بعد حوالي 10 دقائق انفتح باب مكتبها من جديد وخرجت كرستينا مرتدية فستاناً في غاية الاناقة من تصميمها فنظرت اليهما وقالت، (ڤاموس) بمعناى هيا بنا.
رجع الثلاثة الى مركز الشرطة فادخلها انس حجرة التحقيق بينما راحت تريزا تترصد لمجريات الاستجواب في الحجرة المجاورة وتتابعه من خلال المرآت ذات الاتجاه الواحد. جلست كرستينا على الكرسي وجلس انس امامها فبدأ حديثه،
انس : جئنا بك اليوم لنستفسر عن بعض الامور بما يخص حياتك الخاصة.
كرستينا : حياتي الخاصة؟ حياتي انا...؟ لماذا؟ هل صرت محط شبهة؟ ايعقل ذلك؟ هل نسيت ان المقتول هو جدي؟
انس : نحن نريد معرفة بعض المعلومات وحسب.
كرستينا : انا اعلم انكم حضرتم الى مكتبي واخذتم بعض المستندات المالية من هناك في غيابي. كيكي هو الذي اخبرني بذلك عبر الهاتف وقتها.
انس : انسة كرستينا، لماذا لم تخبرينا عن زيارتك للفلبين؟
كرستينا : انا لم اكذب عليكم ابداً. اخبرتكم من قبل بانني اتنقل بالكثير من العواصم.
انس : وهل تمكثين سنة كاملة بتلك العواصم؟
كرستينا : آه، انت تتحدث عن مكوثي الطويل بمانيلا. اليس كذلك؟
انس : اجل.
كرستينا : ذهبت الى هناك بعد ان اقترح علي شريكي كيكي الذهاب والاستمتاع باجازة طويلة الامد خاصة وانه لا يمانع من البقاء وحده بمدريد والاهتمام بشؤون الشركة.
انس : وما هو الشيء الذي فعلتيه هناك؟
كرستينا : كنت اتنزه كثيراً ومارست التسوق والسباحة وبعض الرياضات الاخرى لابقي على نشاطي.
انس : اي نوع من الرياضات؟
كرستينا : قلت لك رياضات يا محقق انس. ما الامر؟ هل تنوه الى شيء معين؟
انس : كنت امل ان تخبريني بنفسك.
كرستينا : آه تقصد (الكالي) اليس كذلك؟ يبدو انك توصلت الى ممارستي لفن قتال الكالي.
انس : لم اتوصل الى تلك المعلومة وحسب بل التقينا انا والمحققة تريزا بمدربتك السيدة ديگنا.
كرستينا : وهل اخبرتكم بانني تفوقت بدورتها؟
انس : اجل ونعلم كذلك انك حصلت على مستوى الفهد بالشارة البنية على القميص والخنجر الفولاذي ذو المقبض البني.
كرستينا : يا الهي، هل يعقل انك تشك بقتلي لجدي وتقول اني استخدمت الكالي ضده؟ لا اصدق ذلك. انت مخطئ تماماً.
انس : لماذا تعلمت فن الكالي إذاً؟ ولماذا صرفت عاماً كاملاً بالفلبين تاركة ورائك اشغالك وتصاميمك؟ ولماذا جعلت شخصاً تافهاً مثل كيكي يدير اعمالك؟
كرستينا : يبدو انك لا تعرف علاقتي بكيكي لذلك تتحدث عنه بهذه الطريقة المبتذلة.
انس : إذاً حدثيني انت عنه ودعي الامور تكون اكثر وضوحاً لانك الآن بوضع لا تحسدين عليه ابداً. فالادلة كلها ضدك وهي تشير الى انك انت من قتل المجني عليه جدك.
كرستينا : كيف اقتل جدي؟ ايعقل ذلك؟ هل جننت يا محقق انس؟ حسناً، ساخبرك عنه ولكن بالبداية اريد فنجان قهوة لو سمحت.
