سياسيوالعراق وقصة خرفان بانوروج...
وداد البياتي
سياسيو العراق وقصة خراف بانوروج
كلما استذكر محنة العراقيين مع رجال السياسة اتألم كثيرا، وتكاد الحسرة تنفجر في صدري في كيفية اقتلاعهم من سدة الحكم وتخليص العراقيين من قبضة تلك الافة المميتة .الحقيقة المؤلمة ان بعض العراقيين وليس غالبيتهم قد ساهمةا في تدمير بلدهم وجعلوه يصل إلى حافة الهاوية، وكاأنه شعب تجرد من تأريخه الحضاري، ومن |أعرافة وتقاليده وسلوكه الأخلاقي متبعا خطى الدجاجيل ووعاظ السلاطين . بحيث جاءتنا زمرة متعطشة للمال والدم العراقي وجعلتنا نخسر كل شيء، بما فيها خسارة القيم السلوكية التي يفترض توريثها للأجيال القادمة. فتذكرت قصة الكاتب الفرنسي (فرانسوا رابلي) الرائعة بعنوان (خراف بانورج) ورغم انها قصيرة لكنها ذات معاني كبيرة.
القصة ( PANURGE)
) كان في رحلة بحريّة على متن سفينة، وكان من ركاب السفينة تاجر اغنام إسمه (دندونو) ومعه قطيع من الخراف المنقولة على ظهر السفينة لغرض بيعها. كان (دندونو) تاجرًا جشعا لا يعرف معنى الرحمة، وقد وصفه الأديب الكبير رابليه (Rabelais) بأنه يمثل أسوأ ما في هذا العصر وأعني فقدان الإنسانية.
حدث أن وقع شجار على سطح المركب بين (بانورج) والتاجر (دندونو) صمم على إثره (بانورج) أن ينتقم من التاجر الجشع، فقرر شراء الخروف الأكبر من التاجر بسعرٍ عالٍ وسط سعادة دوندونو بالصفقة الرابحة.
وفي مشهد غريب أمسك (بانورج) بكبير الخراف من قرنيه وسحبه بقوة إلى حافة السفينه ثم ألقى به إلى البحر، فما كان من أحد الخراف إلا أنْ تبع خطى الخروف الكبير الغريق ليلقى نفس المصير، ويلحقه الثاني، فالثالث، فالرابع والبقية على التوالي وسط ذهول التاجر وصدمته. ثم اصطفت الخراف الباقية في طابور طويل لتمارس دورها في القفز من كل الإتجاهات.
جُن جنون تاجر الأغنام (دندونو)، وهو يحاول منع القطيع من القفز بالماء، لكنّ محاولاته كلها باءت بالفشل ، فقد كان إعتقاد الخراف بما يفعلونه على قدر من الرسوخ والثبات أكبر من أن يُقاوم.
وبدافع قوي من الجشع اندفع (دندونو) للإمساك بآخر الخراف الأحياء أملاً في إنقاذه من المصير المحتوم، إلّا أن الخروف كان مصراً على الانسياق وراء بقية الخراف، فكان أنْ سقط كلاهما في الماء ليموتا معا غرقا.
من هذه القصة المعبرة صار تعبير خرفان بانورج (moutons de Panurge) مصطلحا شائعا في اللغة الفرنسية، ويعني إنسياق الجماعة بلا وعي أو إرادة وراء آراء أو أفعال الآخرين.
وبذلك نكون قد خسرنا الخيط وخرفان بانورجمعا.