مقابلة مع الاستاذة الشاعرة الجزائرية سحر القوافي / حاورها د. ماجد خليل

مقابلة مع الاستاذة الشاعرة الجزائرية سحر القوافي  / حاورها  د.  ماجد خليل

اقتباس :

مقابلة مع الاستاذة الشاعرة الجزائرية سحر القوافي / حاورها د. ماجد خليل
---------------------------------------------------
أما قبل ...
أبسط أسئلتي الحوارية مهداة إليك شامات على جبين هذه الصفحة الادبية المشرقة، وأستهل علامات استفهامي بحروف محلقة بأريج زهرها الباسم، وشادية بشذا ورودها الندية في أرجاء هذا الرياض الادبي البهيج السني، ثم أبدأ بالعتبة البيانية التالية:
للحرف العربي العتيق نبض جميل
لهذا الكائن اللغوي الحي أصوات، وأصداء، ونبر أصيل
ثم كيف بألق الخيال؟ وكيف بطعم الواقع؟
أحقا لن تفيد الكلمات المخطوطة والمسموعة في شيء يسير أو كثير؟
وكيف بالإنسان إذ يسير في ركاب الحق والخير، وقد نأى بنفسه بعيدا عن الباطل والشر، وتبرأ من شرور أهوائه ومن متاهات العبث، ومن كل أمر هزيل؟
ثم كيف بحال المرء إذ يسعى وحيدا في القيظ، يمشي ويمشي ثم يمشي غريباً لا يريد إلا الإصلاح ما استطاع إليه سبيلا، وينادي بكلماته وبأعلى صوته في قومه الرحيل الرحيل؟
*سؤال قبل الأسئلة
إذا سأل أهل اللغة العربية : من انت جملة وتفصيلا، فبما عساك تجيبهم شعراً ونثراً؟
*_ تحية من صميم الفؤاد تعبقها أنفاس الورود أزفها لكل من استهواه العبور بين حروفي وخلجات بالي وروحي ..رغم أني لا أحسن المقدمات ولا تروقني النهايات..لا أجيد الترحيب ولا التوديع أكتفي بالنظر والصمت والإبتسامة والٱهات..تحياتي لك الأستاذ د.ماجد خليل على كرم الاستضافة..تحياتي لك أيها القارىء تشق عباب كلماتي بأشرعة الأماني والأحلام والمغامرة ..
فلوجهي المترع بالأسى غواية وحكاية مقتطفة من وشيج الروح و لأحلامي المعتقة بين أسوار الوجع..تجف الأقلام وتنكسر المرايا..روايتي عتيدة ممتدة الفصول بلا نهاية..
أنا هنا فيافي أرهقها الحنين لمزن الشتاء.. أغنية حزينة من ناي النشيج وأشجان الليالي على مذابح الحنين ووجيب الاغتراب القاسي..
حكايتي أنجبتها سياط الجلاد والمنافي وأكداس الصقيع يفترشه البائسون والمحرومون في وهاد الظلام وعلى أوتار الروح تعزف الٱلام..وتعزف سكرات الحمام.. ويعزف الفناء وما تبقى مني غير الوجع والهم ودموع أسفكها خلف ظلال الوطن..ما تبقى مني غير السراب والوهم وهيكل محشور في غياهب العتم..ما تبقى مني وقد أمسيت بلا لون ولا حلم..ما تبقى مني غير حكاية من ألم .. بقايا امرأة منفية في العدم..
(01)- من أين تريدين أن نبدأ؟
أديبة جزائرية ٱمنت أن الحرف الجميل يسافر لوحده ويصنع لنفسه حضورا بين الأقلام المبدعة..أظنه روحي المسافرة بلا جواز سفر أو تذكرة..عاصفة حارقة ثائرة هادئة مذهلة حائرة..تماهت بمهجتها الفصول والعصور ..رواية امتدت فيها الحكايا ورسمت صفحات المرايا..نقية كالطفلة تعانق لعبتها وتشتاق لمعلميها وأسوار مدرستها ..تتوق إلى عالم جميل تسوده الإنسانية والمحبة والسلام..
ولدت من رحم المعاناة ،بهوية منتهية الصلاحية أو ظل هوية ..مجرد رقم أو اسم مهمل في هذا الوطن الذي تجرعت فيه الغم والكمد والمحن،فاعتنقت حروف الأبجدية لأنحت بها من أوجاعي الروح اسما ووجودا خارج أسوار العدم
*_مسافرة في الحرف..
مبحرة في التيه والوهن..
غريبة الوجه والدار والوطن..
غريبة الروح واللسان في البدن
* * * * *
أسافر وحدي..
أكسر مقامع القيد..
تطحنني الفواجع والمحن..
يبعثرني عشق من شجن..
وحلم ضرير غيبوه في كفن..
* * * * *
ووحدي غريبة أمضي..
تتقادفني أزقة الشارع الولهان
تحاصرني وجوه من رماد ودخان
وعيون معصوبة من اللهفة..
تموج بالشظايا والأحزان..
وعصور معتقة من الأصفاد والهوان..
تحاصرني قلوب ماتت فيها الرجفة..
وأكداس أجساد أغتيلت فيها العفة..
وضوء فاقع الألوان..
وأفواه خرساء من الدهشة..
ووجوه غريبة الملامح والألحان
كأن بها مسا من الشيطان..
* * * * *
أظل مسافرة في الحرف..
ووجهي مترع بالأسى والغياب..
يلفه نقع الحرمان والضباب..
يرسمني الحرف من المحيط إلى الخليج
وأحمل أوجاعي من سبتة إلى الضفة..
ومن دجلة إلى الجولان..
أسافر عطشى كالنيل العطشان..
* * * * *
يكتبني الحرف..
يعزف الحكايا والخبايا والوجع..
أتفرس في وجه العربي الظمآن..
أتفرس في وجهي المترع بالشجن
في عيون أضناها الليل والغبن..
أتفرس وجوهنا في مرايا السنين
يجرحني حطام المرايا..
أقلب فصول الرواية..
غارقة في الوحل كل الشوارع والزوايا
وشظايا المرايا تمزق أشرعة السفن..
فنتيه في دوامة السراب..
تلفحنا ريح سموم من عفن
نتيه بلا هدي ولا إياب..
يوجعنا نباح الكلاب..
من غربان وساسة خراب..
ينهشون اوشاج الوطن
لم يتبق لي من وطني غير اسم قيدوه في هوية من ورق، ثم أشعلوا من غربة روحي عود ثقاب ليحترق..ليس لي من وطني غير الوهم..فأنا أحيا مجرد رقم ..سيحذف لو حاولت أن أعترف أنهم سرقوا مني الوطن وأني مجرد حكاية من ألم الشجن أو أني ظلال إنسان أو وهم غمسوه في وهاد العتم..خلقت موؤدة في كفن..والناس في بلادي أشباهي.. مجرد بقايا هدتنا الخيانة والمحن والرزايا ..فقدنا ظلالنا والمرايا وولجنا في العتم تلفحنا ريح سموم من عفن..ننتظر المقصلة والعدم..مجرد صور مفرغة من الحياة معبأة باليأس والعجز والحزن..مشتتة الحلم..لو أرادت التشرش بالنجاة رموها في غياهب السجن
سؤالي الأول
كيف ترى اليوم حال (أهل العربية) القدماء؟ تراهم أضاعوها واتبعوا ما لا ترجى فائدته، وصاروا ممن خلفوا الذين قضوا قبلهم، فأضاعوا العربية الفصحى واتبعوا أهواءهم مقتفين أثر كل ما لا يفصح ولا يبين؟ أم أنهم حفظوها وقدروها حق قدرها؟ ثم كيف هو حال الشعر العربي المعاصر؟
لقد شيد القدماء مجدهم باللغة العربية الفصحى وبلغوا بها ذروة الحضارة والتمدن فأشرقت شمسهم شرقا وغربا تصدح بلسان عربي تنير غياهم الجهل التي كانت تبسط شركها وقيودها على العالم.. باللغة العربية انتحت غيوم الهمجية وغياهب التخلف..لقد كانت دمشق وبغداد وقاهرة المعز والقيروان وتلمسان وقرطبة..وغيرها من مدائن التنوير والعلم والإشعاع الحضاري والفكري والرقي الإنساني بلغة الضاد..