بهذه الاثناء انفتح باب الحجرة ودخلت المحققة تريزا تحمل صينية عليها ثلاثة اكواب فخارية كبيرة من القهوة مرسومٌ عليها شعار شرطة مدريد. اعطت واحداً لكرستينا وواحداً لانس ثم جلست تترشف من الثالث كي تتابع افادة كرستينا فسمعتها تقول،
كرستينا : ان اسم كيكي الحقيقي هو كوستا. وكما تعلمون فإن جدي كان رجلاً ثرياً يملك مزرعة ابقار كبيرة وكان لديه الكثير من العاملين فيها. وفي احدى زياراته الى اليونان شاهد طفلاً صغيراً جاء اليه ليتسول منه رغيف خبز لانه كان جائعاً ويريد ان يأكل. كان ذلك في جزيرة (كوس). اثار منظره استعطافه فسأل جدي عليه، قالوا انه طفلٌ يتيم الابوين ولم يقبل احد من اهل الجزيرة ان يتبناه. كان عمر كوستا وقتها ثلاثة اعوام فقط. لذلك اجرى جدي مباحثات مطولة مع السلطات هناك فوافقوا على ان يتبناه ويتخذه ولداً. وبعد ان اتم جميع الاجراءات الرسمية. منحه جدي لقب العائلة فصار اسمه كوستا كوردوبا وحينها اصبح اخاً لامي بالتبني. لكن عمر كوستا في ذلك الحين كان مقارباً لسني لذلك تربينا ببيت جدي بالمزرعة كالاخوين. وعندما وصلنا سن البلوغ، لاحظ الجميع على كوستا ميولاً نحو الذكور واصبحت حركاته وتصرفاته انثوية. تلك التصرفات كانت تغضب جدي إذ كان يؤنبه كثيراً لانه كان يريده ان يخشوشن ويصبح رجلاً شديد البأس، لكن دون جدوى. بقي الحال على ما هو عليه حتى تطور الامر إذ صار جدي يضربه ضرباً مبرحاً ويحرمه من الطعام لايام طويلة الا ان كيكي كان يكيد جدي بان يعطيه تلميحات وحركات انثوية تثير غضبه اكثر واكثر فيستعمل معه المزيد من القسوة والمزيد من التجويع والحبس. بقي هذا الحال لسنين طويلة حتى قرر كيكي الهرب من البيت كي يتخلص من عنف جدي. عمره في ذلك الوقت كان 15 سنة تقريباً. لم نسمع عنه لعدة سنوات بعد تركه البيت والمزرعة. وبعد ذلك خسر جدي مزرعته وجميع امواله بسبب قروضه للبنك التي لم يعد قادراً على سدادها فانتقلت انا وجدي وامي الى قرية ڤيلا خويوسا. بعد سنتين انتقلت انا وحدي الى العاصمة مدريد لاكمل دراستي هناك ثم تخرجت من معهد الاندلس للتفصيل والخياطة. وفي يوم من الايام ظهر كيكي امامي بشارع من شوارع مدريد وهو يبتسم.
انس : ماذا كنت تعملين وقتها؟
كرستينا : كنت اعمل كمصممة ازياء لاحدى مصانع الالبسة النسائية الصغيرة باجر متدني. فرحت كثيراً بلقائه بعد ذلك الغياب الطويل وطلبت منه ان ينتظرني خارج المصنع كي نتحدث اكثر بعد العمل. وبالمساء جلس بمقهى قريب من المصنع ينتظرني فدخلت عليه ليأخذني بالاحظان. علمت وقتها انه احترف تصميم الملابس مثلي. وانه يفضل ان اناديه كيكي بدلاً من كوستا. اقترح علي ان نعمل سوية لانه ادّخر بعض النقود فاخبرته باني ايضاً ادّخرت القليل من النقود فاتفقنا على ان نتحد ونفتح محلاً صغيراً لخياطة وتصميم الملابس النسائية. كانت بدايتنا بسيطة وكان دخل المحل بالكاد يطعمنا ويغطي الايجار ويسد رمق العيش لذلك كنا نعيش بنفس المحل. ولكن بعد مرور بضع سنين صارت شهرتنا كبيرة وصار اغنياء البلد يأتون الينا ليتبضعوا من منتجاتنا فاصبح لنا اسم رنان بكامل اسبانيا. انتقلنا من محلنا الصغير لنشتري شقة بعمارة في وسط مدريد بمنطقة (بورتا ديل سول). وبعد اقل من سنة اشترينا العمارة بالكامل. في تلك الاثناء شاركنا بمعارض ازياء دولية وحُزنا على اعجاب الكثير من الشركات ذات الشهرة العالمية الرنانة مثل (دولچي اند گبانا) و(كارتيه) و(ايف سانت لوران) و(گوچي) و(ڤكتوريا سيكرتس) فصاروا يتعاملون معنا. في ذلك الحين واصبحت لدينا الكثير من الارصدة الدسمة ببنوك العالم.
انس : ما يشغلني الآن هو: لماذا سافرت الى الفلبين لفترة طويلة ولم يحذو حذوك شريكك كيكي؟
كرستينا : انت مخطئ تماماً يا محقق انس. فكيكي سافر الى الفلبين قبلي بعام وبقي هناك لمدة سنة كاملة وهو الذي اقترح علي ان اذهب الى هناك.
انس : هل تدرب فن الكالي هو الآخر؟
كرستينا : اجل، اجل، قال ان فن الكالي سوف يجعله بمأمن كبير ولن يسمح لاحد من التنمر عليه بالمستقبل. لكنه طلب مني عدم البوح بذلك لاي انسان لان الرجال لا يحبون ان يكون الشخص المثلي مقاتلاً مقتدراً فيخافونه وينفرون منه.
انس : هل تعتقدين ان كيكي من الممكن ان يقتل جدك؟
كرستينا : كيكي؟ لا، لا، مستحيل. لا يمكن ذلك ابداً فهو انسان رقيق ولطيف ومسالم جداً.
انس : حسناً سنتوقف عن الاستجواب قليلاً وسنعود اليك بعد قليق.
اومأ انس برأسه الى شريكته تريزا كي تلحق به ليتحدثا على انفراد فخرج من الغرفة وتبعته شريكته. وقفا بعيداً عن مسمع كرستينا فقال لها،
انس : يبدوا اننا صرفنا النظر عن كيكي ولم نشك به في البداية. يجب علينا جلب كيكي للتحقيق كي نقارن بين افادته وافادة كرستينا.
