الاحتجاجات في العراق ( رُبابةْ بدوي ) لا تطرب سوى صاحبها
د احمد الأسدي/ناشط مجتمعي عراقي
الاحتجاجات في العراق ( رُبابةْ بدوي ) لا تطرب سوى صاحبها
لا تمتلك الحقيقة .. لا تتجنى عليها !!
لا تعرف المنطق .. لا تجافي العقل !!
منذ أن بدأت ( موضة ) الاحتجاجات تأخذ لها موطئ قدم في الشارع العراقي قبل وقبل احتجاجات تشرين أو كما يحلو لأصحاب ( معلقات اللغو الإنشائي الفارغ المحتوى والمعاد المفردات ) من الديناصورات وسلاحفها تسميتها بـ (ثورة تشرين ) , سواء تلك الاحتجاجات التي كان يتبناها ما يسمى بالتيار المدني ( شيوعيين قدامى وتنويريين متصهينيين جدد ) , أو لاحقا جماعات خيام اعتصام الرمادي و الفلوجة وصلاح الدين والحويجة وأصحاب مظلوميات الاغتصاب ومواطني الدرجة الثانية مثلما كانت شرقية ( البزاز ) ودجلة ( الكاربلة ) تستجدي التعاطف معهم و تتفننان في الترويج لـ (داعشيتهم ) التي طفح عفنها على السطح لاحقا وانفضح أمرهم وهربوا لمستنقع المطلوبين والمُدبرين ( أربيل ) لصاحبها مسعود برزاني وأولاده , انتهاء بتظاهرات واعتصام عبد الله وفقيرة , وابن بنت رسوله , وسيد إصلاح العراق وسيفه , وصاحب التقوى والسجدة الطويلة , وذو الأسماء التي فاقت أسماء الله الحسنى , مقتدى صدر الأمة و شهيدها المنتظر ( والحليم تكفيه الإشارة ) , حذرنا من مغبة حرق آخر ورقه يمتلكها العراقيين ( ورقة الثورة ) و التي يمكن لو توفرت لها الظروف الموضوعية في سياقات لحظة تاريخية بعينها يلتقي عند خط شروع ثوابتها الشارع الجمعي العراقي ويتحرر من عقلية التبعية السياسية وإشكالية أدلجة الفكر والتخندق الأعمى في طوابير الانتماء الطائفي والمذهبي والعنصري القومي أن تغير واقع حال المأزق العراقي الذي جعلهم الاحتلال ومرحلته في متاهاته , مثلما حرق ورقة المقاومة الوطنية العراقية بالأمس القريب , أدعياء البعث من جماعات عبث دوري المختار ورهطهم من مخرفي قوميي الخارج الذين أكل الدهر وشرب على أفكارهم المريضة بأحقاد الأمس وضغائن اليوم ونبذهم حتى من كانوا معهم في مسيرة الخنوع والكذب والتضليل حتى غدوا يتعايرون كالغانيات على مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات , و جيش مهدي مقتدى وكتائب أمله الموعود ومعهم اسلاميوا قاعدة بن لادن وجهاد وتوحيد الزرقاوي وعاهات ابو عمر البغدادي والقائمة تطول , وجعلها ( أي ورقة الاحتجاجات والثورة ) مثل (رُبابةْ البدوي ) ولا نقول (رُبابةْ الكاولي ) حتى لا يمتعض البعض ويعتبرها شتيمة ( بالرغم من أن توصيف الشيء بما فيه ليس شتيمة ) التي يلجئ إليها أما للاسترزاق والتنفع أو لإطراب نفسه والراقصين على هواه , حيث أطلوا علينا اليوم بمهزلة جديدة أسموها ( ثورة الكرامة والغضب العراقي ) أو ( عله هل رنه وطحينج حصو ) و لا اعرف ماذا حل ( بثورة تشرين ولطمية نريد وطن ) .
الذي حذرنا منه قد حدث بحذافيره واحترقت ورقة ( الثورة الحقيقية ) , وإذ نقول تحقق ما حذرنا منه لسنا لأننا من قراء الطالع والمنجمين وإنما من خلال استقراءنا لمعطيات وترتيب أولويات يحكم جدولتها المنطق وليس العاطفة والديماغوجية المنفلتة , حيث لعق الجميع رهاناتهم على ما أسموه بـ ( ثورة تشرين ) وجفت أقلام أصحاب معلقات ( نريد وطن ) وما عدنا نسمع ( لطمياتهم ) على قنوات أخوات الفتن ( الحدث والعبرية ).
