تابع وفد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لليوم الثاني على التوالي جولته التفتيشية لقطر بغية تكوين فكرة واضحة عن مدى استعداد الدولة الشرق أوسطية لاستضافة كأس العالم عام 2022، وذلك لرفع تقريره النهائي إلى اللجنة التنفيذية التي ستختار بدورها البلد الفائز بشرف تنظيم النهائيات.
وفي إطار جولته قام وفد الفيفا بزيارة شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري التي تملكها الحكومة القطرية، حيث استمع بدقة إلى شرح القيمين على الشركة حول خطط التطوير والنهوض بالبنى التحتية بالإضافة إلى مشاريع بناء شبكات نقل عامة متطورة.
مدينة لوسيل
وتحدث السيد مجدي يوسف المدير العام لمجمع لوسيل الإداري بإسهاب عن مشروع بناء مدينة لوسيل وأبدى الوفد إعجابه بحجم المدينة وبعدد الوحدات السكنية بالإضافة إلى موقعها الإستراتيجي الذي يخول قاصديها الوصول إليها عبر البحر عن طريق "التاكسي المائي" الذي من شأنه تخفيض الازدحام المروري والتلوث، إضافةً إلى وفرة الأماكن الترفيهية التي تتميز بها والتي تعتبر مطلباً أساسياً بالنسبة للفيفا في حال حظيت قطر بشرف التنظيم.
إلى جانب زيارة اللجنة التفتيشية لشركة الديار القطرية قامت لجنة ملف قطر 2022 بتنظيم زيارة خاصة للوفود الإعلامية الأجنبية والعربية والمحلية.
وتحدث يوسف عن مساحة مدينة لوسيل المستقبلية التي تتضمن وحدات سكنية ومكاتب عمل وحدائق ومرافق عامة والتي تمتد لمسافة 8 كلم على الواجهة البحرية وتبلغ مساحتها الإجمالية 37 ألف كلم مربع تتضمن مراسي للمراكب السياحية بالإضافة إلى العديد من القنوات المائية.
وتنتشر في مدينة لوسيل التي تقسم إلى 19 منطقة سكنية وتجارية خمس جزر سياحية، علماً أنها تستوعب 200 ألف ساكن وتصل قدرة استيعابها إلى 80 ألف زائر يومياً.
وأكد يوسف أن جميع الملاعب والفنادق والنوادي الرياضية داخل مدينة لوسيل تتطابق مع مواصفات الفيفا.
والجدير ذكره أن المدينة فيها 350 برج وتضم أيضاً مدارس ومستشفى بالإضافة إلى مدينة إعلامية.
ومن المتوقع انتهاء المرحلة الأولى من الأعمال نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول 2011، أما مجمل المشروع فيتوقع انتهاء تشييده بحلول العام 2020.
مشروع سكك الحديد القطرية
واستمع الوفد أيضاً إلى شرح مدير مشروع سكك الحديد القطرية الذي تحدث عن إنشاء قطار سريع يربط قطر بالبحرين وبالسعودية بالإضافة إلى قطار نقل يربط جميع مدن قطر ببعضها البعض وجميع المراكز المهمة والإستراتيجية إلى جانب ربط الملاعب ببعضها البعض .
وأكد أنه وفي حال فوز قطر بشرف الاستضافة فإن المشروع سينتهي بحلول عام 2021 أما في حال عدم التوفيق فسيكون تاريخ الانتهاء عام 2026.
وسيكون المشروع الذي يبدأ العمل به ابتداءً من السنة المقبلة معلماً من معالم قطر الحضارية.
ويمكن للقطار نقل 270 ألف شخص في اليوم مما سينعكس إيجاباً على الحركة المرورية وبالتالي يخفف انبعاث ثاني أوكسيد الكربون ويساهم في تشجيع حركة النقل العام.
وتبلغ سرعة القطار داخل قطر 80 كلم بالساعة بينما تصل إلى 220 كلم/س بين قطر والسعودية أما بين قطر والبحرين فستبلغ سرعة القطار 350 كلم/س.
وسيكون للقطار 108 محطات ستتوزع مستقبلاً حسب الاحتياجات، وتتفرع منه 4 خطوط (أزرق وأحمر وأخضر وأصفر).
الطاقة الشمسية لتبريد الملاعب
وكانت لجنة ملف قطر 2022 قد قدمت عرضاً لوفد الفيفا حول تكنولوجيا وتقنيات التبريد الصديقة للبيئة.
ومن أجل ذلك تم بناء نموذج ملعب خاص تحاكي تكنولوجيا تبريده الواقع، ويعمل هذا النموذج على الطاقة الشمسية الصديقة للبيئة.
وقد دهش وفد الفيفا بمدى استعداد قطر للذهاب بعيداً في سبيل استضافة كأس العالم.
وبالفعل فقد أظهرت قطر أن عامل الطقس وارتفاع درجات الحرارة يمكن التغلب عليها بقوة الإرادة والتخطيط وهي التي استطاعت تحويل "نقمة" أشعة الشمس المرتفعة إلى نعمة بحيث سيتم استخدامها كمصدر طاقة لتبريد الملاعب وإنتاج الكهرباء.