خص القدماء اللغة العربية بالاهتمام والعناية الفائقة ووضعوا لها العلوم والأصول والقواعد والمناهج فاخترعوا وأبدعوا حتى أنهم نظموا قواعدها شعرا كما فعل ابن مالك في ألفيته ..لقد شرفوا لغتنا الجميلة لغة القرٱن ومجدوها حتى بلغت سدة التميز والألق وأصبحت مقصد الشعوب يتعلمونها ويتقنونها وخاصة تلك الأمم التي دخلت الإسلام وانجبت فطاحلة اللغة العربية وفحول الأدباء مازال ذكرهم خالدا إلى يومنا هذا..غير أنها ركدت مع أفول وهج الحضارة العربية في المشرق وسقوط دولة الموحدين والأندلس في المغرب وولوج العالم العربي دوامة الديجور الدامس والاستدمار فخفت وهجها وتقوض مدها وتراجع ذيوعها..غير أنها اليوم تستعيد بريقها بعدما أعادتها الأقلام المبدعة إلى واجهة الٱداب العالمية من أمثال نجيب محفوظ وٱسيا جبار ..والأدب العربي اليوم يغرد في مصاف الٱداب العالمية البكر ..إن لم أقل إن له سبق الريادة والتميز رغم الفوضى العارمة التي يعيشها الإبداع العربي لكثرة المتطفلين عليه..

[rtl][rtl]
تمت إعادة توجبه رسالة بواسطة Majed[/rtl]







[/rtl]

اقتباس :

سؤالي الثاني
هل بلغ الشعر والنثر العربيان اليوم بعضاً من ذروتهما قديماً؟ وهل أخذا المكانة اللائقة بهما في عالم الأدب الراهن؟
الشعر العربي المعاصر يمر بحقبة متوهجة وينع وتفرد رغم عثرات الفوضى التي خلفها المتطفلون عليه خاصة على منصات التواصل الاجتماعي والمواقع والمطابع وحتى دور النشر ..فسهولة النشر والطبع ولدت حزبا من المتطفلين عليه ليس في نظمهم منه إلا الوزن والقافية ولا يرقى أحيانا حتى لتصنيفه ضمن النثر الفني..خاصة مع أولئك الذين تسلقوا قصيدة النثر و راحوا يوزعون تراهاتهم وأساليبهم الركيكة وهذيانهم وخواطرهم السطحية الوضيعة مفتقرة إلى الصورة الشعرية والرمزية والإيقاع..في أسطر مباشرة وإباحية فاضحة يثيرون الغرائز ويتبادلون المجاملات والمديح والتكريمات ويحجبون في ظلالهم الأقلام الجادة بكثرة نشرهم وإصداراتهم فعم بذلك أدب الاستهلاك..إنها عبثية متلاطمة لا ندري لها ختاما وركونا
إن لكل عصر فحوله وفطاحله ولكل فصل طقوسه وسماته فالقديم العتيق قد ولى وفات وما بقيت منهم إلا الإنجازات والمجد الموروث يزين رفوف التاريخ وبقي علينا إحياؤه لنستقي منه العبرة والفكرة والبلاغة..فهو الأصالة ..أما العصر فهو الحداثة والتجديد ومواكبة المستحدث والمبتدع الذي تلونه سمة العصر ومستجداته..لقد أبدع القدماء وتركوا لنا إرثا أدبيا قيما لا يمكن أن نغفله أو نهمله..فهو المعين الذي نتقفى أثره ونترسم خطاه ونستقي منه أولى خواطرنا وصفوة لغتنا..إنه الجذور التي منها نتغذى والمنهل الذي منه نرتوي ..أما عصرنا فهو فصل من فصول اخضراره وازهاره وإثماره ..إنه ربيع زمانه ..فالساحة الأدبية اليوم تعج بالمبدعين الموهوبين..
سؤالي الثالث
هل ثمة بالفعل أجناس نثرية وشعرية عربية، أم أنه الأدب أو الشعر والنثر وكفى؟وما حقيقة الأساليب النثرية والشعرية العربية قديماً وحديثاً؟
الأدب أجناس أدبية متباينة منها النثري ومنها الشعري وثالث يجمع بينها..وتمازج الأجناس واختلاطها أنتج أجناسا أدبيا مستحدثة كقصيدة النثر وقصة النثر الشعري التي تناولتها في بعض دراساتي النقدية هذان الجنسان أكتبهما بنفسي ..
