في الانتقال الديمقراطي والحرية والسلام والعدالة».
- اقتباس :
«البعث» يرفض إقحامه… و«الشيوعي» يدعو لكشف الحقيقة… والترويكا تحث على حماية الانتقال
وجدد البيان «دعم دولة قطر الكامل للسودان وشعبه الشقيق من أجل الحفاظ على سيادته ووحدته وأمنه واستقراره».
فيما غرد عضو مجلس السيادة الطاهر حجر قائلا «هنالك جهات تسعى لإجهاض الثورة، وعرقلة الانتقال وظلت تعمل على ذلك ليل نهار، أي محاولة انقلاب في هذا التوقيت يعني عودة البلاد إلى مربع الحروب والعزلة واستمرار الوضع السابق، هذا ما نخشاه، وعلينا العمل سويا لقطع الطريق أمام كل متخاذل ومتهاون ومتعاون مع أعداء الثورة».
«يقظة ضد المؤامرات»
فيما أدان حزب «البعث العربي الاشتراكي» «التآمر على الانتقال» ومحاولات إقحام اسمه في المحاولة الانقلابية البائسة، داعيا «كافة جماهير الشعب لليقظة في مواجهة المؤامرات، التي تستهدف وحدة البلاد وسيادتها».
وقال في بيان له «مثلما كان متوقعا، من قبل قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، ومن قبل طلائع وقوى الانتفاضة والتغيير الممسكة بجمرة القضية، فقد أقدمت فلول النظام المقبور، على تنفيذ محاولة انقلابية، ظلت موضوع رصد الرأي العام لوقت غير قصير».
وتابع: «لم يكن مستغربا إقدام فلول النظام البائد على حماقة الانقلاب الفاشل، الذي نفذوه فجر الثلاثاء، بعد حراك واسع على طول البلاد وعرضها، تحت لافتات القبيلة والجهوية وتعطيل عجلة الاقتصاد، واحتجاجات فوضوية، وقد ترافق كل ذلك مع ترويج إعلامي وأكاذيب وتلفيقات كثيفة تحضر الرأي العام لحدوث انقلاب عسكري على السلطة الانتقالية».
وأضاف «بل إن تهيؤات وأكاذيب الانقلاب شملت إقحام حزب البعث العربي الاشتراكي، في التخطيط لتلك المحاولة الفاشلة وبإعادة لسيناريو انقلابهم المشؤوم في يونيو 1989».
وختم «كما توقع علي الريح السنهوري، قبل أكثر من أسبوع فشل أي محاولة انقلابية على الحكم الانتقالي بسرعة الضوء، فقد خاب فال الانقلابيين، وخاب مسعاهم، تلاحقهم لعنة الشعب، وطلائعه الثورية».
وأيضاً أصدرت أمانة الإعلام في حزب المؤتمر السوداني، بيانا جاء فيه «حملت الأنباء أنباء عن محاولة انقلابية فاشلة، تشير الدلائل والمعلومات الأولية أنها صنيعة ضباطٍ ينتمون للنظام البائد».
«حراس الانتقال»
وتابع البيان «نؤكد نحن في حزب المؤتمر السوداني أننا سنظل حراسا للانتقال الديمقراطي، ندافع عنه بالنواجز متخذين كافة الوسائل السلمية التي خبرتنا لعقود، في وجه إي محاولة لتقويض أركان الدولة والدستور عبر الانقلابات أو غيرها و سنقف بكل العزم اللازم ضد كل المؤامرات البائسة والهادفة لدفع عقارب الساعة إلى الوراء وإعادة إنتاج نظم الحكم الديكتاتورية المستبدة من جديد، والتي ظل شعبنا يرزح تحت وطأتها الشمولية العسكرية البغيضة لمدى إثنين وخمسين عاما من عمر دولته الفتية».
وأيضاً قالت الأمانة العامة لحزب الأمة (كان يرأسه الصادق المهدي) في بيان لها، إنه «استمراراً للمحاولات الانقلابية الفاشلة لإجهاض ثورتنا العظيمة أقدم فجر الثلاثاء عدد من ضباط القوات المسلحة من فلول النظام البائد على محاولةٍ انقلابيةٍ فاشلةٍ من أجل العودة بنا إلى عهد النظام المبائد».
وتابعت أن «حزب الأمة القومي يدين هذه المحاولة الفاشلة، ويؤكد لجماهير شعبنا العظيم أنه سيعمل على حماية ثورتنا المجيدة وحكومتنا الانتقالية بكل ما أوتينا من قوة وأن جماهيرنا الصامدة التي ضحت من أجل هذا التحول الديمقراطي ستقف سداً منيعا لحماية مشاريع الحق، ودحرالمتربصين بأمن وسلامة الوطن».
وأضاف البيان «نناشد جماهير شعبنا العظيم بدءاً من لجان المقاومة تروس الثورة الأشاوس والقوى السياسية والمدنية وكافة جماهير الشعب السوداني بأن ينتفضوا من أجل حماية مكتسبات الوطن».
«كشف الحقائق»
إلى ذلك، دعا الحزب الشيوعي إلى «ضرورة الكشف عن كل الحقائق المرتبطة بالمحاولة الانقلابية، واتخاذ إجراءات أكثر جدية لتفكيك ركائز النظام، خاصة في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وقوات الشرطة».
وقال في بيان باسم مكتبه السياسي «حاولت فلول النظام الديكتاتوري السابق والقوى المعادية للثورة داخل القوات المسلحة القيام بانقلاب عسكري لإجهاض ثورة ديسمبر وإغراق البلاد في حالة من الفوضى تقود إلى الانفلات الأمني الكامل والاستيلاء على ما أنجزه شعبنا في الفترة القصيرة الماضية».
وحسب الشيوعي «سبقت المحاولة الانقلابية الأخيرة عدة محاولات انقلابية، وتم الإعلان عن التحفظ على قادتها ولم يعلن عن أي محاكمات للجناة، وهذا ما يغري الآخرين للاستمرار بتكرار المؤامرات، خاصة وقد أصبح الإفلات من العقاب صفة دائمة وطبيعية».
وأضاف: «يأتي هذا الانقلاب مواصلة لانقلاب 11 إبريل/ نيسان، والسير في طريق الدائرة الشريرة. كما تأتي المحاولة الانقلابية الأخيرة في وقت تستمر فيه السلطة الحالية لوقف النضال الجماهيري الذي يستهدف تفكيك ركائز الرأسمالية الطفيلية وتصفية نظام الإنقاذ».
وطالب بـ«ضرورة الكشف عن كل الحقائق المرتبطة بالمحاولة الانقلابية الأخيرة، ونشرها للرأي العام، وتقديم الجناة إلى محاكم عادلة علنية».
كما طالب بـ«اتخاذ إجراءات أكثر جدية لتفكيك ركائز النظام خاصة في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وقوات الشرطة». كما حمل «المكون العسكري المسؤولية الكاملة جراء تقاعسه في تنفيذ ما جاء في الوثيقة الدستورية بإعادة هيكلة القوات المسلحة والترتيبات الأمنية لحل الميليشيات».
ودعا الحزب «المكون المدني لأن يتحمل كافة المسؤوليات وتنفيذ المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية بتكوين المفوضيات واستكمال هياكل السلطة وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات».