التدخل الايراني في العراق : أهدافه ومخاطره
شبكة ذي قار
بنت الرافدين
بعد احتلال العراق عام 2003 لن يعطي الكثيرون ايران حجمها الحقيقي والدور الذي يمكن أن تضطلع به في العراق ، فانصرفت الأعين عن الدور الايراني بسبب الانشغال بالدور الأمريكي كقوة احتلال مباشر .. وقد استغلت طهران هذا الوضع ومدت نفوذها بقوة داخل العراقي حتى أصبحت هي اللاعب الأبرز على الساحة العراقية ، ربما أكثر من الدور الأمريكي أحيانا .. فقد شهدت العلاقات العراقية - الايرانية تأريخا طويلا من الصراعات ، وان ظل الصراع هو السمة الغالبة في علاقاتهما في فترة ما قبل احتلال العراق .. وقد تفجر الوضع بين البلدين عام 1980 وشنت ايران هجوما واسعا على العراق امتد لقرابة الثماني سنوات ...
لم يؤد الغزو الأمريكي للعراق فقط الى اسقاط نظامه الوطني فحسب ، بل أدى الى اسقاط الدولة العراقية ومؤسسات الحكم فيها بشكل كامل تقريبا ، وبالأخص المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية ، وحلت سلطات الاحتلال محل تلك المؤسسات لضمان مسيرة شؤون البلاد .. وقد أعطى هذا الانهيار المؤسساتي العراقي الفرصة لايران من التدخل ومحاولة التأثير في عملية اعادة البناء المؤسساتي لتضمن مجيء حكم موالي لها .. وفي سبيل ذلك تدخلت ايران بثقلها في العراق واستخدمت أهم وأخطر أدواتها في العراق وهي التأثير في الطائفة العراقية الموالية لها ومليشياتها المسلحة...
لقد تدخلت ايران بشكل كبير بعد الغزو الأمريكي للعراق من خلال عملائها في الداخل والميليشيات الطائفية الموالية لها ، وعملت على ترسيخ المحاصصة الطائفية والعرقية بين المكونات العراقية .. فالحاكم المدني للعراق "بول بريمر" أنشأ مجلس الحكم الانتقالي ، فكان مجلسا طائفيا .. وقد تلقفت ايران تلك التطورات الناتجة عن الأخطاء الأمريكية في نقل السلطة ودعمت الشخصيات الموالية لها وسارعت بالاعتراف بها وتوطيد العلاقات معها ، وهو ما أعطى لطهران موطأ قدم في العراق في كل الحكومات المتعاقبة ، حيث عملت على ترسيخ النهج الطائفي في اقتسام السلطة وكسب ولاء التيارات الموالية لها .. واستكملت تنفيذ ستراتيجيتها في العراق من خلال محاولة التحكم في العملية الانتخابية .. وتم استبعاد عدد كبير من المرشحين البارزين قبل انتخابات 2010 بموجب قرارات هيئة المساءلة والعدالة ، التي تهتم بتطبيق العزل السياسي الذي أُقر بحق مناضلي البعث ، وقانون اجتثاث البعث المجحف والجائر . .وتواصل الدور الايراني بعد انتهاء الانتخابات لتتدخل في مرحلة تشكيل الحكومة ، واتضح ذلك بعد توافد قادة سياسيين عراقيين الى طهران ...
ولعبت ايران دورا كبيرا في المعادلة الأمنية في العراق منذ الغزو الأمريكي ، بل وقبل الغزو أيضا عن طريق دعم واستضافة مليشيات معارضة من أجل الضغط على العراق ، ثم توسعت بعد الغزو الأمريكي في التقرب من التيارات الموالية لها وأجنحتها المسلحة .. كما واصلت تدخلها بذريعة أسباب دينية تتضمن حماية المراقد المقدسة ...
ان التدخلات الايرانية في العراق تشكل مصدر خطر وكبير ليس للعراق فقط ، بل للمنطقة العربية ، فأصبحت للعراق مكانة كبرى لدى ايران في المنطقة ليس فقط على المستوى السياسي ، ولكن أيضا على المستوى الديني ، ونتيجة لتلك الأهمية فأنه لا يبدو أن ايران تنوي تفويت أي فرصة في العراق سواء حالية أو قادمة.. وفي مقابل هذا فان استمرار السياسات الطائفية التي ينتهجها حلفاء طهران في بغداد قد تؤدي الى سيادة حالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد منذ 16 عاما ...
لقد لعبت ايران دورا واسعا في العراق منذ الغزو الأمريكي ، سواء في الساحة السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية .. وقد أدى ذلك الدور الى مشاحنات طائفية واسعة بين مكونات الشعب العراقي وأدخلت البلاد في حالة من عدم الاستقرار وغياب الأمن وعمت الفوضى والفساد جميع أنحاء العراق .. ومن هنا يتضح الحقد والعداء الايراني المتجذر على العراق والعروبة .. وان ما يحلم به الفرس الصفويين تركيع دول العرب تحت الهيمنة الفارسية وهم من أوهامهم المريضة ، وهوس من هوسهم الامبراطوري .. ولكن هيهات أن يحققوا أهدافهم ونواياهم العدوانية الخبيثة .
الاثنين ١٨ ذو الحجــة ١٤٤٠ هـ ۞۞۞ الموافق ١٩ / أب / ٢٠١٩ م