تريزا : وكيف تقترح فعل ذلك؟
انس : ساستدعي كيكي الى هنا لاحقق معه. فلربما يكون هو القاتل ونكون قد اضعنا وقتنا بالشك بكرستينا كل هذه المدة.
تريزا : وكيف سينفعنا مجيء كيكي الى هنا؟
انس : لانك ستكونين ببيته تفتشين البيت عن اداة الجريمة بعد ان تحصلي على مذكرة تفتيش من القاضي.
تريزا : وبماذا ستتحدث معه؟
انس : ساحاول ان اماطل معه لاطول فترة ممكنة واسأله اسئلة طويلة وغير ذات اهمية لافسح لك المجال والوقت الكافي لتفتشي بيته بالكامل. وعندما تجدين اداة الجريمة سترجعين الى هنا وتواجهينه بها كي ينهار ويعترف.
تريزا : فكرة جهنمية. دعنا ننفذها على الفور.
اعطى انس تعليماته لنائبه كي ينقل كرستينا الى حجرة التحقيق رقم (1). ثم بعث احد مساعديه مع 3 من عناصر الشرطة لاحضار كيكي من الشركة وطلب منهم وضعه بحجرة التحقيق رقم 4 المتاخمة لمكتبه. وبعد ساعة ونصف دخل رجال الشرطة ومعهم كيكي فاخذوه مباشرة الى حجرة التحقيق رقم 4. ولما تأكد انس من وجوده هناك طلب من شريكته تريزا ان تذهب فوراً الى منزل كيكي وتبدأ بتفتيش بيته بحثاً عن اداة الجريمة. جلس انس امام كيكي وقال له بكل برود،
انس : كيف حالك يا سيد كيكي؟
كيكي : انا بخير. لماذا جئت بي الى هنا؟ الم اخبركم بكل ما لدي من معلومات؟
انس : لقد اشتقنا اليك الا تريد التحدث الينا؟
كيكي : انت انسان شرير ولا اود ان اكلمك.
انس : بالحقيقة، نريد التحدث معك ببعض الامور التي استجدت مؤخراً. قل لي يا سيد كيكي، هل انت مدخن؟
كيكي : وما علاقة التدخين بالقضية؟
انس : ليس هناك اي علاقة. فقط اردت ان احضر لك طفاية كي ترمي الرماد فيها.
كيكي : كلا انا لا ادخن شكراً لك.
انس : كم هو عمرك؟
كيكي : لقد اخبرتك بالتحقيق الاولي عمري 32 سنة.
انس : هل تعلم انك لست الابن الحقيقي للمجني عليه ماكس كوردوبا؟
كيكي : بالطبع اعرف ذلك. فقد تبناني عندما كنت صغيراً وجاء بي من اليونان الى اسبانيا. أهذا ما اردت ان تتحفني به؟
انس : هل كنت تحبه؟
كيكي : كنت احبه كما يحب اي ولد اباه بالتبني.
انس : لكنه كان يصرخ عليك ويستعمل معك العنف كثيراً ويبقيك بحجرة مظلمة لفترات طويلة ويجوعك ويضربك.
كيكي : كل الاباء يعنفون ابنائهم لسبب او لآخر وانا كنت اتلقى منه التأنيب بسبب ميولي.
انس : ماذا تقصد بميولك؟
كيكي : اقصد ميولي الجنسية فانا وكما تعلم (گأي) اي انني لا اميل للنساء بل الى الجنس الخشن. فانا اشعر انني خلقت ذكر عن طريق الخطأ.
انس : هل مارس اباك الجنس معك؟
كيكي : لو كان قد فعل ذلك لما غادرت المنزل. كان ابي يريدني ان اترك ميولي واتزوج من امرأة مثل باقي الرجال.
انس : وكيف كانت علاقتك بكرستينا؟
كيكي : انا اعتبرها اختاً لي. اسمع مني يا حضرة المحقق، انا رجل اعمال وقد تركت شركة فيها 45 موظفاً وعلي ان اعود باسرع وقت ممكن. لماذا تسألني كل هذه الاسئلة السخيفة وانت تعرف الاجوبة عليها مسبقاً.
انس : إذاً، سيد كوستا كوردوبا، انت تعترف بانك قتلت والدك بالتبني ماكس كوردوبا. اليس كذلك؟
كيكي : انا لم اقولها ابداً. لماذا تضع الكلام بفمي؟ هل انت توجه لي تهمة القتل الآن؟ واذا كنت كذلك فانا اريد ان استدعي المحامي الخاص بي السيد گوزباتشو الڤاريز.
انس : إذا كنت حقاً تريد استدعائه الى هنا فليس لدي اي مانع. علماً بان ذلك حق من حقوقك يكفله لك القانون والدستور الاسباني. استعمل هاتفك النقال واطلب منه المجيء فوراً.
استل كيكي هاتفه الوردي المملوء بصور الدببة البيضاء من جيبه واتصل بالمحامي ثم نظر الى انس وقال،
كيكي : انه في المحكمة الآن. سوف يحضر الى هنا خلال ساعة.
