فيلم ( فريمونت ) صدمة لاجئة أفغانية بالحلم الأمريكي
علي المسعود
فيلم ( فريمونت ) صدمة لاجئة أفغانية بالحلم الأمريكي
الآلاف من المواطنين الأفغان الذين عملوا على مساعدة الولايات المتحدة خلال الحرب التي استمرت 20 عاما في أفغانستان واشتغلوا في عدة مهن ووظائف ، كمترجمين وسائقين وفي أدوار أخرى ساعدت الولايات المتحدة وأعضاء التحالف. مع انسحاب أمريكا وسيطرة طالبان الآن، أصبحوا معرضون لخطر القتل والتصفية على يد قوات طالبان . إذ عملوا كصلة وصل بين القوات الأميركية والأفغانية وترجموا من اللغة الأفغانية إلى اللغة الإنجليزية وبالعكس وساعدوا في تسهيل التواصل والتفاهم بين الجانبين. وقدم المترجمون الأفغان دعماً حيوياً للجيش الأميركي والقوات الدولية الأخرى في أفغانستان، وتوجيه القوات الأميركية خلال المهمات العسكرية وفي التفاوض مع السكان المحليين والزعماء الأفغان وفي تفسير العادات والتقاليد الثقافية الأفغانية بفضل معرفتهم باللغة والثقافة المحلية. إضافة إلى ذلك، لعب المترجمون الأفغان دوراً حيوياً في توفير المعلومات الاستخباراتية، إذ كانوا يساعدون في ترجمة المستندات والمحادثات المهمة وتفسيرها، كما قدموا الدعم الثقافي واللغوي للقوات الأميركية أثناء الاحتفالات المحلية أو الاجتماعات الثقافية. يعيد المخرج البريطاني ـ الإيراني الأصل (باباك جلالي) في فيلمه (فريمونت) فتح ملف ( المترجمين الأفغان ) الذين ساعدوا الجيش الأميركي في أفغانستان وكيف تخلت الولايات المتحدة عن قسم كبير منهم، تاركة مصيرهم في أيدي قوات ( طالبان ) بخاصة أنهم في نظر الحركة خونة، فأعدمت كثيراً ممن لم يستطيعوا الهرب. وهؤلاء يواجهون عملية معقدة تتعلق بتأشيرات الدخول وتهديداً يتمثل في التقدم السريع لـ “طالبان" مع إنهاء الولايات المتحدة حربها التي استمرت 20 عاماً.
ما الذي يدور حوله الفيلم؟
الفيلم يتبع لاجئة أفغانية شابة تدعى دنيا (أنيتا والي زادا) مترجمة سابقة للجيش الأمريكي كابول وفرت من مدينتها كابول في رحلة إجلاء طارئة عندما استولت طالبان على السلطة في عام 2021. وتعيش حياة آمنة وان كانت الآن بمفردها في منطقة خليج سان فرانسيسكو، في ضواحي فريمونت، حيث تعاني من الآثار المؤلمة للقمع في شكل الحرمان من النوم الذي لا يزال قائما من وقتها في كابول التي مزقتها الحرب. تحاول إجراء بعض الاتصالات البشرية في منزلها الجديد، في حي يحوي مجموعة من المباني السكنية التي جذبت العديد من المهاجرين الأفغان الآخرين . وتعمل في مصنع كعك الحظ الصيني الذي تديره عائلة صينية في سان فرانسيسكو . وكان عليها أن تترك عائلتها وراءها. قد تكون في غربتها آمنة، ولكنها تشعر بالوحدة ويصيبها الأرق منذ ذلك الحين، حياة دونيا الانعزالية والمعاناة من الاغتراب وفقدان دفء الاسرة وهي تعيش في مجمع سكني في مدينة فريمونت . اثنان من جيرانها أفغانيان أيضا. الأول سالم (صديق أحمد) فنان ويعاني من الأرق أيضا ويراجع طبيب نفسي لحالة الكأبة التي يشكو منها. تقف معه في الخارج على ممرهم الأمامي المشترك، يتحدثان عن صعوبة الحياة في أمريكا