فالأرضُ تطوف ولا يطوف حلْمُنا مرّتين
عدنان شيخموس
فالأرضُ تطوف ولا يطوف حلْمُنا مرّتين
غالباً يستيقظُ النهر باكراً مع كل وداع
حافي اليدين ويبقى اللّيل شاهداً نحو جهة فقدت خاتم المكان
تلكَ التّربة لاسندَ لها سوى شفاه الصّمت
تنتظر عاشقاً يحمل بين أصابعه أقفالاً من قرميد
تحترق المسافات و تحتضر الشمس باكية كل مساء
لاتبكي رسائل الكهنة اليوم ، إنّما دفء البكاء يغطي كتف العمر ..
مَن لا قمر له ، لا ظل له في دفتر الهزائم
النجمة لا تبحث عن دروب تائهة بين عشب صامت
ولا الشّجر يدخر طفولته بين أغصان الذّل
بقي مهاجراً وعلى ظهره معطف وتبغ أصفر
أحجية تُقدس ضوء لم يولد بعد
لايغني الوقت لغيمة في جسد ممزق
فالذي ينسى وجه هلال رخيم ،عروقه ترتعش تحت مطر غاب عنه طريق معبد ..
غاب عنه نبع ينهض باكراً ، يمشي تجاه فهرس ثابت
كم من حروف تنقش و لاتنتهي طريق الأسوار إليه .
حين قررت المدينة كتابة سيرة الماء ، أينع العمر في شرفة من أزهار.
وقت لا يبكي على ضياع نرد ، رسائل مغلفة في قميصه القديم
والمكان تائه لا يغسل عمق وجه مقعد ذابل في متحف عتيق
لايسرح جدائل تلة بعيدة خذلتها رائحة الغبار.
تقول سيدة الْحكايات : لاتدع نافذة تميل نحو الدّخان
فهناك أبجدية تغني في خندق ذابل ،جسرها محطّم له إيقاع ممزق في شرفة ليل دامس ..
مملكة رمل عالقة فوق ظهر غيم تائه ، تبحث عن طيفها وراء الغرباء
كل الممرات حاضرة وكل الأنهار وكلّ الكلمات حاضرة أيضاً في لغة الغياب .
لا تتكىء العصافير على جدار مائل
ولا فانوس ينبض لدرب خذله نبيذ الحلم
فهذا الطريق غبيّ ، يحضر مصلوبا في عيد بلا كفن
حيث ملح الوداع لايشيخ أبداً ..
كلّنا ننتظر الصّباح مع الفراش للبشرى ،غير أنّه أصبح عالقاً يرسم فقط وجهه صوب قناع من وحل !
الشمس حافية هذا اليوم ، عند قدمها يشرق التاريخ حزيناُ
في عمق الرّخام تراتيل ضامرة العينن لاتبرق ،
تربة عارية .. منديلها الذي قضمه زند النار يشرق رماده ويخرج عن وعيه لمسح الغبار عن سيرة السنابل الخضراء
إذا أنتِ أيتها المدينة الغاضبة ، مدّي يدك لمعانقة صيرورة النّهر في وصايا شذرة رفيعة
وأنتَ يا سيد الخريف
أزح عن وجه البهارات مكياج الكلام ...
بداية الغياب غياب يعزف ناقوسا وألحاناً في لوحة مهجورة
أصابعه تذرف حرمل أصفر
فالأرضُ تطوف ولا يطوف حلْمُنا مرّتين .
عدنان شيخموس
2022 / 6 / 29