نور زهير اللغز الذي أمكن حلٌه
علي الكاش
نور زهير اللغز الذي أمكن حلٌه
قال جورج اورويل « لغة السياسة تم تصميمها لتجعل الكذب يبدو صدقا، والقتل محترما".
اطلق رئيس هيئة النزاهة (حيدر حنون) لقب (بطل الجريمة) على المتهم المكفل نور زهير جاسم، فتبين الحاج ان نور زهير متهم وليس مجرما كما تصورنا!! لكن كيف متهم ومجرم في نفس الوقت يا قاضي القضاة، بل بطل جريمة؟ الحقيقة نور بطل لأنه تجاوز على الحكومة والقضاء وانتعلهم.
لقد اثارت سرقة القرن التي اقتربت من ثلاث مليارات دولار الراي العام العراقي وما زالت تعصف بحقيقة ما حدث ويحدث في ضوء اخفاق حكومة السيرك في كشف الحقيقة للرأي العام العراقي، وقد وعد رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بعد ظهوره في مشهد كوميدي مع رزم نقدية لا تمثل سوى 5% من مجمل السرقة بإعادة المبلغ المسروق خلال أسبوع او اثنين ومرت عشرات الأسابيع دون ان تتمكن الحكومة من استرجاع أي جزء آخر من السرقة، وحدث نفس الامر مع سرقة للنائب السابق هيثم الجبوري الذي أعاد جزء من السرقة.
زاد الامر غموضا هو قيام القاضي الشيعي ضياء جعفر بأطلاق سراح اللصين مقابل كفالة ووعد من اللصان بإعادة المبلغ المسروق، وهذه حالة نادرة في القضاء لا سابق عهد بها في جميع دول العالم، وكانت الحجة اسخف من الحكم، على اعتبار ان اطلاق سراح اللصين الغرض منه بيعهما القصور التي اشتراها في العراق ودول الخليج وعمان وتركيا، مع انها من المعروف ان القضاء في هكذا حالات يمكنه ان يصادر الأموال المنقولة وغير المنقولة للصوص.
رغم ان الأموال المسروقة هائلة لم تتطرق مرجعية النجف التي تدس انفها في كل المسائل المهمة بهذا الموضوع، بل حتى خطباء المنابر الحسينية لم يتطرقوا للسرقة، كأنهم تسلموا توجيهات بعدم الخوض في هذا الطوطم، حتى رجال القضاء ومنهم رئيس المحكمة الاتحادية العليا الشيعي الولائي جاسم محمد المعموري ورئيس مجلس القضاء الأعلى الشيعي الولائي فائق زيدان لم يتطرقا الى الموضوع، مع انهم تدخلوا في مسائل اقل أهمية وليست من اختصاصهما.
ما زال اللصان يتمتعان بحرية تامة في التنقل والسفر والمشاركة في الاستثمارات داخل العراق وخارجه، بل ان نور زهير حج هذا العام مع مجموعه من أصدقائه اللصوص وعلى حسابه الشخصي بطائرة خاصة.
سرقة القرن يحيطها الغموض من كل جانب، ولا يمكن سبر اغوارها، صحيح ان مصادر عدة كشفت تورط الزعماء السياسيين في سرقة القرن ومنهم هادي العامري وقيس الخزعلي وعمار الحكيم ونوري المالكي ومحمد شياع السوداني الذي تسلم قصرا في المنصور من نور زهير، لكن تبقى المسألة غامضة، فهناك خيط خفي لم يكشف عنه بعد. فقد كشف السياسي مشعان الجبوري في تغريدة " ان سرقة القرن يقف ورائها قادة الخط الأول". اي كما قال باولو كوبلو " لا تسرق فالحكومة تكره من ينافسها".