والاندماج مع أهلها وهما يراقبان النجوم . يخبرها سليم كيف كانت النجوم على نافذته في أفغانستان ثابتة ومشعة ، بينما النجوم في الولايات المتحدة لا تضئ . "كيف يشعر الناس بالأمان في مكان تتغير فيه النجوم كثيرا؟" . أما الجار الأفغاني الثاني ، يحتقرها ويرفض التحدث معها ويعتبرها خائنة لعملها مع قوات الاحتلال الأمريكي في أفغانستان . عندما يتساءل سالم عن حالة دونيا التي لا تنام وحياة القلق الذي يلازمها والشعور بالوحدة الظاهرة، يقترح عليها رؤية طبيبه النفسي الدكتور أنتوني، ( الممثل الكوميدي جريج تاركينغتون). في البداية كانت مترددة، ولكنها تقتحم العيادة وبدون موعد سابق وتطلب من الطبيب فقط أن يصف الحبوب المنومة حتى تتمكن أخيرا من الحصول على قسط من النوم . إنها لا تريد أن تحفر في ماضيها. ولكن إصرار الطبيب جعلها تتحدث عن حياتها لتصبح حالة مرضية. وكان صبوراّ مع هذه المرأة ذات الأسرار التي تعاني بالتأكيد من الاكتئاب وكذالك تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة.
عالم دونيا، على الرغم من تفرقه وصغره لكنه مأهول بشكل واضح بحفنة من الشخصيات التي لا تنسى، بما في ذلك مديرها الصيني ومالك المعمل الحلويات المريح والودود (إدي تانغ)، وزوجته وشريكته التجارية الانتقامية (جنيفر مكاي)، وصاحب المطعم الصغير الأفغاني (فضل صديقي) حيث تتناول دونيا عشاءها بعد الانتهاء من دوريتها في المعمل. مجمع شقتها هو موطن للاجئين أفغان آخرين في البلاد قدموا بعد أن حصلوا على تأشيرات هجرة خاصة بعد الانسحاب العسكري الكارثي لعام 2021، بما في ذلك شوفيني مقيم (تيمور نوسراتي)، الذي يكره دونيا لتعاونها مع "العدو"، وأخر مقرب لها يدعى سليم، يلعب دوره ممثل آخر لأول مرة (صديق أحمد)، وهو فنان موسيقي روك رحيم بشكل طبيعي وصادق لدرجة أن يتمنى المرء أن يجد الفيلم مساحة أكبر لدفئه الساحر . وكذالك صديقتها مينا (طابان براز) زوجة سليمان (تيمور نوسرتي) . في بداية الفيلم، كانت الشابة دونيا تنتظر ثمانية أشهر للحصول على موعد مع طبيب نفسي لمساعدتها في مكافحة الأرق، وسالم هو الذي يعطي دونيا حجزه مع طبيبه المعالج (يلعبه الممثل الكوميدي جريج توركينغتون ). دونيا محاطة على الأقل بمعارف لطيفة، بما في ذلك العديد من زملاء العمل المبهجين الذين يتحدثون عن أحلامهم في اليقظة للفوز بمليون دولار ثم استثمار كل شيء في مجتمعهم . إنها ودودة مع صاحب مطعم مسلي تتردد عليه لتناول عاشها الذي يحاول إخفاء إدمانه للمسلسلات التلفزيونية التركية. هناك أيضا صاحب العمل الصيني اللطيف الذي يشجع الشابة في اختيار عبارات الحظ والتفاؤل المناسبة لدسها في علبة الحلويات. ويهمس في أذنها حكمة وبحق جميلة : " يكتب الأشخاص الذين يتمسكون بالذكريات بشكل جميل". وأخيرا، يمكن لدونيا أن تعتمد قليلا على معالجها الطبيب أنتوني الذي يسترشد برواية جاك لندن الشهيرة " الناب الابيض " أكثر من اللازم للمساعدة في تخفيف الأرق المستمر لمريضه. حين يربط بين الحالة المرضية للشابة دونيا وسلوك الكلب – الذئب في رواية الكاتب الامريكي ( جاك لندن ) .