انس : إذاً سوف اتوقف عن استجوابك حتى يحضر المحامي وبعدها سنواصل حديثنا.
خرج انس من قاعة التحقيق رقم 4 ودخل مكتبه الذي يقع مباشرة الى جانب القاعة رقم 4 حيث يجلس فيها كيكي. جلس انس خلف منضدته واتصل هاتفياً بشريكته تريزا ليسألها،
انس : هل عثرتم على اداة الجريمة؟
تريزا : كلا يا انس. لقد فتشنا جميع الغرف بمنزل كيكي ومخزن النبيذ والحمامات الثلاثة دون جدوى. ما العمل؟
انس : لا اعلم. لا اعلم. لا اعلم. لحظة واحدة دعيني افكر قليلاً... اجل وجدتها، اذهبي الى بيتك واحضري الخنجرين الذين جئنا بها من الفلبين ذوات المقابض الحمراء وارجعي بها الى هنا بسرعة.
تريزا : لماذا؟
انس : ساشرح لك خطتي عندما تأتين الى هنا.
تريزا : حسناً، فبيتي يقع على الطريق الى المركز. ساجلب معي الخناجر الحمر واعود على الفور. وماذا عن كيكي؟
انس : انه ينتظر حضور محاميه وبذلك منحني الفرصة الكافية لتنفيذ خطتي للايقاع به.
تريزا : اراك لاحقاً يا انس.
اغلق الخط معها ثم وقف في مكتبه ينظر من حوله فازال الخزانة التي كانت تغلق مجال الرؤيى من زجاج الحجرة المطل على الممر وفتح الستائر المعدنية ليصبح مكتبه مكشوفاً تماماً امام من يمشي بالممر. جلس خلف منضدته ينتظر شريكته لتعود بالخناجر. وبعد مرور اقل من ساعة طرق بابه رجل يرتدي بدلة زرقاء يحمل حقيبة دبلوماسية سأل،
الرجل : هل انت المحقق انس؟
انس : اجل، كيف استطيع مساعدتك سيدي؟
الرجل : انا المحامي كوزباتشو حاضر عن موكلي السيد كوستا كوردوبا.
انس : اجل، اجل تفضل عندي.
المحامي كوزباتشو : اريد ان اقابل موكلي كوستا كوردوبا.
انس : ستقابله، ستقابله، ولكن اولاً اردت ان استدعيك لفنجان من القهوة.
المحامي كوزباتشو : لا اريد قهوة ولا اريد ان اضيع الوقت. اريد فقط مقابلة السيد كوستا فوراً.
انس : إذاً تفضل معي سامنحك الوقت الكافي للحديث معه على انفراد.
اخذ انس المحامي كوزباتشو واقتاده الى القاعة رقم 4 المحاذية لمكتبه وقال،
انس : ساغلق عليكما الباب كي تتمكنا من الحديث بسرية تامة. سوف لن يضايقكما احد. خذا وقتكما الكافي.
اغلق الباب عليهما وعاد الى مكتبه بالحجرة المجاورة ينتظر قدوم شريكته تريزا بفارغ الصبر. فلو تأخرت اكثر من اللازم سوف لن تنجح الخطة لانه سوف يضطر لاطلاق سراح كيكي. فجأة دخلت تريزا حاملة كيساً بلاستيكياً من الذي يستعمل بالتسوق في السوق الحرة واعطته لانس قالت،
تريزا : اتمنى لو اعرف ما هي خطتك يا انس.
انس : اسمعي مني جيداً، ساضع هذين الخنجرين فوق منضدتي هنا بمكتبي كي يتمكن اي شخص من مشاهدتهما عندما يمر بالممر من امام مكتبي. وبعدها...
اوقفته تريزا عن الكلام وقالت،
تريزا : لا تكمل حديثك، لقد فهمت خطتك. الآن علمت لماذا يسمونك ثعلب اسبانيا. دعنا ننتظر قليلاً ثم نبدأ بالتنفيذ.
جلست تريزا بمكتب انس ليتفقا على افضل موقع يضعان في الخنجرين على المنضدة كي لا يثير الشكوك. اكملت شرب قهوتها ثم وقفت وقالت،
تريزا : هيا بنا للصيد.
خرج المحققان من مكتب انس ودخلا الحجرة المجاورة رقم 4 فسألهم انس،
انس : هل تحدثتما بما فيه الكفاية؟
المحامي كوزباتشو : لقد طلبت من موكلي (المتهم) كوستا بعدم الاجابة عن اي سؤال لذلك انصحكم بعدم اضاعة وقتكم معه.
انس : انت مخطيء يا حضرة المحامي فالسيد كوستا كوردوبا غير متهم لاننا لم نوجه له اي تهمة، كنا فقط نستفسر منه عن بعض المعلومات كي نحاول ان نتوصل الى القاتل الحقيقي.
هنا انتصب كيكي بغضب شديد وسأل،
كيكي : هل هذا يعني بانني استطيع المغادرة وقتما اشاء؟
انس : بالتأكيد تستطيع، لكننا نتمنى لو انك تبقى بضيافتنا قليلاً حتى نكمل معك الحديث. هل تريد فنجان قهوة؟
كيكي : لا، لا اريد قهوتك اللعينة، انا متعب وعلي ان اغادر فوراً.
