استخدام الدرونات القتالية وتأثيرها في تطوير شكل الحرب
اللواء الركن علاء الدين حسين مكي خماس
استخدام الدرونات القتالية وتأثيرها في تطوير شكل الحرب
تمهيد
عندما ظهرت الطائرات المسيرة بدون طيار، والتي كانت تسمى في أول الأمر (UAV) وترجمتها الحرفية (مركبات جوية غير مأهولة)، كانت أولا حكراً على القوات المسلحة للدول الكبرى، لكنها لم تعد كذلك الآن حيث انتشر استعمالها بشكل كبير وشمل ذلك القوات غير النظامية كالعصاة والمجموعات المسلحة كالمليشيات شبه العسكرية وحتى العصابات، مما غير من شكل الحرب وطبيعة المعارك. علاوة على ذلك تبدلت التسمية إلى كلمة (درون) DRONE والتي تعني طائرة بدون طيار، وتم تبني المصطلح (درون) كمصطلح معرب للكلمة الإنجليزية.
والحق يقال فان الدرون ليس بالسلاح الجديد، بل أن الفكرة ظهرت اثناء الحرب العالمية الثانية والتي استعملها الألمان بما دُعي آنذاك بالقنبلة الطائرة والتي قصفت لندن بكثرة أعوام 1944 و1945 والتي كانت عبارة عن طائرة بدون طيار ( درون) محملة بالمتفجرات وتتوجه نحو هدفها ( لندن) بموجب مسار معد سلفا يحافظ على اتجاهه جهاز توجيه يعمل بالجايرو .
وبعد انتهاء الحرب ، تم استخدام الدرون غير المسلح لتدريب مدفعية مقاومة الطائرات على اسقاط الأهداف المحلقة بالجو ، بل وحتى تدريب الطائرات المقاتلة على اسقاط الأهداف المحلقة والتي تمثل الطائرات المعادية. الدرون غير المسلح لتدريب مدفعية مقاومة الطائرات نوع OQ-3وهو جاهز للانطلاق من فوق مزلقته وفي جيشنا العراقي ، كنا نمتلك مثل هذه الدرونات في بداية خمسينات القرن الماضي من النوع المبين بالشكل اعلاه ، حيث تم توريدها إلى الجيش ضمن صفقة تسليح الجيش التي عقدت قبيل وبعيد عقد معاهدة حلف بغداد ، والتي تم بموجبها تزويد الجيش آنذاك بمختلف أنواع الأسلحة مثل دبابات سنتورين العلامة 7 البريطانية الحديثة وأنواع من المدافع ومعدات الاتصال اللاسكي والهندسة والمدرعات، وكانت الخطط تشمل تزويد القوة الجوية العراقية بطائرات نفاثة أمريكية من احدث طراز انذاك وهي طائرة سيبر F-86 حيث وصلت النماذج الأولى منها إلى قاعدة الحبانية لتدريب الطيارين العراقيين عليها بفترة قصيرة قبل أحداث 14 تموز 1958 المأساوية في العراق ومقتل العائلة الملكية الهاشمية وإقامة النظام الجمهوري في العراق آنذاك ، فسحبت هذه الطائرة وفقد العراق ، ضمن ما فقده مصادر التسليح الغربي وصداقة المعسكر الغربي واتجه نحو المعسكر الشرقي. وليس هذا مجال بحثنا الآن. اذاً ففكرة الطائرات بدون طيار ( دورن) ليست بالجديدة.بقيت فكرة الدرون مستمرة ومتطورة بأشكال شتى مارسها هواة طيران نماذج الطائرات في جميع أنحاء العالم ومنها في عراقنا الحبيب في نادي فرناس الجوي، صورة لأمين سر النادي الكابتن سمير ساجت ولمسؤول نماذج الطائرات المسيرة في نادي فرناس الجوي في ثمانينيات القرن الماضي على مطار النادي بالقرب من بعقوبة وكذلك في التصنيع العسكري العراقي عندما بذلت مجهودات لتصنيع طائرات مسيرة بدون طيار. ولسنا هنا في مجال التوسع بوصف هذه الجهود لخروجها عن موضوع ورقتنا هذه. ولكن أقول إن فكرة الدرون توسعت كثيرا وانتشرت بتقدم التكنلوجيا