المربد
الدكتور صباح جمال الدين
[size=32]المربد[/size]
احبكَ ، بالقلب يا مربد بحبك ... أُلهِمتُ ما أنشدُ !
فمنك قرينيَ يوحي الي قديم القوافي ، وما جددوا
حنانيكَ يا قِبلةً للهوى وَيَا قبلةً ، نالها المُسعدُ !
وَيَا لحنَ حُبٍّ دواء القلوب وَيَا نغماً صاغهُ معبد*
احنُّ اليك حنين الفصيل ومثليَ للفضل لا يجحدُ
فأرضك فوق سماء البلاد وكل ربوعك لي مسجدُ
كأن اهاليك من جودهم يسيل بأيديهم العسجدُ
اتيتُ شباباً دعتني الطيوف بوعدٍ بشيخوختي أُسعدُ
دعتني الاساطيرُ آتي اليك سليمانُ وَالْجِنُّ والهدهدُ
اتيت ، ولا من قوافٍ لديَّ ولا من جناحٍ به اصعدُ
فأوحيت لي كيف لي ان أطير فجاءك من شعريَ الاجودُ
بناتك ... اول حب لدي ! وأول حبٍّ ، هو السرمدُ*
جمعنَ بقلبيْ قوافي الغرام فقام حفيَّاً بِيَ المربدُ
تمنيت اقضي حياتي لديك وابقى بعينيك لا أبعدُ
ولكن حظيَ حظّ القطا ! يطير ، يحط ، لَهُ صُيَّدُ
حظوظ البغاث صحاحُ العيون وحظيَ من عَمَهٍ ارمدُ*
تغربت ضيفاً بأرضِ كرامٍ من الغَربِ فالعُربُ ما أوقدوا
مواعيدهم خيرها خُلَّبٌ ! فإن واعدوكَ ، فقد أوعدوا
شبعتُ وعوداً بعشرٍ عجافٍ !!! قدورٌ كثارٌ ، ولا موقدُ
بيوتهمُ للعِدى مُشرعاتٌ فلما اتيت لهم ... أوصدوا
اتيتُ اليهم جَريحَ الفؤادِ فما ضيفوني ، ولا ضمدوا
سواكَ الذي قد وفا للحبيب بِسْم لي في رُباكَ الغدُ
فرندٌ ، فؤاديَ يا مربدي لسانيَ سيفُكَ ، لا يُغمدُ
فهلا اذا حانَ وقتُ الفراقِ تضمُّ عظامي متى ارقدُ ؟
أم إنَّ ترابَ بلادي كأهلي ام الحظ من نكدٍ أسودُ!
اتيتُ لأنسى همومي لديكَ وأنسى (العُريْبَ) وما رددوا
لعينيك ما سامني من أسى زماني وما فعل الحُسَّدُ
بيوتيَ ، من ألَقٍ فوقهم خلالَ ظلامهمُ ، فرقدُ ...!
فجدي لاُمِّيَ ، كان الخليلُ تُراثي ، موازينه الخُلَّدُ
وجدي لوالديَ المُصطفى سنا البرقِ اذ غيمهم يرعدُ
وماءُجبيني ، عزيزٌ عليَّ وأفنى اذا فاتني السؤددُ
كأن زمانيَ سيل السيولِ تَقَدَمَهُ ... زَبَدٌ مُربِدُ !!
وترسبُ فِيهِ كرامُ الكرامِ وتعلو بهِ جيفا ... أعْبُدُ*
فعدتُ اليكَ وأنتَ ملاذي دعتني اصولك والمحتِدُ
أُخلدُ شعريَ في ناظريكَ اليك وفيك ، بهِ أخلُدُ !!
سأُفضي اليكَ بجرحِ فؤادي ولست أُرائي اذا انقدُ
ذهبتُ أُركبُ جنحاً لحظي فيبقى لاهلي إذ أهمُدُ
فأُعطيتُ قبراً لدفن لساني وقبراً لما ابدعتهُ اليدُ !
فصار الجريضُ يهيجُ القريضَ لحظٍ مريضٍ ولا عُوَّدُ
----------
*معبد : المغني المشهور .
*السرمد : الخالد .
*أعْبُدُ : جمع عبد
القصيدة من وحي العربي ، الذي يشاء القدر ، ان يعمل في بلد (اعرابي) وبلده مغلق عنه !