١٠٠ ألف مواطن على المحك.. المغيبون وجرف الصخر يثيرون أزمة شيعية - سنية
رووداو ديجيتال:أثارت تصريحات النائب ظافر العاني في إحدى جلسات البرلمان العربي، وحديثه عن المغيبين من المكون السنّي وتهجير السنّة من منطقة جرف الصخر، التابعة لمحافظة بابل، ردود أفعال شيعية غاضبة.
جرف الصخر والتي تم تبديل اسمها إلى جرف النصر، وذلك بعد هزيمة داعش في جرف الصخر، هي ناحية تبعد حوالي 60 كم جنوب غرب بغداد وشمال مدينة المسيب على بعد 13 كم، أغلبهم من قبيلة الجنابيين من الفلاحين العاملين بالزراعة؛ كونها تقع على نهر الفرات من الجهة اليمنى للنهر، وتكثر فيها زراعة النخيل وأشجار الفاكهة وكذلك زراعة المحاصيل الحقلية مثل الحنطة والشعير.
وأخليت ناحية جرف الصخر من سكانها، ولم يتبق فيها سوى القوات العراقية التي ترفض عودة الأهالي إلى البلدة منذ استعادتها من تنظيم داعش أواخر تشرين الأول 2014.
وتكتسب ناحية جرف الصخر شمال محافظة بابل العراقية أهمية ستراتيجية بالغة، نظراً لطبيعتها الجغرافية الصعبة، وموقعها المهم الذي يربط بين المحافظات الغربية والوسطى والجنوبية.
وكان مجلس محافظة بابل السابق قد صوّت في آب 2017 على مشروع يقضي برفع دعوى قضائية على أيٍّ من السياسيين الذين يطالبون بعودة أهالي منطقة جرف الصخر إلى ديارهم، ويتفق قرار مجلس المحافظة مع موقف القوى المسلحة التابعة للحشد الشعبي المسيطرة على المدينة التي تربط بين محافظة بغداد والأنبار وبابل.
نائب رئيس مجلس النواب حسن الكعبي، طالب أعضاء مجلس النواب بالتصويت على إقالة النائب ظافر العاني على خلفية تصريحات الأخير بشأن قضية المغيبين ومنطقة جرف الصخر، حيث قال في بيان، إنه "بعد إطلاعنا على كلمة عضو مجلس النواب ظافر العاني خلال انعقاد احدى جلسات البرلمان العربي، نأسف على ما ورد فيها من مغالطات كثيرة".
وأشار الى أن "من أهم هذه المغالطات فأن المعروف ان في العراق مفوضية عليا مستقلة لحقوق الانسان وهي الجهة المخولة الوحيدة المختصة بحالات الاختطاف والتغييب، وقد اكدت في كتابها الرسمي المرسل الى مجلس النواب بإنه لا توجد ولا حالة اختفاء قسري ثابتة في العراق، بمعنى لا وجود لأي مغيب داخل البلد وكل ما يذكر من ادعاءات لم يتم اثباتها لحد اللحظة بأي دليل".
وكان النائب رعد الدهلكي قد وصف في وقت سابق لشبكة رووداو الإعلامية منطقة جرف الصخر بأنها كـ"المنطقة الخضراء في الدولة العميقة التي لا يستطيع احد الدخول إليها، وتتحاشى الحكومة أن تتدخل بملفها، وهذا الامر يحتاج ارادة حكومية والتبني من قبل رئيس الوزراء، وهناك نازحين يقيمون قريباً من جرف الصخر ولا يسمح لهم بالعودة اليها"، مؤكداً أن "جرف الصخر تعرضت الى تغيير ديمغرافي".
الكعبي أضاف أن "هذه المفوضية تعمل داخل العراق بالتنسيق مع جميع مؤسسات الدولة وتنظر بكل الادعاءات وفقا للقوانين النافذة والنظام الديمقراطي العراقي القائم على أساس الانتخابات"، لافتاً إلى أن "المفوضية العليا قد تعاملت مع الكثير من الادعاءات السابقة وقد تبين بطلانها ولم يثبت اي شيء بل على العكس قد تبين ان جزءاً ممن ادعى ذووهم انهم مختطفون، هم هاربون خارج العراق ومدانون بأحكام قضائية أو ممن يمارس الارهاب لحد الان وضمن أجندة داعش ويقاتل ضد القوات الامنية الوطنية التي تحمي المواطن العراقي من شماله الى جنوبه".
الكعبي طالب النائب ظافر العاني أن "لا ينطق بما لا يمثل مجلس النواب والدولة العراقية وعدم اطلاق التصريحات حسب هواه وتوجهاته الشخصية وغير الدقيقة والباطلة، التي تمثل دعاية انتخابية مريضة ومقيتة ورخيصة برخص ودناءة الشعارات والادعاءات الطائفية البغيضة، التي اعتاد المتاجرة فيها مرضى وتجار الطائفية، فضلاً عن ان معظم ما تكلم به كذب صريح وواضح وبالدليل القطعي".
