قطاع غزة والضفة الغربية وحدة جغرافية واحدة.. هل من دليل؟!
((مابين السطور))
سعيد موسى
توقفت عقارب زمن الوحدة الجغرافية والديموجرافيا الفلسطينية عمليا منذ أربع سنوات عند نقطة صفر الانقسام، والذي اختلف القوم على تسميته مابين حسم القضية أو الانقلاب على الشرعية، وكان ذلك بداية الدوامة التي عصفت بكل ركائز مواجهة التحديات ، سواء أكانت على مستوى المعترك السياسي أو المعترك العسكري مع الكيان الصهيوني، وبلعنة ذلك المنعطف الآثم أصبحت كل مقومات الصمود والتحرير في مهب الرياح، وقد تبدلت الأولويات الوطنية من مواجهة مشرفة مع الاحتلال إلى مواجهة العار مع الذات الوطنية، والتي طالها الانقسام الأغبر اللعين سواء انقسام إنساننا الفلسطيني والذي هو أغلى ما نملك، وتقوقعه بايدولوجيا الامعية والألمعية والتعصب الحزبي الأعمى ضد كل ماهو حق وثابت ومصير جماعي، أو انقسام ماتبقى من مسميات الوطن فلسطين"الضفة وغزة"، وقد عمد الاحتلال منذ فترة طويلة إلى وضع مخططاته المحكمة لفصل الجسد المتجانس برسم الدم ووحدة الجبهة والهدف، وصولا إلى الانقسام الشامل على المستويين الجغرافي"الأرض" والديموجرافي" الإنسان" وصولا إلى كيانين وإنسانين وقضيتين واختلاف الأولويات والعض بنواجذ الشيطان على جحيم السلطات وكل يغني على ليلاه وشعب البطولة والشهداء الذي يتعرض إلى أبشع مؤامرة في التاريخ السياسي لايملك غير لغة التأفف والصمت الدامي لايحرك ساكنا حيال تكريس كارثة الانقسام، مما حدا بواضعي اللبنات الأولى للانقسام من الصهاينة إلى التشدق حتى في مواجهة القيادة السياسية عندما تتحدث بلسان حال التمثيل الشرعي لكل الأرض وكل الإنسان الفلسطيني، سرعان ما يباغتها صفعة الرد الصهيوني المدعم بواقع فلسطيني متشرذم وارض مقسومة الشرعيات على الواقع وشرعيات مغتصبة لا تمثل هذا الشعب منذ ان انتهت صلاحيات الشرعية المغتصبة، ليكون لسان حال الإجرام الصهيوني بلغة واحدة وبسخرية وخبث صهيوني، ماد ليلكم على وحدة القضية والأرض والإنسان والهدف؟ يمدحون ويقدحون بشكل يدعوا للغثيان في هذا الفريق وفي ذاك، ويقذفون بسمومهم لتكون زادا لكل فريق في مواجهة الآخر وصولا إلى قطاع غزة للغزيين ولسلطة الأمر الواقع التي تدعي بان لاشرعية سواها، والضفة الغربية لأهلها ولسلطة تسيير أعمال لا يعترف العالم بشرعية سواها، رغم ان الشعب المنسي أو المقموع هو واضع وصانع الشرعيات تم تهميشه ومصادرة حقه في اختيار سلطته بانتخابات تكون ردا وصفعة على عنق الكيان الصهيوني ومبرراته بان غزة والضفة كيانين بسلطتين وبهويتين، حتى تجرئوا مؤخرا على الكشف عن عورة مخططهم الأسود بصناعة الانقسام واستماتة البعض على تكريسه كنعمة حزبية ومن بعدها الطوفان، فكان القرار العسكري الإجرامي العنصري 1650 عبارة عن منجل لحصاد ثمار الانقسام ولوضع مسمار صهيوني في نعش الوحدة والقضية الفلسطينية، لكي تكون الإجابة بلغة واقعية ان عشرات الألوف من الإنسان الغزي المتواجد في الضفة الغربية، يجب ان يرحل عنها لان وجوده على خارطة جريمة الانقسام غير شرعي، وانه على المواطن الغزي ان يذهب لكيانه في قطاع غزة"المحررة!!!" وتطهير الضفة الغربية المحتلة من تلك الجنسية الغزية، ومن ثم التفرغ لمزيد من التطهير العرقي المقدسي من القدس صوب مدن وقرى وبلدات الضفة الغربية، التي لا تشمل وفق اللاوحدة جغرافية واللا وحدة ديموجرافية، القدس الشرقية.