والنثر الفني بفروعه الثلاثة العلمي والفني والإعلامي يعرف ازدهارا كبيرا خاصة السرد والنثر الإعلامي المتداول في الصحف والجرائد والمواقع في نقل المعلومة والأخبار والتحليل والتعليق..
إن الانفتاح الفكري والإعلامي والثقافي الذي يشهده العالم والوطن العربي قد دفع الأدباء إلى الخلق والإبداع والتجديد ، فاعتنقوا الحداثة مذهبا لهم في الكتابة وصارت الأقلام الجادة تنشد التوهج والتميز في ظلها وتخلق وتتنافس بشراسة حول السبق فيها.
سؤالي الرابع:
كيف ترى الرسائل الشعرية المتبادلة بين الشعراء؟ وهل سبق لك أن راسلت بعض الشعراء شعراً؟
الرسائل الشعرية المتبادلة بين الشعراء هي شكل من أشكال الإبداع وفضاءات رحبة من البوح وإن كان فن التراسل الشعري يغلب عليه الطابع الذاتي والوجداني وربما هو نوع من الترف الفكري ..شخصيا لم أمارس هذا اللون الشعري ولذا يصعب علي الحكم عليه..ويكفيه مزية أنه يثري الساحة الأدبية بأساليب فنية وقصائد وجدانية جميلة ..لقد كانت الرسائل المتبادلة بين مي زيادة وجبران خليل جبران من عيون الأدب العربي البديعة وتحفا وجدانية مثيرة..
سؤالي الخامس
ما هي القصيدة العربية التي بقيت راسخة في ذهنك بعد أن قرأتها؟ وهل من ديوان شعر سبق أن قرأته وتجد له مقاماً محموداً في نفسك؟
القصيدة الشعرية التي أصابتني سهامها وتركتني مندهشة مربكة ولم تبرحني بعدها أبدا إنها قصيدة "زهور "للشاعر المصري "أمل ذنقل" التي لخص فيها تجربته الإنسانية مع الموت والمرض والحياة ..لقد أسالت مدامعي وفتقت مواجعي لما فيها من صدق فني وجداني وأحاسيس مفعمة بالأشجان والألم..وإن كانت هناك قصائد كثيرة تتشرش بالذاكرة وتعيش في الوجدان ولا تنسى أبدا ..
ما يقال عن القصائد الخالدة ينطبق على الدواوين وما أكثر الدواوين التي تنقسم فصولها في أرواحنا ..مثل ديوان المتنبي وأحمد مطر ومحمد الفيثوري وصلاح عبد الصبور ونزار قباني..والقائمة تطول...
سؤالي السادس
ترى هل يقوم العنوان الشعري مقام القصيدة الشعرية ويشغل مكان الديوان الشعري؟ وهل هو بالفعل جزء منهما، أم أنه كائن مستقل بنفسه عنهما؟
عنوان القصيدة ومضتها المتوهجة ومفتاح من مفاتيح الولوج إلى أعماقها والسفر فيها وعبور حصونها..إنه واحد من أهم دلالاتها وجزء من كيانها .إنه وجهها الذي تعرف به هويتها والبصمة التي أرادها الشاعر أن تتميز بها عن غيرها من قصائده..
سؤالي الثامن
ما القيمة الأدبية والنقدية التي تنطوي عليها المشاهد المرئية في واقع الحياة الإنسانية، والأصوات المسموعة مقارنة مع سائر الذي يتم التعبير عن طريقه من شعر أو نثر؟
إن تلك الأصوات والمرئيات هي ظلال الحقيقة التي يحاول الشاعر إعادة صياغتها بشكل واضح وجلي..فالواقع المرئي ليس هو الحقيقة في حد ذاتها ..إنما العالم الروحي والشعوري والوعي الباطن والماورائي هو الحقيقة المحتجبة خلف تلك الظلال..ومن العسر الولوج إليها بسهولة..فحدس الشاعر النوراني والروحي وتبصره وطريقة تصويره وكشفه عنها هو نافذة مطلة عليها ومستوى من مستويات قراءتهاومعرفتها.. فالحقيقة لا تدرك بالحواس..إنها أعظم من أن تلتقطها..
