تشكيل ميليشيا الحشد… بين أمر المالكي وفتوى السيستاني
نوار الربيعي
Aug 10, 2016
المطلع على تاريخ الطغاة و المردة والجبابرة والقتلة وسافكي الدماء والفاسدين يلاحظ وبكل وضوح أن هؤلاء قد اعتمدوا في طغيانهم على المؤسسة الدينية الكهنوتية في التأسيس والتجذير لملكهم وسلطانهم، من خلال تخدير الناس وتسييرها بالفتوى لصالح هذا الطاغي أو ذاك، فلولا وجود المؤسسة الدينية الكهنوتية لجانب سلاطين الجور لما كان لطغيانهم أن يسود ويدوم لعقود من الزمن، فهذا التاريخ الإسلامي وغير الإسلامي مليء بتلك الأمور حيث كلما وجدت حاكما طاغيا تجد لجانبه مؤسسة دينية كهنوتية تشرعن وتبرر كل مشاريعه من أجل تقويم سلطانه، وطبعاً يكون
أجر ذلك هو الواجهة والسمعة والمال وضمان ديمومة المنصب الكهنوتي الذي من خلاله تستحلب أموال الناس.
من أمثلة الطغاة وسلاطين الجور في العراق، الديكتاتور المالكي الذي حكم العراق رسمياً لثمان سنوات دموية، وهو مازال الحاكم الفعلي على الرغم من تجريده من المنصب الرسمي، لكنه ما زال هو الآمر والناهي، وهذا ما يجعله يبحث عن المنصب الرسمي لكي يمارس كل نشاطاته وتحركاته بحرية، فبعد أن سحب منه عنوان رئيس الوزراء وعنوان نائب رئيس الجمهورية جن جنونه وأخذ يبحث عن أي عنوان يعطيه حرية إصدار القرار بما يخدم مصلحته ومصلحة الدول الراعية له، فلم يجد ضالته إلا في مسألة تشكيل ميليشيا الحشد، حيث أخذ ومنذ فترة ليست بقليلة يُصرح بأنه هو من أسس وأمر بتشكيل ميليشيا الحشد وقد أيده بهذا الأمر العديد من قيادات الحشد، حتى أنه صرح علناً بأنه « سبق السيستاني وفتوته بتشكيل ميليشيا الحشد «والغريب بالأمر نجد إن السيستاني ومؤسسته قد أمضوا ذلك الأمر وهذا التصريح ولم ينكروه أو يعترضوا عليه وكأنهم يقرون بهذه الإدعاء !!. لكن هذا السكوت والإمضاء من قبل السيستاني لتصريح المالكي إن دل على شيء فإنه يدل على إحتمالين، وهما : الأول: إن السيستاني يريد أن يتنصل من مسؤولية تشكيل ميليشيا الحشد، بعدما أخذت هذه الميليشيا تمارس أفعالاً وجرائم وحشية فاقت جرائم تنظيم الدولة الإرهابي الأمر الذي دفع بالرأي العام الدولي والعربي والإقليمي بتجريم تلك الميليشيا وإلحاقها بالمنظمات الإرهابية العالمية وهذا يستلزم تجريم قائدها الروحي وهو السيستاني وإدانته عالمياً وبشكل يشبه إدانة أبو بكر البغدادي الزعيم الروحي لتنظيم الدولة، لذلك نجد أن السيستاني أخذ يتنصل من فتوى تشكيل الحشد، وكان التنصل الأول هو قرار الإعتزال وعدم إبداء الرأي السياسي، وبعد ذلك تغير موقفه عندما أصدر توضيحاً عن الجهة التي أصدر بشأنها فتوى الجهاد عندما قال «الفتوى صدرت لمقاتلة الأجانب» وصاحبها حث وتصريحات إعلامية عن تحريم قتل الأبرياء ومعاملة النازحين بالحسنى وتقديم العون لهم، وكانت هذه التصريحات في الأيام الأخيرة ولم تصدر سابقاً حيث صدرت بعد أن كان هناك موقف دولي يؤكد على تجريم ميليشيا الحشد، لكن هذا الأمر يستلزم أن يكون هناك كبش فداء تُعصب برأسه قيادة تلك الميليشيات وزعامتها فمن يكون غير السيستاني ؟ والمالكي هو الخيار الوحيد الذي يجب أن يكون كبش الفداء، خصوصاً بعدما صدرت تقارير دولية تدين المالكي وتحمله مسؤولية دخول الإرهاب للعراق، فقبل عدة أسابيع حملت الإدارة الأمريكية المالكي مسؤولية ظهور التنظـــيم في العراق، وقبل ذلك لجنة التحقــــيق في سقوط الموصل أدانت المالكي ومعاونــــيه، لذلك إتخذ السيستاني جانــــب الصمت وأمضى تصريحات المالكي.