وتطور وسائط السيطرة والتوجيه، فاستخدمت الدرونات في البداية لأغراض الاستطلاع والتصوير وتطورت بعدها للاستخدام لأغراض القتل والقتال سواء كان ذلك في ميدان المعركة أو خارجها. لعل أول من استخدم مثل هذه الدرونات للقتل والاغتيال الفردي هي إسرائيل في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ناهيك عن الولايات المتحدة الامريكية في استخداماتها القتالية المعروفة لهذه الدرونات في حروبها في أفغانستان والعراق وسوريا والقتال ضد داعش وغيرها. كما ان صناعة الدرونات القتالية انتشرت في الكثير من الدول فبرعت فيها دول كثيرة ولم تقتصر على الولايات المتحدة وحلفاؤها وإسرائيل، بل أصبحت الصين من الدول البارزة في هذه الصناعة، كذلك روسيا. ومن المثير للاهتمام أن ايران أيضا قد برعت في هذه الصناعة فصنعت العديد من الدرونات المسلحة وغير المسلحة تسلحت بها المليشيات التي تساندها ايران. وكذلك تركيا التي برعت في انتاج نموذج متطور من درونات القتال باسم (بيرقدار) بنماذج مختلفة، وقامت بتصديره بكثافة إلى الخارج ومنها أوكرانيا التي تستخدم بيرقدار في القتال ، ولعل آخر نجاح للسيد بيرقدار هو إغراق زورقي دورية روسيين في البحر الأسود بالقرب من جزيرة الثعبان يوم 2/5/ 2022 . درون بيرقدار التركي مع الحمولات التي يمكنه حملها والان والعالم يراقب الأحداث المثيرة لحرب روسيا ضد أوكرانيا، فقد برز دور الدرونات المقاتلة هناك بشكل واضح، وقد اطلعت مؤخراً على مقال يتناول هذا الموضوع وأحببت أن انقله للقارئ الكريم بتصرف، حيث جاء فيه:
غالبا ما يتأثر التاريخ العسكري وتاريخ الحروب بظهور سلاح معين يؤدي إلى وصف حروب العصر الذي تظهر به باسم ذلك السلاح مثلا القوس الطويل الذي استخدمه النبالون الإنكليز في العصور الوسطى والذي صبغ طبيعة الحرب آنذاك، او ظهور الدبابات الثقيلة في الحرب العالمية الثانية والتي أدت الى تطوير وتكثيف فاعلية الحرب حينها.
وهكذا اصبح المركبة الجوية بدون طيار (UAV) والمسماة بريديتور MQ1 Predator UAV السلاح المُتميز في فترة القتال ضد الحركات المسلحة والعصيان والتي شنتها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق وأماكن أخرى ، وقد تزامن ذلك مع فترة القطب الدولي الواحد والتي ظهرت بعد انتهاء الحرب الباردة حيث صارت الولايات المتحدة القوة الوحيدة في العالم من دون أي منافس وأصبحت القوة لعظمى المهيمنة على العالم.
وقد برزت الأهمية الفعلية لطائرات الدرون بعد ان تم تسليح طائرة درون (بريديتور) التي كانت قد انتتجت أصلا لأغراض الاستطلاع – بمقذوفة صاروخية من نوع هيل فاير Hell fire missile . بعد ذلك صنع الدرون المسمى ريبر Reaper ، الذي صمم خصيصا ليكون درون (صياد- مقاتل Hunter-Killer ) ويتميز بان مدى عمله اكبر بكثير من سابقه كما يمكنه حمل حمولة اكبر واثقل من الأعتدة والأسلحة. هذا ويلاحظ المرء أن التسمية التي أُطلقت على كل منهما تشير فعلا إلى الغاية التي صُنعت من أجلها. فمن المعروف أن الجنرال قاسم سليماني الذي قتل في بغداد بالقرب من المطار الدولي في شهر كانون ثان ، يناير، عام 2020 كان قد أُستهدف بواسطة درون نوع ريبر Reaper .
