من سيفوز في الانتخابات التركية القادمة، أردوغان أم كليجدارأوغلو
المهندس هامبرسوم أغباشيان
من سيفوز في الانتخابات التركية القادمة، أردوغان أم كليجدارأوغلو
بعد مخاض طويل نجحت أحزاب المعارضة التركية (وعددها ستة واكبرها حزب الشعب الجمهوري بزعامة كمال كلجدار أوغلو وحزب الخير حزب وزيرة الداخلية السابقة ميرال أكشينار وحزب المستقبل حزب رئيس الوزراء السابق احمد داود اوغلوا وحزب الديمقراطية والنهضة حزب نائب رئيس الوزراء وزير الاقتصاد التركي السابق علي باباجان وحزب السعادة بقيادة تمل قره ملا أوغلو والحزب الديمقراطي بقيادة غولتكين)، نجحت هذه الاحزاب في ترشيح كمال كيليجدار أوغلو ، زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمرشحها لمنافسة الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات المقرره أجراؤها في شهر مايس 2023، لانتخاب الرئيس القادم للجمهورية التركية والتي من المتوقع أن تكون أصعب تحد يواجهه الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان خلال 20 عامًا الماضية في منصبه في قيادة الدولة التركية حيث ان حزب الشعب الجمهوري العلماني بزعامة كمال كلجدار أوغلو هو أقدم واكبر حزب سياسي في تاريخ تركيا الحديثة تم تاسيسه من قبل كمال اتاتورك عام 1923.
تم ترشيح كليجدار أوغلو بعد معارضة من قبل وزيرة الداخلية السابقة ورئيسة حزب الخير ميرال أكشنار، التي حثت عمدة اسطنبول أكرم إمام أوغلو وعمدة أنقرة منصور يافاش وهما عضوان في حزب كليجدار أوغلو على ترشيح نفسيهما ، وعندما لم يلقى ترشيح أمام أوغلو ويافاش الدعم من قبل حزبهما حزب الشعب الجمهوري تم التوصل إلى حل وسط بترشيح كليجدارأوغلو للرئاسة على ان يكون الاثنان نوابا للرئيس في حال فوز كليجدار أوغلو بكرسي الرئاسة. علما بان كل من امام أوغلو ويافاش أستطاع التغلب على مرشح حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان في الانتخابات البلدية الاخيره عام 2019 حيث فاز أمام أوغلو برئاسة بلدية اسطنبول العاصمة التاريخية للدولة العثمانية وفاز يافاش برئاسة بلدية أنقرة عاصمة الجمهورية التركية الحديثة. أما كليجدار أوغلو البالغ من العمر 74 عامًا فهو سياسي مخضرم وبيروقراطي محنك ، لكن الكثيرين يرون أنه يفتقر إلى الكاريزما ، على عكس أكرم إمام أوغلو الذي احتل فوزه في اسطنبول عناوين الصحف الدولية، ولكن تاريخ كليجدار أوغلو السياسي عزز موقعه في الترشيح.
حاليا يحظى كيليجدار أوغلو بدعم قادة أحزاب المعارضة لأن ذلك في مصلحتهم، ففرص كيليجدار أوغلو في الفوز في الانتخابات جيدة مثل فرص أردوغان، وفي حال فوز كليجدار أوغلو ستكون لهم فرصة للمشاركة في قيادة الدوله في حين أن اردوغان قد أغلق جميع الابواب امامهم من خلال حكمه الشمولي. ومثل كل الانتخابات في تركيا فان العامل الديني حاضر ايضا في هذه الانتخابات ويعتمد عليها أردوغان بصورة كبيرة، ولم تغفل هذه النقطه عن حسابات المعارضة ولاظفاء صفة الدعم الديني لمرشحها في الانتخابات فقد تم اعلان الترشيح بعد أجتماع أحزاب المعارضة في مقر حزب السعادة الإسلامي المحافظ ، وهذا يرمز إلى الطيف الأيديولوجي الواسع للتحالف من الكماليين العلمانيين الى الاسلاميين. وتركزكتلة المعارضة ايضا على العامل الاقتصادي وغلاء المعيشة في تركيا وهبوط قيمة الليرة التركية باستمرا حيث وصلت الى 19 ليرة تقريبا لكل دولار أمريكي.
وفي سياق اخر أظهرت بعض استطلاعات الرأي المبكرة بأن تحالف المعارضة يتفوق على أردوغان في السباقات الانتخابية، ولكن استطلاعات الرأي التي أجريت بعد الزلزال الكارثي الذي ضرب جنوب شرق البلاد في شباط 2023 بقوة 7.8 درجة تشير إلى ثبات أردوغان في موقعه الانتخابي وأن الكارثة لم تؤثر على مؤيديه. اما بالنسبة للبرلمان فان استطلاعات الرأي الاولية أظهرت بان تحالف المعارضة سيهزم حزب أردوغان العدالة والتنمية وشريكه الائتلافي في الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في نفس يوم الانتخابات الرئاسية ، وهذا يعني ان أردوغان حتى في حالة فوزه سوف لن يكون طليق اليدين في الحكم.
