نوري المالكي يقطع الطريق أمام أي مساع لإجراء انتخابات مبكرة في العراق
يعمل زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي على وضع العراقيل أمام أي خطوات تقود إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، ولا يتوانى في ذلك عن صد أي محاولات من داخل الإطار التنسيقي لملاقاة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في المنتصف.
العرب/بغداد - تراجع الزخم السياسي الحاصل في العراق حول مبادرة لعقد لقاء بين ممثلين عن الإطار التنسيقي، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وائتلاف السيادة السني، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، للاتفاق على تفاصيل مرحلة انتقالية تمهد لانتخابات تشريعية مبكرة.
وتقول أوساط سياسية عراقية إن الفريق الذي يقوده زعيم ائتلاف دولة القانون رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، نجح في عرقلة جهود عقد هذه القمة الرباعية التي كان من المفترض أن تجري في منطقة الحنانة التابعة لمحافظة النجف جنوب البلاد.
وتوضح الأوساط أن المالكي يعارض بشدة الذهاب في انتخابات مبكرة، خشية تكبده خسارة قاسية تخرجه من دائرة التأثير في المعادلة العراقية، وهو يلتقي في هواجسه مع عدد من القوى بينها قوى حليفة للتيار الصدري نفسه، على غرار زعيم حزب تقدم رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، الذي كان قد حقق في الانتخابات الماضية انتصارا لافتا، لكن من غير الوارد أن يتكرر له ذلك على ضوء الانتقادات التي تلاحقه في المحافظات السنية.
ورفض المالكي بشدة القبول بإعادة النظر في ترشيح القيادي في حزب الدعوة محمد شياع السوداني لمنصب رئاسة الوزراء، يدعمه في ذلك كل من زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي وزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم.
وكان زعيم تحالف الفتح هادي العامري يأمل في سحب ترشيح الوزير الأسبق السوادني كـ”بادرة حسن نية” يقدمها الإطار للصدر لإنجاح فرص عقد اللقاء والتوصل إلى تسوية تنهي الانسداد السياسي الحالي.
وتقول الأوساط السياسية إن تمسك المالكي بالسوداني لا يأتي من منطلق الحرص على ترشيح الأخير بل لإجهاض أي فرصة للتسوية مع زعيم التيار الصدري، حيث يدرك رئيس الوزراء الأسبق أن الأخير لن يقبل بالمطلق ملاقاة الإطار التنسيقي في المنتصف طالما بقي السوداني هو المرشح لمنصب رئاسة الحكومة.
ولم تقتصر مساعي المالكي على حشد الدعم داخل الإطار للسوداني، لا بل إنه أوعز للأخير بالتحرك من أجل الترويج لبرنامجه الانتخابي لدى الكتل النيابية، التي وجد بعضها نفسه في إحراج كبير بعد لقاء مرشح الإطار لرئاسة الوزراء على غرار حركة امتداد المنبثقة عن “ثورة تشرين”.
واضطرت حركة امتداد إلى فصل نائبها حميد الشبلاوي، على خلفية الضجة التي أثارها حضوره في اجتماع للسوداني بنواب في البرلمان العراقي، وأكدت الحركة لاحقا أنها لم توجه أيا من نوابها لحضور الاجتماع، وأن النائب اتخذ قراره بصفة شخصية ولا يمثل الحركة بمشاركته في الاجتماع.
وأقدم محتجون الخميس الماضي على مهاجمة مكتب حركة امتداد في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار. وبحسب مقاطع فيديو جرى تداولها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد عمد المحتجون الغاضبون إلى إخراج محتويات المكتب وأضرموا النار فيها بعد ما كتبوا على الجدران داخل بناية المكتب عبارة “امتداد لا تمثل تشرين”.
ووجه بعض المشاركين في التحرك الاحتجاجي رسالة إلى الأمين العام للحركة علاء الركابي “أنت الذي جئت بهؤلاء البرلمانيين الممثلين لاحتجاجات تشرين وللشعب العراقي لكنهم أناس خونة يجب عليك التبرؤ منهم لأن جزءاً منهم اتضح أنه مع الإطار التنسيقي، والجزء الآخر مع التيار الصدري”.