انس : كما تشاء يا سيد كيكي اقصد يا سيد كوستا.
خرج كيكي من القاعة بصحبة محاميه فسارا بالممر، لكن وجه كيكي كان الى جهة اليمين ولم يلمح الخنجرين بداخل مكتب انس. لذلك ناداه انس بطريقة ذكية وقال،
انس : يا سيد كوستا، يا سيد كوستا، توقف.
فتسمر كيكي بمحله واستدار نحو انس. وبتلك اللحظة واثناء استدارته نحو انس نظر من خلال زجاج مكتب انس فلمح الخنجرين فوق المنضدة ليتعرف عليهما جيداً لكنه لم يشأ ان يثير الشكوك حول نفسه فنظر الى انس وقال،
كيكي : ماذا هناك يا محقق؟
انس : لقد نسيت ان اسألك سؤالاً مهماً جداً. هل لديك شريك حياة؟
كيكي : لا ليس بالوقت الحالي ساخبرك عندما احظى برجل وسيم مثلك كي يضاجعني.
انس : شكراً لك، بامكانك الذهاب الآن، آسف على الازعاج.
التفت كيكي نحو مكتب انس ونظر الى الخنجرين للمرة الاخيرة ثم اكمل سيره مع محاميه ليتوجها الى الباب الرئيسي لمركز الشرطة فاستدعى انس جميع افراد فريقه بمن فيهم شريكته تريزا. وقفوا متراصين بداخل مكتبه الصغير الضيق الذي منوه له بشكل مؤقت فبدأ الحديث،
انس : لم نتمكن من تثبيت التهمة على كيكي لانه ذكي للغاية وقد قام باخذ احتياطاته من كل الجوانب بحذر كبير وتخلص من اداة الجريمة بذكاء لافت، لذلك قمت باعداد خطة بديلة ساشرحها لكم جميعاً وستساعدوني كلكم فيها. بما اننا لم نتمكن من العثور على اداة الجريمة بداخل بيت كيكي لذلك اصبحت خطتي كالآتي: احضرت خنجرين يشبهان اداة الجريمة تماماً "حسب اعتقادي طبعاً" ووضعتهما فوق مكتبي. وعملت جهد امكاني كي يراهما كيكي اثناء مروره من امام المكتب. فماذا سيعتقد؟
تريزا : سيعتقد واحد من احتمالين، اما اننا عثرنا على اداة الجريمة بطريقة ما او ان لدينا خنجرين مشابهين لهما. لذلك سينتابه الخوف والفضول فيقوم بالذهاب الى المكان الذي اخفى فيه اداة الجريمة ليتأكد من انهما ما زالا بنفس المكان. ونحن سنكون مترصدين له لنتتبعه عن كثب.
عنصر : انك حقاً ذكي يا سيادة المحقق انس. لقد نصبت له فخاً قاتلاً. يبدو انه اكل الطعم حين نظر الى الخنجرين مرتين.
انس : اريدكم ان تحضروا لي شخصاً متمكناً باستعمال المسيرات ذات كامرات بالرؤيى الليلية. لاننا سوف نتتبعه بهذه الطريقة. فكيكي ذكي جداً وقد يتمكن من كشف اي سيارة تتعقبه.
عنصر : سيدي، انا اسمي نائب عريف دومينكو وانا خبير بالمسيرات. بامكاني ان اوفر لك مسيرة كما تريد.
انس : إذا دعنا نبدأ بتتبع الاثنين من الآن ونكون على اتصال دائم باللاسلكي على القناة رقم خمسة كي نتحدث بحرية كاملة ولا يعترضنا احد. الانطلاق من الآن فوراً. سوف تكون غرفة عملياتنا في قاعة الاجتماعات بالطابق الثاني.
رجع العريف دومينكو الى غرفته فاخرج من خزان القبو آخر واحدث مسيرتين التين زودتهما به شرطة مدريد. حملها ورجع بها فرأى في طريقه كيكي ومحاميه منكبين يملآن استمارة خروجهما من مركز الشرطة فصعد الى السطوح وصار يهيئ المسيرة. وعندما كان بكامل استعداده اتصل عن طريق القناة الخامسة باللاسلكي وقال،
دومينكو : المسيرة جاهزة سيدي لقد ربطتها بالشاشة الكبيرة التي في قاعة الاجتماعات لديكم.
انس : ارتفع بها الى 200م وافتح الكاميرا لتراقب سيارة المحامي المرسيدس البيضاء التي ستخرج بعد قليل من المراب.
دومينكو : حسناً سيدي. السيارة ظهرت الآن على شاشتك الكبيرة.
ركب كيكي الى جانب المحامي وانطلقا بالسيارة متجهين الى بوابة المراب. انحازت السيارة يساراً وراحت تجوب شوارع مدينة مدريد فبقيت المسيرة تتبعها حتى وصلت الى حي ڨالڨيردي اين يسكن كيكي. وهناك توقفت السيارة امام المنزل ونزل منها كيكي بينما عاد المحامي بسيارته الى مكتبه.
