الشاباك: ‘القاعدة’ في القدس لاستهداف السفارة الامريكية ومواقع حكومية
عاموس هرئيل
January 23, 2014
أعلن ‘الشاباك’ يوم الاربعاء بأنه اعتقل ثلاثة فلسطينيين، منهم اثنان من سكان شرقي القدس ذوا بطاقة هوية اسرائيلية، بشبهة أنهم كانوا مشاركين في خطة طموحة لمنظمة مؤيدة للقاعدة لتنفيذ عمليات في اسرائيل. وقد تمت في جملة ما تم اجراءات أولية ترمي الى تنفيذ عمليتين انتحاريتين في نفس الوقت في مباني الأمة في القدس وفي سفارة الولايات المتحدة في تل ابيب.
واعتقل الثلاثة في 25 كانون الاول، وأُزيل أمر حظر النشر الذي فرض على تفاصيل القضية في ظهر يوم الاربعاء. فقال مسؤول رفيع المستوى في ‘الشباك’ في حديث الى صحفيين في تل ابيب أن الثلاثة جندهم بواسطة شبكة الانترنت نشيط من احدى منظمات الجهاد العالمي المتصلة بالقاعدة، وتعمل من قطاع غزة. وقال لهم الشخص الذي عرض نفسه فقط بلقبه الديني ‘غريب الشام’ إنه يعمل من قبل ايمن الظواهري زعيم القاعدة منذ اغتال الامريكيون اسامة بن لادن في أيار 2011.
يزعمون في ‘الشباك’ أن طريقة التجنيد ـ بواسطة الفيس بوك والسكايب وبواسطة برنامج اتصال مشفر في الانترنت في حالة واحدة ـ ليست شاذة وأن أكثر منظمات الجهاد العالمي التي تعمل في الشرق الاوسط تعمل على هذا النحو اليوم، أي بالبحث عن مجندين محتملين بواسطة الانترنت، ونقل توجيهات وتعليم طرق عمل ولقاء مع المستعملين بعد ذلك، وفترة تدريب قصيرة وانطلاق الى المهمة. وبرغم أن كثيرا من هذه المحاولات يتم التشويش عليها، أو تُحبطها الاجسام الاستخبارية في الدول المختلفة فان خطة مشابهة لعمليات نجحت في غير قليل من الحالات.
قد نحسب مما نشره ‘الشباك’ أن المنظمات الجهادية لم تستعد بعد لعصر ما بعد كشوف ادوارد سنودن عن سعة التنصت والمراقبة من الوكالات الاستخبارية في الغرب (والاسرائيلية ايضا بصورة غير مباشرة) على ما يجري في الانترنت، وأنها لم تستعمل ما يكفي من الحذر كي لا يُطلع على احاديث ظاهرة في الشبكة. إن سياسة المنظمة المتعلقة باسرائيل قد جرى عليها تطرف آخر مؤخرا: فقد نشر الظواهري نفسه في أيار 2013 فيلم فيديو قصيرا فيه دعوة للمسلمين الى المشاركة في الجهاد ضد اسرائيل واستغلال اجتماع نشطاء المنظمات الارهابية على حدود اسرائيل (في سوريا وسيناء على الخصوص) في تنفيذ عمليات عليها. إن زعم وجود صلة بين الظواهري ومستعمل الثلاثة غير مؤكد وهو يعتمد على اقوال قالها المعتقلون بحسب ما يقول ‘الشباك’، في التحقيق معهم.
إن المعتقلين الثلاثة في القضية هم اياد أبو سارة ابن الرابعة والعشرين من رأس خميس في شرقي القدس، وروبين أبو نجمة ابن الواحدة والثلاثين من أبو طور في شرقي القدس وعلاء غانم ابن الثانية والعشرين من قرية العقبة في منطقة جنين. وبلغت الاتصالات بأبو سارة المرحلة الاكثر تقدما بين الثلاثة. ففي حديث بالانترنت مع المجنِّد تم بحث خطة متشعبة لعملية مركبة: فقد كان يفترض أن يحصل أبو سارة الذي كان يعمل في الماضي سائق شاحنة، على شاحنة من أحد اصدقائه وأن يركب فيها شحنة متفجرة. وقد أبلغه مُجنده من غزة أنه سيجب عليه في المستقبل أن يساعد خمسة منتحرين سيدخلون الى اسرائيل ببطاقات هوية روسية مزورة، استعدادا لتنفيذ العمليات.
بحسب الخطة التي تباحث فيها الاثنان، كان يفترض أن يفجر ثلاثة من المنتحرين أنفسهم وقت اجتماع أو عرض في مباني الأمة مع محاولة ضرب قوات الانقاذ ايضا. وكان يفترض أن يأتي بعدهما أبو سارة ايضا ويستعمل السيارة المفخخة. وفي الوقت نفسه كان يجب على منتحرين آخرين أن يفجرا أنفسهما عند مدخل مبنى سفارة الولايات المتحدة في تل ابيب. وهم في ‘الشباك’ يعتقدون أن الخطة المتعلقة بمباني الأمة كانت في مرحلة أكثر تقدما، لكن احتمالات تنفيذ عملية في السفارة الامريكية كانت ضعيفة.
