Sameeh Al Shareef
الحذاء
------ ( حكاية ) مهداةٌ إلى نِمال أرضنا ١-
بضربةٍ من طرف الحذاء
تهالك الصرصور ، ظهرُه إلى الثّرى ووجهُه إلى السماء
وراحت الرِّجْلانِ منه واليدان ، تُمشِّط الهواء...
وشارباه يطعنان كبِدَ الفضاء
وفي عياءٍ تارةً يسترخيان .
٢-
وفي الطريق ، نملةٌ وحيدةٌ بلا رفيقْ
كانت تسيرُ للأمام تارةً وللوراءْ كأنها قد ضلّتِ الطريق ، رأتْه في صراعه مع الحياة ،
رجلاهُ ترفسانِ الموتَ تبعدانه يداه ،
وجسمُه الممزّقُ الجريح ، يهدهِدُ الآلام بالنجاه .
٣-
تكاد لا تصدِّقُ العيْنان ، أنّ نملةً واحدةً تحوّلتْ إلى جحافلٍ من النِّمال ، في لحظةٍ من الزّمان،
صفوفُها تسير في الطريق بانتظامْ ، وقادةٌ لها على اليمين والشمالْ ، تحثّها على المسيرْ ، على الصمود في القتالًْ، لأن موسمَ الشتاءْ ، لا يرحم النيامْ ، لأنّ شِرْعةَ البقاءْ ، لا تمنح الحياةَ للضّعافًْ ، جنسيّةَ انتماءْ .
٤-
ومثلما قد أُعًْطِيتًْ إشاره ،
تسارعتْ كتائبُ النمالْ ، تعلّم الفريسةَ العملاقْ ، بسالةَ القتالْ ، وفنَّها العريقَ في الإغاره ،
تداخلتْ في جسمه ، تعنقدتْ على يديْه ، ورسفتْ رِجْلاهُ في أثقالِها ، تشدُّها الكلالِبُ العنيده ،
ولم تزلْ يداه ، تذبُّ في نضالها ، تصارعان الهجمةَ العنيده .
٥-
وقِلّةٌ أخرى من النمالْ ، تعلّقتْ في شاربيْه ،
كأنها خالتْهما وسيلةَ الإرسالْ ، يبثُّ منهما استغاثةً ويرسلُ النّداءْ ، لقومهِ ، لأهلهِ ، للأصدقاءْ
وربما تدري بأنّ ظنّها ضرْبٌ من الخيالْ ،
لكنها في حربها لا تترك احتمالْ ،
فكم بهذه الحياةْ ، تحقّقَ الخيالْ ، وصار حتى في لسان الأغبياءْ ، حقيقةً تُقالْ .
٦-
وقصّت النمالُ شاربيْه ، وراح جيشُها يشدُّه من جانبيْه ، يجرُّه في موكب احتفالْ ، إلى شقوقٍ في الجدارْ ، تقوم خلفها ممالك النّمال .
٧-
ومرَّ صرصورٌ به وآخرٌ تلاه ،
ووقفا ، يحرّكانِ شاربيْهما هنيهةً فعرفاه ، فأسرعا يبتعدان ، وهمْهَما ، ماذا عساهُ أن يُقالًْ !؟ ، نذالةٌ ، إذ هربا وتركاه ، جبانةٌ ، ماذا بها ! فلتكن الشِّعارْ ، فمثلُنا لا يحمل الرأسَ الذي يعوِزُهًُ إكليلُ غارْ ، جسومُنا هي الرؤوسُ والجباهْ ، فلتمْطِرِ السماءُ فوقنا مخازياً وعارْ ، ونكسب البقاءَ في الحياه ،
وأسرعا ، وأسرعا لا يلويان ،
لكنّ جسماً سابحاً على الهواءْ
كان يقتفي خُطاهما ، ما أبصراه ،
ما عرفا بأنّه الحذاءْ ..........