فكر مع نفسك: من له القدرة على ان يسكت الجميع، أي السلطات الثلاث برؤسائها، ويلجم السنتهم، ولا يستطيعوا التمرد على أوامره؟
لنقرأ تصريحا متلفزا لواحد من قادة الميليشيات وهو (علي تركي الجمالي) النائب عن كتلة الصادقون النيابية الجناح السياسي لميليشيا العصائب في 3/8/2024 ان " هناك خشية من خراب العملية السياسية بكشف أسماء المتورطين في سرقة الأمانات الضريبية المعروفة بـسرقة القرن، وان التحقيقات كشفت عن ان أموال سرقة القرن بلغت 3.5 مليار دولار، وتمت خلال 8 اشهر في وقت كان من المفترض اضافة هذه الاموال الى الموازنة. ان الخلاف على الحصص هو من تسبب بكشف سرقة القرن وليس اي جهة مختصة، الكشف عن الارقام الحقيقية للسرقة لن يتم".
من عجائب العراق انه لحد اليوم لا يعرف مجلس النواب ولا الحكومة ولا رئيس المحكمة العليا حجم الأموال المسروقة باعتراف النائب المستقل عدنان الجابري، فقد صرح في 3/8/2024 في حديث متلفز، إن " المبلغ الذي سرق من الامانات الضريبة أكبر من الرقم المعلن، وان عدم اعلان الرقم الصحيح للأموال المسروقة من سرقة الامانات الضريبة يدعونا الى التساؤل عن وجود سرقات أخرى لم تكتشف بعد".
اين الحقيقة؟
في احدى سهرات نور زهير الخاصة في دولة الامارات (أبو ظبي)، سأل احد كبار المستثمرين نور زهير فيما اذا انتهت قضيته ام ما تزال مفتوحة؟ فأجابه: لا أحد يستطيع ان يفتح الموضوع، فقد ادينا المطلوب شرعا، واطعمنا جميع الزعماء، ولا أحد يجرأ على الخوض فيه، وما يقال في الاعلام وعن المحاكمة مجرد هراء، الموضوع انتهى فيما يتعلق بيٌ، والا أحرقت الجميع!
لم يطلب المستثمر الاماراتي المزيد من المعلومات، ولم يفصل نور زهير المزيد من التفاصيل، فقد انتهى الموضوع، وتحول الحديث عن المشروع الاستثماري بين الطرفين، بعد ان انقشعت غيمة الشك عند المستثمر، وزالت مخاوفه.
كان المستثمر ونور زهير ينويا القيام بمشروع استثماري كبير في الامارات، لكن المستثمر كان متخوفا من الملاحقة القضائية لنور زهير، وبالتالي يفشل المشروع بإلقاء القبض على نور زهير. احد الحضور هو من سرب هذه المعلومة، وهو مصدر ثقة.
هنا يثار السؤال التالي: عرفنا اطعام كبار الزعماء، لكن ما المقصود ادينا المطلوب شرعا، ولمن أداه زهير؟
لابد من شحن الذاكرة قليلا لمعرفة الجواب، فقد اخذت المسألة بعدا عقائديا.
من شجع النهب والسلب في العراق؟
يتساءل البعض لماذا اندفع الشيعة لسرقة ممتلكات الدولة منذ احتلال العراق، ومازال سياق النهب والسلب مستمر لحد الآن مع عجز القضاء والحكومة على اقتلاع جذور الفساد، اليك الحقيقة المرة التي يحاول البعض اخفائها:
أفتى المرجع الشيعي علي السيستاني الفتوى التالية" المعادن كالذهب والفضة والنحاس والحديد، والكبريت والزئبق ، والفيروز والياقوت ، والملح والنفط والفحم الحجري وامثال ذلك ـ فهي من الأنفال. أي من الغنائم . فأن الدَّولة، بعصر الغيبة، كلّ ما تملكه يُعد امرا مغتصباً، وكل من يستولى عليه من قبل الاخرين لا يُعد فساداً ولا سرقة". (المسائل المنتخبة/254). بمعنى ان المرجع الأعلى وجد حلا لمشكلة اللصوص وهي بدفع الخمس لحضرته، ويزال الإثم عنها. لا اعرف هل هناك دين يحل السرقات ما عدا الدين الشيعي؟