وأضاف المشاركون أن “أي شخص سارق ومتسلق على أكتاف الشعب واحتجاجات تشرين نتبرأ منه”. وخاطب المحتجون الركابي قائلين “عليك التبرؤ من النائب حميد الشبلاوي”.
ويقول مراقبون إن ردود الفعل المسجلة على مشاركة نائب في امتداد في اجتماع للسوداني من شأنها أن تؤثر على جهود الفريق الذي يقوده المالكي لكسب دعم الكتل النيابية، وفرض ترتيبات للمرحلة المقبلة تقصي الصدر نهائيا، حيث أن تلك الكتل ستفكر أكثر من مرة قبل السير في هذا الخيار الذي سيكلفها أنصارها.
ويشير المراقبون إلى أن محاولات المالكي تفويت فرصة نجاح المبادرة التي يدعمها جزء من الإطار التنسيقي والتي تستند على ملاقاة الصدر في المنتصف من شأنها أن تطيل أمد الجمود في العراق، بما لا يخدم أيا من الأطراف.
وقال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الجمعة إنه سيدعو إلى جولة ثالثة من الحوار الوطني، لحل الأزمة السياسية في البلاد.
جاء ذلك في حوار مع قناة “العراقية الإخبارية” (رسمية)، على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة 77 للأمم المتحدة، المنعقدة في نيويورك. وأوضح الكاظمي “سأدعو إلى جولة ثالثة من الحوار الوطني لحل مشكلاتنا ولا سبيل لدينا سوى الحوار”.
وأضاف “لدينا فرصة لبناء العراق وعلى الجميع تحمل المسؤوليات تجاه ذلك”. وتابع “أطلب من القوى السياسية تحمل مسؤولياتها التاريخية تجاه العراق والاستفادة من فرص الحوار الوطني”.
ودعا الكاظمي “جميع الأطراف التي لديها خلافات معه إلى تصفيتها بعيداً عن مصالح الشعب”.
وفي الخامس من سبتمبر انتهت الجلسة الثانية للحوار الوطني، والتي قاطعها التيار الصدري إلى تشكيل “فريق فني” من القوى السياسية لمناقشة وجهات النظر بغية الوصول إلى انتخابات مبكرة.
وحالت خلافات بين تحالفي التيار الصدري (شيعي) والإطار التنسيقي (شيعي مقرب من إيران) دون تشكيل حكومة منذ إجراء الانتخابات التشريعية الأخيرة في العاشر من أكتوبر الماضي.
وازداد الوضع تأزّما بعد قرار الصدر بالانسحاب من العملية السياسية في يونيو الماضي واختياره التصعيد في الشارع، الأمر الذي كاد أن يجر البلاد إلى حرب أهلية.
ويقول متابعون إن المشكلة في العراق تتمثل في وجود فريقين ممثلين في الصدر والمالكي يرفض أي منهما التنازل، مشيرين إلى أن دعوة الكاظمي لعقد جلسة حوار جديدة لن تؤتي أكلها طالما يقاطعها التيار الصدري، كما أن رفض المالكي إفساح المجال أمام باقي القوى لإقناع التيار بتسوية منطقية تقود إلى استكمال الاستحقاقات الدستورية، وتمهد لانتخابات جديدة، لا يسهل جهود الحل.
وشدد الحزب الديمقراطي الكردستاني الأربعاء على ضرورة إجراء حوار مع التيار الصدري لعقد جلسة لمجلس النواب، مشيرا إلى ثقل التيار داخل وخارج المجلس.
وقال النائب عن الحزب صباح صبحي لوكالة “شفق نيوز” المحلية، إن الحزب الديمقراطي الكردستاني مُصر على الفكرة الأساسية وهي أن انعقاد أي جلسة لمجلس النواب يحتاج إلى حوار مع التيار الصدري.
وأشار إلى أن استئناف جلسات مجلس النواب يحتاج إلى استقرار سياسي واتفاق مع التيار الصدري، لافتا إلى أن الصدريين كانوا يشكلون 73 مقعداً ولهم ثقل كبير وقوي سواء داخل البرلمان أو خارجه.
وأكد أنه لا يوجد موعد محدد لانعقاد جلسات مجلس النواب، مضيفاً “نحن نأمل في أن يتم التوصل إلى اتفاق سياسي من أجل وضع خارطة طريق وإعادة استئناف جلسات المجلس”.
والبرلمان العراقي معطل منذ أغسطس الماضي.