بـشـــرى الـشــــــآم / بقلم : محمد خالد نصره
بشرى الشآم فـقـد دنـــا الـمـيـعــــاد
فالـمـعـتـدون استسلمـوا أو كــــادوا
ما بـيـن هـالـك جـنـدهــم و أســيـره
تـتـبــــدد الأوهـــــام و الأحــقـــــاد
همم الجنود مضت إلى غاياتـهــــــا
في الـنـصـر يـرقـبـه لها الأشـــهـاد
نزل القضـــاء فأي ظـلـم نـابـهـــــا
بـل أي حـقـــــــد ســاقــه الأوغـــاد
أدمى الحشــا أن الذين تكالبــــــــوا
من حولها عرب بـهـا قد كـــــــادوا
ورموا نصال الموت في أرجائهـــا
وتـشـابـك الإجــرام و الإلـحـــــــاد
يســعـون بـيـن يـدي عـدو غـــــادر
في بـذل مـا اسـتعـصى لـه التـعـداد
عود على بــدء تزاحـم حـولـنـــــــا
مـن لـم يـشـُــقَّ عـلـيـهـم اسـتـعـبـاد
أصلاب آل رغـال لـسـت بـعـاتــب
عـمـا أتـوه بـســـوئـهـم و أعــــادوا
لكن عـلـى مـن لــم يكـن لحياضهــا
درءاً يـذود عـن الـحـمـى فـــيُــراد
مـن لـم يـزل لـلـواثـبـيـن ديـارهــــا
عـونـاً ولـيـس يـضـيـره مـا ارتـادوا
أعداؤنـا هـم بـعـض أبـنــــاء لـهـــا
تـدمـى بـمـا فـعـلـوا بـهـا الأكـبــــاد
أعداؤنــا الـصـامـتــون عـن الــذي
أدمى الشــــآم وصمتهــم إســــــنـاد
أعداؤنا هم حفنــة من ســــــــــــُوَّمٍ
جـمـعـتـهـم الأوقــاس والأحـقـــــاد
فإذا بهم بمنازل الأعــــداء قــــــــد
أضحــوا طـِعامـاً مـا بـهـم أخــــلاد
المتجِرين وليس فيهـــم مــن لــــــه
بـالـشـــــام إلا الـنـفـي و الإبـعــــاد
لولا نظرت وجوههــم لرأيت مـــن
عـوز الـمـروءة عـابـهــــا الإســواد
ليسوا سوى أستار ســــــوءات لمن
له في الشـــــآم مـطامــع و مــــراد
تتفتت الأوطـــان في أنـحـائـهــــــا
وتـســيـر نـحـــو الـهـاويـات بـــلاد
والطاعمون المكتســون بعرضهــم
لا يـُرتـجـــى خـيـــر بـهــــم أو زاد
والـعـابـرون حـدودنــا مـن أربــــع
قـطـعـان جـرذ واغـــــل و جـــراد
قد هالنا في الشـــــام غدر جوارنــا
حيث اسـتـبـاح ثـغـورنــا الأوغـــاد
والـغـدر يـفـتـح كـــل بـاب موصــد
شـَقـَّتْ عـلـى إتـيـانـــــه الأجـنـــاد
هـذي الـمـدائـن قـد تـداعى أمـنهـــا
والـجـمـر في أرجـائـهـــــا وقــَّـــاد
ورثـــــوا تـلـيـد الـغـدر في ديدانهـم
وأذل مــن لــــم يــرعــويـــــه وداد
دعوى الإخـاء تكشـفـت عـن أمـــة
تدمي غوائـل حـقــــدهـا الأكبـــــاد
وإذا بـهـا قـد أغـيـلـت مـن حـولـنــا
إذ لـم يكـــن مــن بـيـنـهــــا حُــرَّاد
يا شــام إن خـانـتـك أمــة يـعـــرب
فـقـد اكـتــوت قبلاً بـهم بـغـــــــداد
فحضارتـان تـمـالأت لهما قـــــرىً
تـتـنـافســـان الـمـجــد كـيـف يـعــاد
فإذا بأجراف الصحاري تـنـبـري
لصروحـهـا هـدمــاً بـمـا تـخـتــــاد
منهال زيت النفط أضحى دولــــــة
مـن نـخـلـتــيـن و نـاقـــة و قـتــــاد
وكثيب رمل لا يصـــــد هبـوبــــــة
وخــيـــام عــتــر مـالـهــا أوتــــــاد
وسـغـاب دهـر قـد تـلـتـهـا شـبـعــة
مـن بـعــد جــوع لـم يـزل يـُعـتـــاد
والمال يفسد في الصغار نفوســــها
والكابـــرون لـبـخـســـــه زهــــــاد
لم يحفظ العرب الـلـئـام أواصـــــراً