وأكد ياسر عبدالله الجمال المدير التقني لملف قطر 2022، أن بلاده وجدت حلولاً لمعضلة الطقس الحار في المنطقة من اجل تأمين استضافة ناجحة، مشيراً إلى أن نجاح الملف القطري في نيل شرف تنظيم الحدث العالمي سيرسخ تماماً شعار الاتحاد الدولي للعبة "من أجل اللعبة، من اجل العالم".
وكشف الجمال: "لدينا حالياً ملاعب مكيفة تم تجربتها بنجاح، وسنقوم ببناء ملاعب أخرى، كما إننا في صدد دراسة بعض الحلول الأخرى التي بإمكانها أن تساهم في حل هذه المعضلة من خلال تطوير قطر لتكنولوجيات حديثة غير مؤثرة على البيئة لصالح تأمين الأجواء المثلى لجميع متابعي كأس العالم ميدانيا على الأراضي القطرية".
المتحف الإسلامي
ومساءً زار وفد الفيفا المتحف الإسلامي القطري أكبر متحف إسلامي في العالم والذي يضم 800 قطعة أثرية.
ويقع المتحف الذي صممه الأمريكي من أصل صيني يوه مينغ باي والذي صمم أيضاً هرم اللوفر في فرنسا على بعد 60 متراً من كورنيش الدوحة على جزيرة اصطناعية خصصت له.
ويضم المتحف الذي يتألف من خمسة طوابق 800 قطعة فنية وأثرية جمعت من ثلاث قارات بما فيها بلدان من الشرق الأوسط وإسبانيا والهند تعود إلى حقبة ما بين القرن السابع ميلادي والقرن التاسع عشر.
وتمثل هذه القطع التنوع الذي يتسم به الفن الإسلامي وتضم كتباً ومخطوطات وأعمالاً من السيراميك والمعادن والزجاج والعاج والأنسجة والخشب والأحجار الكريمة والقطع النقدية المصنوعة من الفضة والنحاس والبرونز.
ويعود أقدم هذه القطع إلى ما قبل الإسلام وأحدثها إلى العهد الصفوي (1502-1736) مروراً بالعصرين الأموي والعباسي.
وقد ساهم وجود هذا المتحف الفريد من نوعه بالمنطقة في جعل الدوحة عاصمة للثقافة في الشرق الأوسط.
يذكر أن لجنة الفيفا التفتيشية تتألف من هارولد مايني نيكولاس ويورغن مولر ودايفيد فولير وجوليو أفيلار وولفغانغ إيشلر وداني جوردان.
وتعمل لجنة ملف قطر 2022 على إنجاح الزيارة وإظهار أوجه التميز في الملف القطري وتحرص على الكبيرة والصغيرة لإقناع أعضاء لجنة التفتيش بخصوصية الملف وتكامله من جميع النواحي الفنية والمادية.
وبناءً لتعليمات الفيفا الصارمة، فإن لجنة التفتيش ممنوعة من الإدلاء بالتصريحات والحوارات الخاصة باستثناء اللقاء الصحافي الذي عقد في اليوم الأول، وتختتم اللجنة زيارتها بمؤتمر صحافي لرئيسها، لذلك تفرض قيوداً على عمل الإعلاميين خلال الزيارة حرصاً على سرية التقارير المرفوعة لأعضاء المكتب التنفيذي للفيفا.
هذا وتملك دولة قطر خبرة كبيرة في تنظيم الأحداث الرياضية الكبرى حيث نظمت كأس العالم للشباب عام 1995، وأفضل دورة العاب آسيوية في التاريخ عام 2006، كما أنها ستحتضن كأس آسيا ودورة الألعاب العربية عام 2011، بالإضافة إلى العديد من البطولات العالمية مثل ماسترز السيدات، وإحدى مراحل بطولة العالم للدراجات النارية، كما أنها نظمت بطولة العالم لألعاب القوى داخل الصالات في آذار/مارس الماضي.
وتعتبر دولة قطر أحد أكبر خمسة أنظمة اقتصادية متزايدة النمو في العالم ونتيجة لذلك تقوم الدوحة ببناء مرافق أساسية قيمتها أكثر من مئة مليار دولار أميركي ينتهي العمل بها عام 2012.
وتخطط الدوحة لان تكون المركز الأكاديمي والمركز الرياضي وكذلك المركز السياحي الرئيسي لمنطقة الشرق الأوسط ولتحقيق هذه الرؤية تقوم بزيادة مرافقها السكنية والفندقية بطريقة ملحوظة.
وقدمت قطر في منتصف آذار/مارس 2009 ملفها رسمياً لاستضافة مونديال 2022، وسيعلن الاتحاد الدولي اسم الدولة الفائزة بملف احتضان النسختين المقبلتين لكأس العالم عامي 2018 و2022 في توقيت واحد في الثاني من كانون الأول/ديسمبر 2010.
يذكر أن الدول التي أعلنت رغبتها في استضافة كأس العالم هي بالإضافة إلى قطر: إنكلترا وأستراليا والولايات المتحدة وأندونيسيا واليابان وروسيا وكوريا الجنوبية، فضلاً عن ملفين مشتركين، الأول لبلجيكا وهولندا والثاني لإسبانيا والبرتغال.