سؤالي الثامن
أما زلت تذكر أولى كتاباتك الأدبية، وتحتفظ في ذاكرتك بأولى نظمك الشعري؟ ما عساها كانت تعنيه تلك الكتابات وذلك النظم بالنسبة إليك بالأمس؟ وما الذي تدل عليه اليوم في رأيك؟
لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل أو نسيان أولى التجارب الشعرية مهما كانت قيمتها الأدبية والفنية متواضعة..فإنها تعتبر خطوتك الأولى نحو المسير مثل الرضيع الذي يحبو فتكون خطوته الأولى نحو محاولة الوقوف والمشي..تلك التجربة بمذاقها المر أو الحلو هي التي قادتني إلى عالم الشعر بكل خلفياته المريرة والموجعة..أو قل هو الألم الذي استعذبه..والجنين الذي أخذ يدب في أحشائي..تلك السيجارة التي علمتني الإدمان..
سؤالي التاسع:
هل صحيح أن الشعر العربي سيظل ديواناً للعرب دون منازع له في هذه الصفة أو منافس له في مكانته؟
لقد كان الشعر ديوان العرب لما له من أهمية في حياتهم يسجل وقائعهم وأيامهم ويصور حياتهم ..فكان أصدق وثيقة تاريخية عن تجاربهم الإنسانية المختلفة بكل مناحيها الاجتماعية والسياسية والفكرية لهذا كانوا يحتفلون بظهور الشاعر فيهم يبجلونه ويوقرونه ويغدقون عليه الهدايا..أما اليوم فقد فقد بريق تلك المنزلة التي كان يحظى بها رغم أنه كان ديوانهم اللامع الجامع ..غير أنه مازال يلقى الحظوة والعناية والاهتمام فلا يمكن أن يلغى شق جميل من الحياة الوجدانية والفكرية والقيم الإنسانية والثقافية والحضارية يمثلها الشعر والأدب عامة..إنهما من روح الأمة العربية..
سؤالي العاشر
كيف تنظر إلى ضمير المتكلم "أنا" في الأعمال الأدبية النثرية والشعرية؟
الضمير أنا في الشعر والنثر هو الكيان الإنساني الموحد..فعندما أقول أنا لا أعني ذاتي فقط إنما الإنسانية..فتجربتي مفتوحة على جملة من التجارب الفردية والجمعية والإنسانية في ذات الوقت..لأن هذه الأخيرة فيها تشابه يسير أو كبير وإن اختلفت الأعراق والأجناس..فالمشاعر الإنسانية تشترك في هذا الضمير الذي هو نافذة مفتوحة على الوجدان الإنساني..
سؤالي الحادي عشر
ما نصيب الإلقاء الشعري من اهتمام وعناية الشعراء العرب المعاصرين؟ وما الذي يعنيه بالنسبة إلى القصيدة العربية؟
يمثل الإلقاء الشعري مستوى من مستويات القراءة والفهم، ودلالة صوتية للولوج في عمق المعاني واكتشاف خبايا النص وفضاءاته..فالإيقاع الصوتي والموسيقي هو المعبر التفاعلي والانفعالي الذي يشدنا إلى عالمها ويجلي دفقاتها الشعورية ذات الدلالات الاحيائية المختلفة ..
فعلا الإلقاء الشعري دوره الجمالي والدلالي الذي يسهم تعميق اللهم وإجلاء الرؤى والمواقف والتذوق الفني للنص الشعري..وقد انتبه الشاعر العربي لوظيفة الإلقاء وصار يعتمدها في منصات التواصل الاجتماعي والمواقع خاصة اليوتوب..
سؤالي الثاني عشر
ترى هل سبق لك أن صادفت في قراءاتك قصصاً وسيراً ذاتية شعرية؟
القصيدة في حد ذاتها سيرة ذاتية وقصة شعرية..كثيرا ما تحمل في طياتها جانبا من حياة صاحبها.. فعندما يعبر الشاعر عن أشواقه نحو محبوبته أو شخص ما وعندما يجلي موقفا ما فكأنما يكتب فصلا من سيرته الذاتية..
لقد نظم أحمد شوقي ومعروف الرصافي شعرا قصصيا ..فمثلا قصيدة معروف الرصافي الأرملة المرضع مازالت تعيش في وجداني وخاطري..