ان الاستمرار في تكريس الانقسام، والحكم بالحديد والنار، ولعبة الاعتقال السياسي وإطفاء لون حزبي واحد على شطري الوطن وما دونه عدو أو في مصاف الأعداء، إنما هو الترديد الواقعي للمبرر الصهيوني بالسخرية الخبيثة من مقولة" وحدة جغرافية وديموجرافية واحدة" والواقع عكس ذلك تماما وطن ممزق بواسطة مغتصبات الصهاينة وعصابات مستوطنيها، وصولا إلى مزيد من التمزيق لميثاق شرف الوحدة الوطنية ووصايا الشهداء ، ليتم إعلان الفصل على ارض الواقع بأيدي فلسطينية عابثة بالدم والمصير ووضع المصلحة الحزبية البغيضة فوق كل مصلحة وطنية لم يتبقى منها سوى الشعار، ومازال الفرقاء يدورون كما ثور الساقية في دائرة الانقسام المغلقة ليكون في ذلك الدوران الآثم تقديم المصلحة الصهيونية على المصلحة الوطنية الفلسطينية، والحقيقة ان أي تبريرات ومبررات وشعارات هي الخيانة بعينها لدماء الشهداء شراكة حقيقية في تصفية القضية الفلسطينية وتمزيق تلك الوحدة الجغرافية والديموغرافية التي قضى من اجل ترجمتها على ارض الواقع عشرات الألوف من الشهداء الأبرار.
الشعار الفلسطيني وحدة جغرافية وديمغرافية واحدة، والفعل والقرار الحزبي الأسود كيانين وسلطتين وشعبين غزي وضفاوي، والمخطط الصهيوني يترعرع وينمو بأدوات الحرص مهما كلف الثمن من جرائم على سلطة"أي سلطة" المهم التحكم في رقاب هذا الشعب ومن لا يعجبه فليبحث له عن وطن في أحشاء أو أقاصي الأرض، وما على هذا الشعب المنقسم على ذاته بروح التبعية للسلطان وبفعل الهراوة والحديد والنار سوى التسليم بتقاطع المصالح الحزبية والصهيونية والإقرار بوحدة سلطة وحدود الإقليم الغزي والإقليم الضفاوي المنشطرين، ومن يعترض فعليه الاحتفاظ بسرية اعتراضه لنفسه واي حراك صوب إسقاط حلم الصهاينة بهذا الانشطار سيعتبر تمردا ويقمع بشكل دموي لاهوادة ولا رحمة فيه، تنسيق في ادني حدوده بين سلطتين وتنسيق في حدود معينة بشكل مباشر أو غير مباشر مع الاحتلال، وحرص على تهدئة والاحتفاظ بالمقاومة مجرد شعار،فقد سقطت برسم هذا الانقسام الذي يعتبر في الأجندات الحزبية منحة ونعمة من السماء وحقيقته فعل شيطاني بثلج صدور الصهاينة ويحرق صدر وروح كل وطني حر وشريف في زمن الانقسام المر الذي عز في ظلامه الأحرار والشرفاء
إنها الطامة الكبرى ليصبح الوطن وطنين والهم همين والشعب شعبين، والجغرافيا والديموجرافيا شطرين، انه زمن الحصاد الصهيوني وزمن الانهيار الفلسطيني، ومن يدعي غير ذلك فليترك شعاراته العفنة وليفجر عاصفة المصالحة والوحدة في وجه عدو صهيوني متربص جبان، واي تقاعس وتردد عن توجيه البوصلة صوب ذلك الهدف المصيري يعني بان المتثاقل عن تحقيق المصالحة الإستراتيجية المصيرية إنما يقبل بل يصر على ان يبقى أداة رخيصة