أسرار الأهداف الإستراتيجية في الحرب على غزة من وجهة نظر صهيونية / اللوبي العربي العالمي
2012-11-20
ملتقى كل العرب: إعداد: معتز أحمد
كتب عاموس يادلين رئيس معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ، بأن الجمهور الإسرائيلي بأن ومتخذو القرارات يدركون بأن شعارات مثل القضاء على حماس أو التحاور مع حماس لا تؤدي إلى الانتصار في الحرب، ولا إلى حل المشكلة الفلسطينية؛ ولذلك فإن أهداف عملية «عمود السماء» مدروسة، وتمت صياغتها بدقة، وه
ي تقوم على إعادة تفعيل الردع الإسرائيلي في مواجهة حماس من خلال توجيه ضربة قاسية إلى المنظمات الإرهابية الفلسطينية في غزة.
لقد بدأت العملية العسكرية بنجاح أمني واستخباراتي كبير، وذلك رغم عدم تدمير المنظومة الإستراتيجية للصواريخ تدميرا مطلقا، فإن العملية حققت أهدافها بصورة كاملة تقريبا. لقد دلت حرب لبنان الثانية عام 2006، وعملية الرصاص المصبوب في عام 2008 على الحاجة إلى فترة هضم كي تبدأ قوة الضربة الثانية بالتأثير في متخذي القرارات لدى الطرف الثاني، فإن العملية الحالية بحاجة إلى قيادة مسئولة وحكيمة تقوم وفي وقت واحد بمواصلة القتال وزيادة الضرر اللاحق بحركة حماس وبالإعداد لعملية برية واسعة وأيضاً بالبحث عن فرصة من أجل إنهاء الجولة الحالية من القتال في ضوء ما حققته حتى الآن.
وهنا يبرز دور مصر في إيجاد آلية من أجل إنهاء القتال. فإذا كانت مصر تتطلع إلى تقوية موقعها الإقليمي ونفوذها، فإن عملية المحافظة على قنوات الاتصال مع إسرائيل، والدفاع عن دورها كوسيط قادر على إنهاء جولة التصعيد. وتكمن الإشارة هنا إلى أن استدعاء السفير المصري في إسرائيل ليس خطوة استثنائية في سلم ردات الفعل المصرية التقليدية على أحداث من هذا النوع، وفي عام 1982 استدعت مصر سفيرها في إسرائيل احتجاجا على حرب لبنان الأولى، وهذا ما فعلته أيضا في أثناء عملية الجدار الواقي في عام 2002. ومما لا شك فيه أن إرسال مصر رئيس حكومتها هشام قنديل إلى غزة هو دليل على رغبتها في لعب دور الوسيط من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار في أقرب وقت ممكن. من هنا يتعين على القيادتين سواء في إسرائيل أو القاهرة التغلب على الخلافات في وجهات النظر القائمة بينهما اليوم، والسماح للوساطة المصرية البناءة بإنهاء جولة القتال الحالية في أقرب وقت ممكن.
إن إسرائيل تحظى اليوم بدعم كبير من جانب الولايات المتحدة؛ إذ وقف الرئيس أوباما وسفيرته في الأمم المتحدة إلى جانبها، ودفاعا عن حقها في حماية أمن مواطنيها. وكذلك فعلت بريطانيا عبر إدانتها قصف حماس للبلدات الإسرائيلية ومطالبتها بإنهاء جولة العنف، الأمر الذي يدل على نجاح إسرائيل في تحقيق أهدافها من دون أن تدفع ثمنا سياسيا باهظا. ومما لا شك فيه أن عملية عمود السماء هي عملية مشروعة من الناحية الأخلاقية والقانونية؛ إذ دأبت إسرائيل لفترة طويلة على ممارسة ضبط النفس، لكن الاضطراب غير المحتمل في وتيرة الحياة الطبيعية في جنوب إسرائيل، وانضمام حركة حماس إلى التنظيمات الإرهابية المتطرفة، ومشاركتها في العمليات في القطاع بدلا من لجمها، مثلما جرى في حادثتين هما محاولة الهجوم على القوات الإسرائيلية داخل أراضي إسرائيل من خلال نفق مزروع بالألغام، ومهاجمة سيارة عسكرية كانت تمر في الجزء الشرقي من الحدود، كل ذلك استوجب ردا من الدولة الإسرائيلية التي من واجبها حماية أمن مواطنيها والدفاع عن سيادتها.
من هنا يمكن القول إن ما يجري على الجبهة الجنوبية ليس اغتيالا أو انتقاما، وإنما مواجهة عسكرية بين جيش الإحتلال الصهيوني والجيش الفلسطيني واستهداف لقيادات الخصم البارزة ولمخازن أسلحته الإستراتيجية. وتجدر الإشارة إلى أن جبهة غزة هي مجرد جبهة واحدة داخل الساحة الفلسطينية الواسعة، وأن أي حل في المدى البعيد يجب أن يتضمن رؤية تشمل جزأين:
السلطة الفلسطينية وحماس. وفي ظل جمود العملية السياسية وتجاهل السياسة الإسرائيلية المعتدلين في المعسكر الفلسطيني، فإن الشرعية الإسرائيلية على الساحة الدولية ستتبدد بسرعة كلما تواصلت العملية العسكرية في غزة، وكلما ارتفع عدد المصابين من المدنيين الفلسطينيين. بناء على ذلك يجب أن تشمل الإستراتيجية الإسرائيلية تقديم أي هدايا أو منح إلى العناصر الفلسطينية المعتدلة من أجل تعزيز مكانتهم، وتوجيه ضربات قاسية جدا ضد العناصر الإرهابية المتطرفة الفلسطينية بهدف إضعافها. كذلك على إسرائيل أن توضح لـ «حماس» أن سلاح الجو لم يستنفد كامل قدراته وما زال لديه مئات الأهداف التي لم يهاجمها بعد.
لقد شكل الانفصال عن غزة عملية إستراتيجية مهمة خدمت أمن دولة إسرائيل، من هنا يجب الامتناع من العودة إلى الاحتلال الكامل للقطاع، ذلك بأن سيطرة إسرائيل من جديد على مليون ونصف المليون فلسطيني هو خطأ استراتيجي خطير، لكن في حال لم توافق حماس على وقف القتال يجب أن يكون جيش الإحتلال الصهيوني مستعدا للقيام بعملية برية واسعة النطاق في غزة، ويمكن القيام بعدد من الخطوات الأولية من أجل ردع حماس مثل:
احتلال المناطق الحدودية وتدمير الأنفاق والمواقع الهجومية التابعة لـ «حماس»، وتقسيم القطاع، وقطع الطريق أمام العناصر الإرهابية. على إسرائيل أن تظهر إصرارها الكامل على توسيع نطاق الهجوم على حماس من أجل زيادة الضغط على الحركة واسترجاع القدرة على الردع في مواجهتها. ونظرا إلى أن سلوك حماس في غزة يشبه سلوك الدولة فإنه يتعين على إسرائيل أن تستغل ذلك لمطالبة الحركة بتحمل مسؤولياتها، وفي المقابل البحث عن فرصة لوقف القتال بعد تحقيق أهداف العملية العسكرية.