لاثون حولا على إختفاء الإتحاد السوفيتي
سلام مسافر
ثلاثون حولا على إختفاء الإتحاد السوفيتي
حتى قبل ان يوقع أول،و آخر رئيس سوفيتي على كتاب التنحي، سارع بوريس يلتسين، فاوعز لآمر حرس الكرملين، بإنزال علم المنجل والمطرقة، ورفع علم روسيا القيصرية، ايذانا بانتهاء حقبة تواصلت منذ 30 كانون أول / ديسمبر 1922، ولغاية 26 من نفس الشهر عام 1991.
" لم نتوقع ان ينهار بهذه السرعة"، قالها جورج بوش الاب في الثالث من كانون ثاني يناير 1993 ؛ على مسامعنا، نحن الصحفيين، حين كان الرئيس الأميركي؛ يتجول في الساحة الحمراء الى جوار ضريح فلاديمير إيليتش اوليانوف ( لينين) المتوفى عام 1924، اثر نزيف حاد في الدماغ، اي بعد عامين من قيام اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية( СССР) وكنا نقرأ الاسم بلفظ الحروف اللاتينية، قبل ان نعرف ان الحروف الثلاث الاولى هي S اللاتينية، والاخير R مختصر Republic!
بعد مرور 30 عاما على انفراط عقد الجمهوريات السوفيتية، كشف استطلاع للراي ؛ ان كل خامس روسي من الشباب الذين تترواح اعمارهم بين 18-25 عاما، لم يتمكن من فك" شفرة" اسم الإتحاد السوفيتي، وان نسبة صغيرة ، تعرف أسماء البلدان التي انضوت تحت راية الاتحاد، بعلمه الاحمر القاني والمنجل والمطرقة.
*****
لم ينتظر يلتسين مع رئيسي أوكرانيا كرافتشوك، وبيلاروسيا شوشكيفيتش؛ طويلا بعد اجتماعهم، من وراء ظهر ميخائيل غورباتشوف،في منتجع ( بيلوفيجسكايا بوشا) في بيلاروسيا، يوم الثامن من كانون أول/ ديسمبر العام 1991؛ وعقدوا العزم على حل الاتحاد السوفيتي، وقيام ما سمي باتحاد الجمهوريات المستقلة، بعضوية روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا.
" لم يكن حينها في بار المنتجع غير قنينة كونياك واحدة، تقاسمناها برفع الانخاب احتفاء بحل الاتحاد وكنا ثمانية"!
يتذكر غينادي بوربولوس، أحد أبرز منظري انهاء النظام السوفيتي، وصار بعد الانهيار يلقب نفسه " سكرتير دولة" في استعارة عرجاء من النظام الإداري الاميركي.
" حين أبلغني يلتسين ،هاتفيا، سالته هل غورباتشوف يعلم بقراركم، اجاب بقوة لا ".
يقول نور سلطان نزارباييف رئيس جمهورية كازاخستان، الذي دعاه يلتسين للانضمام الى الكيان الجديد، فامتنع حين علم بان الامر دبر بليل، ضد غورباتشوف.
*****
جورج بوش الاب،في جولته المنتشية بالساحة الحمراء، رافقه عشرات الصحفيين الأميركان، أغلبيتهم يزور موسكو للمرة الأولى،وكانوا يلتقطون كل ما يرونه في الساحة التي كانت لدى الاحزاب الشيوعية العالمية وفي مقدمتها العربية، رمزا لشعلة الثورة.
انهمك صحفيو بوش بتسجيل حوارات سريعة مع المواطنين، القادمين من مدن روسيا المختلفة،تعلو وجوههم الدهشة، مِن رؤية زعيم الإمبريالية، يتبختر، على مسافة مرمى حجر من ضريح لينين.
*****
"الساحة الجميلة" هذا هو الاسم الحقيقي للساحة الحمراء، لان " كراسني" باللغة السلافية القديمة تعني الجميل، ويقولون عن عيد الفصح الأرثوذكسي " كراسنايا باسخا" اي فصح جميل.
ومثلما أعتقد شيوعيو العالم ان موسكو الثورية؛ ستبقى مصطبغة بالاحمر القاني، وان ساحتها" الحمراء" ستظل منارة ؛ فان جورج بوش، لم يتوقع يوما، ان القرميد الاحمر للساحة الجميلة، سيكون سهلا عند قدميه، وسيجد في الكرملين اهلا!
*****
جلس ميخائيل غورباتشوف؛ معتدلا، أمام الكاميرا التلفزيونية للقناة الاخبارية السوفيتية الوحيدة
" اوستانكينو"، يقرأ بصوت قوي،لا يرتعش بيان الاستقالة من منصب رئيس دولة لم تعد قائمة .
لم تظهر على ملامح أول زعيم سوفيتي، يتنحى عن السلطة، التاثر.
كان الخطاب معدا بعناية، خال من التفاصيل؛ التي لم تكن خافية على من تابع مسلسل الانهيار خلال الايام الثلاثة في
آب/ اغسطس 1991؛ بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، وانتهت بصعود يلتسين الخارق الى السلطة مع حفنة من الساسة الطارئين، عاثوا فسادا، بمصير الملايين.