يبقى تاثير حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للاكراد في هذه الانتخابات ودوره في تحديد مسارها. فإذا امتنع هذا الحزب عن اختيار مرشحه الخاص ، فهناك احتمال بأن يفوز كيليجدار أوغلو في الجولة الأولى من السباق الرئاسي الذي يتطلب حصول المرشح على 50٪ بالإضافة إلى صوت واحد. واحتمال امتناع حزب الشعوب الديمقراطي بطرح مرشحه في هذه الانتخابات وارد جدا . ففي عام 2019 لم يطرح الحزب مرشحًا خاصًا به لمنصب عمدة اسطنبول ، واعتبر ذلك على أنه دعم ضمني لحزب الشعب الجمهوري ، وكان سببا رئيسيا لفوزمرشح الحزب أكرم أمام اوغلو على مرشح أردوغان في السباق علي يلدريم رئيس الوزراء السابق، علما بان الاخير من اصول كردية ولكنه يمشي في قافلة أردوغان. وكان كيليجدار أوغلو قد تحدث خلال الاجتماعات الاخيرة لاحزاب المعارضة عن توسيع الكتلة وذلك باقناع حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للاكراد بالانضمام الى كتلتهم، وبعد إعلان ترشيحه للانتخابات قال المسؤولون في كتلة المعارضة إنهم يريدون إجراء محادثات مع حزب الشعب الجمهوري للاطلاع على ما لديهم، ومن المرجح أن ينظر كيليجدار أوغلو بعد ذلك في ما إذا كان حزب الشعوب الديمقراطي سيدعمه أم أنه سيرشح احد اعضائه للتنافس في الانتخابات.
من ناحيتة قال الزعيم المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي ميتات سنكار "توقعاتنا واضحة وهي الانتقال إلى ديمقراطية قوية"، وأضاف"إذا تمكنا من الاتفاق على المبادئ الأساسية ، فقد ندعمه في الانتخابات الرئاسية" وهذا يعني بانه إذا دعم حزب الشعوب الديمقراطي مرشح تحالف المعارضة كليجدار أوغلو فانه سيحصل على أكثر من 55٪ من الأصوات حيث ان الاكراد يمثلون حوالي 13% من الذين يحق لهم التصويت ويبدوا انهم سيكونون الثقل الذي سيرجح كفة ميزان الانتخابات.
اما بالنسبة لاردوغان فانه سيحاول بتحقق الفوز في هذه الاتنتخابات بطريقة او بأخرى فهو يوظف مآسي
الهزات الأرضية الاخيره لصالحه وذلك باطلاق الوعود بإعادة ما دمره الزلزال خلال سنه ويقوم بتوزيع
المساعدات الخارجية على المتضررين من الزلزال عن طريق حزبه حزب العدالة والتنمية وكذلك المساعدات
الحكومية ، ويبدوا ان تزوير النتائج سيكون صعبا بالنسبة لأردوغان حيث ان التضامن الواسع من قبل
المعارضة ضده وضد وحلفائه يزيد من صعوبة أي تدخل في الانتخابات من قبل الحكومة. وفي حال عدم
ضمان النتيجه قد يحاول أردوغان تأجيل الانتخابات التي اقترح إجراؤها في 14 مايس2023 أو قد تجرى
الانتخابات في موعدها ولكنه يلغي النتائج كما فعل في انتخابات البلدية في اسطنبول عام 2019.
ولكن لماذا هذا الاهتمام بالانتخابات التركية؟
تركيا جارة كبيرة للعراق ، لدينا معها مصالح مشتركة ومشاكل لا تنتهي. فلقد قامت تركيا بعد بناء السدود بحجب المياه على نهري دجلة والفرات، ومن الناحية السياسية اعلن أردوغان عن طموحاته بارجاع الامجاد العثمانية واطماعه باراضي الجيران، وكذلك اعلن منافسه على كرسي الرئاسة كمال كليجدار أوغلو في احدى خطاباته عن طموحات بلده بضم الموصل وكركوك الى تركيا، وهناك تجاوزات عسكرية تركية في شمال العراق وموقف تركيا من داعش وغيرها من المواقف العديدة التي تمس سيادة العراق، ومن هنا الاهتمام بنتائج الانتخابات التركية، حيث اننا نتطلع ان يكون لدينا جار يمكننا ان نتعايش معه بسلام مع احترام سيادة كل طرف ومصالحه الوطنية.
لوس أنجلس- كاليفورنيا
10 اذار 2023