الحلبوسي يدفع ضريبة تحالفه مع الصدر والخروج عن طوع إيران!!
العرب/بغداد- قالت أوساط سياسية عراقية إن تلويح رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي بالانسحاب من العملية السياسية يأتي كرد فعل على نجاح رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في تأمين عودة قيادات سنية منافسة للحلبوسي وتهدد نفوذه داخل الطائفة، مشددة على أن رئيس البرلمان يدفع ضريبة تحالفه مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ووقوفه بوجه أجندة إيران في العراق.
وأشارت الأوساط السياسية العراقية إلى أن المالكي يحمّل الحلبوسي، الذي كان يعمل داخل المنظومة التي تسيطر عليها إيران، مسؤولية تمسك الصدر بتشكيل حكومة بعيدا عن أيّ دور للإطار التنسيقي، وهو ما قاد إلى شرخ كبير في المكون الشيعي يهدد سيطرته على العملية السياسية منذ انطلاقها بعد غزو 2003.
وأضافت أن المالكي، الذي توسط لتبرئة بعض القيادات السنية من تهم الإرهاب، وهي تهم وقف وراءها هو شخصيا، أراد أن يعيد الحلبوسي إلى حجمه الحقيقي وزعزعة نفوذه السني، خاصة أن صعوده السياسي كان نتيجة مباشرة للتهم القضائية التي طالت خصومه مثل وزير المالية السابق رافع العيساوي، أو علي حاتم السليمان أمير قبائل الديلم.
وتجنب الحلبوسي خلال تغريدة له على تويتر ربط تلويحه بالانسحاب من العملية السياسية بموضوع عودة خصومه في خطوة قال مراقبون إن هدفها إظهار أنه لم يتأثر بعودة أولئك الخصوم ومحاولة نقل النقاش إلى غياب الأمن وإلى أنشطة الحشد الشعبي التي تستهدف أنصاره.
ولوّح الحلبوسي، الثلاثاء، بالانسحاب من العملية السياسية بسبب “تحكم مسلحين خارجين عن القانون وعبثهم بأمن البلاد والعباد، ومحاولاتهم المستمرة لتغييب الدولة”، مضيفا أن “العمل السياسي تحكمه ثوابت وأخلاقيات، ولا يمكن أن يُصنف الاستهتار بأمن المواطنين، وإثارة الفتن بين أبناء الشعب تحت أيّ سبب كان على أنه مناورة أو ضغط سياسي”.
واعتبر الكاتب العراقي فاروق يوسف أن إعادة خصوم الحلبوسي إلى الحلبة السياسية تعتبر بمثابة ضربة تأديبية إيرانية، فالرجل ما كان له أن يحتل منصب رئيس مجلس النواب قبل أكثر من أربع سنوات إلا في سياق صفقة رعاها المالكي بنفسه وبإشراف إيراني. حتى أن البعض اعتبر الحلبوسي يومها واحدا من أهم رجال المالكي في المكون السني أو ما يُسمى بـ”سنة المالكي”.
وقال يوسف في تصريح لـ”العرب” إن “تحالف الحلبوسي مع الصدر ضد الأحزاب الشيعية الموالية لإيران اعتبر نوعا من نكران الجميل لذلك وجب تأديبه”، وهذا ما يعطي “دليلا جديدا على أن العملية السياسية في العراق لا يمكن أن تجري بطريقة سلسة إلا من خلال العودة إلى الراعي الإيراني الذي سيكون في إمكانه أن يُعيد الحلبوسي إلى حجمه باعتباره الحلقة الأضعف وسط منافسيه السنّة”.
وأضاف أن “زعزعة ثقة الحلبوسي بمنصبه تنطوي على رسالة تهديد إلى الصدر من جهة إمكانية انهيار جبهته في أيّ لحظة، نظرا إلى أن تحالفاته ستكون هشة ما دامت مبنية على فكرة إبعاد الأحزاب الموالية لإيران من السلطة ومن ثم حرمان إيران من موقع الشريك المفضل”.
ولم يستبعد الكاتب العراقي “أن تكون تلك الخطوة مجرد تلويحة غضب من أجل إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الانتخابات”.
وأعلن السليمان عن عودته المفاجئة في تغريدة له ضمن حسابه على تويتر قال فيها “بعدما عانت الأنبار من مشاريع التطرف والإرهاب وتحوّلت إلى مرحلة الهيمنة والدكتاتورية وتكميم الأفواه والفساد، نعلنها من بغداد أن هذه الأفعال ستواجه بردة فعل لن يتوقعها أصحاب مشاريع التطبيع والتقسيم ومن سرق حقوق المكون، وعلى من يدعي الزعامة أن يفهم هذه هي الفرصة الأخيرة”، في إشارة بدت موجهة أساسا إلى الحلبوسي.
وفي تغريدة ثانية له قال السليمان إنه لم يأت إلى بغداد تحت أي غطاء سياسي أو صفقة أو فضل من أحد كرد على الاتهامات التي ربطت عودته بمساعي المالكي للقصاص من الحلبوسي.
ويتعرض الحلبوسي لانتقادات واسعة بشأن حضّ الأجهزة الأمنية على ملاحقة كل من ينتقده في الأنبار، وقد اتهم النائب عن كتلة “الصادقون” علي تركي الجمالي قبل أيام رئيس مجلس النواب بانتهاج سياسة تكميم الأفواه وضرب الخصوم في المحافظة السنية الواقعة غرب العراق.
ويقول سياسيون ومراقبون عراقيون إن تسليط الضغوط على الحلبوسي هو مقدمة لتفكيك تحالف ‘إنقاذ وطن” وترك الصدر وحده خاصة في ظل العلاقة المميزة بين المكون الكردي وزعيمه مسعود بارزاني بإيران وأدواتها في العراق.
وأكد عضو تحالف الفتح علي الفتلاوي أن الصراع على المناصب والمصالح سيقود إلى انهيار التحالف القائم بين الحلبوسي والصدريين والحزب الديمقراطي الكردستاني، لافتا إلى أن كل حزب داخل هذا التحالف يسعى للحصول على مناصب الدرجات الخاصة وهو ما سيشعل صراعا يسبب انهيار ما يسمى بالتحالف الثلاثي.
ويتمسك زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر برفض التعاون مع الإطار التنسيقي، الذي يشكل المظلة السياسية للقوى الموالية لإيران، على التوصل إلى تسوية توافقية للأزمة السياسية في العراق. ويصر الصدر وحليفاه الحلبوسي وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني على الاستفراد بعملية تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس للبلاد.
ومع فشل جهوده في عقد جلسة برلمانية ثالثة بشأن انتخاب رئيس للجمهورية، ذهب الصدر بتوافق مع حليفيه إلى إلقاء المسؤولية على الإطار التنسيقي، ممهلا إياه أربعين يوما تنتهي بعد عطلة عيد الفطر، وكان الصدر يدرك أن الإطار لن يستطيع تحقيق أيّ اختراق دون التوافق معه، وبالتالي فإن كرة رعاية العملية السياسية ستعود إليه حتما، وهنا إما أن ينجح في ما يصبو إليه أو يدفع بخيار إجراء انتخابات جديدة.