بعد هذه المقدمة التي أردنا منها أن تكون تذكير للراقصين في كل ( عرس ) ليس لأنهم من أهل العريس أو العروس وأصحابهم بل لأنهم ( لـگـامـة ) همهم الأول والأخير حشو كروش أحقادهم ونفسياتهم المريضة بعاهات فشلهم بالأمس واليوم .
وعلية علينا أن نؤشر على عدة حقائق يحكمها المنطق والعقل والمعطى والأستدراك وليس الوهم والإفلاس والخرف الفكري
أولا :
الثورة ليس بشعاراتها مهما ارتفع سقفها وتعددت منابع تغذيتها , وإنما بعمقها المجتمعي والتفاف المكونات المجتمعية بمختلف مسمياتها وانتماءاتها وجذورها القومية والمذهبية حولها .
ثانيا :
الثورة بوضوح وعلنية قيادتها ومشروعية نهجها وليس بتخفي ادعياءها وراء اندفاعات ( أولاد الخايبات ) الذين ينطبق عليهم تندر أهلنا على أصحاب ثقافة ( عباس المستعجل ) ( عل صوت الطبل خفن يرجليه ) .
ثالثا :
الثورة تولد من رحم لحظة تاريخية لا تتكرر كل يوم وإن حضرت يجب استغلالها وفق ما هو مخطط ومعد سلفا لإحتمالات ولادتها , وبما يعطي لمعطيات تلك اللحظة زخما ويرسخ وجودها , وليس التحرك وفق هوى صبية السفارات وأحلام القابعين في مخلفات وثرثرت تنظيرات الحرس القديم الذين ركلهم شارع الأمس وأصبحوا في حينه أذلاء للعصابات الكردية تارة وفرع فلسطين للمخابرات السورية تارة أخرى , و جرى من تحت أقدامهم واقع حاضر اليوم وتعداهم الزمن .
رابعا:
الثورة ليس مزاج صبيوي ولا انقلاب سلطوي تحكمه تكتيكات حزبيه فئوية أو شخصية في غاية التغيير الآني بما يخدم مصلحة فئة معينه في المجتمع على حساب البعد الجمعي للمصلحة الوطنية , بقدر ما إنها قرار وطني شعبي ينطوي تحت خيمته الطيف الغالب في الشارع بكل مسمياته إن لم نقل الشارع بجمعه , والذي يحدد ولادة هذا القرار هي سياقات اللحظة التاريخية ومعطياتها مثلما أسلفنا وليس مزاجيات وأهواء ومنافع جهات تعمل كأدوات لمشاريع خارجية واصطفافات إقليمية وأخرى أضاعت الخيط والعصفور ولا تعرف أين تضع أقدامها ( تيهت المشيتين ) .
الواقع العراقي ليس كما يتصوره البعض القابع في كهوف الماضي الفكرية والسياسية والحزبية ضيقة الأفق ومتعجرفة المنطق , وتلك التي بقيت أشواطا متخلفة عن ركب حركة الزمن وتحور سياقاته , بل فيه من متغيرات حركة تاريخ الأمس بكل تحدياته ومعضلات واقع اليوم التي كان مخاضها من أصعب واخطر الولادات في العصر الوطني العراقي الحديث ما يجعلنا حذرين في التعامل مع كل حراك في الشارع مهما كان سقف شعارات أصحابة مرتفعا وثوريا حيث العالم قد تغير وحركة زمن الأمس ما عادت تطابق مسارات حركته اليوم , وهذا هو أساس إشكالنا على الكثيرين , حيث الوطن يا أصحاب ديماغوجية ( نريد وطن ) ليس ( بقميص عثمان ) حتى تتاجروا بدمه مثلما تاجر أسلافكم وأوصلوا حال الأمة إلى ما نحن عليه .
نعم
نعيدها ونحن نشم رائحة أجساد ضحايا فاجعة مستشفى الناصرية ونسمع صرخات أرواحهم المغدورة بسيف الفساد والسلطة , ترددها معنا , لا تتاجروا بأرواحنا ولا تركبوا موجة حزن أهلنا ولا تمشوا في جنازتنا ولا تنصبوا خيام احتجاجكم الخائبة والملطخة بدمائنا مثلما هي أيادي أزلام السلطة ( الكويظمي ومقتدى والعامري والحكيم والمالكي ) والقائمة تطول ملطخه بدم عار الغدر والسطوة .
drahmadalasadi@gmail.com