وأردف أن "منطقة جرف الصخر عانى منها العراقيون خلال سنوات كثيرة باعتبارها كانت حاضنة للارهابيين، وعبارة عن ملاذ آمن لعصابات القاعدة، ومن بعدها داعش وقد استشهد فيها الالاف من العراقيين على الهوية الطائفية وكانت الجثث منتشرة في جميع مبازل الاراضي الزراعية هناك وعلى امتداد عام 2003 حتى 2014، وكل ذلك موثق بشكل رسمي لدى الحكومة العراقية، وبعد داعش كانت منطلقاً لمحاولات اسقاط مناطق جنوب وشرق وغرب بغداد، ولكن القوات الامنية الوطنية البطلة عمدت على تحرير المنطقة وعودة كل من لم يثبت انتماءه لداعش".
"هذه المدينة وغيرها من المناطق المحررة لا توجد فيها اي ميليشات خارج نطاق الدولة، حسب ما ورد على لسان العاني، بل قوات ماسكة للارض تابعة للقوات الامنية الرسمية وتحت امرة القائد العام للقوات المسلحة، وان اتهام قوات نظامية حكومية رسمية كانت ولا زالت لها الدور الكبير في الدفاع عن العراق وكرامة شعبه ووصفها بإنها مجرمة فهو كلام كاذب وخبيث وغير وطني ويسهم في خلق الفتنة الطائفية بين ابناء الشعب وتفكيك للوحدة الوطنية وحنث لليمين الدستوري ومخالفة صريحة لشروط عضوية مجلس النواب"، حسب الكعبي، الذي طالب أعضاء مجلس النواب بـ "التصويت على اقالة ظافر العاني بأول جلسة للمجلس وفقا لقانون الاستبدال رقم 6 لسنة 2006 لمخالفته الصريحة لشروط العضوية وعدم احترام اليمين الدستوري واثارته للنعرات الطائفية وكونه لا يمثل العراق حالياً".
بدوره، ذكر رئيس لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين النيابية خلف عبد الصمد في بيان، تعليقاً على الموضوع: "نوضح موقفنا الرافض لما ورد في بيان تحالف القوى العراقية، حيث تطرق البيان الى معلومات غير مستندة الى ادلة واتهامات لا اساس لها من الصحة وردود غير مقبولة على النائب الاول لرئيس مجلس النواب بصفته شخصية اعتبارية يمثل مجلس النواب العراقي"، موضحاً أن "محاولة تحالف القوى خلط الاوراق وايجاد تأويلات طائفية لكلام النائب الاول أمر مرفوض جملة وتفصيلاً ونشير في هذا الصدد الى ان ايراد اي معلومة دون تقديم الادلة يعد كلاما انشائيا لا قيمة له".
عبد الصمد أضاف أن "أخوتنا العراقيين في جرف النصر او في محافظاتنا الغربية هم جزء اساس من هوية العراق ومواطنون يتمتعون بنفس المستوى من الحقوق والواجبات ولا يمكن القبول باي اعمال تسيء الى بعضهم، كما اننا لن نقبل باستثمار معاناتهم لاغراض سياسية وانتخابية في الوقت الذي يعاني فيه الكثير منهم من الفقر والحرمان، كما اننا نثمن الدماء العراقية الزكية التي سالت دفاعا عن ابناء تلك المناطق والمحافظات من اجل تحريرها من دنس الارهاب من منطلق وطني اساسه حماية وحدة العراق وعزة وكرامة ابنائه بمختلف مذاهبهم وقومياتهم".
ودعا عبد الصمد "تحالف القوى الى النظر للمصلحة الوطنية من خلال ادانة ورفض تصريحات ظافر العاني امام البرلمان العربي التي اساءت للمكون السني قبل غيره، والعمل مع الفرقاء السياسيين على تقديم الخدمات لكل العراقيين بما فيهم ابناء المحافظات الغربية بدلاً عن الاثارة السياسية ونؤكد اننا نرفض بشدة اي اجراء تعسفي محتمل ضد اي مواطن يتم اعتقاله وندعو تحالف القوى الى تقديم الادلة على ذلك بغية متابعة الملف من قبل مجلس النواب بعيداً عن التصريحات الاعلامية المفتقرة للادلة".
في الجانب المقابل، أصدرت جبهة الإنقاذ والتنمية بياناً حول الموضوع، ذكرت فيه أن "الحقائق التي يعرفها أبناء شعبنا الأبي ليست مادة للاستغلال الدعائي، أو محاولات طمسها عبر اطلاق اتهامات تقود إلى إنكار الأصل وهو حقوق مواطنين عراقيين، يتعين أن يكون الدفاع عنهم واجبا على كل مخلص".
