زيارة لضريح مناضل
زيارة لضريح مناضل
منذ زيارة الاخيرة الى اقليم كوردستان عام 2019 وثم انقطاعي لسنتين متتاليتين بسبب الكورنا وانا افكر زيارة ضريح القائد المرحوم ملا مصطفى برزاني( طيب الله ثراه). قبل ايام وصلت اربيل عاصمة الاقليم وكنت خططت ان يكون ضمن منهج أعمالي زيارة قبر المرحوم ملا مصطفى
نعم توجهنا بسيارتين الى ناحية برزان والتي تبعد عن مركز محافظة اربيل ب 140 كيلو متر .
ناحية بارزان
برزان هي أحد النواحي التابعة لقضاء مرگهسور، على نهر الزاب الكبير، في محافظة أربيل في العراق الواقع على المثلث الحدودي بين العراق وتركيا وإيران.
وهي مسقط رأس الشيخ أحمد بارزاني والزعيم الكردي مصطفى بارزاني. طوال الطريق كنت افكر بكيفية مكان الضريح وياترى بأية ابهة حيث انواع المرمر الأيطالي و اجود انواع المفروشات و الأضوية والثريات و الحراسة المشددة غيرها!!. ولكن الفرضيات و التحليلات شىء والواقع شىء اخر قد تكون العكس تماما. وصلنا الى هناك شاهدنا عدد من السيارات و الزوار ومن حق الجميع الدخول عدى شرط واحد بالنسبة للنساء لابد ان تتحجب بشكل بسيط والمرأة التي لا تحمل معها هنالك كشك بأمكانها ان تطلب غطاء للرأس ومجاني وبعدها تحتفظ بها لنفسها!.
ادينا الزيارة بقرأة سورة الفاتحة والتقاط عدد من الصور التذكارية.
وشاهدت العجب بأم عيني ضريح هذا القائد الكبير ونجله ادريس مدفونان حالهم حال اي فقير حيث مجرد تراب و وحولهما سور بسيط من الحجر لاغير. ولكن هناك تصميم جميل ومنسق للمجع حيث حدائق وابنية مرتبة للوفود مع ارضية مغطاة بالاحجار و اماكن للاستراحة.
في الجهة المقابلة للمجمع هنالك مكان لأستراحة الزوار في قاعة انيقة ويقدمون للجميع الماء والشاي و القهوة. وبعدها تناول غداء كضيافة حيث قاعة جميلة.
تناولنا الشاي والقهوة وعدنا وكانت خطتنا تناول السمك في منطقة ريزان والتي تبعد 20 كيلو متر عن بارزان والواقعة على نهر زاب الكبير. فعلا كانت وجبة لذيذة مع الشاي المهيل.
في الجهة المقابلة هنالك مجمع سياحي حيث فندق بخمسة نجوم و مطعم كبير و مناظر جميلة مع وجود قوارب في النهر للتنزه بأسعار زهيدة. حقيقة كانت سفرة ناجحة وجميلة وقضينا نهار الجمعة الى المغرب وفي العودة كانت محطتنا الاخيرة مدينة شقلاوة حيث انواع المطاعم والكافتريات و محلات الملابس والهدايا.
ووجدت من المناسب أن يطلع القارىء على نظرة سريعة عن حياة الملا مصطفى قد تكون مفيدة للاجيال الحالية والقادمة حيث له تاريخ نضال طويل :
فمن هو الملا مصطفى البارزاني
بارزاني في سطور
مصطفى شيخ محمد بارزاني، ولد في الـ14 من آذار/ مارس عام 1904، في قرية بارزان بإقليم كوردستان، أعتقل برفقة والدته لمدة 9 أشهر وهو في السنة الثالثة من عمره، خلال حملة للعثمانيين، بعد أعتقال شقيقه الأكبر عبدالسلام.
ينتمي الملا مصطفى بارزاني الى عائلة دينية، تقلد الطريقة النقشبندية حيث تجسد فيهم بعض الصفات القبائلية والعشائرية في ذلك الوقت وكلهم كانوا يمتلكون الأفكار العصرية الخاصة بهم وبعد ذلك وبالتحديد في بدايات القرن العشرين تكونت لديهم الأفكار السياسية وعملوا بهذه الأفكار .شارك بارزاني في ثورة الشيخ محمود الحفيد عام 1919، ويُكلّف بقيادة قوة مؤلفة من 300 مقاتل، ثم يتم ايفاده من قبل الشيخ أحمد بارزاني إلى الشيخ سعيد بيران في كوردستان الشمالية (كوردستان تركيا)، بهدف التنسيق مع الثورة التي كان قد اشعلها.وخلال الثورات الكوردية 1931- 1932، وبهدف الدفاع عن محاور (ميركةسور – شيروان) , قاد قوة كبيرة ,لمحالربة الأنكليز , وذاع سيطهُ آنذاك كقائد عسكري ذو حنكة وخبرة.وفي عام 1932 , شنت الحكومة العراقية الملكية آنذاك , وبدعم بريطاني حملة عسكرية على القوات الكوردية التي كان يقودها شقيقه الشيخ أحمد بارزاني , وقد أستلم قيادتها ملا مصطفى بارزاني عقب أعتقال الشيخ أحمد وبدأ باعادة تنظيمها .وبعد عام, أصدرت الحكومة العراقية عفواً عاماً لقوات البيشمركة والعائلة البارزانية , ولهذا تم وقف العمليات العسكرية من قبل البيشمركة من 1936 حتى 1943.وأستؤنفت الحركة الكوردية ونضال البيشمركايتي بقيادة الملا مصطفى بارزاني مرة أخرى عام 1943.