تم تصوير فيلم "فريمونت" باللونين الأسود والأبيض ، شارك في كتابة السيناريو كل من المخرج جلالي وكارولينا كافالي ، دونيا هادئة وقليلة الكلام وليست الشخص الذي يثير ضجة. كل يوم تذهب إلى العمل وتستمع إلى الثرثرة المجنونة لزميلتها في العمل. بعد ذلك، تشاهد المسلسلات التركية على العشاء مع عزيز ( فضل صديقي)، الرجل المسن صاحب المطعم أفغاني، تقوم بدورها " أنيتا والي زادا " في اول ظهور سينمائي لها . عندما تمت ترقيتها لكتابة الكلمات التي تحمل الاماني والآمال ولصقها مع الكعك أو الحلويات من قبل الرئيس (إدي تانغ)، على أمل مقابلة رجل وتضع رقم هاتفها في ملف تعريف ارتباط . ومن أجل كسر عزلتها وإقامة اتصال خارجي باستخدام وظيفتها في كتابة النبوءات والتوقعات والصاقها مع الحلويات تقوم بكتابة رقم هاتفها لغرض التعارف ومواعدة الشباب. باتباع نصيحة زميلتها في العمل جوان (هيلدا شميل ينغ)، ستلتقي بالشاب دانيال (جريمي ألين وايت) في ظل ظروف غير عادية وسيشكلون معاّ علاقة رقيقة، إنه ميكانيكي خجول ويعيش في منطقة بيكرسفيلد، وستؤثر علاقتهما بقوة في شفائها والخروج من عزلتها .عندما يبدأ الفيلم، نرى الركائز الرئيسية الثلاث لحياة دونيا: المجتمع الأفغاني الصغير في المجمع السكني الذي تقيم فيه، وزملاء العمل الودودين ، وصديق أفغاني ثرثار مسن، مدمن على المسلسلات التركية الطويلة ويدير مطعما تتردد عليه دونيا .إنها ليست حياة سيئة، لكن دنيا تجد نفسها تعاني من نوبات من الأرق. وبعض المثابرة المثيرة للإعجاب حقا التي تظهر في مواجهة البيروقراطية الأمريكية، كشفت بعض من مشاكلها النفسية خلال الجلسات الطبيب (جريج توركينغتون كل ما تريده دونيا هو وصفة طبية لبعض الحبوب المنومة حتى تأخذ قسطاً كافياً للنوم . ولكن الطبيب ينوي القضاء على أسباب هذه الارق ، وقد تكون هناك بعض القيمة في مساعدة مريضه على تفريغ الأشياء وبالتالي يصر على الجلسات المتكررة. فعلاً تحتاج دونيا إلى مساعدة نفسية لتفريغ شحنات القلق. ويعرف طبيبها النفسي ( كيفية جعل هذه الجلسات حدثا هزليا من خلال الاستشهاد برواية" الناب الأبيض" لجاك لندن . والشخصية الموجودة في العنوان هي ذئب ، تعتبر هذه الرواية مرآة لعمل لندن الشهير الآخر(نداء البرية) ، والتي تروي قصة كلب أليف يتم اختطافه، فيتتبع غرائز أسلافه البريين لكي يبقى على قيد الحياة وسط الأحراش. يدرس الكتاب العنف داخل عالم الحيوانات البرية وعالم البشر الذي يماثله في العنف. ويستكشف الكتاب أيضا موضوعات معقدة كالأخلاق والفداء.