وكما هو معلوم ولفترة قصيرة فقط، احتكرت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل هذه المقدرة ، حيث تمتلك إسرائيل إمكانات صناعية متميزة لصناعة مثل هذه الدرونات القادرة على تنفذ مثل هذه العمليات . ويمكن ان نطلق على هذه المرحلة، مرحلة الجيل الأول من الدرونات القتالية. لكن الأمور سرعان ما تغيرت وبشكل دراماتيكي حيث ظهر جيل جديد من درونات القتال انتجته جهات متعددة جديدة، كما ان استعمال هذه الدرونات قد توسع من عمليات قتال العصابات والقطعات غير النظامية إلى المشاركة في عمليات الحرب النظامية التقليدية . ومن المؤكد ان المستقبل القريب سوف يرى الجيل الثالث من حرب درونات القتال بسبب التطور التكنلوجي الهائل والسريع والمقرون باستخدام الذكاء الصناعي Artificial intelligence
درون نوع ريبر الصياد- القاتل MQ-9 Hunter-Killer – Reaper مواصفاته- كاميرا رقمية وأجهزة استشعار في اسفل الجزء الامامي- زعنفة خلفية ( دفة) على شكل حرف V لضمان استقرارية التحليق- تحمل قنابر او مقذوفات ، موجهه بأجهزة GPS أو بالليزر- الطول 10.97 1م ( 36) قدم- ارتفاع 3.661م ( 12) قدم- امتداد الجناح ( الباع) 21.121متر ( 69) قدم- اقصى سرعة 463 كم/ ساعة ( 287) ميل / ساعة
حروب مقاومة التمرد والحروب المحلية
لقد لعبت ضربات الدرونات المسلحة أدوارا مهمة في الصراع الذي دار في اثيوبيا، مما ساعد في تعزيز موقف الحكومة الاثيوبية بوجه هجمات جبهة تحرير تيغراي الشعبية . . فقد قامت اثيوبيا بشراء درونات مسلحة من تركيا وايران ، كما قيل انها تمكنت أيضا من الحصول على الدرون الصيني المسمى ( wing Loong II) .
كما حصل المشير الليبي خليفة حفتر على هذه الدرونات الصينية المسلحة . والتي كان لاستعماله تاثيرات واضحة في معظم الأحيان ، مما ساعد الحكومة الليبية المعترف بها دوليا على الصمود. وفي الصراع الذي حصل في العام الماضي في إقليم ناغورنو قرةباغ كانت الدرونات التركية من نوع بيرقدار والتي استعملتها قوات اذربايجان عاملا مهما مكن القوات الاذرية من انتزاع الإقليم من قبضة أرمينيا .
حطام دبابة اثيوبية بعد اصابتها بمقذوفة اطلقت من درون مسلح . معضلات قانونية واخلاقية
ان استعمال الدرونات المسلحة غالبا ما يثير معاضل قانونية وأخلاقية عويصة. حيث أن درجة دقتها تعتمد على درجة دقة المعلومات الاستخبارية المتحصلة عن الأهداف المضروبة فكلما كانت المعلومات دقيقة ، كلما كان الهدف المضروب هو المقصود فعلا. هذا وقد فشلت جميع الجهود الدولية المبذولة حتى الآن للحد من استعمالها من خلال محاولات وضع اتفاقيات دولية للسيطرة على الاستخدام.