أما بشأن حديث العاني في البرلمان العربي، فقد أوضحت الجبهة في بيانها أن "العاني تحدث عن حقوق الإنسان في مؤتمر برلماني عربي، وأشار إلى قضية المخفيين قسراً، وقضية جرف الصخر، وشهداء انتفاضة تشرين، ولا نظن أن تجاهل هذه الحقائق يمكن أن يخدم ما يسمى بالمصالحة الوطنية أو تعزيز التعاون والتآلف، ذلك أن هناك ملفات كاملة بالأسماء وظروف الإخفاء القسري تتوفر لدى الجهات العراقية والأمم المتحدة وهناك لجان تحقيقية توصلت إلى نتائج موثقة، ونشير إلى مواطني جرف الصخر، إذ يعرف القاصي والداني أنهم ممنوعون من العودة إلى منطقتهم برغم مرور سنوات على تحرير جرف الصخر من الإرهاب، ولا نعتقد أن أي منصف يمكن أن يتهم مواطني منطقة كاملة بالإرهاب فذلك خارج المنطق".
"يعلم العراقيون جميعاً أن المئات من الشباب المنتفض تعرض للقتل، وتشكلت لجان ولجان دون أن يسمى القتلة أو ينالون جزاءهم العادل عبر القضاء، وأن الإشارة إلى الميليشيات الخارجة عن القانون لا يعني إتهام قوات الحشد الشعبي، فكل القوى السياسية تؤكد وجود نشاط لا يتفق مع القانون لهذه الجماعات ولعل مسألة إطلاق واستهداف النشطاء دليل من عشرات الأدلة على ذلك"، حسب البيان، الذي أشار إلى أن "جبهة الإنقاذ والتنمية تدعو إلى التعاون لحل الأزمات والمشاكل بدل تسخيرها للمناكفات السياسية التي لا تخدم العراق أو شعبه".
وفي ذات السياق، أصدر النائب عادل خميس المحلاوي الدليمي، بياناً، قال فيه: "اطلعنا على بيان النائب الاول لرئيس مجلس النواب وفيه تجاوز واساءة على نائب وقيادي في كتلة سياسية ونستغرب ان يُستغل المنصب النيابي لتكميم الأفواه وتخطي حرية الرأي التي كفلها الدستور كما وينطوي على مغالطات واضحة هدفها تضليل الرأي العام من خلال الإدعاء بعدم وجود مغيبين ومختطفين في العراق على الرغم من الاف الدعاوي التي قدمها ذوي المغيبين الذين تم اختطافهم في الصقلاوية وبزيبز وجرف الصخر وصلاح الدين ونينوى فضلاً عن التقارير الدولية والمحلية المعنية بحقوق الانسان التي اشارت لذلك وشهادات ذوي المختطفين في وسائل الاعلام وهي تبين كيف تم اختطافهم والجهات التي قامت بالجريمة".
الدليمي أضاف أنه "وكما أوضح سابقاً عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالعراق، أنس أكرم محمد، أن المفوضية سجّلت 8615 ادعاءً بالاختفاء القسري والتغييب بين أعوام 2017 و2019 والنصف الأول من 2020 علماً ان ملف المغيبين والمختطفين بدأ منذ عام 2014 وبدء عمليات التحرير ضد عصابات داعش الارهابية"، مردفاً أن "تلك التصريحات تعد محاولة متعمدة من النائب الاول للتستر على الجناة ومن المؤسف والمؤلم أن تختلط لديه الحال إلى درجة يصبح فيها غير قادر على التمييز بين الحق والباطل".
"أما بخصوص تصريحه بقتل الاف العراقيين في جرف الصخر لأسباب طائفية فهذا مناف للحقيقة وهو منهج طائفي ومردود عليه ومحاولة لايجاد غطاء لمنع اكثر من مئة الف مواطن بريء لمنازلهم، على الرغم من مضي سبعة سنوات على تحريرها، فجرف الصخر مدينة ابتليت بالارهاب كبقية مناطق العراق ويعود التقصير بذلك للحكومة وليس المدنيين العزل كون الحكومة مكلفة بالملف الامني وحفظ الامن وكما يدعي ايضا زوراً وبهتاناً عودة اهالي الناحية الابرياء وهذا ادعاء كاذب واتحداه ان يثبت ذلك ولو بعودة مواطن واحد، كفاكم محاولة لتضليل الرأي العام وانصفوا المغيبين والمختطفين وعوائلهم بما يليق بهم وحاولوا ان تتجه بوصلتكم بالاتجاه الصحيح لخدمة هذا البلد".