الحرب العالمية الثانية
وخلال الحرب العالمية الثانية , أستطاع ملا مصطفى بارزاني أن يستغل أوضاع الحرب العالمية والأنقلاب الذي قاده آنذاك , بكر صدقي على الحكومة العراقية , لصالح القضية الكوردية , ويعود إلى مسقط رأسه في منطقة بارزان , وقطع كل العلاقات مع الحكومة العراقية الضعيفة في ذلك الحين , ورفض دعواتها بوقف نضاله المسلح.
وأستمرت الحكومة العراقية في المساومة , إلى أن تمكن ملا مصطفى من فرض كل مطالب الكورد في ذلك الحين .حيث أستلم عدد من الضباط الكورد إدارة المنطقة بأشراف من وزير كوردي , وكان الوزير الكوردي والضباط يتلقون أوامرهم من ملا مصطفى بارزاني , كما تمت ألاستفادة من الخبرة العسكرية لهؤلاء الضباط , وتم تقوية المنطقة وتشكيل قوة من البيشمركة قوامها 2500 مقاتل ,الأمر الذي أدى إلى فقدان حكومة بغداد سيطرتها على المنطقة .لكن بعد عام ونصف تمكنت الحكومة العراقية , من حشد قوة كبيرة , لتعيد شن هجوم على منطقة بارزان وأندلعت معارك عنيفة خلال شهر آب /اغسطس ،وسبتمبر/أيلول ،حتى مطلع تشرين الأول/أكتوبر من عام 1945 ،وأبدت خلالها قوات البيشمركة مقاومة شرسة , وأنسحبت لاحقاً إلى منطقة (كاني رش) على الحدود التركية .وبعد اخماد انتفاضة بارزان
وتمكنت السلطات من حجز الشيخ أحمد وإخوته وآخرين ونفيهم إلى بغداد فالديوانية فالتون كوبري فكفري فالسليمانية وظلوا هناك تحت المراقبة حتى عام 1943 حيث تمكن الملا مصطفى بارزاني من الرحيل الى السليمانية بمساعدة حزب هيوا في يوم 12/7/1943 فتوجه نحو كوردستان ايران بزي رجل ديني.
المكافأة الثمينة:
حينما علمت الحكومة العراقية بهروب بارزاني من السليمانية خصصت جائزة ثمينة مقدارها (50,000) خمسين ألف دينار لمن يلقي القبض عليه ويقدمه حيا أو ميتا للحكومة العراقية ومن الظريف في هذه الإثناء وصل بارزاني إلى كورستان إيران و كان ضيفا عند المدعو (مامند آغا) وجالسا في الديوان و حين جاء احد الاشخاص و لم يعرف شخص البارزاني فطلب من ( مامند أغا ) أن لا تفوته فرصة ألقاء القبض على البارزاني لنيل الجائزة فغضب (مامند) ورد عليه قائلا (اِنه لعار على من يفكر بهذا النطق المغزي واِن الذي يلقي القبض على بارزاني لم تلده أمه بعد) .
نيله رتبة جنرال وتوليه قيادة قوات جمهورية كوردستان
في الـ 15 من أغسطس/آب 1945 , تم اعلان تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني من ايران ، وبعد فترة قصيرة انتشر و وصل صوت الحزب الى مناطق كوردستان , وتم أيصال وتوزيع العديد من المنشورات على فئات الشعب الكوردي, الأمر الذي أدى بالحكومة العراقية إلى البدء بأعتقال أعضاء الحزب .
وفي الـ 22 من يناير/ كانون الثاني من عام 1946 , وخلال مراسيم اعلان جمهورية كوردستان في مهاباد بكوردستان الشرقية (كوردستان إيران) , تم تعيين ملا مصطفى بارزاني الذي كان واقفاً على يمين القاضي محمد، قائداً لجيش جمهورية كوردستان , و منح رتبة "جنرال" .