انتشار الدرونات ظاهرة ملحوظة
يبدو إن إنتاج واستخدام الدرونات ينتشر بسرعة كبيرة جدا في العالم، إذ أن هناك أكثر من 100 بلد أو مجموعة سياسية تمتلك الدرونات، وحصل العديد منها على درونات مسلحة. يقول الباحث بول شارر مدير البحوث في مركز الدراسات الأمنية لأمريكا الجديدة، يبدو إن انتشار هذه المنظومات أمر مكتوب له الاستمرار. فالصين تعتبر المصدر الأول في العالم للدرونات المسلحة، لكن صناعة الدرون او الحصول عليها لا تقتصر على الدول او القوى العسكرية الكبرى في العالم ، فالقوى المتوسطة لديها القدرة أيضا على الحصول على هذه الدرونات كتركيا مثلا او ايران اللتان تمتلكان القدرات والإمكانات التكنلوجية لتصنيع وبيع هذه المنظومات إلى باقي الدول . ويقول شيرر ان تكنولوجيا الدرونات التجارية منتشرة بدرجة يتمكن أي شخص من تصنيع درون بدائي بسيط لقاء بضع مئات من الدولارات، وهذا بالضبط ما تقوم به بعض الجماعات الإرهابية في العالم.
السلاح الجوي وقوات الدرون
ويجب ان لا يندهش المرء من ملاحظة التأثيرات الحاسمة لامتلاك الدرونات على إمكانات القوى والجماعات المسلحة، لأنها، تمكنها من الحصول على قوة جوية بكلفة زهيدة. فالدول او الجماعات السياسية التي لا تتمكن من ابتياع طائرات مقاتلة غالية الثمن، تتمكن من شراء الدرونات رخيصة التكلفة نسبيا. ويمضي فيقول وبالرغم من أن الدرونات لا تمتلك نفس قدرة الطائرات المقاتلة ، لكنها تتمكن من تزويد من يمتلكها بقدرة جوية وان كانت ضعيفة ، واذا ما أُدمجت إمكاناتها مع المتوفر من التكنولوجيا الرقمية التي تجعل من الممكن تنفيذ طلعات استطلاع علية الدقة وتنفيذ ضربات جوية دقيقة جدا ، فان الدرونات تصبح سلاحا فعالا وقاتلا بيد القوات البرية .
القيمة المستقبلية للدرونات
يعطي الاستخدام الحالي للدرونات في الصراعات الإقليمية والحروب الاهلية ، مؤشرات مهمة إلى قيمة الدرونات في حروب المستقبل .ففي الوقت الذي ركزت فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها على عمليات مكافحة العصيان ، نرى أن روسيا قد وظفت مساهمتها في العمليات في سوريا كميدان تجارب لأساليب استخدام الدرونات في العمليات الحربية وفي كيفية دمجها وتكاملها ضمن نظام معركة قواتها المسلحة . ويقول (صامؤيل بيندت) عضو برنامج الدراسات الروسية التابع لمركز التحليلات البحري الأمريكي " قامت قوات الدرون الروسية في سوريا بتنفيذ مهمات استطلاعية مهمة جداً، وتمرير معلومات الأهداف التي يتم تمييزها إلى مواقع المدفعية الروسية، ومواضع راجمات الصواريخ الأنبوبية المتعددة القواذف والطائرات المحلقة بالجو وتزويدها بالمعلومات الانية real-time بشكل مستمر ومتدفق حال ما يحصل عليها الدرون الاستطلاعي". ويتم الاستفادة من هذه المفاهيم والأفكار الان في إعادة صياغة أساليب قتال القوات الروسية حاليا وفي المستقبل من خلال تزويد القوات بصورة حقيقية وعلى مدى 24 ساعة عن ميدان المعركة كما يراها الدرون، وهذا امر لم يكن متوفرا للقادة الميدانيين الروس سابقا.
القتال في اوكرانيا
ان القتال في أوكرانيا الجاري حاليا والذي شاركت فيه نسبة كبيرة من قوات الجيش الروسي النظامي ، بالرغم من النفي الرسمي الروسي، قد أمن الحصول على نظرة مستقبلية واضحة عن الأساليب المستقبلية لاستخدام الدرونات في العمليات القتالية.