امر المحقق انس بان يتوجه فريق (آ) مرتدين ملابس عمال نظافة كي يتواجدوا بالشارع خارج منزل كيكي. وامر الفريق (ب) كي يمكثوا على مسافة 300 متر من المنزل يكونون مستعدين باسلحتهم وملابسهم الواقية. تحدث انس باللاسلكي وقال، "عندما تكون الفرق باماكنها يجب اعلامي. اما انت يا دومينكو فاريدك ان ترتفع الى 500 م كي لا تجلب الريبة لدى كيكي" فرد عليه وقال، "لقد ارتفعت الى 500 م الآن سيدي". نظر انس الى تريزا وقال، دعينا نتوجه الى حي ڨالڨيردي الآن ونكون قريبين من بيت كيكي.
حمل انس وتريزا حواسيب محمولة مع اجهزة اتصالات وخرجا الى سيارة تريزا فوضعوا فيها المعدات وانطلقوا الى الحي. وعندما وصلوا هناك سأل انس عبر اللاسلكي،
انس : كم هي المدة التي تتمكن مسيرتك من المكوث بالجو قبل ان ينتهي شحنها يا دومينكو؟
دومينكو : ثلاث ساعات سيدي ولكن لدي مسيرة ثانية مشحونة وجاهزة بامكانها الصعود الى 500 متر قبل ان ينتهي شحن الاولى لتحل محلها.
انس : هذا جيد، وهل بامكانك شحنها بالميدان؟
دومينكو : اجل سيدي، الشحن يستغرق ربع ساعة فقط.
انس : جيد جداً. هل بامكانك ان ترينا منزل كيكي وتعمل دورة كاملة حوله الآن؟
دومينكو : تفضل سيدي.
لفت المسيرة بكامرتها حول المنزل ولم يشاهدوا اي شيء مريب. استمروا بمراقبة المنزل لساعات طوال حتى حل الظلام لذلك باشر دومينكو بتشغيل نظام الرؤيا الليلية وواصل عملية الترصد بمسيرته. وفي الساعة الحادية عشر والنصف تماماً. انفتح باب المراب وخرجت سيارة كيكي الرينج روفر ذات الدفع الرباعى فقال انس، "انتباه انتباه الى جميع العناصر، سيارة كيكي تتحرك. اريد فرقة (أ) و فرقة (ب) ان تتبعه على مسافة 2 كلم. لانه سيشعر بمصابيح سياراتكم إن اقتربتم منه كثيراً. اما انت يا دومينكو فواصل متابعة سيارة كيكي من على ارتفاع 500 متر واريدك ان توجه الفريقين (أ) و (ب)".
دومينكو : حاضر سيدي.
بقي الجميع يتتبع سيارة كيكي ارضاً وجواً حتى وصلت الى مفرق طرق فانحرفت الى اليسار. هنا صاح انس باللاسلكي قائلاً، "انتباه انتباه جميعاً انه يتوجه الى منطقة تلة (گوادا لاخارا) وبما انه سيكون مرتفعأ لذلك اريد من المتتبعين التوقف قليلاً كي لا يراكم من الاعلى. اما انت يا دومينكو فاريدك ان ترتفع اكثر كي لا تقصر المسافة العمودية بين المسيرة وسيارة كيكي".
دومينكو : ارتفعت بمسيرتي الى 800 متر سيدي.
راقب الجميع سير السيارة على الشاشة حتى توقفت امام احدى الاكواخ المشيدة من الخشب فنزل كيكي من السيارة ودخل الكوخ. سأل انس شريكته،
انس : هل لدينا علم بهذا الكوخ؟
تريزا : كلا، ربما كان قد تسلفه من صديق او حبيب او اشتراه نقداً دون تسجيله بالبلدية.
انس : حسناً، الآن اريدكَ يا دومينكو الهبوط ببطئ شديد ومحاولة الحصول على مشهد من خلال شباك الكوخ.
وفور انتهاء انس من تصديره امره. انفتح باب الكوخ من جديد وخرج كيكي حاملاً معه مجراف بذراع خشبي طويل. فامر انس دومينكو بالتوقف عن الهبوط ومحاولة تتبع كيكي اينما ذهب. تسلق كيكي لاعلى التل من وراء الكوخ ودخل غابة كثيفة يصعب تتبعها من على المسيرة. هنا اصدر انس الاوامر لفريقه بالترجل من سياراتهم لكي يتتبعوا كيكي مشياً على الاقدام. فجأة جائه نداء من احد العناصر قائلاً، "سيدي، نحن نتتبع كيكي سيراً على الاقدام والآن توقف كيكي عن السير في الغابة وصار يحفر حفرة بالارض".
انس : راقبوه جيداً فقط وجهزوا الكاشفات الضوئية ولكن لا تشغلوها بعد، اكرر لا تشغلوها بعد. انا وتريزا في طريقنا اليكم الآن.
عنصر : حاضر سيدي. انتظر، انتظر، لحضة سيدي لقد اخرج كيكي شيئاً من الحفرة التي حفرها انه يخرج كيساً بلاستيكياً شفافاً. والآن هو يخرج منه شيئاً. يبدو لي وكأنها خناجر.