عملت دونيا كمترجمة أمريكية (من أجل المال) وتمكنت من مغادرة بلدها في واحدة من آخر رحلات الإجلاء قبل أن تتولى طالبان المسؤولية مرة أخرى في عام 2021. تشعر الآن بالذنب لكونها محظوظة ( في حين لا تزال عائلتها في خطر في أفغانستان)، وهي حقيقة لها عواقب وخيمة في حياتها الشخصية . في منتصف الفيلم تقريبا، يتم منح وجود دونيا الراكد دفعة جديدة بعد الموت المفاجئ للمرأة المسنة التي تكتب أحلام وقراءة الحظ على ورقة صغيرة تمثل الامنيات والاحلام بالثروة مع الكعك وقطع الشكولاتة وامال بفضل فرصة عمل جديدة ، بالإضافة إلى تصريح من صاحب المطعم صريح حين قال : "لا يوجد سبب لفتاة صغيرة مثلك لقضاء الأمسيات في مشاهدة التلفزيون مع رجل عجوز"، يقترح على الشابة الأفغانية دونيا بشكل أساسي بالحصول على شريك في حياتها، وكذالك تشجعها زميلتها في الاشتراك في تطبيق (المواعدة ) والعثور على شاب تتعرف عليه وتكسر عزلتها . لذلك تضع نفسها هناك عن وتخطو خطوة جريئة حين ترفق رقم هاتفها مع كعك الحظ لغرض المواعدة والتعرف على شاب . بالطبع، الحياة ليست بهذه البساطة في الولايات المتحدة . في حين منحت دونيا المرور إلى البلاد، فإنها لا تزال تكافح من أجل تغطية نفقاتها، حيث بالكاد يغطي راتبها الضعيف الطعام والسكن في فندق سكني متواضع. علاوة على ذلك، حتى لو سمحت لها وظيفتها في مصنع كعك الحظ اليدوي بدفع فواتيرها، فإن العمل الوضيع والمتكرر ليس محفزا بشكل خاص. من المفارقات بعد ذلك أن تقضي دونيا يومها في إشاعة الامل بدس أوراق الحظ داخل لحلوى مصممة لجعل الناس يشعرون بتحسن بشأن حظهم . عندما تكافح (دونيا ) من أجل تحسين وضعها المادي والاجتماع فأنها تواجه الصراعات النموذجية التي قد يواجها شخص في العشرينات في أمريكا اليوم. تشعر بأنها عالقة في وظيفتها في مصنع كعك الحظ، وأصدقاؤها يضغطون عليها حتى الآن، وتواجه مشكلة في النوم. كما أنها بعيدة عن عائلتها، عندما تحصل على ترقية غير متوقعة في وظيفتها، تتهور وترسل رقم هاتفها لغرض التعارف . "فريمونت" ه قصة صغيرة تسرد بشكل هادئ وساحر عن الحلم الأمريكي ومدى شعوره بالإحباط والخيبة عند الكثيرين ممن رست سفينة غربتهم عند الشاطئ الامريكي . ويوضح أنه لا يمكن العثور على الرضا الشخصي من المكاسب النقدية أو المادية، ولكن فقط من خلال التفاعل الهادف مع أولئك الموجودين في حياتنا، لذا يعمل المخرج في فيلمه في تخفيف هذا الخذلان بطريقة حساسة . أن قلبها الجميل على استعداد لتحمل عبء المعاناة، فمن حقها أن تقع في الحب كما قيل لها. لكن هذه الأشباح التي تطاردها تحبط من أمالها وتكسر روحها الهادئة . يقدرها صاحب عملها الصيني لذكرياتها الهادئة التي لم تغادرها ويقول لها : "يكتب الأشخاص الذين لديهم ذكريات بشكل جميل".
