شيعة العراق وأزمة المواطنة
علي الكاش
شيعة العراق وأزمة المواطنة
من المعروف ان المذهب الشيعي أممي يتجاوز الحدود الوطنية، لذلك غالبا ما يردد زعماء الشيعة تضامنهم مع اقرانهم في جميع بلدان العالم عندما يتعرضوا الى مضايقات من قبل السلطات، وهذا ما شهدناه في احداث البحرين واعدام الداعية السعودي الشيعي نمر النمر وأفغانستان وغيرها من البلدان، حيث هب مراجع الشيعة وزعمائهم الى استنكار مثل تلك الاحداث، بل نددوا بالأنظمة الحاكمة، ويعتبر هذا وفق القانون الدولي تدخل سافر في الشؤون الداخلية لبقية الدول.
لكن عندما يتعرض أهل السنة الى أي مضايقات وتهميش وقمع واغتيالات وخطف من قبل الميليشيات الشيعية الموالية لإيران وبتوجيه من قبل المراجع الشيعية والأنظمة الحاكمة في ايران والعراق لا تجد أي من المراجع والأنظمة السنية تتضامن مع ما يحدث الى اقرانهم، ومثال على ذلك الاضطهاد والتهميش الذي طال ويطال اهل السنة في ايران والعراق، لم يتحرك الازهر الشريف او منظمة المؤتمر الإسلامي ولا أي مرجع لإدانة مثل تلك الحالات غير الإنسانية، بل حتى الجامعة العربية والأمم المتحدة وبقية المنظمات تغض النظر من اجل عيون الإدارة الامريكية التي جاءت بالحثالات التي تحكم العراق بعد عام 2003 والفتح الديمقراطي المزعوم.
سوف لا نتحدث عن وطنية مراجع النجف لأنهم أصلا من أصول غير عربية ولا عراقية، فهم يمثلون مصالح دولهم الأم، ولا يهمهم العراق ومصالحه لا من قريب ولا من بعيد، وكما يقال في المثل العربي " العرق دساس) وهذه حقيقة لا جدال فيها. محسن الحكيم اصفهاني وهذا ما يقال عن الخوئي والسيستاني الذي يظهر بعمر اقل من عشرين عاما عن آخر ظهور له مع الرئيس الراحل صدام حسين، ويبدو ان هناك اتفاق بين ايران وبريطانيا والإدارة الامريكية بعدم اعلان موته حتى لو تعدى عمره المائة وعشرين عاما، هناك اختلاف كما اجزم في الرؤى بين تلك الدول حول البديل؟ ولو نظرنا الى موقف المرجع السيستاني نجد انه اول من بارك الاحتلال الأمريكي للعراق وافتى بعدم الجهاد كما اعلن مجيد الخوئي الذي قتله مقتدى الصدر، وهو من أحلٌ سرقة البنوك ومؤسسات الدولة من خلال فتوى المال المجهول المصدر، مع ان مصدره الشعب، وهو من خرب العراق بفتوى الجهاد الكفائي حيث عاث الحشد الشعبي بكل مقدرات العراق من خلال الإرهاب وسرقة ثروات البلاد، بل انه أسس ميليشيات تأتمر بأمره وهي ميليشيات العتبة العباسيةـ على الرغم من دعوته الى انخراط الشيعة في مؤسسات الدولة الأمنية وليس تشكيل هيئة الحشد الشعبي، فحالف ما أفتى به! ورغم انتهاء داعش وإعلان النصر عليها من قبل الوزراء السابق حيدر العبادي، لم يلغ المرجع الإيراني الفتوى البغيضة.
عندما تكون المراجع السياسية والدينية غير وطنية، فتوقع ان يكون اتباعهم في نفس المستوى من التبعية وعدم الشعور بالمواطنة، والعراق الحالي شاهد حي عن هذه الحالة الشاذة، وهذا لا يعني عدم وجود مواطنين شيعة على الضفة الأخرى، ولكنهم قلة ولا يعلو صوتهم على صوت الغالبية من الشيعة، فغالبية شيعة العراق يؤمنون بالتشيع الصفوي، ولا علاقة لهم بالتشيع العلوي، ابتداءا من رأس الهرم الى القاعدة الشعبية. ومن تابع مراسم عاشوراء في العراق سيجد ان التشيع في العراق تشيع صفوي بحت، تعتمد الاحتفالات على روايات صفوية لا علاقة له بأئمة الشيعة، بل تسيء اليهم إساءة بالغة.
انظر الى الزعماء السياسيين ستجد ان غالبتهم يمتلكون جنسيات اجنبية، وهم رعاع كانوا يتسولون على عتبات المخابرات الأجنبية لتسلم المساعدات مقابل عمالتهم، لا تجد أي منهم يعزف لحن الوفاء على قيثارة الوطن، بل الأغرب انهم يتفننوا من أجل مصلحة ولاية الفقيه، وفي الوقت الذي استنكر العراقيون قول الأمعه المقبور عبد العزيز الحكيم الذي أكد بأن على العراق تعويض ولاية الفقيه بمليار دولار عن القادسية الثانية، قام شيعة السلطة بتزويد ايران ما لا يقل عن (500) مليار دولار بحجة الحصار المفروض عليها من قبل الولايات المتحدة الامريكية، ولأنها تتزعم التشيع في العالم، ولأنها الأم المزعومة لأولاد الحرام ممن يحملوا في جعبهم كتاب (الفاحشة.. الوجه الآخر لعائشة) لياسر الحبيب.
عملت الزعامات الشيعية بمساندة مراجع النجف علة تفتيت الوطن، وتقسيمه الى كانتونات هشة عرقية ومذهبية وعشائريةـ بحيث أخذت العشائر دور وزارة الداخلية والسلطة القضائية، بسبب ضعف الحكومة وفساد كافة الوزارات والمؤسسات سيما الأجهزة الأمنية. وهذا ما أكدته مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية في تقرير لها " في عراق اليوم الذي صممته اميركا تم إلغاء الهوية الوطنية وحلت محلها الطائفة والعشيرة والدين والعرق"، وهذه هي الحقيقة بالتمام والكمال.
لقد انفضح حال زعماء الشيعة ومراجعهم الدينية، وازكمت طائفيتهم أنوف العراقيين الشرفاء. بصراحة كل مخلفات الاحتلال من سياسيين في الحكومة والبرلمان، أو خارجهما بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية والمذهبية ليسوا سوى طفيليات تطفوا في مستنقع آسن من الفساد والرذيلة. فقد أخلوا بالثوابت الوطنية كالسيادة التامة والاستقلال السياسي والاقتصادي، علاوة على رفض التبعية الأجنبية والتدخل الخارجي في شؤون الوطن من أي طرف كان، وأن لا يرتبط بأجندة خارجية، بل يعمل وفق المصلحة الوطنية العليا.