في يد الصهاينة مهما قدم من أعذار ومبررات أصبحت تزكم الأنوف وتكون اكبر مبررات ومعطيات للصهاينة كي ينفذوا ما تبقى من خيوط الفصل الأسود بين الضفة وغزة، فالوحدة الجغرافية والديمغرافية الوطنية ليست مجرد شعار يعتقد مطلقيه ان شعبنا المقموع ساذج، ليدعي كل فرح بسلطته الشيطانية بأنه يوفر الأمن والأمان، فأي وضع مع الانقسام هو ضياع ورعب وعبث بروح الأرض والإنسان، والواقع يقول ان الصهاينة يحرصون على تدمير مقومات الوحدة الجغرافية والديمغرافية الفلسطينية الواحدة وذلك للتفرد بالكنتونات التي تخط حدودها المغتصبات والمغتصبين الصهاينة، فهل يقبل من يدعي تكريس القانون وتحقيق الأمن والأمان، ان يكون مغتصبا لشرعية شعبية منتهية صلاحيات ويحول دون تفعيلها وتجديدها، وهل يقبل كل من ادعى بالشعار انه الحرص ان يكون سيفا آخر بموازاة سيف الاستيطان والصور، لتوجيه طعنات إلى الوحدة الجغرافية والديموجرافية للأرض والإنسان والقضية الفلسطينية ومن ثم يدعي ان الآخر هو الخائن وهو الذي لا يريد تحقيق المصالحة الوطنية، والتي هي حبل نجاة آخذ بالتهتك جراء الحرص على الكرسي اللعين ومزاياه الجحيمية على مصير الشعب والقضية، بل تلك المصالحة المنشودة هي السيف البتار لرقبة الحلم الصهيوني الأسود بتكريس الانقسام لتنصب الجهود في جدلية كيان غزة وكيان الضفة الغربية ونستعوض الله في حلم الوحدة والاستقلال بالدولة العربية الفلسطينية.
التاريخ لن يرحم والجماهير من الجنون المراهنة على صمتها حيال جريمة الانقسام مهما اعتقد البعض بأنها جماهير جبانة وميتة، فالصمت على تكريس الانقسام والقبول بمجرد شعار المقاومة إنما هو تساوي الموت والحياة، ولا كرامة لأحزاب أو جماهير تقبل بالتوحد والالتقاء بين هدف الفئوية الحزبية التي تشطر الوطن والشعب الواحد إلى شطرين وشعبين،وتتجلى السيادة في أبشع صورها من القمع والتسلط على الآخر ، لدرجة تترجم الانهيار الوطني والتضحية بكل مواثيق الشرف الوطني، عندما يمنع احد أطراف الانقسام وليس الاحتلال تنقل أي مواطن أو مسئول من والى غزة والضفة، وبين الجرائم الصهيونية من حصار وتهويد وتدمير للإنسان والاقتصاد والمقدسات والانقسام اللعين هو الأرضية الخصبة للمشروع والحلم الصهيوني القديم الحديث المستقبلي، فلمن لا يلهث ويستميت لتحقيق هدف الوحدة الديموجرافية والجغرافية بالمصالحة العاجلة الغير آجلة، نقول لا نامت أعين الجبناء، وان الرغبة الجماهيرية المكبوتة والإرادة المقموعة لانتزاع وحدة الأرض والإنسان والقضية من بين براثن وأنياب المخطط الصهيوني والانقسام الوطني لن يكتب لها الاستدامة ، فلكل شيء بداية ونهاية ولكل ليل يطلع نهار، المهم ان قلم التاريخ يكتب حاليا بحروف من نار وعار، لعنة كوثيقة