انس : افتحوا الكاشفات الضوئية الآن واطلبوا منه ان يتوقف عن الحركة ولكن لا تطلقوا النار عليه مهما حصل.
انفتحت الكاشفات الضوئية ليصبح المكان مضائاً كالنهار وصرخو بكيكي كي يتسمر بمكانه فوقف وهو حاملاً الخناجر بيده وينظر اليهم بذهول. بهذه اللحظة وصل انس وشريكته تريزا فترجلا من السيارة ليقترب منه انس وقال له،
انس : اخيراً وقعت بايدينا ايها الاسد. شكراً لانك زودتنا باداة الجريمة.
امسك كيكي الخناجر من مقابضها واندفع نحو انس ينوي طعنه لكن انس تفادى الخناجر ورجع للخلف. لقم جميع عناصر الشرطة اسلحتهم كي يطلقوا النار على كيكي لكن انس امرهم بانزال اسلحتهم. رمى انس مسدسه على الارض ورفع معصميه امام وجهه استعداداً للقتال مع كيكي. هجم كيكي على انس ماسكاً خناجر بطريقة فنية فالتحم الاثنان بقتال يدوي مثير للدهشة. وبحركة سريعة وخفيفة خمش كيكي كتف انس فقطع قميصه وسال منه الدم فصرخت تريزا قائلة، "دعني نطلق عليه النار يا انس". لكن انس اعطاها اشارة برفع راحة يده بوجهها بمعنى لا تتدخلي. قبض كفيه باحكام ورفعهما امام وجهه من جديد واوعز لكيكي كي يهاجمه. فاندفع كيكي مسرعاً باتجاه انس وسدد خنجره الايمن باتجاه وجه انس لكن انس ابعد رأسه للخلف وسدد لكمة مستقيمة ومباشرة فاصاب صدغ كيكي ليسقطه ارضاً. انتصب كيكي من جديد وهو يتأرجح من شدة اللكمة والتقط الخنجرين ثانية من على الارض ليهجم بهما على انس الا ان انس كان مستعداً لذلك الهجوم فسدد له ركلة مستقيمة وقوية من قدمه الايمن اصابت وجه كيكي فسقط على الارض مغشياً عليه. هنا صفق له جميع العناصر وصاروا يصرخون وكأنهم يشجعون مباراة فريقهم المفضل لكرة القدم. تقربت منه تريزا وسألت،
تريزا : هل تعتقد انه مات يا انس؟
انس : كلا انه فاقد للوعي وحسب. لا تقلقي فانا اريده حياً اكثر منك. كان حدسي في محله من البداية عندما شكيت بان كرستينا بريئة. والآن ساترك لك مهمة وضع الاصفاد على معصمي هذا اللوطي.
تريزا : انه لشرف عظيم.
بعد ان احكمت الاصفاد على معصميه من وراء ظهره صفعته بضع صفعات ليستعيد وعيه فتح عيناه فقالت له بتهكم،
تريزا : يسعدني لقائكِ جلالة الاميرة النائمة. اوووووه كم تبدين جميلة.
كيكي : اذهبي للجحيم ايتها العاهر الحمقاء. لولاك لما انهارت حياتي.
تريزا : كم كنت ساسعد لو انني البستكِ الاساور الذهبية المرصعة بالماس لكن الحالة الاقتصادية لا تسمح بهذه الايام العصيبة لذلك ارجو ان تقبل جلالتكِ بالاساور الفولاذية.
اقترب انس منه وقال باللغة العربية، "ما يوقعش الا اللوطي يا لوطي". فسأل كيكي،
كيكي : ماذا يقول هذا (المورو) القذر؟
فاجابه انس بالاسبانية بلهجة الكتلان هذه المرة قال،
انس : هذا الـ (مورو) القذر قد اوقع بك في قاع البئر ايها الكيس الاسود من القمامة. سوف تجلس بضيافة السجن لسنين طويلة. ولكن على الاقل ستستمتع هناك كثيراً لانك ستكون سلعة مرغوبة لدى السجناء. هاهاها.
نظر الى شريكته تريزا وقال،
انس : دعينا نرجع بهذا الصيد الثمين الآن. اليوم اتطلع لنوم هانئ لم اعهده منذ امد بعيد جداً.
انزل دومنكو مسيرته لتحط على الارض فوضعها بشاحنة الشرطة. ركب الجميع مركباتهم ليعودوا الى المركز فيوْدِعوا كيكي زنزانة خاصة ذات حراسة مشددة.
رجع كلٌ الى منزله لعلمهم اليقين بان القدر الاكبر من المهمة قد انتهى استعداداً ليوم حافل بالاحداث الممتعة في الغد. وباليوم التالي وصل جميع اعضاء الفريق وهم بغاية الغبطة فاستقبلهم اللواء الفونزو وضيفه العميد خوان ثوبييتا رئيس مركز اليكانتي فاثنوا على جهود الفريق واخبروهم ان الجزء الاعظم من مهمتهم قد انتهى وان عليهم الآن ان ينفذوا الاجراءات القانونية لاكمال ما بدأوا به. وبهذه الاثناء جاء احد العناصر وهمس باذن انس ليخبره بان الآنسة كرستينا قد جائت لمقابلته فطلب منه ان يدخلها مكتبه ويحضر لها بعض القهوة. وبعد قليل دخل انس وتريزا المكتب لمقابلة كرستينا فاصابتهم الدهشة عندما وقفت كرستينا بوسط الغرفة تصرخ بوجوههم فسألها انس،
انس : ما الذي يغضبك يا آنسة كرستينا؟
كرستينا : لقد ابلغني محامي الشركة انكم القيتم القبض على كيكي من دون اي مبرر.