"دعونا لا ننسى أفغانستان": أنيتا والي زادا في أول تمثيل لها في فيلم “فريمونت"
يركز الفيلم الروائي الرابع للبريطاني المولود في إيران " بابك جلالي " على دونيا (الوافد الجديد أنيتا والي زادا). بالرغم من أن الممثلة "أنيتا والي زادا "التي تلعب دور اللاجئة الأفغانية دونيا في "فريمونت" لباباك جلالي. في اول دور سينمائي لها استطاعت ان تتجاوز حاجز اللغة ،لأن اللغة الإنجليزية ليست لغة أنيتا الأولى (لغتها الأولى هي الفارسية). كانت أنيتا تعمل صحفية في بلدها، وكانت هي وأختها معروفة بعملهما مراسلتين تلفزيون ويظهران على الشاشة. جعل هذا أنيتا هدفا لطالبان الذين كانوا يسلبون حقوق المرأة في التعليم، ويحرموها من العمل خارج المنزل، وتحديد كيف يرتدون ملابسهم . كان من المهم أن تقوم أنيتا بزيادة الوعي في الولايات المتحدة بوضع المرأة في أفغانستان. بدا أن التمثيل طريقة جيدة للقيام بذلك، و
يقول جلالي - ولم يكن العثور على شخص مثل والي زادا لتركيز القصة مهمة صغيرة ، وكان أداء والي زادا مثير للإعجاب. تتناقض شخصيتها الواقعية بشكل حاد مع شخصية " دونيا الهادئة في الفيلم ، ويضيف جلالي: "مجموعة الممثلات الأفغانيات المحترفات صغيرة جدا في أمريكا الشمالية وأوروبا". "قمنا بدعوة مفتوحة لمجموعة من الصبايا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك المراكز المجتمعية الأفغانية في الولايات المتحدة وكندا." تواصل الناس من أريزونا وفلوريدا وكاليفورنيا. كان معظمهم من الجيل الثاني من النساء الأفغانيات في العشرينات من أعمارهن". هناك بعض العناصر السحرية للفيلم، ولكنها ترتكز على حياة دونيا اليومية ، وعن تلك الفرصة تتحدث “أنيتا والي زادا " وتقول :"هربت من أفغانستان في عام 2021 عندما بدأت طالبان في الاستيلاء على السلطة. وبعد خمسة أشهر من وجودي في الولايات المتحدة، كنت أبحث عن بعض العمل للبدء في حياتي الجديدة هنا. جاء دور دونيا من خلال بحثي عن فرص جديدة.. لقد قمت ببعض الاختبارات وكان أحدها "فريمونت". أرسلت بريدا إلكترونيا إلى بابك جلالي أقول إنني مهتم بالدور وانا من أفغانستان وعمري 22 عاما ، أخبرته أنه ليس لدي خبرة في التمثيل من قبل، ولكن كان لدي بعض الخبرة في التعود على الشاشة من خلال عملي كمراسلة صحفية في أفغانستان ولم أكن أتوقع أنه سيكتب لي مرة أخرى، أو يرد على بريدي الإلكتروني، لكنني حاولت على أي حال. ثم لدهشتي، أرسل لي رسالة على بريدي الإلكتروني بالقيام بتجربة الأداء" . وأضافت : "آمل أن يرى الناس قوة النساء الأفغانيات في معركتهن من قوى التخلف والظلام المتمثلة بقوات طالبان الهمجية . من الصعب جدا شرح ما يحدث الآن في أفغانستان، لذلك علينا أن نقرأ المزيد عنه، وأن نرى المزيد، وعلينا أن نتحدث عنه أكثر. أنا سعيد بهذا الفيلم لأنه لا يظهر دونيا كضحية. لأنها ليست كذلك، إنها امرأة قوية و تفعل نفس الشيء مثل الرجال، سواء في أفغانستان أو في أي مكان آخر كشخص عامل وتجد طريقها في العالم . دعونا لا ننسى أفغانستان لأنه ليس الوقت المناسب. هناك يتم احتجاز النساء كرهائن في بسبب شريعة طالبان. يجب أن نتحدث عن ذلك. هناك الكثير مما يحدث، خاصة مع النساء. إنهم يمنعون النساء من التعليم والعمل خارج المنزل. ليس لدى النساء حتى الحق الآن في ارتداء أي شيء ملون، الأسود فقط يغطيها من قمة رأسها الى أخمص قدميها. من المهم أن نتحدث عن هذا، وآمل أن يبدأ الناس محادثات حول هذا الفيلم ".