ويقول الباحث (بندت) تم إسقاط العديد من الدرونات الروسية في سماء أوكرانيا الشرقية، وان مهماتها الرئيسية مازالت الحصول على معلومات الاستخبارات والاستطلاع، علاوة على دورها المهم الآخر في مجال الحرب الالكترونية باستخدام درونات خاصة مصنوعة ومجهزة لهذا الغرض. ومن الجانب الآخر فان القوات الروسية العاملة في منطقة الدونباس شرقي أوكرانيا قد نجحت في استنباط الأساليب الجيدة في مقاومة الدرونات الأوكرانية سواء كانت تركية الصنع بيرقدار ام تلك التي زودتها بها الدول الغربية الاوربية وامريكا ، مما اطلق العنان للدراسات الميدانية والنظرية لاعادة النظر باساليب استخدام الدرونات ميدانيا.
القتال في الشرق الأوسط
تناقلت الاخبار يوم امس قيام إسرائيل باسقاط ثلاث درونات استطلاعية اطلقها جزب الله من لبنان باتجاه البحر نحو حقل الغاز المتنازع عليه، وتم ذلك بواسطة طائرة مقاتلة نوع F-16 حيث اسقطت واحدا بينما اسقطت الاثنان الاخران من قبل سفينة صواريخ تحمل صورايخ سطح –جو قصيرة المدى مخصصة لمقاومة الدرونات. وهذا يثبت ان الجهود الدفاعة قد بدأت تعطي اكلها لمقاومة عمليات الدرون سواء كانت مسلحة ام غير مسلحة .
الحرب الالكترونية
تُعّرَف الحرب الإلكترونية بأنها فن العثور على أماكن انفتاح قوات العدو بالاستفادة من خلال الاتصالات والإشارات الكهرومغناطيسية التي تبثها، ومن ثم حصارها وعزلها بواسطة أساليب الإعاقة الإلكترونية لمواصلاته Jamming . وفي هذا المجال فان روسيا قد تكون متخلفة نسبيا فيما يتعلق بتطور معداتها الإلكترونية ، لكنها متقدمة فعلا في مجالات تكامل الدرونات مع قواتها المقاتلة كما سبق وبينا . ان الدرونات العسكرية أصبحت الان مكون او جزء عضوي من تنظيم الوحدات المقاتلة الروسية. وقد اثبتت تجارب القتال في أوكرانيا نجاح هذا التنظيم في القتال عندما تم تمييز والتعرف بسرعة فائقة على هوية الوحدات المدرعة الأوكرانية المجابهة للقوات الروسية، ومن ثم إعاقة وإسكات مواصلاتها وقصفها بنيران مدفعية ثقيلة ومدمرة.
الاوكران والدرونات
ومن الجانب الآخر فان القوات الأوكرانية تمتلك درونات مختلفة الأنواع منها الخفيفة والصغيرة والتي هي اشبه بنماذج الطائرات المسيرة التي يتداولها هواة طيران النماذج وتستخدم لأغراض الاستطلاع، ومنها المسلحة نوع بيرقدار تركية الصنع والتي سبق لها واستخدمتها ضد القوات الانفصالية الموالية لروسيا في معارك إقليم دونباس. ويتم الان بموجب برامج المساعدات الامريكية والاطلسية لاوكرانيا تزويدها بدرونات اكبر حجما واثقل وزنا من كل من أمريكا وبريطانيا مثل درونات ريبر ، ودرون ريفن Raven
درون ريفن الأمريكي الذي زودت به أوكرانيا مؤخرا ودرون الشبح والمعروف بالدرون الانتحاري وهو درون ينطلق ليصيب الهدف وينفجر فيه ( فينتحر) مثله في ذلك مثل القنبلة الطائرة الألمانية التي اشرنا اليها في بداية هذا البحث. وبعيدا عن ميادين القتال قوية الشدة، فان الانفصاليون والعصاة والمليشيات المسلحة مستمرة في استخدام الدرونات المسلحة.