يقول ‘الشباك’ إن المجند أرسل الى أبو سارة مجاميع حاسوب فيها توجيهات الى تركيب شحنات متفجرة. واستعد الاثنان ايضا لخروج أبو سارة الى التدريب في معسكر الجهاد العالمي في سوريا. وقد أجرى لذلك استيضاحات تتعلق بشراء تذكرة سفر الى تركيا حيث كان يفترض أن يلقى نشطاء المنظمة الذين يساعدونه على عبور الحدود الى سوريا كما يفعل اليوم متطوعون كثيرون في صفوف الجهاد الاسلامي ضد نظام الرئيس بشار الاسد.
تبرع أبو سارة نفسه ايضا باموال للجهاد في غزة. إن والد أبو سارة الذي علم أن ابنه نشيط في حلقات متصلة بالاسلام المتطرف، حذره من المشاركة في هذه المنظمات. ويُبينون في ‘الشباك’ أنه بسبب أن الخطة تقدمت سريعا كانت ثمة حاجة الى التدخل ووقف أبو سارة قبل أن تنضج لتصبح عملية.
‘إن المسافة القصيرة الموجودة اليوم بين تجنيد نشيط بالانترنت وتنفيذ خطة بواسطته لا تُمكننا من الصبر والانتظار’، أوضح رجل ‘الشباك’.
في الاحاديث بين الاثنين تم بحث امكانات عمليات اخرى ايضا منها ‘عملية تضحية’ (هجوم باطلاق النار ثم معركة مع قوات الامن) فكر أبو سارة في تنفيذها في حافلة في شارع القدس معاليه ادوميم. وباحث روبين أبو نجمة المجند في خطط لعمليات مختلفة منها اختطاف جندي من محطة حافلات في القدس ووضع شحنات متفجرة في مبنى يسكنه يهود في حي أبو طور. وتعلم ايضا كيف يركب شحنات متفجرة بحسب التوجيه الذي حصل عليه من الانترنت.
وباحث المعتقل الثالث غانم المجند في انشاء خلية جهاد عالمي في شمال السامرة، لكن الخطة لم تبلغ بعد الى مرحلة عملية. وقد تمت الاتصالات بين المجند والثلاثة بصورة منفصلة ولم يعرف بعضهم بعضا برغم أنهم اعتقلوا على التوازي.
في نهاية تشرين الثاني قتل أفراد شرطة من وحدة الشرطة الخاصة ومن ‘الشباك’ ثلاثة فلسطينيين في بلدة يطا في جنوب جبل الخليل. وقال ‘الشباك’ إن الثلاثة الذين كانوا مسلحين انشأوا قاعدة جهادية سلفية في جنوب الضفة وخططوا لعمليات على اسرائيليين. إن الحادثة السابقة تعتبر أول شهادة حقيقية على وجود منظمات مؤيدة للقاعدة في الضفة برغم أن أدلة مختلفة على ذلك تجمعت في السنوات السابقة. ويقولون في ‘الشباك’ إن هذه الظاهرة في الضفة ما زالت في مراحلها الاولى وأنه ما زال صدها ممكنا.
قال مسؤول ‘الشباك’ الكبير إنه قد لوحظ في السنوات الاخيرة اهتمام متزايد من حركات الجهاد العالمي بتنفيذ عمليات على اهداف اسرائيلية. ويقترن هذا الاهتمام بتدفق نشطاء جهاد على المنطقة ولا سيما بسبب قتال نظام الاسد في سوريا وحكم الجنرالات في مصر. وقال إن سلطة حماس في القطاع تلتزم بموقف مركب في مواجهة هذه المنظمات. فحماس قلقة من عمليات عليها وتتدخل في حالات ما كي تصد عمليات من داخل القطاع على اهداف اسرائيلية خشية أن يورطها ذلك. وينشط في قطاع غزة مئات اعضاء منظمات الجهاد العالمي.
لا تعارض حماس عمليات تُدبرها هذه المنظمات قد يتم تنفيذها في المستقبل عن طريق الضفة الغربية ولا تتدخل لوقفها. وتستعمل منظمات الجهاد العالمي بقدر ما الآن خلايا في الضفة عن طريق غزة كما تفعل حماس نفسها. وقد نشر في ‘هآرتس′ في كانون الاول الاخير أن قيادة عسكرية تابعة لحماس تعتمد في الأساس على قتلة اسرائيليين أُفرج عنهم بصفقة شليط وطردوا من الضفة والقطاع، تُدبر محاولات كثيرة للقيام بعمليات في الضفة واسرائيل.
لا اعتقالات في غزة
إن ‘الشباك’ لا يشارك في تأثر مسؤولين كبار آخرين في جهاز الامن والجيش بالخطوات التي تخطوها حماس لكف اطلاق القذائف الصاروخية من غزة في الايام الاخيرة. ويقول رجل ‘الشباك’ إنه يجب التفريق بين نشاط محدود تستعمله سلطة حماس كنشر قوات أمن لمنع اطلاق القذائف الصاروخية بالقرب من الحدود مع اسرائيل واستدعاء نشطاء في فصائل اصغر الى احاديث تحذير وردع وبين اعتقالات ما زالت حماس تمتنع عنها في هذه المرحلة.
ومع ذلك يقولون في ‘الشباك’ ايضا إن حماس غير معنية الآن بصدام عسكري مع اسرائيل وإن المنظمة تحاول أن تحتال بين تقديرات وضغوط مختلفة منها العلاقات المضعضعة بحكم الجنرالات في القاهرة.
هآرتس 23/1/2014