الكاردينال لويس ساكو: أنا لست موظفاً عند رئيس الجمهورية
رووداو ديجيتال:خص بطريريك كنيسة الكلدان الكاثوليك في العالم، الكاردينال مار لويس روفائيل الأول ساكو، شبكة رووداو بحديث هو الأول من نوعه منذ أزمة سحب رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد المرسوم الجمهوري المتعلق به.
وحسب مديرة مكتبه، الدكتورة إخلاص، فإن "الكاردينال لم يتحدث لأية وسيلة إعلامية قبلكم، واكتفى بإصدار بعض البيانات الصحافية نشرت في موقعنا".
وكان رئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد، قد اصدرمرسوماً جمهورياً بسحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013، الخاص بتعيين البطريرك لويس ساكو، بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم، ومتولياً على أوقافها.
ونشرت الوقائع العراقية في عددها (4727) الصادر في (3 تموز 2023)، المرسوم الجمهوري رقم (31) القاضي بسحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013 الخاص بالكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو.
في حديثه الخاص لرووداو، اليوم الثلاثاء، (11 تموز 2023)، عبر نيافة الكاردينال مار لويس ساكو عن استغرابه لإصدار رئيس الجمهورية هذا المرسوم، وقال: "هذا شيء غريب كثيراً.. فخامة الرئيس كان كبير مستشاري مام جلال، رئيس الجمهورية الأسبق جلال طالباني، عندما أصدر هذا المرسوم الذي سحبه بنفسه اليوم"، موضحاً ان "هذا المرسوم مجرد عرف معنوي وقديم جداً منذ العصر العباسي والعثمانيين مرورا بالعدين الملكي والجمهوري في العراق، حيث كان يصدر فرمان من السلطان العثماني او مرسوم ملكي او جمهوري فيما بعد، وهو إجراء تقليدي معنوي فأنا ليس موظفاً عند رئيس الجمهورية"، مضيفاً "هذا العرف، وأعني المرسوم الجمهوري او الملكي، معمول به في سوريا ولبنان والأردن ومصر".
ونبه الكاردينال لويس ساكو قائلا: "انا عندي مرسوم من بابا الفاتيكان، البابا فرنسيس، وانا أكبر شخصية دينية مسيحية تمثل الكلدان في العالم وليس في العراق أو الشرق الأوسط فحسب وليس رئيس كنيسة الكلدان الكاثوليك في العالم فقط، بل انا كاردينال أهم شخصية دينية بعد البابا ويحق لي الترشيح على الكرسي البابوي وخوض الانتخابات لمنصب البابا.. انا كاردينال كل الكلدان في العالم، على الأقل كان على فخامة رئيس الجمهورية احترام مرسوم البابا."
وعن الاسباب التي دفعت الرئيس لطيف رشيد لاتخاذ هذا القرار، قال نيافة الكاردينال لويس ساكو: "فخامة الرئيس اعتمد على شائعات غير صحيحة على الإطلاق واعتمد على فيلم (فيديو) مفبرك يتحدث عن قيامي ببيع كنيسة في قرية (كربليس) وهي تابعة لنا وحولتها الى مول (يضحك ساخراً) القرية صغيرة جداً وفيها 400 عائلة وبضعة دكاكين صغيرة. كيف يعني ابيع الكنيسة وأحولها الى مول في تلك القرية الصغيرة للغاية؟ و(منين) عندهم مول وماذا يفعلون بالمول، هذا اضافة الى امور اخرى."
وأوضح نيافته قائلاً: "إن سحب المرسوم الجمهوري لا يؤثر عليّ شخصياً بشيء ولكن تاثيره خطير على المسيحيين في العراق، فقد خلق حالات من الرعب والقلق عندهم وبدأوا يفكرون بالهجرة من العراق حتى ان غالبيتهم يتصلون بنا ونحن نطمئنهم، هذا بالاضافة الى الإهانة للديانة المسيحية". وتسائل نيافته قائلا: "هل هناك اكثر من هذه الإهانة؟ ثم لماذا يجردني انا ولا يسحب المراسيم من الاخرين؟ هذا شي غريب."
وعما يعتقده من أسباب لاصدار رئيس الجمهورية هذا المرسوم، قال نيافة الكاردينال لويس ساكو: "الدافع الرئيسي ليست منه، رئيس الجمهورية، فهو انسان طيب هناك جهة سياسية هي التي دفعته لاصدار مرسوم سحب المرسوم السابق وتريد ان تستحوذ على المسيحيين ومقدراتهم وأملاكهم وأوقافهم وهذا واضح.. وهي ليست جهة كنسية ولا تستطيع ان تأخذ مكاني على الإطلاق وما (أطيق اسميها) لاسباب معروفة."، مشيرا الى ان "كل الكنائس الكلدانية تابعة لنا، ففي وسط العراق يوجد 80% من المسيحيين الكلدان وفي اقليم كوردستان 95% منهم وكذلك في البصرة".
