الكهرباء وفقدان معايير الجودة
سحبان فيصل محجوب *
الكهرباء وفقدان معايير الجودة
إن إرضاء الزبون بوساطة المحافظة على جودة المنتج الواصل اليه تعد من أهم الأسس الفاعلة في تحقيق التميز والنجاح في عمل المؤسسات الإنتاجية والخدمية كافة وهذا يرتبط بسلامة وكفاءة القنوات الموصلة … ينطبق هذا على خدمة الكهرباء تماما ً فشبكة نقل وتوزيع هذه الخدمة قدالقت بضعفها على المواصفات القياسية للكهرباء الواصلة الى منازل المواطنين ومرافق الحياة العامة المختلفة .
كما هو معروف عن صناعة وخدمة الكهرباء والتي يعتمد النجاح في عملها على سلسلة من الحلقات المترابطة ( الانتاج ، النقل ، التوزيع) ،تحتل هذه الحلقات في المنظومات الكهربائية ذات الكفاءة والوثوق العالي مستوى واحد من الاهتمام والتطوير لتعمل بنحو متوازي في اداء دورها المحدد في تجهيز الطاقة الكهربائية على وفق معايير الجودة والأمان المعتمدة .
يذهب البعض من المعنيين في إدارة المنظومة الكهربائية الى إعطاء الأولوية في الاهتمام لقطاع الإنتاج باعتباره الحلقة الاولى فيها والتي تحتاج الى تخصيصات مالية كبيرة مقارنة بقطاع النقل او التوزيع مع جهد فني متقدم في ضمان التشغيل المستمر لمحطات انتاج الكهرباء ،
وهنا يقع الخلل في بناء وتطوير عمل المنظومة الكهربائية على صعيد جوانبها كافة ، فالانتاج الوفير في محطات المصدر لا يعني شيئا أمام العجز عن نقله الى مراكز الاستهلاك ليتم توزيعه على المشتركين عبر شبكات قادرة على استيعاب ما يضخ فيها من كميات الطاقة المنتجة وبأقل نسبة من الضياعات .
بقيت معاناة المواطن العراقي من خدمة الكهرباء الرديئة ومنذ ان اصاب المنظومة الوطنية للكهرباء الخلل نتيجة للاضرار آلتي لحقت بمكوناتها نتيجة للعمليات العسكرية في العدوان المستمر على العراق وماتبع ذلك من قرارات الحصار الاقتصادي (١٩٩١ - ٢٠٠٣ ) ومع عجز الادارات المتعاقبة التي تولت قيادة قطاع الطاقة بعد سنة الاحتلال ٢٠٠٣ عن وضع الحلول الحاسمة لغلق ملف ازمة الكهرباء ولأسباب مختلفة وتتفاقم هذه المعاناة مع قدوم فصلي الشتاء والصيف من كل عام .
ان المعايير الاساسية في تقييم خدمات الكهرباء هي التجهيز المستمر للتيار الكهربائي دون انقطاعات مفاجئة غير مبرمجة وكذلك الاستقرار في قيمتي الفولتية والتردد في الحدود الامنة والتي يمكن السيطرة عليها بوساطة المراقبة الدقيقة من قبل مراكز التحكم بالاضافة الى الضبط الفني في عمل مناولات الحماية التي يتم تنصيبها في محطات التحويل والتوزيع المنتشرة على المساحات المخدومة بتزويد الكهرباء.
ان عدم الاكتراث في المحافظة على مؤشرات الجودة القياسية وتوفير شروطها إبتداءً من مرحلة الانتاج الى مرحلة النقل والتحويل وانتهاء بالحلقة القريبة الى المستهلكين ( التوزيع) يعني الاستمرار في حالة التردي التي تهدد راحة المواطن ملحقة به الكثير من الاضرار المادية والنفسية ، لذا فإن التخطيط السليم وتسخير الامكانات المادية والبشرية الفاعلة للحد من تداعيات سوء خدمة تجهيز الكهرباء هي احدى مفاتيح الحلول المتاحة لضمان إنجاز الترميم المتكامل للمنظومة الوطنية للكهرباء على وفق رؤية واضحة وشاملة للمتطلبات المستقبلية على ان تكون خاضعة لبرامج زمنية محددة يجري ضبطها بفعل ادارة مستقلة ونزيهة .
*مهندس استشاري