يركز المخرج البريطاني/الإيراني، بابك جلالي على وجه زادا في اللقطات المقربة الذي يبدو قادرا بسهولة على إظهار المشاعر بطريقة هادئة جدا. غالبا ما تلتقط المصورة السينمائية "لورا فالادا " وجه زادا وهي تنظر بثبات وهدوء. يمكنك تقريبا الوصول الى أفكارها دون كلمة حوار . يقوم المخرج البريطاني الإيراني باباك جلالي والكاتبة المشاركة "كارولينا كافالي " بتسليط الضوء على دونيا ، وهي امرأة أفغانية شابة عازبة تعيش في المدينة التي تحمل اسما، ولكنها تعمل في مصنع كعك الحظ الصيني في سان فرانسيسكو. تعيش في مبنى سكني لا يوصف يسكنه عدد قليل من الأفغان الذين فروا بالمثل من الاضطرابات في أفغانستان من أجل حياة أكثر أمانا. ببساطة الفيلم عن تجربة الأفراد النازحين الذين هربوا من عنف واضطهاد في الوطن الأم ، ولكن التأثير النفسي للاغتراب ومن يتركون وراءهم يسبب تكوين العديد من الندوب في الروح . هناك العديد من المشاهد التي تظهر وجود دونيا الهادئ والوحيد. إنها تعمل ببساطة في المصنع وتعيش في فريمونت مع لاجئين أفغان آخرين. ربما تكون علاقتها مع جارها سليم هي الأكثر تأثيرا. في لحظة ضعف، تسأله عن عدم يقينها الذي يزن ندمها العميق مع الرغبة في الاتصال. يريحها، قائلا: "طالما أن قلبك يتحمل عبء المعاناة وطالما أنكِ لا تنسي الماضي ... الوقوع في الحب هو علاجك ". وفي النهاية نتابع دونيا وهي تلتقي بميكانيكي وحيد (جيريمي ألين وايت)، الذي يشجعها عند دعوته لها على فنجان من القهوة. اللحظات الختامية لفيرمونت هائلة، تذكرنا باحتضان مفاجآت الحياة وتجربتها بقلوب مفتوحة. لا يقدم الفيلم حلا لجميع صعوبات دونيا، لكنه يكشف عن قدر كبير من الأمل للشخصية .
في الختام : الفيلم هو تأمل ساحر ومؤثر في الحب والشعور بالذنب والحزن . يحرك جلالي القصة بوتيرة محسوبة. إنه يثير إحساس دونيا بالملل والشوق غير المعلن لشيء أكثر من ذلك. إنه شعور يزداد حدة من خلال التصوير الفوتوغرافي بالأبيض والأسود المذهل بشكل صارخ. الإيراني جلالي لديه عين ممتازة للإخراج، والفيلم جذاب بصريا مع بعض التصوير السينمائي الرائع (بواسطة لورا فالاداو). تصوير شخصيات يشعرون بأنهم مسكونون بماضيهم ويجدون أنفسهم يبحثون باستمرار عن شعور بالانتماء في بلد يسكنه النفوس المفقودة . فيلم ساحر جدا ومدروس ومصمم بعناية حول آلام النزوح، وجروح الحنين إلى الوطن، ورغباتنا في الهروب من ليالي الوحدة المضطربة.
علي المسعود