بقلم : سلام الشماع
لكي لا نكون شعباً نساءً لا يذكر ما قيل أمس، شعباً لا يقرأ، وإذا قرأ لا يفقه، فعلينا أن نتذكر دائماً ونراجع ما قيل دائماً ونعتبر من كل كلمة قيلت، ونستثمرها لخدمة قضيتنا العراقية...!
عندما انتهت ولاية بول بريمر كحاكم مدني للعراق بعد احتلاله، وحل محله السفير الأمريكي في العراق (جون نيغرو بونتي)، وقبل التحاقه، كتب له مجموعة النصائح هذه، التي نشرتها صحيفة (الواشنطن بوست) الأمريكية بتاريخ 15 -12 – 2004 عن كيفية التعامل مع أفراد الحكومة العراقية التي نصبتها الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية، وإذا قرأنا هذه النصائح نجد كم كان بريمر دقيقاً في وصفه، إذ تبين أن ما توسمه فيهم كان صحيحا، ووقفنا على صحته جميعاً، وهو ما يجب أن يجعلنا مصممين على إزالة العملية السياسية المفروضة على العراق، لا على ترقيعها أو ترميمها أو تعديلها...!
نصح بول بريمرالي خلفه جون نيغرو بونتي بالآتي :
1 - إياك أن تثق بأيّ من هؤلاء الذين آويناهم وأطعمناهم، نصفهم كذابون، والنصف الآخر لصوص.
2 - محتالون لا يفصحون عما يريدون .. ويختبؤون وراء أقنعة مضللة.
3 - يتظاهرون بالطيبة واللياقة والبساطة، والورع والتقوى، وهم، في الحقيقة، على النقيض من ذلك تماما .. فالصفات الغالبة هي : الوضاعة والوقاحة وانعدام الحياء.
4 - احذر أن تغرنك قشرة الوداعة الناعمة فتحت جلد هذا الحمل، الذي يبدو حميمياً وأليفاً ستكتشف ذئباً مسعوراً، لا يتردد من قضم عظام أمه وأبيه، ووطنه الذي يأويه، وتذكر دائماً أن هؤلاء جميعاً سواء الذين تهافتوا على الفتات أم الذين التقطناهم من شوارع وطرقات العالم هم من المرتزقة ولاؤهم الأول والأوحد لأنفسهم.
5 - حاذقون في فن الاحتيال وماكرون كما الثعالب .. لأننا أيضا دربناهم على أن يكونوا مهرجين بألف وجه ووجه.
6 - يريدون منا أن لا نرحل عن العراق ويتمنون أن يتواجد جنودنا في كل شارع وحي وزقاق وأن نقيم القواعد العسكرية في كل مدينة وهم مستعدون أن يحولوا قصورهم ومزارعهم، التي اغتصبوها، إلى ثكنات دائمية لقواتنا، لأنها الضمانة العملية الوحيدة لاستمرارهم على رأس السلطة، وهي الوسيلة المتوفرة لبقائهم على قيد الحياة... لذلك تجد أن هذه الوجوه تمتلئ رعباً ويسكنها الخوف المميت لأنها تعيش هاجساً مرضياً هو (فوبيا انسحاب القوات الامريكية)، الذي لا ينفك عنها ليلاً ونهاراً. وقد أصبح التشبث ببقاء قواتنا أحد أبرز محاور السياسة الخارجية لجمهورية المنطقة الخضراء...
7 - يجيدون صناعة الكلام المزوق وضروب الثرثرة الجوفاء مما يجعل المتلقي في حيرة من أمره وهم في الاحوال كلها بلداء وثقلاء، ليس بوسع أحد منهم أن يحقق حضوراً حتى بين أوساط زملائه وأصحابه المقربين.
8 - فارغون فكرياً وفاشلون سياسياً .. لن تجد بين هؤلاء من يمتلك تصوراً مقبولاً عن حل لمشكلة أو بيان رأي يعتد به إلا أن يضع مزاجه الشخصي في المقام الأول تعبيراً مرضياً عن أنانية مفرطة أو حزبية بصرف النظر عن أي اعتبار وطني وموضوعي.
9 - يعلمون علم اليقين أنهم معزولون عن الشعب لا يحظون بأي تقدير أو اعتبار من المواطنين لأنهم منذ الأيام الأولى، التي تولوا فيها السلطة في مجلس الحكم الانتقالي الموقت أثبتوا أنهم ليسوا أكثر من مادة استعمالية وضيعة في سوق المراهنات الشخصية الرخيصة.
10 - يؤمنون أن الاحتيال على الناس ذكاء، وأن تسويف الوعود شطارة، والاستحواذ على أموال الغير واغتصاب ممتلكات المواطنين غنائم حرب، لذلك هم شرهون بإفراط تقودهم غرائزية وضيعة،
وستجد أن كبيرهم، كما صغيرهم، دجالون ومنافقون، المعمم الصعلوك .. ومدعي العلمانية المتبختر سواء بسواء، وشهيتهم مفتوحة على كل شيء، الأموال العامة والأطيان، واقتناء القصور، والعربدة المجنونة، يتهالكون على الصغائر والفتات بكل دناءة وامتهان...
وكان أخر نصيحة له لخلفه : وبالرغم من كل المحاذير والمخاوف فإياك أن تفرط بأي منهم لأنهم الأقرب إلى مشروعنا فكراً وسلوكاً، وضمانةً مؤكدة، لإنجاز مهماتنا في المرحلة الراهنة، وأن حاجتنا لخدماتهم طبقاً لاستراتيجية الولايات المتحدة، لازالت قائمة وقد تمتد إلى سنوات اخرى قبل أن يحين تاريخ انتهاء صلاحيتهم الافتراضية، بوصفهم (مادة استعمالية مؤقتة) لم يحن وقت رميها أو إهمالها بعد ....!
===========================