مقاومة الدرونات
وهنا يبرز سؤال منطقي ، اذا كنا نفهم مدى شدة واهمية التهديد الذي يمثله استخدام الدرونات المسلحة ، فلماذا يصعب التوصل الى أسلوب ناجع وملائم لمقاومتها؟
يقول الباحث ( شارر) إن معظم الدرونات المستخدمة هذا اليوم في الميدان ذات حجم اصغر بكثير عن حجم الطائرات المقاتلة ، لذا تحتاج الى نوع آخر من سلاح الدفاع الجوي للتعامل معها، فهي تحلق بسرعة ابطأ وبارتفاع أقل وقريب ممن الأرض ، وهذا يعني إن معظم منظومات الدفاع الجوي الحالية لا يمكن أن تتعامل معها بكفاءة عالية وإسقاطها. ويمضي فيقول إن الكثير من الدول تعمل بكل جد لصناعة أو تطوير منظومات وإجراءات مناسبة لمقاومة الدرونات. وبكل تأكيد فإننا سوف نحصل بعد وقت ليس بالطويل على منظومات اكثر فاعلية لمقاومة الدرونات ، وسنراها تنفتح في ميدان المعركة المستقبلية ضمن الوحدات المقاتلة لـتأمين الحماية القريبة لها . ومع ذلك فسيبقى هناك تحد خطير الا وهو مقاومة الهجمات المكثفة من قبل أسراب من الدرونات المحلقة سوية وبكثافة وهو أسلوب قد يلجأ اليهم مستخدم الدرونات الصغيرة ورخيصة الثمن، لاشباع الدفاعات الجوية والتمكن من الوصول الى الهدف المطلوب .
الأساليب المفضلة لاستخدام الدرونات للأغراض القتالية
أسلوب الهجوم بطريقة الطيران المكثف لاسراب الدرون ويسمى ( أسلوب السرب (Swarm method attack ، وهو أسلوب يتم تداوله على انه قد يكون احد أساليب الحرب المقبلة بالدرونات . وقد تم تطبيق ذلك فعلا في سوريا عام 2018عندما قامت قوات المعارضة السورية باتحليق 18 درون في وقت واحد ومهاجمة قاعدة القوات الروسية هناك . وبالرغم من ان 18 درون لايمكن اعتباره هجوم بأسلوب السرب لكنه بكل تأكيد هجوم درونات مكثف. وهذا يجلبنا الى ما يصفه السيد شارر بأسلوب الهجوم كسرب بانه لايتعلق فقط بعدد الدرونات المحلقة بنفس الوقت ، بل بالقدرة على التنسيق بين فعاليات الدرونات المحلقة بدون تدخل او توجيه من قبل الانسان . يمكن استخدام هجوم الدرون المكثف لأغراض الهجمات التشبيهية والهجمات متعددة الاتجاهات بطريقة تؤدي الى إشباع الدفاعات وإرباكها . ان هذا الأسلوب اذا ما تطور ومر عليه وقت مناسب لاكتساب المهارة في استخدامه قد يكون له تاثير كبير على سير الحرب او على تبديل طبيعتها. وهذا ما سوف تثبته الأيام والاستعمال المكثف للدرون في ميادين القتال الفعليه حاليا في العالم سواء كانت في حرب مستعرة نظامية او شبه نظامية كما في أوكرانيا ، ام في حرب لامتماثلة بين مليشيات مسلحة لاتنتمي لدولة او تخضع لها وبين قوة دولية منظمة كما هو الحال مثلا بين بين حزب الله وإسرائيل او بين فلول داعش والقوات العراقية المسلحة .
---------------
1-درونات جمع درون Drone وهو المصطلح الجديد الذي يستعمل في الادبيات العسكرية حاليا بدلا من مصطلح المركبات الجوية غير المأهولة UAV ( Unmand Aerial Vehechles)
2
https://www.bbc.com/news/world-60047328
Combat drones: We are in a new era of warfare - here's why