سؤالي الثالث عشر
ما الذي تراه في شأن صلة الأدب شعره ونثره بالخلق الرفيع؟ وهل تستوي دعوة من ينادي بأن الأدب يجب أن لا تكون له غاية سوى الأدب مع من يرفع صوته بالدعوة إلى أن يكون الأدب وسيلة من أجل الرقي بالحياة الإنسانية إلى ما يزكيها، والسمو بها إلى ما يحييها؟
*الأدب لحظة تعرية أمام الذات ومرٱة عاكسة لكل خبايا الروح والبال ونظرة إلى الأوضاع وقراءة تأملية للواقع والقضايا وترسيخ للقيم السامية ..وانعتاق وتحرر من كل القيود السياسية والاجتماعية التي تكبلنا..فهو حياة للروح والفكر والقيم والمشاعر واستمرارية للخلق والتجديد ..متنفس ومهرب من ضغوط الحياة..حياة للأفئدة واللغة والخيال والجمال والبلاغة..مرٱة تعكس صورتنا الأخرى بنقاء وتجلي أحلامنا وتطلعاتنا ومواقفنا فالأدب هو تفتيش عن وجود يحتوينا..عن حلم يروينا.. وهو رسالة إنسانية فكرية وجدانية راقية وخطيرة تأتي في المقام الثاني بعد القرٱن الكريم والحديث الشريف.." إن من البيان لسحرا " صدق رسول الله_ صلى الله عليه وسلم_..
فالأدب كالسحر يأسر الألباب ويساهم في إعادة توازن القيم وبناء الأخلاق ..وهو تحليل للواقع ونقد واستشراف للمستقبل..وتنوير للعقول ومخاطبة للخواطر وإحياء للضمائر وتوعية للبصائر..وفضاء للتعارف والتٱلف والتعلم والالتقاء والارتقاء وبناء الشخصية القوية الفعالة ..فهو ليس مجرد حروف وكلمات تكتب وترصف
.بل خواطر راقية ومشاعر سامية ومتعة وفن وادهاش وفلسفة حياة ووجود ..وتوق إلى عالم أفضل وأجمل..فالأدب كتاب مفتوح ورؤى واسعة،وقيم فاضلة..
ختاما لهذا الحوار أقول للقارئ الفاضل: إليك أكتب حرفي.. ويلتهب إحساسي.. وينطلق عزفي.. أنت الملك الذي كل الأقلام تسعى إليه وكل الأحلام والرسائل تبدأ منه وتنتهي إليه.. أنت المبجل المكلل الذي يمنحني شهادة تواجدي ويقلدني عقد الاستمرار والبقاء ويمنحني الدعم بالمتابعة والوفاء.. فالمبدع بلا قارئ كمن يخطط بالماء على الماء.. إني بانتظار مواسم الفرح التي سنحياها معا.. فأنا امرأة تتوسد أوجاعها لتنام..كل أحزان الإنسان أحزاني.. كل الوجوه المعتمة الغبشة بالضباب والهم وجهي الٱخر.. كل دخان تصاعد من جوف المحرومين هو أنفاس احتراقي.. أنا الغريبة المنسية خلف أسوار الحرمان.. أنا ظل امرأة تجر خطاها الواهنة وأقدامها الحافية فوق الأشواك والصبار والقتاد والصخور المسننة.. انا القابضة على الجمر في صمت عجيب.. أنا التي في صدرها تنغرز آلاف الخناجر.. ويقيم فيها الزمان المآتم والمجازر.. أنا بقايا إنسان.. أحلامه مشوشة مشوهة تغتال قبل أن تبصر.. أنا اسم بلا عنوان.. وروح منسية مكبلة في مقامع النسيان.. أنا يا أنت.. وجه الليل..أنين الحلم..نشيج الأشجان.. اناوجهك الآخر.. تحية إجلال وتقدير لكل من تابع كتاباتي أو حواري..وتحية احترام وامتنان لأديبنا المبدع الدكتور الفاضل ماجد خليل على هذا الحوار الذي تمنيت أن لا ينتهي ليستمر شرف تواجدي بينكم
هذه باقة حروف حوارية وضعتها برفق في مزهرية شعرية سنية، عسى أن يتقبل القارئ الكريم شذوها وأريجها بقبول حسن ...