ونفى نيافة الكاردينال لويس ساكو ان يكون قد تعرض لأي تهديدات، وقال: "لم يهددني احد.. من يهددني انا لا اخاف اي تهديد ابدا..انا ادافع عن كل المظلومين ان كانوا مسيحيين او مسلمين او غيرهم سواء كانوا عرب او كورد او تركمان (هذا عيب) يجب ان ندافع كلنا عن بعضنا (شنو) هذه الاخلاق؟ انا ما افتهمها هذا لا يجوز.. هل هذه هي الأخلاق؟ واحد يبني وواحد يسوق دعايات مفبركة ويأتي بناس ويعطيهم فلوس (نقود) حتى يشوهون سمعتي وسمعة غيري مع ان الجميع يعرفون مدى نزاهتي؟ انا لم ولن آخذ فلساً واحداً من اية جهة او شخص وهذا معروف عني، حتى الوزير سركيس آغاجان كان قد قدم هدايا للكنائس وانا لم اقبل ان اخذ اي شيء، واذكر ان مام جلال الحّ كثيرا علينا ان نأخذ هدايا وأموال لصالح الكنائس ورفضت بشدة قلت له مازحاً: (نحن رهبان وانت راح تخرب اخلاقنا) وضحك."
وذكر نيافته معاتباً "كتبت 3 رسائل الى فخامة رئيس الجمهورية ولم يرد على اي منها، كل ما فعله اصدار تصريح لكنه ليس هو الحل.. ربما التاثيرات منعته فانا لا اعرف موقفه الصريح، انا كنت قد التقيته مرتين واكرر هو ورجل طيب، لكنه للاسف لم يتراجع حتى الان عن مرسومه غير الواضح ولا اعرف لماذا بالذات انا هناك اشخاص عندهم مرسوم مثلي. لكن ما هو واضح لي وللاخرين هو ان هذه الجهة السياسية التي دفعت باتجاه سحب المرسوم الجمهوري تضغط لأني اقف بوجههم باصرار لمنعهم مصادرة مقدرات المكون المسيحي واموالهم واملاكهم."
وعن الشخصيات التي دعمته في موقفه ضد المرسوم الجمهوري، قال نيافة الكاردينا لويس ساكو:"هناك الكثير من الشخصيات الإسلامية، مثل المرجع السيد حسين اسماعيل الصدر وغيره من الشخصيات السياسية وغير السياسية المرموقة تكتب وتتصل دعما لنا وتحدثوا مع الرئيس وقالوا انه ما يزال يفكر وسياسيا أشكر واقدر الموقف المساند لقيادة اقليم كوردستان، وهو موقف مؤيد وداعم جدا وقد عرقت من جهات قريبة لقيادة اقليم كوردستان بانها مستاءة من هذا التصرف."
وكان رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد قال في بيان إن "وسائل الإعلام تداولت ما جاء في العدد (4727) من الوقائع العراقية الصادر في (3 تموز 2023) والمتضمن المرسوم الجمهوري رقم (31) القاضي بسحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013 الخاص بالكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو".
وأضاف رئيس الجمهورية "وإذ نؤكد أن سحب المرسوم الجمهوري ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني للكاردينال لويس ساكو كونه معيناً من قبل الكرسي البابوي بطريرك للكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، لكن سحب المرسوم جاء لتصحيح وضع دستوري إذ صدر المرسوم رقم (147) لسنة 2013 دون سند دستوري أو قانوني فضلاً عن مطالبة رؤساء كنائس وطوائف أخرى بإصدار مراسيم جمهورية مماثلة ودون سند دستوري".
واكد رئيس الجمهورية في بيانه أن "البطريرك لويس ساكو يحظى باحترام وتقدير رئاسة الجمهورية باعتباره بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم".
علق نيافة الكاردينال لويس ساكو على هذا البيان قائلا: "ماذا يعني التصحيح.. هذا نوع من الغطاء للتصرف وتبرير لأمر لا يبرر (شنو يعني التصحيح).. أكرر انا لست موظفاً عنده والمرسوم معنوي."
يذكر ان مار لويس روفائيل الأول ساكو، هو بطريرك للكلدان الكاثوليك منذ شباط 2013. ولد في مدينة زاخو في تموز 1948، وسمي كاهناً في أبرشية الموصل الكلدانية في عام 1974 وحصل على شهادة الدكتوراه من الجامعة البابوية في روما عام 1983، وماجستير في الفقه الإسلامي سنة 1984، كما حاز لاحقاً على شهادة دكتوراه من جامعة السوربورن سنة 1986. انتخب مطراناً على أبرشية كركوك في عام 2002، وسيم على هذا المنصب العام التالي. تم انتخابه بطريركا على الكنيسة الكلدانية في سينودس الكنيسة بروما خلفاً للبطريرك المستقيل عمانوئيل الثالث دلي في (1 شباط 2013). وتم تعيينه عضوا في المجلس الاقتصادي الفاتيكاني في (4 كانون الأول 2022).
وحاز لويس ساكو على عدة أوسمة وتشريفات منها وسام الدفاع عن الإيمان من إيطاليا، ووسام باكس كريستي الدولية ووسام القديس إسطيفان عن حقوق الإنسان من ألمانيا. كما ألف ونشر ما يزيد عن 200 مقال و20 كتاباً في مجالات اللاهوت والدين.