وفي عام 1945 , وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية , وأنسحاب روسيا من إيران , وانتهاء جمهورية مهاباد , اندلعت المعارك بين القوات الأيرانية والقوات التي كان يقودها ملا مصطفى بارزاني . وبعد مقاومة عنيفة , تمكنت القوات الكوردية من الوصول إلى المناطق الحدودية للإتحاد السوفياتي آنذاك , والبقاء في هذه البلاد مدة 12 عاماً .وأستقر ملا مصطفى بارزاني بدايةً في أذربيجان وأوزبكستان , ثم تم نقله فيما بعد إلى موسكو , ودرس هناك اللغة الروسية والعلوم العسكرية , والأقتصادية , وعاد إلى العراق في الـ 26 من تشرين الأول/أكتوبر من عام 1958 , وذلك عقب ثورة الـ 14 من تموز وتولي عبد الكريم قاسم السلطة في العراق وأعلانه النظام الجمهوري، وقد استقبل بحفاوة بالغة،لكن وبسبب عدم وفاء حكومة عبد الكريم قاسم بوعودها للكورد , وشن الحرب عليهم , أعلن ملا مصطفى بارزاني في ايلول 1961 الثورة ضد سلطات بغداد , وأستمرت حتى الـ 11 من آذار/ مارس من عام 1970 .
اتفاقية آذار
في عام 1968 , وقع الأنقلاب الثاني للبعثيين , وبدأ ملا مصطفى بارزاني والحكومة بالمفاوضات التي نجم عنها أتفاق عام 1970 , الذي تضمن بنوده وفقراته مشاركة الكورد في حكم العراق , واعتبار اللغة الكوردية لغة رسمية في المؤسسات التعليمية , بالاضافة الى تطبيق الحكم الذاتي في كوردستان وحكم الكورد لمناطقهم، إلا أن الحكومة العراقية تنصلت من تلك الأتفاقية , وأتفقت لاحقاً مع إيران على معاداة الكورد , ووقعتا أتفاقية الجزائر عام 1975 .
نجاته من محاولة اغتيال
وفي يوم الأربعاء , الـ 29 من أيلول عام 1971 , وقعت محاولة لأغتيال ملا مصطفى بارزاني ، ويشير المؤرخ العراقي , سيف الدوري بهذا الصدد، إلى أنه " في الـ 29 من سبتمبر/ أيلول 1970 وبعد عام ونصف من توقيع أتفاقية أذار بين الكورد والحكومة العراقية آنذاك , حاول مدير الامن العام العراقي , ناظم كزار , إغتيال ملا مصطفى بارزاني , إلا أن محاولته باءت بالفشل ".
وجرت المحاولة عن طريق وفد مؤلف من 10 من رجال الدين , أنطلقوا من بغداد في زيارة لبارزاني , بهدف التوسط وأيقاف الحرب بين الثوار الكورد والجيش العراقي ، و وصل الوفد إلى مقر قيادة الثورة عند الساعة 4:45 دقيقة مساءاً في منطقة حاجي عمران , بسيارتين .
ويشير الباحث العراقي، إلى أن :" ناظم كزاز , سلم أحد أعضاء الوفد , جهازاً تسجيل صوت , قائلاً له بأن قيادة حزب البعث تريد سماع المباحثات مع بارزاني , طالباً منه أن يجلس امام ملا مصطفى بارزاني , وعندما يبدء بالحديث , يضغط هو على زر التسجيل لتسجل مايقول, وعندما بدأ بارزاني بالحديث دوى أنفجار قوى وتصاعدت ألسنة الدخان, وأسفر الأنفجار عن تكسير زجاج النوافد " ، وفشلت المحاولة .
المرض والوفاة
وبعد عام 1975 , تعرض ملا مصطفى بارزاني للمرض , وتوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية بهدف العلاج , إلا أنه توفي هناك عام 1979. ونقل جثمانه إلى كوردستان الشرقية , ووري الثرى مؤقتاً في منطقة شنو , وعقب أنتفاضة آذار اُعيد جثمانه إلى منطقة بارزان في مراسيم مهيبة.وقد تحول مزاره الآن بمنطقة بارزان، الى مكان يزوره كل عام في ذكرى رحيله الوطنيون الكورد من كل مناطق كوردستان كتقليد سنوي . كما يزور الطلاب، الاساتذة، المثقفون، البيشمركة،النساء،وكل شرائح مجتمع كوردستان.
وختاما :
لابد أن يعرف الجيل الحالي والقادم قصة مختصرة عن مناضل عاش بعقود وسياسات مختلفة في التناقض سواء على المستوى السياسي والأجتماعي
[size=32]جلال چرمگا [/size]
[size=32]رئيس التحرير[/size]
[size=32]------------[/size]
[size=32]عدد من صور الزيارة[/size]
[size=32]
[/size]
[size=32]
[/size]
[size=32]
[/size]
[size=32]
[/size]
[size=32]
[/size]
[size=32]
[/size]
[size=32]
[/size]