للأجيال ضد كل من يتوانى ويتلكأ في تسيير السفينة الوطنية التي تغرق ويغرق كل من عليها إلى بر الأمان ، وقبل ان تصل إلى أعماق محيط وشبح الانقسام وغول الصهاينة الذي يغرس بأنيابه الاستيطانية والانقسامية سيان وينهش كل محاولات وشعارات الوحدة الوطنية للإنسان والأرض الفلسطينية، وما دون ذلك فنكبة الانقسام هي بمثابة الضربة الصهيونية كما الحزبية الفلسطينية المتطرفة والقاضية لكل حلم طفل وشهيد فلسطيني، وليتحمل من يعيق إغماد سيف الوحدة في أحشاء الانقسام وأحشاء المشروع الصهيوني، ليتحمل تبعات حساباته التاريخية والوطنية الخاطئة والخطيئة، فالانقسام يعني ان لاوحدة جغرافية ولا ديموجرافية واحدة، والمصالحة اكبر برهان يقذف به في وجه الصهاينة وفي وجه المصالح الفئوية الحزبية السلطوية العفنة بان لا صوت ولا هدف يعلوا فوق صوت وهدف تحقيق واستعادة الوحدة الوطنية كصمام أمان ودرع واقي من شرور المشاريع التصفوية الصهيونية، والمشاريع المشوهة الحزبية، بل المصالحة فعل لا شعار هي الأمن والأمان وعنوان وحدة الدم والمصير والأرض والإنسان الفلسطيني وبالتالي سقوط كل ركائز المشروع المسح الصهيوني، وما دون ذلك على غزة والضفة وفلسطين ودماء الشهداء السلام، فوحدة الأرض والإنسان الفلسطيني هي روح الثوابت، ونفي تلك الروح والثوابت هي فلسفة الاحتلال الصهيوني وعرابي الانقسام ، فكل من له مصلحة في استمرار الانقسام مع سذاجة وقباحة ووقاحة التبرير، إنما ينتهج الثابت اللاوطني المعاكس، بان لا وحدة جغرافية ولا وحدة ديموجرافية بين قطاع غزة والضفة الغربية، فهل على ارض الواقع باستثناء الرغبة والإجراءات الصهيونية، هل يمارس شطري المصيبة والكارثة والنكبة والنكسة الوطنية الفلسطينية تكريس واقع الفصل لصالح النظرة الحزبية الفئوية الضيقة؟ أم نبقى كثور الساقية وزفة الطرشان نتعامل مع شعارات نظرية بنعيق الوحدة الجغرافية والديموجرافية، وعلى الأرض كسلوك يتم ممارسة جريمة إجراءات الفصل بأيدي حزبية بالتماهي المشبوه مع ممارسات مشابهة بأيدي صهيونية؟فكم ستكون النتيجة طعنة إلى التاريخ والشرف الوطني وخيانة لدماء الشهداء حينما يكون ناتج الطرح والجمع في معادلة الانقسام، ان المطلوب والهدف الحزبي كما الهدف الصهيوني، انشطار الوطن والقضية إلى كيانين، وضرب عرض الحائط بالإرادة الجماهيرية الغائبة والمغتصبة والمهدورة الحالمة باستعادة صمام أمان الوحدة، بل الطامة الكبرى عندما يعمل من يدعي الوطنية من الفرقاء على التسليم بواقع الفصل الوطني الجغرافي والديموجرافي العقيم المقيت، وهذا رغم الصمت الشعبي وتزوير إرادة الجماهير مستحيل وقيد لابد من كسره لإزاحة الستار عن فجر وحدة الخندق والأرض والإنسان والمصير
والله من وراء القصد