انس : لا ليس من دون اي مبرر. لقد حصلنا على ادلة دامغة تشير الى انه هو من قام بقتل جدك ماكس كوردوبا.
كرستينا : وكيف عرفت ذلك؟ هل وجدت تسجيل فيديو يجسد عملية القتل؟ ما هذا الهراء الذي تقوله؟
تريزا : لقد وجدناه في غابة نائية بجنح الظلام خارج مدريد يخرج اداة الجريمة من حفرة في الارض والآن المختبر الجنائي في صدد فحصها بشكل دقيق.
كرستينا : وما هي مصلحة كيكي بقتل والده بالتبني؟ هيا اخبرني لو سمحت.
انس : لديه سببين مهمين. الاول هو، الانتقام من جدك لانه كان يضربه كثيراً ويحرمه من الطعام عندما كان طفلاً. والثاني هو ان يرمي التهمة واللوم عليكِ انت لكي يدخلك السجن فيخلو له الجو في الشركة وكل الملايين بالارصدة المصرفية.
كرستينا : هذا هراء. انت فقط تحاربه لانه مثلي. كيكي لا يمكن ان يكون قد ارتكب كل هذه الافعال. كيكي لديه قلب من ذهب.
تريزا : قلب من ذهب بالتأكيد. هل تعرفين انه بعد ان قتل جدك بدم بارد وقطع جسده بخناجره، استخدم دم جدك ليكتب الحرف(C) حتى يوهمنا بان الفاعل هو انت يا كرستينا. المخبر الجنائي الآن بصدد تطابق البصمات المرسومة بالدم للحرف (C). والآن دعيني اسألك يا انسة، لماذا تعتقدين انه ذهب الى الفلبين وتدرب على فن الكالي قبلك؟ ولماذا نصحك بأن تذهبي بعده لتتدربي على الفن ذاته؟
كرستينا : هذا هراء لا يمكن تصديقه، لقد نصحني بالكالي لكي احمي نفسي من المتنمرين.
تريزا : لكن الخنجر الذي دفنه بالارض لونه احمر ويحمل علامة الاسد. وحسب علمنا بانك كنت تحملين المرحلة ما قبلها اي (الفهد) بالخنجر البني اليس كذلك؟
هز ذلك الكلام كرستينا بشكل كبير فبقيت ملجمة وهي بحالة ذهول كالذي يصاب بالكوما. وبتلك اللحظة دخل عنصر شرطة ليسلم المحققين انس وتريزا نتيجة فحص البصمات الذي طابق بصمات اصابع كيكي للحرف (C) المرسوم بالدم والذي وجد على السجادة بالقرب من الضحية. امسكت المحققة تريزا بالتقرير واعطته الى كرستينا لتطلع عليه بالتفصيل فانتصبت واقفةً من الكرسي الذي كانت تجلس عليه وصارت تبكي بحرقة شديدة، قالت،
كرستينا : إذاً هذا اللقيط اللعين هو من قتل جدي. لقد كنتم على حق.
انس : هذا ما نحاول ان نخبرك به يا آنسة كرستينا ولكن حبك له قد غشى عينيك وجعلك لا ترين الحقيقة.
كرستينا : إذاً ارجو منكم ان تعدموه.
انس : للأسف، عقوبة الاعدام ألغيت الاسبانية منذ 1995. لكنه سوف يبقى في السجن لسنين طويلة كوني مطمئنة يا كرستينا.
كرستينا : حمداً لله. وشكراً لكما لانكما بقيتما تبحثان عن الادلة حتى كشفتموها كلها للآخر.
خرج المحققان انس وتريزا تغمرهما السعادة بما قدما من عمل احترافي منسق. وهنا سأل انس شريكته،
انس : اسمعي تريزا، لو فرضنا، يعني فقط لو فرضنا مثلاً، كفرضية، انني انتقلت بعملي من اليكانتي الى مدريد فهل تعتقدين ان ابنك اليخاندرو سوف يقبل بي كحبيباً لامه.
تريزا : اليخاندرو بامس الحاجة لاب مثلك يا انس. وامه كذلك بامس الحاجة لحبك وخدماتك الجليلة.
قالتها وهي تغمز له لتوصل رسالة دسمة.
انس : إذاً انت موافقة للاقتران بي؟ فانا اريد ان اكون اكثر من حبيب. اريد ان اصبح زوجك واباً لابنك وشريكاً في قضاياك المستعصية. فهل تقبلين ان تتزوجيني؟
ابتسمت بوجهه ثم وضعت ذراعيها حول رقبته، قبلته قبلة طويلة وساخنة وقالت،
تريزا : وخــــــــــا.
...تمت...