من حق الشيعي ان يسرق ممتلكات الدولة وممتلكات أهل السنةيدعي المرجع " ان السنة انفسنا"، لا اعرف ان كان يضحك على شيعته أم أهل السنة أم على نفسه؟علاوة على ما ذكرناه في أعلاه من حق الشيعي ان يسرق أموال وممتلكات الدولة واهل السنة وبقية الأديان والمذاهب بموجب فتوى من كبار مراجع الشيعة، جاء في موقع علي السيستاني" السؤال: هل يجوز الاقتراض من البنوك والشركات غير الإسلامية؟الجواب: البنوك والمؤسسات التي يقوم غير المسلمين بتمويلها – أهلية كانت أم غيرها – فيمكن قبض المال منها وتملكه لا بقصد الاقتراض فيجوز له التصرف فيه بلا حاجة إلى إذن الحاكم الشرعي.أي يمكن الحصول على الاموال من البنوك والمؤسسات التي يمولها غير المُسلمين مهما كان نوعها اهلية او حكومية على سبيل (التملك) اي تصبح ملكا للشخص المُسلم، لا على سبيل القرض (الدين) والتملك للمال دون وجه حق يسمح له بعدم اعادته اي (سرقته) ومَنَح السارق حق التصرف بالمال المسروق".لذا لا تلم الشيعي عندما يسرق الدولة وممتلكات اهل السنة كما فعل الحشد الشعبي في سرقة مصفى بيجي ومحطة كهرباء صلاح الدين وبقية المؤسسات الحكومية، انتهاءٌ بسرقة القرن التي بلغت ( مليار دولار والمخفي اكبر. ولم يجرِ تحقيق في سرقات محافظة صلاح الدين، وكذلك سرقة ممتلكات المواطنين في المناطق المنهوبة (المحررة وفق الميليشيات الشيعية)، فالشيعي يبررها بالقول ( خليها برأس عالم، واطلع منها سالم)، متجاهلين قوله تعالى في سورة المدثر/38 ((كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)). وقوله تعالى في سورة الزلزلة6ـ7 (( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)). سيذهب بعون الله مراجع الشيعة الى السماء وهم محملون بملايين الذنوب بسبب فتاويهم الضالة وسيتبعهم المستحمرون الذين سلموا عقولهم لسادتهم. قال الله تبارك وتعالى في سورة العنكبوت/41 (( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)). ولات ساعة مندم. الخاتمة
امتنع نور زهير في حضور محاكمته في 14/08/2024 لأنه يقضي اجازته في ابوظبي، مع ان قاعة المحكمة غصت بعدد كبير من المحامين. نور زهير غير مشمول بضوابط منع السفر، ولا بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة، بل انه يدير مشاريع استثمارية داخل العراق وخارجه، ويقال موانئ العراق (الوزارة عائدة لمنظمة بدر الإرهابية). علما ان المادة التي بموجبها توقيفه هي (444) وهي تخص الموظفين فقط، علما ان نور زهير ليس موظفا، ويفترض ان يحاكم وفق المادة (331) التي تخص غير الموظفين. بمعنى لن القضاء متواطئ مع المجرم.
اشارت عضو مجلس النواب (سروة عبد الواحد) في 14/8/2024 " عندما كان نور زهير في العراق؛ وتحت أنظار المسؤولين، لم تتخذ الجهات الرسّمية أي إجراءات بحقه، واليوم عندما هرب من العراق بمساعدة المتورطين معه والمسُّاندين له بعملية (سرقة القرن)، يُريدون محاكمته. ان نور زهير خرج ولم يُعد، لأن هناك طبخة مسّبقة لعدم عودته إلى العراق بعد أن قام بأكبر سرقة ربما بتاريخ العراق".
حي الله العدالة في العراق، ونوم هادئ للمدعي العام، وشكرا لرئيس مجلس الوزراء على تنفيذ وعده بإعادة المبالغ المسروقة خلال أسبوعين، وشكرا لمجلس النواب في محافظتهم على المال العراقي.
هنيئا لهادي العامري وعمار الحكيم ونوري المالكي ومحمد شياع السوداني ومقتدى الصدر وفائق زيدان ومحمد الحلبوسي وبقية الشراذم على حصصكم المليونية من المال السحت الحرام.
أقول لنور زهير: مبروك البراءة. سيكون قرار المحكمة (حكم بالسجن لمدة سنة غيابيا مع وقف التنفيذ وغرامة مالية)، علما ان المادة (444) لا تشمل الغرامة بل السجن.