حتى قريضي جـَرَّحتهــــا الـضــاد
دول تـبـاع و تـشـتـرى بـدراهـــــم
وملوكها ليســـــوا ســـوى عـبـــــاد
حق الشـــآم و قد تـلـهـبـت الأجــــا
وتـكـالـبـت من حـولـها الأرصــــاد
وتكشفت دنـــأ الـنـفـوس جـهــــارة
فإذا بـكـل جوارهــــــــــا عـُـــــرَّاد
أن لا تـعــود لأمــــة مـهـزومــــــة
كســـلائـل بـخـنـوعـهـــا الـتــرداد
أحـلافـهـم فــيـنـا رعـاع خـلائــــق
جــاءوا بـمــا دفـعـت بـه الأجــــداد
أفـيـسـتـظـل بـغـيــر رايــة أهـلــــه
إلا الـخـــؤون ومـن بــه اسـتعـبــاد
أيحارب الأوطــــان دون عــــــدوه
إلا حــثــال الــقـــــــــوم و الأتـــلاد
جاءوا باسم الـديـــن في دعواهمـــو
فـإذا بـكـل الـمـوبـقــــات جــهــــاد
ولقد غدا الجاسـوس فـيـنـا داعـيــــاً
وتـبـــــوأ الـفـتــوى بـنـــــا قـــَـوَّاد
مسرى النبي يئن من أســر الـعـدى
وخـيـــول فـتـــواهـــم لــه قـُعـَّــــاد
أفلا ترى خلف اللحى بوجوهـــهــم
دِمـَنــاً تـقــيء لـريـحـهـا الأنـجـــاد
قد ســــاء ديـــنَ الله فهمُ عقولــهـــم
بل لم يكن ديــــن لـهــم و رشـــــاد
والـديـن لـولا أن جـوهــر هـديـــــه
في الشام أشرق ! لانتفى الزهـَّـــاد
والجهل لـلأعـنـاق غــَلَّ حـيـاتـهــم
شقيت بما اعـتـقـدوا بـه الأجســـــاد
سـيـقوا بهائـــم أوردوهـا لـلــــردى
فـغـدت مـطـابــا لـلـعـدى إذ عـادوا
قد ساءهم ما قـــد أشــاد بــنـيـهـــــا
فـمـضـوا بـهـدم بـناء مـا قـد شـادوا
ما عـَفَّ عـن حـرماتهـا فـعـل لـهـم
في الـنــاس حـيـث تـشـتـت الـعُـبـَّاد
أين الأمان ألم يكـــن في دوحـــــــه
يـحـلـو لـنـا مـن ســـعـده الإســعـاد
في الشـام ننكر أن يـكـونـوا بـيـنـنـا
فـجـزاء ما فـعـلـوا بـهــا الإبـعــــاد
في الشـــام أمـتـهـا تسـامى إرثـهـا
في كــل مـكــرمـة لـهـــا أمـجــــاد
في الشــــام كان يسوع قبل محمـــد
والـكـــل في صلواتـهـــــــم عـًبـَّـاد
أتـبــاع عـيـسـى و الـنـبـي مـحـمــد
إخــــــوان ديـــــن ألـــفــــــة ووداد
هي أرض كل ديـانـــــة وعـقـيـــدة
ولـهـا الـمـذاهـب رونــق وإجـــــاد
هي أرض من تَخَذ الحضارة سلسلاً
من حاضر قد صاغـه الأجــــــــداد
هي قـبـلـة الإيـمــان دون تـعـصـب
وتـَفـَتـُّـحِ الرحمـات لا الإيـصـــــاد
هي مبتدى خلق الســـــماء ومنتهى
تـنـزيـلها في الـبـعـث حـيـن يـعـــاد
في كل روض من رياضها تجتلي
لـلـحـب أغـنـيــة لـهــــــا إنـشـــــاد
في الشام نحو غد بصائر حـلـمـهــا
لا كـهـــــــف ســـلــــفـي ولا أوراد
و أعارب الصحراء ليس لهم بـهـــا
مـن مـوطـئ أو ســـعـفـة و مـــراد
والله منجـيـهـا فليـس يـضـيرهــــــا
أن يـغـدر الأعـــــراب و الحســــاد
حـيـى بها الشــهـداء مـن آبـنـادئـهـا
ولهم جنان الخلد حيث تـهـــــــادوا
فهم السـياج وهـــم حـمــاة ديارهـــا
ومـثـار عـزتـهــا وهــــم إعـمــــاد
وستشهد الأيـــــام أن دمـاءهــــــــم
مهر انتصار الشـــــــام حين أرادوا
نـخـب الـكـــرام تـعـجـلـت علياءهم
طلبوا الشهادة ،أخلصوا و أجــادوا
بقلم : محمد خالد نصره