بين العلم والواقع
د يسر الغريسي حجازي
22.10.2022
[size=32]بين العلم والواقع[/size]
"ان المواطن، والفنان، والسياسي، والاقتصادي، والعالم يحتاجون جميعًا إلى التعرف عن أنفسهم، وفهم أن حرية الإنسان موجودة في ضميره. كما ان التقدم في الحضارات يأتي نتيجة الوعي الجماعي، والادراك الذاتي، وما يمكن أن يوسع آفاق الإنسان نحو الحكمة، والبنائية، وحب الحياة. يعتبر هذا النهج، تطور لنشأة العالم كظاهرة للواقع الاجتماعي. سوف يسمح لنا بالمواجهة العملية والتجريبية، واكتساب الخبرة والملاحظة، مما يؤثر ايجابيا على القرارات وواقع الأحداث التي نعيشها."
من منا لم يكن لديه هذا الشعور بالخلط بين الأفكار، والإرادة، والرغبة، والعواطف، والتصورات؟ ان إيقاظ الوعي يعني التحرير من القيود ومن العبودية الفكرية. وكلما واجهنا الحقائق، كلما قمنا بتضحيات وتنازلات مؤلمة، حتى نتمكن من الحصول على السلام الداخلي والطمأنينة.
هل يخدعنا الضمير او أنه يحجبنا عن الواقع؟ بالنسبة إلى الفيلسوف كانط، فإن الوعي بالذات قادر على تحديد شخصية مستقرة وموحدة. إنه يجعل من الممكن إنشاء المبدأ الأخلاقي، الذي يؤسس القيمة ويحارب الشك والباطل.
هل يتمحور ذلك حول عدم تصديق التفسير الحقيقي للأحداث؟ كيف يمكن إثبات الحجج صحيحة، والتوافق مع واقع الأحداث؟ ومع ذلك، فإن التفكير ومحاولة الفهم يسمح لنا بمعرفة أساس الحقائق. كما ان مصطلح الوعي في اللغة اللاتينية يعني المعرفة التي تصاحب الواقع، حول ماهيته والقيمة التي يمثلها. ومن اجل تطوير الوعي الذاتي، لا بد من تركيز الجهود حول المشاعر لمناقشتها وفهمها. على سبيل المثال، نهج التغذية الراجعة في مشروعا ما، هو أداة قيمة لشرح الأسباب والطرق المختلفة، وكذلك النتائج المتوقعة، وفهم لماذا لم تتحقق النتائج المتوقعة؟
ومع ذلك، يسمح الشك بمعرفة الحقيقة من الباطل. مما يدل ان أفعالنا الخارجية غالبًا ما تكون عفوية وتأملية. وترتبط الأفكار الذاتية بالذكريات المؤلمة، والشعور بالندم، وبالأهداف التي كانت من المستحيل تحقيقها. في هذه الحالة، يصدر الضمير أحكامًا أخلاقية، ويأخذ في الاعتبار قيمها وفقًا للمعايير الاجتماعية والدينية والسياسية والقانونية. انها المعايير المكتسبة، التي يمكن ان تحرر الوعي وتخلق التمييز الرسمي للواقع. هذا يعني أن إيقاظ الوعي لا يمكن أن يحدث، إلا عندما يكون الفرد بعيدًا عن الضغوط الاجتماعية والسياسية والعقائدية. يعمل الوعي الذاتي على تطوير المهارات الحياتية، لدمج وتحديد قيم الفرد ومواهبه ومعتقداته. كما يسمح لنا بفهم العوائق، وفهم كيف يمكن أن تؤثر على عواطفنا (خطاب حول المنهج والمقالات، 2009). وتطوير الوعي الحقيقي بالذات، يتطلب أولاً وقبل كل شيء، أن يكون لدينا الإرادة لنكون على دراية بمشاعرنا ومشاعر الاخرين. وهي واحدة من أفضل الطرق، للتعرف على أنفسنا. هي ببساطة أن نسأل الآخرين عن رأيهم فينا، وكيف ينظرون إلينا.
ان العودة إلى الذات هي مواجهة الضمير، والقيم المعرفية. هل يمكن تصحيحها؟ نعم، وهذا بسبب أننا نتعلم كل يوم كيف يمكن أن نجعل أنفسنا مرتاحين وسعداء. ومعني ذلك، يأتي تأنيب الضمير وعدم الارتياح عند إيذاء الآخرين.
ليس من السهل أن نقبل بالنظر الي أنفسنا في المرآة، وأن ندرك أننا في بعض الأحيان نأخذ طرق منحنية وغير مريحة. هل يمكن لنا ان نكون غير مباليين ونتظاهر بشعور السعادة؟ نعم، ذلك يفسر عدم القبول للواقع وانا القيود الفكرية تمنعنا من ذلك، وان الإرادة ضعيفة والضمير غير يقظ لكي نستمع اليه. كما يؤكد رينيه ديكارت في نظريته الجوهرية، ان الإرادة موجودة في الضمير الأخلاقي وفي حرية الحكم. والسبب ان مسؤولون جوهريًا عن آرائنا، ونحن الوحيدين الذين يدركون يقين الأشياء. هناك ثلاثة أنواع من الوعي: الوعي الفوري، والوعي الانعكاسي، ومعرفة العالم، ومعرفة الذات. فمن السهل أن تتعرف على أخطائنا وأن نكون قادرين على تصحيحها بأفعال إنسانية بسيطة.
ان الانسان في الوعي الفوري على سبيل المثال، يجد نفسه مدركًا للحقيقة بعد التفكير والحكم. يحدث ذلك دون وعي. كلما كان وعي الانسان أكثر يصبح أكثر استيقاظًا وضوحًا. ومع ذلك، دعونا لا ننسى أن معرفة الذات والإرادة هما أمران ومشروطان بالمعايير الاجتماعية والسياسية.
لذلك، فإن الوعي هو امر أساسي في معرفة الذات والعالم من حولنا. ان معرفة أنفسنا فضيلة، تساهم في استقرارنا العقلي والجسدي. يتعلق الأمر بمعرفة كيفية جذب ما يناسبنا، وتجنب أي شيء يمكن أن يضر بالاستقرار العقلي. كما ان معرفة الذات يجعل النجاح ممكنًا، وتحقيق الذات، والمشاريع الشخصية، والحكمة في اتخاذ القرارات.