الثاني: إن المالكي فعلاً وواقعاً هو من شكل ميليشيا الحشد، خصوصاً وأن المالكي وقيادات الحشد البارزة تقول وتؤكد إن قرار تشكيل الحشد كان في بدايات عام 2014 أي قبل دخول تنظيم الدولة للعراق بستة أشهر، وفي تلك الفترة كان المالكي يشغل منصب رئيس وزراء العراق، وهذا يدل على إن حكومة المالكي كانت على علم بمحاولات التنظيم لدخول العراق ولم تتخذ الإجراءات اللازمة، هذا من جهة ومن جهة أخرى كانوا يريدون دخول هذا التنظيم للعراق من أجل إيجاد حجة وذريعة ضرب المعارضين السنة خصوصاً وإن المحافظات الشمالية والغربية كانت في ذلك الوقت تشهد حراكاً مناهضاً للمالكي وحكومته، وكذلك خلق فراغ أمني يمكن المالكي من البقاء في السلطة لولاية ثالثة عن طريق إعلان الطوارئ بالإضافة إلى فسح المجال لدخول إيران مباشرة إلى العراق وفتح ممر أرضي آمن إلى سوريا من أجل دعم نظام الأسد وكذلك الإقتراب أكثر من الحدود السعودية والأردنية.
وبطبيعة الحال هذا المخطط – تشكيل ميليشيات شيعية مسلحة تخدم المالكي وإيران -لا ينجح ولا يمكن أن يتم تقبل هذه الميليشيات إلا بإيجاد عذر وذريعة والتي كانت هي دخول التنظيم للعراق وارتكاب مجزرة واحدة على الأقل من أجل إثارة الشارع عاطفياً وطائفياً، وهذا كله يحتاج إلى غطاء شرعي وفتوى تصدر من السيستاني كي يضمن الجميع – المالكي وأعوانه وإيران – نجاح الخطة، فكان الإتفاق مع السيستاني ووكلائه على إصدار فتوى الجهاد الكفائي، إن من يقول إن السيستاني خارج هذا الإتفاق ويحاول أن يبرر له نرد عليه بالقول لماذا عندما ابلغ الغراوي مرجعية السيستاني بأن تنظيم الدولة يحاول الدخول إلى الموصل لم يتخذ أي إجراء ؟ لماذا لم يبين ذلك في إحدى خطب الجمع ويقول وصلتنا معلومة من قيادات عسكرية تؤكد أن التنظيم يحاول الدخول إلى العراق وعلى الحكومة إتخاذ ما يلزم ؟ لماذا التزم السيستاني الصمت والسكوت طيلة الوقت وغض الطرف عن تلك المعلومات العسكرية المهمة طوال فترة شهرين بحسب إعتراف الغراوي ؟! هذا لأنه سار ويسير وفق المخطط المرسوم له وبإتفاق مع السفاح المالكي فلم يصدر منه أي موقف يؤدي إلى وأد هذا المشروع الفارسي الإيراني المالكي الخبيث الذي سبب لكل العراق الألم والمعاناة والفساد والمجازر فكانت مرجعية السيستاني هي من باع العراق مع المالكي وكما يقول المرجع العراقي الصرخي في الثانية من بحث « السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد « والتي تقع ضمن سلسلة محاضرات التحليل الموضوعي للعقائد والتاريخ الإسلامي …
من المرجعية من السيستاني من معتمدي السيستاني من ممثلي السيستاني خرجت الفتنة، قتل الأبرياء، مثل بالجثث، حرقت الجثث، سحلت الجثث، وقعت مجزرة كربلاء، وقعت المجازر في كل المحافظات تحت اسم المرجع، تحت اسم السيستاني، تحت فتوى السيستاني، تحت عباءة السيستاني، سرقت الأموال، فُسد وأفسد في الأرض تحت اسم المرجعية وتحت فتوى المرجعية وتحت غطاء المرجعية وتحت عباءة المرجعية وتحت حماية المرجعية، وبفتوى السيستاني يقتل الآن الأبرياء كما ترتكب الآن الجرائم في المحافظات الغربية ومحافظات الشمال والمحافظات الشرقية والمحافظات الجنوبية.
وبخلاصة بسيطة، نجد إن قضية تشكيل ميليشيا الحشد هي عبارة عن مؤامرة كبرى ضد العراق وشعبه قادها المالكي وبأمر من إيران وشرعنها السيستاني ذلك الكاهن الذي يحتاجه الطاغي لتبرير وشرعنة مشاريعه، فالمالكي وبأمر من إيران أسس ميليشيا الحشــــد بالإتفاق مع السيستاني الذي جعــــل العديد من الشباب العراقي يلتحق بهذه الميليشيا من خلال الفتـــوى الأمر الذي جعل تلك الميليشيا تحظـــى بقبول الدولة وتســـتقطب الناس بل حتى إنها أصبحت مهيمنة على الأجهزة الأمنية والعسكرية بسبب الفتوى، وكانت النتيجة هي دخول داعش وإرتكاب المجازر بحق العراقيين من قبل تلك
الميليشيات ومن قبل التنظيم الإرهابي بالإضافة إلى فتح أبواب الفساد على مصراعيها أمام قادة تلك الميليشيا وأمام السيستاني الذي أخذ يجمع الأموال بحجة التبرع لتلك الميليشيات فكلنا يذكر فتوى التبرع بمبلغ خمسة آلاف دينار من كل زائر في أربعينية الإمام الحسين ( عليه السلام ) وكذلك فتح صناديق التبرع في كل زقاق ومحلة وشارع، فكانت حصة السيستاني هي الأموال وحصة المالكي هي تنفيذ أجندة إيرانية تضمن له البقاء في الحكم.
٭ كاتب عراقي